أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء داوود - تجاعيد الغابات، ووصايا الرحيل














المزيد.....

تجاعيد الغابات، ووصايا الرحيل


علاء داوود

الحوار المتمدن-العدد: 6764 - 2020 / 12 / 18 - 23:04
المحور: الادب والفن
    


عند انتهاء ظهيرة ذلك اليوم المُكتظ بالغيوم الحُبلى، رأيته وقد أوشك على السقوط
سارعت إليه محاولا ً إدراكه، وأحمد الآلهة أني تمكنت من ذلك
أجلسته على خصر تلك الزيتونة الواقفة كالتاريخ، ما كان يمتلك انتظام أنفاسه كعادته
سمعته يُقسم بأغلظ الأيمان أنه أدرك تفاصيل الحِوار بأكمله
قصّ علي ما كان، ثم أغلق عينيه عند الغياب على آخر دمعاته، ورحل.

هتفت زيتونة الحقل في محيطها فاجتمعت من حولها كل البلاد، أول من وصل كانت فراشة عاشقة
فأسرّت لها أنها أصدق العاشقين، أما بقية البهائم فصرخت فيهم مُغتاظة من دناءة ما أقدموا عليه
فما تلك الجرائم إلا شريعة مقيتة ودخيلة، فليس في العُرف أن يُقتل بين ظهرانينا بأيدينا من هو مِنا
وافقت أشجار الصنوبر على هذا الجزء من الخِطاب دون تردد، في حين تمتمت الكِلاب رافضة
لم تكترث شجرة الزيتون للتمتمة وواصلت، أوصيكِ يا فراشة الحُب وأنت أصدق من حمل الوصايا
ألا تُعطي صِفة الحق لغير أهله، ورمقت الثعلب بنظرتها الغاضبة وسط استيائه الجلي.

وتنفسَت شعاعا ً اخترق حصار الغيوم وحيدا ً ثم تابعَت: لا بقاء إلا للصادقين على هذا التراب
الكاذب يُكسر، والقاتل وغد ٌ يرحل، والرمادي لا يُتقِن إلا الفشل
فأولئك الأوغاد من كسروا هيبتنا، وأضاعوا ملامحنا بين ظِلال الكون المُمتد
تراقصت أزهار الياسمين راضية، أما الحمار فاعتراه الإستياء
التفتت إليه وقالت: ما لك والإستياء ؟، صه، فأنت منذ البدء لم تكن سِواك
همس عصفور في قلبها وقال : كيف نبقى وفينا هلاكنا ؟، صمتت كأنها تستعين بالكون لتُجيب
قد يحالفهم الحظ على محو الماضي بثقله ، بل وربما ينتهكون الحاضر، لكن لا سلطان لهم على الغد
فكونوا الغد، وليتبعثروا هم خلف كل حافر ومخلب دميم.

وبينما انصتت الفراشة الى شجرة الزيتون، مرت نسمة بين أغصان الأرض وسكنت
وفي سكونها كأنها باحت: أن لا حياة إلا للجذور، فاضربوا ما أمكنكم من أصول
فابتسمت الأغصان واثقة من ثباتها، ورمَت بنظراتها على الحضور قبل انصرافهم وقالت: هذه أنا
لا شيء يُثنيني عن شموخي، لا أبد إلاي، لا أزل إلا جذوري، فعانقوا مجدي كي نستعيد غدنا
تغلبت على هزائمي حتما ً، وليس في الهزيمة من عيب إذ لا يعرفها إلا شجاع ٌ انتهى نِزاله
أما دعاة اللون الرمادي فجبناء، وأولئك لا يخوضون المعارك، وصمتَت.

حملت الفراشة تلك الوصايا، راحلة في الآفاق تُخبِر ما تيسّر من آيات الرحيق
وتفرّق الجمع، وتباعدت الأجنحة، ورحلت النسمات مبتعدة، وألقت الأشجار تحايا الوداع
وحتى غيمات السماء لم ترمي حملها، بل أرجأته الى ما بعد الرحيل
والشمس التي استرقت السمع من خلفها رحلت الى مُستقرها آملة بغدها ولو بعد حين.



#علاء_داوود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا عناوين تصلح لهذا النص
- قراءة في سطور ذاكرة الطفيليات
- هذه السطور ليس فيها ما يدعو للإهتمام
- من رفاهية السطوة الى قساوة الإرتطام
- أحلام ملائكية
- ولكن شُبّه لهم
- خربشات صائم في انتظار المأمول
- ماذا بعد السبعين العِجاف ؟؟
- البوصلة إن أشارت الى القدس، مشبوهة !!
- مُد لنا كفيك َ، فلا ليل بعد ابتسامة عينيك
- كُل ما فيك ِ يا بلادي يقاوِم
- قراءة في سطور المُتساقطين على حلبة دونالد
- خيمة عارية، من لها إلا حجارة الوادي !!
- خيمة عارية، من لها إلا حجارة الوادي
- ثلاث لوحات، ومشهد فلسطيني جريح
- لعنة كريستوفر كولومبوس تطال العالم من جديد
- سفارة الإمارة في قطاع الميناء المُنتظر
- إمام الإمبراطوية المريضة، ولقاء الإياب
- بعد رحيل العدو، يكون الميلاد
- والقراءة تأتي وإن كثر الكسر والتأتآت سليمة


المزيد.....




- -أنجز حرٌّ ما وعد-.. العهد في وجدان العربي القديم بين ميثاق ...
- إلغاء مهرجان الأفلام اليهودية في السويد بعد رفض دور العرض اس ...
- بعد فوزه بجائزتين مرموقتين.. فيلم -صوت هند رجب- مرشح للفوز ب ...
- حكمة الصين في وجه الصلف الأميركي.. ما الذي ينتظر آرثر سي شاع ...
- الأنثى البريئة
- هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخاً بديلاً عن الإنسان؟
- حلم مؤجل
- المثقف بين الصراع والعزلة.. قراءة نفسية اجتماعية في -متنزه ا ...
- أفلام قد ترفع معدل الذكاء.. كيف تدربك السينما على التفكير بع ...
- باسم خندقجي: كيف نكتب نصا أدبيا كونيا ضد الإستعمار الإسرائيل ...


المزيد.....

- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- پیپی أم الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء داوود - تجاعيد الغابات، ووصايا الرحيل