أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - نظرات في فلسفة غاستون باشلار (٢)















المزيد.....

نظرات في فلسفة غاستون باشلار (٢)


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 6749 - 2020 / 12 / 1 - 19:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نظرات في فلسفة غاستون باشلار (٢)

تفكيره فيما يتعلق بتاريخ العلم

كما اسلفنا في المقدمة سابقا ان تفكير باشلار حول العلم لا يميزه على اساس التواصل والارتقاء بقدر ما يعطيه صفة القطيعة ، حيث الانقطاع عن الفكرة التي تحتوي النظرية العلمية السابقة ، والتي تشكل محورا رئيسيا للحقيقة نفسها ، اذ يقول باشلار " اننا عندما ننتقل من فيزياء غير نيوتونية الى فيزياء نويوتونية فاننا لا نواجخه التناقض وانما نمر بتجربة التناقض " (١٣)
وتجربة التناقض هذه مكنت الاجيال المعرفية الجديدة وجعلتها قادرة على ضم التجارب المتعاقبة وتقليصها وارغامها من اجل ان تغدو الظاهرة كما يقول باشلار مقتضبة ، وهذا عينه ما تم التعامل فيه مع الفكر النيوتوني (١٤)
وهنا نكون امام تجاوزين او امام قطيعتين الاولى مرتبطة بالمعرفة العامية التي تصدر حقيقة ومعنى مطلقين للمجتمع ، والثانية مرتبطة بالمعرفةالعلمية حيث القطيعة مع الزمان والمكان النيوتوني والدخول في فيزياء اينشتاين والهندسة اللاقليدية ومبدأ عدم التأكد لهايزنبيرغ بشكل جعلت التفكير بالعلم هو دائما بمثابة عملية وضعية ذات صيرورة بشرية غير معطاة بالكامل وغير منغلقة على نفسها او ساكنة كما اعتاد الفكر القديم تصديره لنا (١٥)

وبهذا الصدد يعلق باشلار حول المطلب الوضعي او الواقع في المطلب الوضعي قائلا " ان الفكر العلمي لا يستطيع الاقتصار في التجربة الحاضرة وانما يجب ان يفكر في جميع الامكانيات التجريبية " (١٦) ، وامكانيات التجربة هذه تقوده الى اعتبار ما وضعه هايزنبرغ نفسه قد يسمح بالاستناد الى تجارب وهمية (١٧) ، وهذه التجارب الوهمية نراها مفتاح للامكانية او الاقتراب مما هو واقعي يمضي قدما نحو كل ما هو ممكن ومستمر ودائمي في استقامته (١٨)

ان تاريخ العلم يشير الى ان الفكر الفيزيائي النيوتوني كان يفحص بعناية مفاهيمه ومدركاته مع اعطاء صورة مجملة للنتائج دون التحديد والعمق في التفاصيل اي تفاصيل تطورها ، فالطاقة الحركية على سبيل المثال كانت مقدمة وجودية قبل المادة نفسها ، فالعصا التي تطرق غير موجودة وما موجود هو طاقتها الحركية وبالتالي هي عبارة عن لا مادية متحركة والمادة ليست سوى حامل وجودي (١٩)

وهذا العجز يعبر عنه باشلار بكونه عجز بنيوي مزدوج يصيب المادة والطاقة على حد سواء سوف تتخلى عنه الفيزياء المعاصرة التي عززت كثيراً الاندماج داخل المادة اي الطاقة والمادة ذات ارتباط جوهري مع بعص ضمن مبادلة سرمدية (٢٠)

وهنا يكون قد انتهى الصراع او التقابل بين الفكرين النيوتوني واللانيوتنوني من خلال اقامة لا حتمية موضوعية كان غير مفكر فيها واصبحت في جديتها المعقولة مع ثورة هايزنبيرغ التي اسست لثورة لا حتمية موضوعية في الفكر العلمي الجديد (٢١)


ان القطيعة المعرفية التي اشتغل عليها باشلار تتمثل في مواصلة ايجاد القطع او الفصل بين ما هو علمي وبين ماهو عامي اي الفصل بين المعرفة العلمية والمعرفة العامية ، فالعام عقيدة راسخة الجذور منذ ارسطو حتى بيكون ، وهذه العقيدة تقف عقبة امام المعرفة العلمية ولا تطور علمي دون الفصل بينهما ، وهذا الفصل تحقق كما اسلفنا سابقا مع التطورات العملية المعاصرة من خلال اجراء المقارنات بين الرؤية العلمية القديمة وبين رؤية القرن العشرين ، فعلم الفيزياء يشتغل على نطاق التقلبات ، وهذه الاخيرة يعرفها باشلار " بعامل مثير لاهم المسائل تلك التي تتطلب كسر الجداول الاولى للقانون التجريبي (٢٢)
في حين تكون اشتغالة العام على الثابت في الرؤية فضلا عن ارتباط الفلسفي بالعلمي دون محاولة تطبيق التجربة بشكل واقعي دقيق ، مثال على ذلك شوبنهاور الذي كان دائما ما يحاول تدعيم نظريته بموجب اسباب مقبولة لدى الناس او كما يقول هو اي شوبنهاور بانه " يبحث عن اغذية الشراسة ويعتبر الواقعي غذاء قبل كل شيء " (٢٣)
ودائما ما يشتغل العام على التفسير ، وذلك الاخير يندرج بدوره على مبادئ الكون والعقائد السائدة حيث ( الوحدة) هي الهدف المرجو والمبدأ المراد تحقيقه وبالتالي لا تناقض ولا جدل " فما يصح على الكبير يصح على الصغير والعكس بالعكس " (٢٤)

وفي مجال الكيمياء كانت المعرفة قبل علمية كانت معرفة نفعية ذات ارتباط شديد بالكونيات وجل ما تحاول ادراكه هو كيفية الوصول الى النفع وتحقيق الغاية المرجوة من المعرفة تلك التي تدعم العامي اكثر من العلمي ( ٢٥)
وهنا مثال يقدمه باشلار حول تجارب بريستلي وذلك بقيامه بتقطيع الديك الرومي واجراء مقارنات بين الصدر الابيض والفخذ الاسود من خلال كمية الهواء المستخرجة من الاثنين ، حيث يصل بريستلي الى مفادة تؤكد مساواتهما في الهواء المستخرج ، وهذا الهواء لا يتم دونما معالجة كيميائية معينة بواسطة ملح البارود (٢٦)

وهكذا نكون هنا ازاء معرفة غامضة بعاميتها ذات حدود مرتبكة الى حد بعيد ، وكل ذلك له علاقة ب " مهبط السدود الاولى " كما يطلق باشلار هنا على الفكر العلمي الذي يتوجب التركيز عليه من اجل العثور في النهاية على ضرورة التشكيل الثوري للعقلانية . (٢٧)

وفي مجال الاحياء هناك اسطورة النظائر عن طريق الهضم " حيث يرى ان اكثر الاساطير التي ما تزال حاضرة في المراحل العلمية والمتكيفة مع العلم هي اسطورة النظائر ، وهذه ما تزال فاعلة في مجال التغذية وعدم الاستبعاب الهضمي كما يقول حيث " اعطاء الاطفال جرعات من الفوسفات دون النظر الى مسألة الهضم " (٢٨)
وكل ذلك متعلق بالنظير ، اطار ازاء اطار ، نموذج ازاء نموذج من اجل النمو وهذا الامر ينسحب بدوره الى التفكير حول طبيعة ( المعدة ) ذاتها تلك المسماة في الازمنة القديمة " ملك الاحشاء " (٢٩)
ضمن تصورات قبل علمية تحاول ان تشبه الارض ذاتها بالجهاز الهضمي الواسع (٣٠)

وهكذا يكون القطع مع التجربة العامية للمعرفة ناجزا مع وجود الاصل العقلي للمعرفة العلمية في مجالات وعلوم متعددة معاصرة تصل الى فلسفة العلم ذاته او التفكير بالعلم ذاته على انه ممارسة تصحيحية او معرفة تلقت عدة تصحيحات حتى وصلت الى تعيينها الاساسي داخل الفكر العلمي بموجب العقل الذي ( لا يبدأ) بقدر ما يصحح من اجل فصل دائمي بين ماهو عام او بين ما هو حسي وبين ماهو علمي الى حدكبير .

المصادر

(١٣)

ليشته ، جون / خمسون مفكرا معاصرا اساسيا من البنيوية الى ما بعد الحداثة / المنظمة العربية للترجمة / الطبعة الاولى ٢٠٠٨ ص ٢٣ .

(١٤)

غاستون ، باشلار / الفكر العلمي الجديد / المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر / بيروت ، الطبعة الثانية ، ١٩٨٢ ، ص ٦٠

(١٥)

ليشته ، جون / المصدر نفسه ، ص ٢٤ _٢٥

(١٦)

الفكر العلمي الجديد / غاستون باشلار ص ٥٩

(١٧)

المصدر نفسه ، ص ٥٩

(١٨)

المصدر نفسه ، ص ٦٠

(١٩)

المصدر نفسه ص ٦٧

(٢٠)

،المصدر نفسه ص ٦٨

(٢١)

المصدر نفسه ، ص ١٢٣

(٢٢)

باشلار ، غاستون / تكوين العقل العلمي / المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع / الطبعة الاولى / ١٩٨١ ص ٤٩

(٢٣)

المصدر ، نفسه ، ص ١٣٥

(٢٤)

المصدر ، نفسه ، ص ٧١

(٢٥)

باشلار ، غاستون / العقلانيةالتطبيقية / بغداد ١٩٨٦/ دار الشؤون الثقافية / ص ٢٠٢

(٢٦)

المصدر ، نفسه ، ص ٢٠٣

(٢٧)

المصدر ، نفسه ، ص ٢٠٤

(٢٨)

باشلار ، غاستون / تكوين العقل العلمي / ص ١٣٦

(٢٩)

المصدر، نفسه ص ١٣٧

(٣٠)


المصدر، نفسه ، ص ١٤٠



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع ابو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (٩)
- قصائد النهار الطويل
- مجتمع ابو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (٨)
- شهر مع الهايكو (١٦)
- اشكال ممارسة النقد الاجتماعيّ (١)
- السجناء السياسيين في العالم العربي _ الاسلامي _ نموذج السعود ...
- العالم العربي _ الاسلامي ومأزق الاستبداد
- مدي يديك
- مجتمع ابو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (٧)
- نظرات في فلسفة غاستون باشلار (١)
- مجتمع ابو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (٦)
- شهر مع الهايكو (١٥)
- مجتمع ابو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (٥)
- مجتمع ابو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (٤)
- مجتمع أبو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (٣)
- مجتمع ابو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (٢)
- محركات كاريزما صناعة الزعيم عبد الكريم قاسم
- مثقفو السلطة .. إنهم يتشابهون في كل مكان وزمان
- مجتمع ابو البكرة وتاريخية الاستغلال والموت (١)
- هايبون : جناح مكسور


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - نظرات في فلسفة غاستون باشلار (٢)