أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - لا تتركوا المقدسيين وحدهم!














المزيد.....

لا تتركوا المقدسيين وحدهم!


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6766 - 2020 / 12 / 20 - 17:40
المحور: القضية الفلسطينية
    


بقلم نهاد أبو غوش*
في شارع جميل ونظيف، يصل بين باب الخليل وباب الجديد أعلى حارة النصارى، والشارع مبلط بحجارة القدس المميزة ومحاذ لسور المدينة التاريخي، توقفت قليلا لتناول كوب من القهوة فدهشت من الهدوء المريب والصمت الذي لا يتناسب مع مدينة تضج بالحياة والتاريخ والحكايات. معظم المحال مغلقة، فلا حركة ولا سواح ولا حتى مشاة، سألت البائع عن السر فقال أن هذه هي الحالة منذ سنوات، حتى قبل الكورونا، وألمح إلى أن هذا مخطط مرسوم لقتل الحركة التجارية في القدس الشرقية، وإفراغ المدينة من سكانها، داعيا للمقارنة بين هذا الشارع وبين مثيله الذي لا يبعد سوى عشرات الأمتار غرب المدينة، حيث لا مجال للجلوس في أي مقهى هناك من دون الحجز المسبق لكثرة الزبائن وتزاحمهم.
شلل الحياة التجارية وكسادها في مدينة القدس هو مظهر جزئي من مظاهر الحرب على المدينة وهويتها وشخصيتها، ونتيجة مباشرة لسياسات التضييق والاقتلاع والتهجير والتهويد والأسرلة التي تنفذها سلطات الاحتلال حكومة وبلدية ومؤسسات وجمعيات استيطانية، والتي تهدف لحسم الصراع على مستقبل المدينة من خلال مراكمة التغييرات المادية والواقعية وفي مقدمتها تكريس الوقائع الاستيطانية، ودفع السكان الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية.
لقد نشأت المدن عبر التاريخ كأسواق ومحطات للتبادل التجاري بين مراكز الإنتاج والاستهلاك، ولاحقا تطورت فيها المراكز الحرفية والصناعية والخدمية ونشأت على اثر ذلك المراكز الثقافية والدينية ودور العبادة، وبالتالي فإن تطور المدن منوط بعلاقتها بمحيطها وريفها والمراكز الحضرية القريبة. في حين أن العلاقة بين مدينة القدس ومحيطها بترت بشكل قسري، وبقرارات سياسية سلطوية غاشمة عندما منع الفلسطينيون من دخول المدينة، وتمت إحاطتها بجدار الفصل العنصري، عدا عن الجدار الاستيطاني، فاضطر كثير من تجار المدينة إلى نقل أعمالهم إلى خارج الجدار، كما أرغم عشرات آلاف السكان، طوعا وكرها، على الانتقال للضواحي التي تضخمت بشكل عشوائي بسبب القيود المشددة، والكلفة الباهظة لتراخيص البناء والسكن في القدس.
حين يجري الحديث عن القدس، ينصرف الاهتمام إلى المقدسات والجانب السياسي المتصل بمستقبل المدينة والسيادة عليها، والصراع بين الحق الفلسطيني بكون المدينة هي العاصمة التاريخية المقدسة لفلسطين والفلسطينيين، والمزاعم الإسرائيلية عن "القدس الكاملة والموحدة" لدولة إسرائيل، كما تبرز معارك الدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، مثلما جرى عند معركة البوابات الأليكترونية وباب الرحمة، والتصدي لمحاولة إحراق كنيسة الجسمانية، في حين أن قليلا من الاهتمام يذهب إلى المعاناة اليومية للمواطنين في حياتهم ورزقهم وسكنهم وصحتهم وتعليم أبنائهم، ولا إلى أمنهم الاجتماعي والشخصي في ظل انتشار المخدرات وغياب القانون، وتدهور أوضاع المؤسسات الوطنية وخطر إفلاسها أو إغلاقها وتصفيتها.
العالم كله، وبخاصة العالم العربي والإسلامي، ومن ضمنه الفلسطينيون، يتغنون بصمود المقدسيين، وينظمون القصائد والمدائح ويرددون المسلمات الوطنية اليقينية عن الحق الفلسطيني والعربي في مواجهة الباطل الصهيوني، من دون أن ينتبهوا إلى أنهم في الواقع يتفرجون على المعركة من خلال شاشات التلفاز والحاسوب، ويتركون مهمة المواجهة والتصدي للمقدسيين وحدهم من دون أن يوفروا الحد الأدنى من متطلبات الصمود واستحقاقاته المادية في مختلف المجالات.
عشرات القرارات اتخذتها الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي (المؤتمر الإسلامي) لدعم القدس والمقدسيين ولكنها بقيت في معظمها حبرا على ورق، أما السلطة الفلسطينية وحكومتها فهي مقيدة بالاتفاقيات الموقعة مع الإسرائيليين، ومع الوقت نشأ نوع من التسليم الواقعي بمنع السلطة ومؤسساتها من العمل في القدس، حيث يكاد الحضور الفلسطيني الرسمي يقتصر على الجانب التمثيلي والوجاهي لنفر محدود من المسؤولين الأفراد، مع أن ثمة خيارات وافرة وواسعة لتنسيق أشكال وفعاليات عديدة لدعم صمود المقدسيين من خلال مؤسسات أهلية قائمة وأخرى يمكن تأسيسها بسهولة.
من المؤسف أن متمولا يهوديا صهيونيا واحدا، وهو إيرفينغ موسكوفيتش ساهم في دعم المشروع الصهيوني في القدس أكثر بكثير مما عملت دول عربية وإسلامية مجتمعة كما ونوعا، وقد تمكن من خلال عمله المنظم والمؤسسي الذي لا زال قائما وفعالا حتى بعد موته منذ أربع سنوات، من السيطرة على مجموعة كبيرة من العقارات، ودعم نوى استيطانية متعددة، وتقديم الدعم المباشر للمستوطنين، وتقديم حوافز تشجيعية وجوائز لمن يسهم في دعم وتقدم السيطرة اليهودية على القدس. صحيح أن موسكوفيتش هذا حظي بدعم وتشجيع حكومة الاحتلال وتسهيلاتها، لكن الأساس هو المبادرة الفردية التي نفتقدها لدى أثريائنا، والعمل المؤسسي المنظم الذي يبقى بعد موت صاحبه، في حين يتسم عملنا بالهبات الموسمية التي يزول أثرها مع زوال دوافعها وحوافزها.
سبق للرئيس الراحل ياسر عرفات أن حمى موقفه وموقف شعبه حين رفض ما يطالبونه به من تنازل عن القدس فعرضه على الزعماء العرب، وواجه بهذا الموقف إدارة كلينتون وحكومة باراك في حينه، متمسكا بمبدأ أن القدس ليست مدينة الفلسطينيين وحدهم بل مدينة العرب والمسلمين والمسيحيين في العالم، وهذا المبدأ ما يزال القوم يرددونه صباح مساء، لكنهم عمليا يكتفون بالفرجة على ما يفعل المقدسيون وحدهم!
*عضو المجلس الوطني الفلسطيني



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل تتغلغل شرق أوروبا لتطيل قرارات الاتحاد الأوروبي ودعم ...
- القدس في مهب التهويد والتطهير العرقي
- إسرائيل العنصرية تراود القارة السمراء
- اسرائيل: يمينا در!
- شعب فلسطيني موحد أم تجمعات سكانية؟
- قرار العودة للتنسيق الأمني ومخاطره على المصالحة
- الجيش الإسرائيلي مركز السياسة والمجتمع في إسرائيل
- قرار صادم للقيادة الفلسطينية
- عن اعلان الاستقلال الفلسطيني
- الفلسطينيون ومرحلة جو بايدن
- عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني
- ياسر عرفات أبو الوطنية الفلسطينية
- حين يكون الرئيس الأميركي مديرا لعلاقات إسرائيل العامة
- من المستفيد من نجاح بايدن: الفلسطينيون أم إسرائيل
- تجديد برامج وبنى الحركة الوطنية الفلسطينية
- الآثار الكارثية لمرحلة ترامب والدور الأوروبي المطلوب
- التسوية الإقليمية على حساب الفلسطينيين
- استراتيجة الضم الإسرائيلية
- المسلمون في أزمة
- فساد الحكم في إسرائيل


المزيد.....




- بوتين يؤدي اليمين لولاية خامسة في حكم روسيا: لا نرفض الحوار ...
- لافروف يؤكد مع نظيره السعودي ضرورة توحيد الجهود لحل الصراعات ...
- 1.5 ألف جندي ومدرعات غربية ومستودعات وقود.. الدفاع الروسية ت ...
- وسائل إعلام: -حزب الله- أطلق 6 مسيرات مفخخة من لبنان باتجاه ...
- يوم عالمي بلا حمية غذائية.. شهادات لأعوام في جحيم الهواجس ال ...
- ماذا نعرف عن -رفح-- المعبر والمدينة؟
- وزيرة الخارجية الألمانية تضيع ركلة ترجيح أمام فيجي
- -جدار الموت-.. اقتراح مثير لسلامة رواد القمر
- لحظة دخول بوتين إلى قصر الكرملين الكبير لأداء اليمن الدستوري ...
- معارك حسمت الحرب الوطنية العظمى


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - لا تتركوا المقدسيين وحدهم!