أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - المزيد عن الثورة البروليتاريّة كسيرورة عالميّة















المزيد.....



المزيد عن الثورة البروليتاريّة كسيرورة عالميّة


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 6744 - 2020 / 11 / 26 - 10:39
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 36 / فيفري 2020
تقييم علمي نقدي للتجربتين الإشتراكيّتين السوفياتيّة و الصينيّة :
" كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها "
تأليف بوب أفاكيان

مقدّمة الكتاب 36

ما من ظلّ للشكّ في أنّ التاريخ الاجتماعي عامة و تاريخ الحركة الشيوعيّة العالمية خاصة كان و لا يزال محور صراع طبقي و صراع بين الخطّين صلب الشيوعيين و الشيوعيّات . و الدلائل على ذلك لا حصر لها و لا عدّ .
و فضلا عن ما يدلّل عليه واقع الصراع الطبقي و الصراع الإيديولوجي و السياسي يوميّا و عبر العالم ، على سبيل المثال لا الحصر ، أثبتت هذه الحقيقة قراءة ماركس لكمونة باريس ، أوّل دكتاتورية بروليتاريا حسب إنجلس ، و الدروس المستخلصة منها و الفائقة الدلالة بالنسبة للثورة البروليتاريّة العالميّة . و أكّد لينين صحّة إستنتاجات ماركس و ثوريّتها في مقابل إستنتاجات آخرين تصبّ في خانة خدمة البرجوازية ، كما أكّد في مقدّمة كتابه الذى لن يكفّ ، في عصرنا هذا ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، عن أن يكون منارة من أعظم المنارات المناهضة للتحريفيّة ، و نقصد كتاب " الدولة و الثورة " ، أنّ تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و رموزها موضوع صراع طبقي لا هوادة فيه . و مثلما كانت كمونة باريس موضوعا خلافيّا كذلك كانت الثورة الروسيّة لسنة 1905 فبينما أدان بليخانوف و أمثاله رفع الجماهير للسلاح ما جعلهم يقفون موقفا برجوازيّا حيال نضالات الجماهير الشعبيّة ، كان لينين و أنصارالبلاشفة يستخلصون الدروس الحيويّة من ما إعتبروه تميرنا جيّدا جدّا على الثورة القادمة ...( و " الباقي تاريخ "... ).
و إثر وفاة ستالين ، جدّ صراع طبقي كبير بحجم أعظم الجبال في العالم ، و صراع خطّين لا يقلّ عنه عظمة صلب الحركة الشيوعية العالمية بشأن تقييم التجربة الإشتراكية السوفياتيّة في ظلّ قيادة لينين و ستالين و العبر المستشفّة منها . و في الوقت الذى كانت فيه التحريفيّة السوفياتيّة على رأس التحريفيّة المعاصرة الفرنسيّة منها و الإيطاليّة ... تهشّم تهشيما رمز تلك التجربة الإشتراكية ، ستالين ، و من ورائه الماركسيّة – اللينينيّة ، إنبرى ماو تسى تونغ على رأس الحزب الشيوعي الصيني ينافح بما أوتي من جهد نظري و عملي عن هذه التجربة الرائدة و رموزها البروليتاريّة ، و يطبّق عليها المنهج المادي الجدلي و النظرة الشيوعيّة الحقيقيّة لتقييمها تقييما علميّا نقديّا فرزا للصحيح عن الخاطئ فيها و إحقاقا للحقّ و إستشفافا لما أمكن من الدروس لتطوير النظريّة و الممارسة الشيوعيّة الثوريّة و المضيّ قدر الإمكان قدما على الطريق المؤدّية إلى المجتمع الشيوعي العالمي ، كهدف أسمى للشيوعيين و الشيوعيّات . فهزّ هذا الصراع المبدئي من طرف الشيوعيين الثوريّين بقيادة ماو تسى تونغ ضد التحريفيّة المعاصرة العالم قاطبة من شرقه إلى غربه و من شماله إلى جنوبه و صار معروفا بالجدال العظيم الصيني – السوفياتي و وثائقه غاية في الأهمّية التاريخية إذ هي دافعت عن المبادئ الثوريّة للشيوعيّة و نقدت الأخطاء و قدّمت سبلا لتجاوزها ما فتح المجال لمزيد تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية . و بطبيعة الحال ، خلال ستّينات القرن الماضى و سبعيناته و ، بعد ذلك أيضا ، كانت تلك الوثائق بدورها محور صراع طبقي و صراع خطّين محتدمين عالميّا و داخل الحركة الشيوعية و خارجها ما أفرز من ضمن ما أفرز إنشقاقا بين التحريفيين المعاصرين و على رأسهم السوفيات من جهة و الشيوعيين الثوريّين و على رأسهم الماويّون الصينيّون ليشكّل الشيوعيّون الثوريّون المدافعون عن الإرث الثوري للتجربة السوفياتيّة – وهو جانبها الرئيسي- و الخطّ العام الذى رسمه الماويّون للحركة الشيوعية العالميّة ما أطلق عليه حينها الحركة الماركسيّة – اللينينيّة في مقابل التحريفيّة .
و عقب وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب التحريفي في الصين سنة 1976 و إعادة تركيز الرأسماليّة هناك على أنقاض الصين الإشتراكية الماويّة ، وجد الشيوعيّون الثوريّون لا سيما أولئك صلب الحركة الماركسية – اللينينيّة أنفسهم مجبرين على خوض معارك صراع طبقي و صراع خطّين ، دارسين و محلّلين و ناقدين و مقيّمين تقييما علميّا و نقديّا التجربة الإشتراكية الصينيّة و ما طوّره ماو تسى تونغ في خضمّها و بناء على الدروس المستقاة من التجربة السوفياتيّة ، من مساهمات عظيمة تنكّر لها التحريفيّون الصينيّون بزعامة دنك سياو بينغ و كذلك حزب العمل الألباني بزعامة أنور خوجا الذى صاغ خطّا دغمائيّا – تحريفيّا من أبرز ميزاته أنّه ينسف نسفا التجربة الإشتراكية الماويّة في الصين و من أساسها و يدافع دفاعا أعمى عن ستالين ، و صار هذا الخطّ معروفا عالميّا بالخوجيّة ؛ فيما أضحى أنصار التجربة الإشتراكية الماويّة في الصين و مساهمات ماو تسى تونغ في تطوير علم الشيوعية يعرفون بالماويين الذين تجمّع معظم أحزابهم و منظّماتهم ضمن الحركة الأمميّة الثوريّة التي نشطت موحّدة من 1984 إلى 2006 لتنهار بفعل خيانة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) للشيوعيّة و الثورة الديمقراطية الجديدة و حرب الشعب في النيبال و الخلافات المنجرّة عن ذلك . و مرّة أخرى ، كان تقييم تلك التجربة التاريخيّة موضوع صراع طبقي و صراع خطّين و تطوّرت الجدالات النظريّة في صفوف الماويّين أنفسهم بشأن عدّة مسائل ما أفرز إنقساما للماويّة أمسى جليّا على النطاق العالمي منذ أكثر من عقد الآن ، بين أصار الخلاصة الجديدة للشيوعيّة التي طوّرها بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكيّة ، أحزابا و منظّمات و أشخاصا من جهة ، و أحزاب و منظّمات و أشخاص يناصرون في الأساس مضمون مقال " ضد الأفاكيانيّة "...
كلّ هذا ، و غيره كثير ، أوردناه بصورة شديدة الإقتضاب لنشدّد بدورنا على أنّ التجارب التاريخيّة للصراع الطبقي و لصراع الخطّين تشكّل لا محالة محور صراع طبقي و محور صراع خطّين أيضا .
و ننصح من ترنو / يرنو إلى التعمّق في مدى إنسحاب هذه الحقيقة على كمونة باريس و الثورتين الروسيّتين بالعودة إلى ماركس فلينين و أمّا من ترنو/ يرنو إلى تفحّص ما بعد ذلك ممّا ألمحنا له بعجالة ، فعلها / عليه بكتبنا السابقة المتوفّرة بمكتبة الحوار المتمدّن . ففي الكتاب الأوّل من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " تلفون بيان الحركة الأمميّة الثوريّة لسنة 1984 وهو يتضمن ملخّصا لتقييم شيوعي ماوي لتاريخ الحركة الشيوعية العالميّة . و في الكتاب 4 ، و عنوانه " الثورة الماوية في الصين : حقائق و مكاسب و دروس " ، بوسعكم العثور على نصوص تقييميّة قصيرة و طويلة تسلّط الضوء على عدّة أوجه من تلك التجربة الإشتراكية . و في الكتاب 20 ، تعثرون على نصوص من الجدال الكبير الصيني – السوفياتي في منتهى الأهمّية . و في الكتاب 22 ، " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " ، ( فصول من كتاب لبوب أفاكيان يحمل العنوان نفسه ) ، تجدون عرضا نقديّا لمساهمات ماو تسى تونغ في الفلسفة و الاقتصاد السياسي و الإشتراكية بما هي المكوّنات و الأقسام الثلاثة للماركسيّة . و في الكتاب 23 ، الحامل لعنوان " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعيّة و الطريق الحقيقيّ للتحرير : تاريخها و مستقبلنا " ، يقدّم ريموند لوتا تلخيصا اما نقديّا لتاريخ الحركة الشيوعيّة العالميّة إلى حدّ اليوم ، إنطلاقا من الخلاصة الجديدة للشيوعيّة. و في كتاب بوب أفاكيان " ماتت الشيوعيّة الزائفة ... عاشت الشيوعيّة الحقيقيّة ! " ( الكتاب 28 )، ثمّة تناول نقدي لمحطّات معيّنة من التجربتين الإشتراكيّتين السوفياتيّة و الصينيّة و حتّى لكمونة باريس . و بالكتب المفردة للماويّة في النيبال و في الهند و في الفليبين ، هناك نصوص و فقرات تلمس بقليل أو كثير من العمق مسائل متعلّقة بتاريخ التجارب الإشتراكيّة العالميّة ...
و لسائل أن يسأل ، و كلّ هذا الكمّ الذى لا بأس به من الوثائق القيّمة متوفّر باللغة العربيّة ، لماذا إذن هذا الكتاب الجديد عن تاريخ الحركة الشيوعيّة العالميّة ؟
و نجيب في الحال و مباشرة ، بلا لفّ و لا دوران ، بأنّنا قمنا بترجمة مضامين هذا الكتاب إلى العربيّة لعدّة أسباب تراكمت و تداخلت ففرضت علينا هذا الواجب فرضا . ذلك أنّنا ، و الحقّ يقال ، لمسنا مدى أهمّية هذه المضامين مذ إطّلعنا عليها قبل سنوات و أعدنا قراءتها لمّا عقدنا العزم على خوض تجربة ترجمة و نشر الأدب الشيوعي الماوي ضمن مجلّة إصطفينا لها من العناوين عنوان " الماوية : نظريّة و ممارسة " و كدنا نشرع في ترجمتها لولا أنّنا قدّرنا في وقت ما ، بعد إصدارنا للعدد الأوّل من تلك المجلّة / الكتاب الأوّل " علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة " ، أنّ النضال على الجبهتين النظريّة و السياسيّة عربيّا في حاجة ماسّة إلى وثائق أخرى تتناول مواضيع أخرى أكثر ممّا هو في حاجة إلى الوثائق التي تشكّل مضمون كتابنا الجديد هذا ، خاصة و أنّ ما ورد في بيان الحركة الأمميّة الثوريّة ، بيان مارس 1984 ، بالكتاب الأوّل ، يمكن إعتباره مدخلا كافيا حينها . و بالتالى تأجّل الإشتغال و ظلّ إنجاز المشروع إيّاه على أنّ قرار الترجمة لاحقا ينتظر الظرف المناسب للتنفيذ .
و في إعتقادنا اليوم أنّه آن أوان المرور لمرحلة التنفيذ ، بعد المشوار الذى قطعناه ، و للأسباب الآتى ذكرها :
- لاحظنا و نحن نتصفّح مواقع الأنترنت الشيوعيّة الثوريّة أن " كسب العالم : واجب البروليتاريا العالمية و رغبتها " لبوب أفاكيان أخذ يحتلّ مكانة مرموقة كأحد أهمّ الوثائق المرجعيّة المتّصلة بتقييم تاريخ الحركة الشيوعيّة العالميّة .
- و لمسنا لمس اليد ، أثناء إنكبابنا على تعريب مقال " ضد الأفاكيانيّة " لآجيث ( الكتاب 15 ) و " من ردود أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية على مقال " ضد الأفاكيانيّة لآجيث " ( الكتاب 18 ) أنّ " كسب العالم ..." من أهمّ الوثائق المعتمدة في الصراع حول تقييم عدد من القضايا التاريخيّة الشائكة الإيديولوجية منها و السياسيّة بوجه خاص ، ذات الصلة بصراع الخطّين صلب الحركة الشيوعية العالمية و صلب الماويين أيضا.
- و منذ بضعة سنوات ، عربيّا ، تابعنا على صفحات الحوار المتمدّن صراع الخطّين بين مناهضي الخلاصة الجديدة للشيوعية و أنصارها الذى جُمّعت وثائقه في كتاب ناظم الماوي المتوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن و عنوانه " صراع خطّين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية - هجوم محمّد علي الماوي اللامبدئي و ردود ناظم الماوي نموذجا عربيّا " و قد كان " كسب العالم ..." مصدرا و مرجعا من أهمّ المصادر و المراجع المعتمدة .
- و في المدّة الأخيرة ، حينما كنّا منكبّين على ترجمة كتاب بوب أفاكيان " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة "، قفز إلى نظرنا و إدراكنا مجدّدا أنّ مهندس الشيوعيّة الجديدة ذاته كما يسمّيه أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعيّة ، قد أولى عناية خاصة لمؤلّفه ذاك ، " كسب العالم ..." ، فقد كتب يقول في شأنه بالصفحة 18 من كتابنا عدد 35 على وجه الضبط :
" قبل عدّة سنوات من الآن ، في " كسب العالم ؟... " ، في بدايات ثمانينات القرن العشرين ، و في غيره من الأعمال الأخرى مذّاك ، تعمّقت كثيرا في تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و المجتمع الإشتراكي ، منذ زمن ماركس ( و إنجلز ) ، و تحدّثت عن واقع أنّ ماركس و إنجلز كانا يملكان نظرة ثاقبة إلى أقصى حدّ ، و في عديد الطرق و بالمعنى الجوهري ، كانا ، في الآن نفسه ، و ليس هذا مفاجئا ، محدودين و حتّى بأشكال معيّنة ساذجين ، في بعض الجوانب الثانوية على دلالتها - و هذا إن أعملتم فيه الفكر ، صحيح بشأن جميع المقاربات و المناهج العلميّة ، في تعارض مع النظرات الميتافيزيقيّة كالدين . و متحدّثا عن النظرات الميتافيزيقيّة و الدينيّة ، عندما نُشر أوّل ما نُشر " كسب العالم ؟... " ، وُجد البعض داخل الحركة الشيوعية العالمية الذين قالوا إنّ هذا يقدّم الشيوعيّة كراية ممزّقة ؛ و وُجد حتّى موقف أنّ الحديث ليس عن الأخطاء فحسب التي إقترفت و إنّما أيضا عن بعض المشاكل في جزء من مفاهيم و مقاربات القادة العظام الحقيقيين للحركة الشيوعية بمن فيهم مؤسّساها ، ماركس و إنجلز ، نوعا من الممنوعات - كان يتمّ التعاطى معه كأنّه كفر . حسنا ، هذا الصنف من المواقف و المقاربات يمضى تماما ضد ، و كان سيلقى الإشمئزاز من ماركس و إنجلز أنفسهما ، قبل أي شخص آخر . و على أيّة حال ، وُجدت الموجة الأولى من الثورة الشيوعية و أدّت إلى التجربة الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي ( من 1917 إلى أواسط خمسينات القرن العشرين ) ثمّ في الصين ( من 1949 إلى 1976 ) و التي وقع الإنقلاب عليها مع صعود القوى البرجوازية إلى السلطة و إعادة تركيز الرأسماليّة ، أوّلا في الإتّحاد السوفياتي و تاليا في الصين عقب وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 . و تحتاج هذه الموجة الأولى من الثورة الشيوعية و التجربة الإشتراكية إلى التعلّم منها بعمق ، بيد أنّنا نحتاج التعلّم منها بتوجّه علمي و منهج و مقاربة نقديّين ، في تعارض مع التوجّه و المنهج و المقاربة الدينيّين . وهذا بالذات ما شرعت في القيام به في " كسب العالم ؟... " و واصلت القيام به في أعمال متنوّعة مذّاك . فكان هذا هو المكوّن الأكبر و قوّة الدفع الأكبر في تطوير الشيوعية الجديدة .
و التعبير المكثّف للكثير من الجديد في الشيوعية الجديدة متوفّر في " الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة – خطوط عريضة "... "
و بكلمات مقتضبة لبوب أفاكيان ذاته :
" تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
( " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، الجزء الأوّل ، جريدة " الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 )
و من يتطلّع لدراسة هذه الشيوعية الجديدة و الإلمام بالسيرة الذاتيّة لبوب أفاكيان ، لا مناص له من إعمال الفكر و التعمّق في كتاب " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " ، متنا و ملاحقا و هو متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن ، أمّا من يتطلّع لتكوين فكرة أوّليّة و تلخيص للأعمدة التي تقوم عليها هذه الخلاصة الجديدة للشيوعية ، فنوفّر له نصّا لبوب أفاكيان ذاته في الغرض ، و ذلك بملاحق هذا الكتاب و عنوانه " الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة – خطوط عريضة " ف " التعبير المكثّف للكثير من الجديد في الشيوعية الجديدة متوفّر" فيه ، حسب ما صرّح به أعلاه صاحب الشيوعيّة الجديدة .
و إذا أضفنا إلى هذه الأسباب التي مرّ بنا ذكرها و التي رأيناها غاية في الوجاهة في حثّها على الإسراع في إنجاز العمل الذى ظلّ ينتظر على الرفوف منذ سنوات ، ملاحظتنا أنّ جماعات تعدّ نفسها شيوعيّة، إلى جانب أعداء الشيوعية المفضوحين، أخذت تنشر هنا و هناك نصوص تقييمات للحركة الشيوعية العالميّة ماضيا و حاضرا فيها ما فيها من تشويه متعمّد للوقائع و تزوير للأحداث التاريخيّة و قلب للحقائق رأسا على عقب و تلاعب صبياني بالمعطيات الماديّة الموضوعيّة و بالمنهج المادي الجدلي الواجب إعتماده في هكذا أعمال – مجمل القول نصوص تحريفيّة و دغمائيّة - ، ندرك لماذا كان لا بدّ لنا من النهوض بالمهمّة الملقاة على عاتقنا و دون تأخير .
و إنّنا لعلى وعي تام أنّنا لا نزال محتاجين إلى المزيد من الترجمات بهذا المضمار و طبعا إلى مزيد التصدّى لمشوّهى تاريخ الحركة الشيوعية الثوريّة خدمة أساسا لإعلاء راية الحقيقة التي دونها لن نستوعب حقّ الإستيعاب علم الشيوعيّة و لن نطبّقه و نطوّره فلن نفسّر العالم تفسيرا علميّا و لن نتمكّن من تغييره تغييرا ثوريّا من منظور شيوعي . وعليه ، من موقع المسؤوليّة الشيوعيّة الثوريّة ، نتعهّد ، دون تحديد تواريخ و لا سقف زمني فكثير من الأمور قد تتجاوزنا ، بأن نثابر على الإضطلاع بالمهام التي آلينا على أنفسها النهوض بها و بأن نبذل من الجهد طاقتنا كي نوفّر المزيد من الوثائق باللغة العربيّة تساهم في الإرتقاء بمستوى التسليح الإيديولوجي و السياسي لمن يبحثون عن الحقيقة و يسعون بدأب و تصميم إلى تحرير الإنسانيّة والكوكب من سطوة النظام الإمبريالي العالمي و تشييد عالم آخر، أفضل ، ضروري و ممكن ، عالم شيوعي .
و قد أثمر جهدنا المبذول هنا عددا جديدا من " الماوية : نظريّة و ممارسة " / الكتاب عدد 36 الذى نضع بين أيدى القرّاء آملين أن يدرسوا محتوياته دراسة نقديّة و يعتمدوا الحقائق التي تنطوى عليها في قادم تنظيراتهم و ممارساتهم الثوريّة .
و محتويات الكتاب ، فضلا عن مقدّمة المترجم هي :
الجزء الأوّل :

" كسب العالم : واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها "
لبوب أفاكيان / العدد 50 من مجلّة " الثورة "

1- المزيد عن الآفاق التاريخيّة للخطوات المتقدّمة الأولى في إفتكاك السلطة و ممارستها – دكتاتوريّة البروليتاريا - و الإبحار على طريق الإشتراكية .
2- المزيد عن الثورة البروليتاريّة كسيرورة عالميّة .
3- اللينينيّة كجسر .
4- بعض التلخيص للحركة الماركسيّة – اللينينيّة التي نشأت في ستّينات القرن العشرين و العامل الذاتي في ضوء الوضع الراهن و المتطوّر و الظرف التاريخي الآخذ فى التشكّل .
5- بعض المسائل المتعلّقة بخطّ حزبنا و نشاطه و مهامنا الأمميّة الخاصة .

الجزء الثاني :

( 1 ) عرض موجز لوجهات نظر حول التجربة التاريخيّة للحركة الشيوعيّة العالمية و دروسها اليوم
( مجلّة " الثورة " عدد 49 / 1981 )
( 2 ) مسألة ستالين و " الستالينيّة " - مقتطف من خطاب " نهاية مرحلة و بداية مرحلة جديدة " لبوب أفاكيان
( مجلّة " الثورة " عدد 60 ، سنة 1990 )
الملاحق - 4 – ( من إقتراح المترجم )

1- الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة – خطوط عريضة
( وثيقة نشرت سابقا في كتاب " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة-
خلاصة أساسيّة " )
2- ستّة قرارات صادرة عن اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية
( وثيقة نشرت سابقا في كتاب " عن بوب أفاكيان و أهمّية الخلاصة الجديدة للشيوعية
تحدّث قادة من الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " )
3- إطلالة على موقع أنترنت مذهل يديره ريموند لوتا : " هذه هي الشيوعية " - إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح
أ- مجاعة 1933 في الإتّحاد السوفياتي : ما الذى حصل فعلا و لماذا لم تكن " مجاعة متعمّدة "
ب- دحض الأكاذيب الكبرى المشوّهة للشيوعيّة
ت- إطلالة على صفحات / مداخل من موقع " هذه هي الشيوعيّة " - إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح
4- فهارس كتب شادي الشماوي
---------------------------------------------------------------------------





المزيد عن الثورة البروليتاريّة كسيرورة عالميّة

هنا أودّ أن أتحدّث بإقتضاب عن بضعة نقاط لا غير – لا سيما ، المزيد عن القاعدة الماديّة للأمميّة البروليتاريّة .غنّ المقال الذى أحلت عليه قبلا يحمل عنوان " حول الأساس الفلسفي للأمميّة البروليتاريّة " لأنّه كان يعالج مسألة الداخلي و الخارجي ( الأساس الداخلي و الظروف الخارجيّة لتغيّر شيء ) ؛ لكن بطبيعة الحال الفلسفة قائمة على المادة و الأساس الفلسفي إنعكاس للأساس المادي . و كلّ هذا مرتبط بإستيعاب عميق لهذه المسألة ، مسألة التناقض الأساسي للعصر البرجوازي على الصعيد العالمي و كيف يتداخل كلّ هذا في السيرورة العامة : و أكثر من ذلك ، علينا أن نستوعب كيف ينسحب هذا حتّى على وضع البلدان الإشتراكية القائمة خلال هذه الفترة ، أي فترة الإنتقال العالمي من العصر البرجوازي إلى عصر الشيوعيّة العالميّة .
و من الأشياء الأساسيّة التي كنت أخوض فيها و التي تكلّمت عنها في شريط فيديو غرّة ماي 1981 و ما إلى ذلك ، هي إن أردتم وضع ذلك على هذا النحو ، مشكل اللاتكافئ في العالم . و يرتبط هذا بمسألة تناقض قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج من جهة ، و التداخل بين القاعدة و البنية الفوقيّة من جهة أخرى – كلاهما في بلدان خاصة ، منها بلدان إشتراكيّة ، و عموما رئيسيّا على الصعيد العالمي . و لكلّ هذا صلة كبيرة بتعقيد و تعرّج سيرورة الثورة البروليتاريّة و التقدّم صوب الشيوعيّة عبر العالم .
ماذا أقصد بهذا اللاتكافئ ؟ طبعا ، شدّد لينين على الخلاف الأساسي بين حفنة من المستغِلّين الإمبرياليّين و الدول الإمبرياليّة المتقدّمة من ناحية و الغالبيّة العظمى من شعوب العالم في الأوضاع الإستعماريّة و التابعة . إلاّ أنّ المشكل تفاقم على نحو أحدّ بمعنى أنّ حفنة من البلدان المتقدّمة ركّزت بأيديها – ربّما حتّى بالمعنى الكمّي المطلق ، لكن بالتأكيد نوعيّا – قوى الإنتاج المتقدّمة في العالم . في هذه البلدان ، و هو متّصل بذلك ، البروليتاريا و قطاعات عريضة منها و الجماهير عامة ، لوضع ذلك بكلمات واضحة و بسيطة ، ليست أحانا جائعة جدّا و ليست راغبة كثيرا في تغيير راديكالي . هناك قطاعات و فئات هي ، و عن لم تكن غالبا أوسع الجماهير ، المطالبة بتغيير راديكالي في الهيكلة الإجتماعيّة ككلّ . هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، هناك مجالات واسعة من العالم أين تعيش الجماهير في ظروف يائسة .
و من الأشياء التي أستشيط غضبا بشأن هؤلاء الإشتراكيين الشوفينيين و الناس الذين يقولون " ما الإختلاف ، بلد إمبريالي أو بلد غير إمبريالي ، جميعهم على الطريق الراسمالي ، جميعهم يطوّرون الرأسماليّة ، بعضهم متخلّف مائة سنة عن الآخرين ، و بعضهم متخلّف بعدد كبير من الآلات خلف الآخرين و هكذا " هو أنّه من اليسير جدّا بالنسبة للناس الذين يقيمون في بلد من البلدان الإمبرياليّة ، حتّى في البلدان الإمبريالية الأوروبيّة ، ان يقولوا ذلك . ففي هذه البلدان تسير جميع القطارات في وقتها نو تحمل الشاحنات السلع من ركن من البلاد إلى ركن آخر و ثمّة سوق مندمجة ( ليس أنّ كلّ شيء سلس و هادئ ، ما هذه هي الطريقة التي تسير بها الأشياء ، و بالتأكيد ليست طريقة الرأسماليّة ) و إن وُجدت أزمة بطالة جدّية تبلغ النسبة 8 بالمائة . لكن في الغالبيّة العظمى من العالم ستكون نسبة 8 بالمائة بمثابة معجزة – فهي طوال الوقت 30 إلى 40 بالمائة ، فما بالك عند حدوث أزمة حادة حقيقيّة . و خارج بعض الجيوب ، هذه الأماكن في منتهى التخلّف و لا تبلغ السكك الحديديّة فيها حتّى معظم المناطق ، و أقلّ من ذلك أن تسير في وقتها ،و السلع لا تتحرّك بسرعة عبر البلاد قاطبة ، و لا وجود لإقتصاد مندمج ( بمعنى الإقتصاديّات الرأسماليّة المتقدّمة أين تخدم الروابط بين شتّى القطاعات و بين الإستثمار و الإستهلاك الإقتصاديّات الوطنيّة المندمجة ).
إنّه لشيء مزعج للغاية أنّ هذه الإقتصادويّة الإمبريالية الشوفينيّة حيث يقول الناس رأس المال هو رأس المال ، لا تهمّ قوميّة رأس المال . يعتقدون أنّهم عميقين جدّا بشأن علاقات الإنتاج عندما ينظرون إليها نظرة ضيّقة في إطار قومي و لا يرون علاقة إنتاج في منتهى الأهمّية بالنسبة إلى العالم ككلّ هي علاقة إنتاج ( وهي ما هي ) بين الإمبرياليّة وهذه الأمم المضطهَدَة. هذه أيضا علاقة إنتاج وهي حيويّة في العالم ككلّ وهي أهمّ من علاقة الإنتاج بين عامل مصنع و عامل مستودع في البلدان الإمبريالية .
على أيّ حال ، من جهة ، توجد هذه البلدان المتقدّمة أين تتركّز معظم القوى المنتجة لكن المشاعر الثوريّة و مستوى صراع الجماهير و وعيها عامة و في غالبيّة الأحيان – على الأقلّ إلى حدّ الآن – ليست في مستوى عال جدّا .و هذا ليس أبدا الشيء نفسه – ربّما يحتاج ذلك أن نقول لكن لا ينبغي – خطّ أنّ الثورة غير ممكنة أو لا أفق حقيقيّ لها ، حتّى الآن ، في هذه البلدان المتقدّمة .
و من جهة أخرى ، في غالبيّة العالم قوى الإنتاج متخلّفة ؛ و مثل هذا التطوّر لقوى الإنتاج كما هو في ظلّ هيمنة رأس المال المالي و الإمبرياليّة عالميّا ، يشوّه و يفكّك هذه الإقتصاديّات – و الشعوب في أوضاع يأس أكبر بكثير ، وهي راغبة أكثر في تغيير راديكالي؛ و مع ذلك هي أيضا أكثر تخلّفا و ظروفا بدائيّة بكثير و أقلّ تجمّعا سكّانيّا و إجتماعيّا ( و حول هذا هناك بهذا المعنى شيء هام جوهريّا ) و صراحة ، بينما ترغب في التغيير وهي قادرة على التوحّد بأكثر إستعداد لمساندة الثورة ن عامة ، مرحلة الثورة هناك هي مرحلة ديمقراطية برجوازيّة و إن كانت من طراز جديد . و حتّى مع توفّر إمكانيّة و علينا أن نشدّد على إمكانيّة و ليس الأمر يقينا ، أن يمكن تطوير الثورة في ظلّ قيادة البروليتاريا ( هذا قانون ميكانيكي آخر للثورة يحتاج أن نعلنه غير قانوني ن تحديدا أنّ أيّة ثورة ضد الإمبرياليّة في تلك البلدان لا يمكن إلاّ أن تقودها البروليتاريا ) ، وذلك ثمّة مشكل . فيما يرغب الناس في تغيير جذريّ و يمكن حشدهم بصورة أسرع و أسهل من أجل الثورة ، وإن ليس دون تناقض و ليس ببساطة و بيسر لكن بأكثر سرعة وراء راية الثورة ، مع ذلك مرحلة الثورة و مضمون الثورة ، حتّى إن كانت في ظلّ قيادة البروليتاريا ، تتناسب مع الديمقراطيّة البرجوازيّة ومع مرحلة التحرّر الوطني .
و يمثّل كلّ هذا و ينبثق عنه تعقيدا أكبر في سيرورة الثورة البروليتاريّة عبر العالم . و في الغرب – بمعنى البلدان الإمبرياليّة ، بما فيها الإتّحاد السوفياتي – ثبُت أنّه من الأعسر في هذه الفترة القيام بالثورة منه في الشرق و الشرق نقصد به البلدان المستعمَرَة و التابعة في ما يسمّى ب " العالم الثالث " . لكنّه ثبُت أيضا أنّه ى منتهى العسر قيادة الثورة و الحفاظ عليها حيث يمكن أن تحقّق و حيث حقّقت بأكثر سرعة ، و لا مخرجا سهلا من هذا .
طبعا ، إذا نجحنا في إحداث إختراق نوعي ( ما سيكون ) في إفتكاك السلطة في قلعة ( أو أكثر ) من قلاع الإمبرياليّة ، سيمثّل ذلك بالفعل قفزة جديدة إلى الأمام بالنسبة للبروليتاريا العالميّة و سيوفّر حرّية جديدة ، على انّه يتعيّن علينا أن لا نتوهّم أنذ القيام بالثورة في بلد إمبريالي يعنى أنّ البروليتاريا سترث عندما تصعد إلى السلطة ذلك البلد بقوى إنتاجه على النحو الذى كانت عليه مثلا قبل خمس سنوات من بداية الثورة – و من المحتمل الحرب العالميّة أيضا . و مع ذلك ، سيمثّل ذلك بعدُ قفزة نوعيّة من طراز خاص . لكنّه لن يمكّننا من تغيير واقع أو إلغاء مشكل أنّ هناك المزيد من التعقيد بسبب هذا اللاتكافئ الذى وصفت و أحلت عليه .
هكذا ، يطرح كلّ هذا مشاكلا ، أجل ، لكن ما يفعله كذلك ، من ناحية أخرى ، هو أنّه يشدّد على أهمّية الأممية و في الوقت نفسه ، على اهمّية إستيعاب و تعميق إستيعابنا لكامل الحركات اللولبيّة المؤدّية للظروف التاريخيّة عندما تتركّز جميع التناقضات على الصعيد العالمي و تشتدّ بما في ذلك إمكانيّات الثورة ، و يتعارض هذا مع النظرات التي إمّا تنكر ، تخفق في إستيعاب أو ، إن إعترفت بالبعض من هذا ، تتعاطى بصفة غير صحيحة مع مسألة الحركة اللولبيّة العالميّة بإتّجاه الظرف التاريخي ، و تعارضه بمفاهيم خاطئة مثل تلك المعبَّر عنها في نظريّة الأزمة العامة ، و نظرات من النوع الخطّي التي أشرت إليها قبلا .
لذا يثير هذا مشاكلا لكنّه يعمّق و يضاعف التشديد من أهمّية فهمنا للإمبرياليّة و حاجتنا لإستيعاب هذا المنهج الصحيح و التحليل الصحيح على وجه التحديد لأنّه ، مثلما قلت ، حتّى إن حقّقنا أقصى المكاسب عند كلّ نقطة – حتّى في اللحظات الحيويّة من الظرف التاريخي العالمي - لن نكسب الكلّ مرّة واحدة ، في ظرف تاريخي واحد أو حتّى ، في جميع الإحتمالات، في مجرّد جولتين إثنتين . و بالتالى ، سيواجهنا مشكل كيف نتعاطى مع هذا اللاتكافئ ، كيف نحقّق أكبر إختراقات و من ثمّة نجعل البلدان الإشتراكيّة قواعدا للثورة العالميّة و سيتّخذ كلا حادا للغاية . لن نقدر على مجرّد تمنّى إضمحلال المشاكل المتّصلة بالدول الإشتراكية الصاعدة في عالم تهيمن عليه الإمبرياليّة . على الأرجح ، سواء أنجزنا أم لم ننجز إختراقا هذه المرّة بمعنى ثورة في واحدة ( أو أكثر ) من هذه القلاع الإمبرياليّة ، حتّى الأصر نسبيّا ، ستظلّ هذه المشاكل قائمة . سواء أنجزنا أم لم ننجز إختراقا ، سنظلّ غير قادرين على إستبعاد مشكل أنّه سيوجد حصار إمبريالي و أنّ الضغط ، المادي و الإيديولوجي معا ، و أنّ مثل هذا الحصار سيظلّ يمارس على البروليتاريا في السلطة و على دولتها الإشتراكية ضغطا هائلا.
إنّه مشكل كيف نطبّق ما وقعت صياغته إلى مستوى أرقى في برنامج الحزب ، أي ، إنجاز التحويل الإشتراكي في ذلك البلد ( تلك البلدان ) حيث يجدّ إختراق كجزء وثيق الإرتباط و ليس مجرّد قاعدة إرتكاز في المطلق ، بل كجزء وثيق الإرتباط بالثورة العالميّة . هذه مسألة علينا الشروع في الخوض فيها من الآن ، تحديدا لأنّه إن كنّا نكرّس الخطّ الصحيح بالمنهج الصحيح ، قد تتوفّر – إن لم يكن في الولايات المتحدة ففي قلعة أو قلاع إمبريالية أخرى ، و ربّما في الولايات المتحدة ذاتها – قفزة عمليّة إلى الأمام في إفتكاك السلطة عندما تصبح المسألة إلى درجة كبرة و بشكل ملحّ على الأجندا . و طبعا ، تنسحب هذه المبادئ الأساسيّة وهي حيويّة بالنسبة للبروليتاريا العالميّة حيثما ( في أي نوع من البلدان ) تنجز إختراقا و ترى دولة أو دولا إشتراكيّة .
لكن أبعد من ذلك ، ثمّة مسألة خاصة أودّ التطرّق إليها ألا وهي إلى أي مدى يمكننا أن نمضي داخل بلد إشتراكي واحد؟ فقط لقول إنّه قد ثبت تاريخيّا أنّ الإشتراكيّة ممكنة في بلد واحد – حتّى لو صرفنا النظر عن مسألة الفهم العميق لما هي الإشتراكيّة و قلنا إنّ هناك طريق إشتراكي حقيقي و من الممكن المضيّ و البقاء على الطريق الإشتراكي ، على ألقلّ لمسافة ذات دلالة ، - لإستعمال إستعارة الطريق - يظلّ من غير المتأكّد حتّى أنّه بالإمكان إيجاد الإشتراكية مطلقا في كلّ بلد في ظلّ كلّ الظروف . واقع أنّها كانت ممكنة في بعض البلدان في بعض الظروف لا يدلّل على أنّه من الممكن الحصول على الإشتراكية في كلّ بلد على حده في كافة الأوقات . و حتّى أكثر من ذلك ، أعتقد أنّ هناك حدود و هذا شيء أحاول الخوض فيه ، بدأت فقط الخوض فيه ، و إن هي ليست حدودا مطلقة بالمعنى الميكانيكي ، بشأن إلى أي مدى يمكن أن نمضي في بلد إشتراكي واحد .
هنا أودّ أن أقول إنّه وُجدت تهمة قديمة رددنا عليها بأنّنا " غير مذنبين " و علينا أن نردّ الآن " نلتمس البراءة من التهمة كما صيغت ": هذه هي التهمة القديمة التي ألقي بها بطريقة منحرفة طبعا الإمبرياليّون بأنّ البلدان الإشتراكية بصورة خاصة نظا لحصارها تحتاج هي ذاتها إلى توسيع و كسب المزيد من العالم و إلاّ فإنّها ستبلغ حدودها. و أعتقد أنّه علينا أن نرافع بانّنا أبرياء من التهمة كما صيغت . لفترة طويلة كنّا ننكر ذلك و كنّا نرافع بأنّنا أبرياء و أنّها تهمة تشويهيّة . و الآن علينا أن نرافع بأنّنا أبرياء من التهمة كما صيغت و بذلك طبعا ، أتحدّث عن شيء مختلف نوعيّا عن حاجة الإمبرياليّين إلى مجالات تأثير لتصدير رأس المال ، ولإستغلال مزيد من الناس و لمحاولة تغيير العالم على صورتهم ، أو بصيغة أفضل ، تشويهه ليبقى تحت هيمنتهم .
و هنا لا ينبغي أن نستعمل الميتافيزيقا كذلك من الجانب الآخر ، لا ينبغي أن نكون إطلاقيّين حول حدود أي مدى يمكننا أن نتقدّم في التحويل الإشتراكي في بلد واحد . و مع ذلك ، ثمّة حقيقة أساسيّة و لست أتحدّث عن الحاجة ، كما هي عمليّا تشويه إمبريالي ، لمجتمع إشتراكي كبلد له مواد أوّليّة و للهيمنة على أراضي أوسع و الحصول على الموارد و الناس من مختلف البلدان تحت هيمنتها . لا أتحدّث عن هذا . هذا مجرّد مرآة يمسك بها الإمبرياليّون ليشاهدوا أنفسهم .
بمعنى الحفاظ على السلطة و مزيد التقدّم على الطريق الإشتراكي – و ليس فقط من وجهة نظر دولة إشتراكيّة بل بالخصوص من وجهة نظر البروليتاريا العالميّة – المشكل أكثر بكثير ، هو وجود حدود كما قلت لمدى إمكانيّة المضيّ بعيدا في تغيير القاعدة و البنية الفوقيّة داخل البلد الإشتراكي دون إنجاز المزيد من الخطوات المتقدّمة في كسب و مزيد تغيير العالم ؛ ليس بمعنى كسب المزيد من الموارد و الناس كما يفعل الإمبرياليّون ، بل بمعنى نجاز التغييرات الثوريّة . ( و هذا ببساطة وقع التلميح إليه بشكل عام في تلك الرسالة ،" حول الأساس الفلسفي للأمميّة البروليتاريّة " ).
و طالما أفهم ذلك ، سبب هذا هو ، قبل كلّ شيء ، أنّ هناك تأثير إيديولوجي و كذلك ضغط عسكري و سياسي فعلي و غيرها من أصناف الضغط ، نتيجة الحصار الإمبريالي . لكن هناك أيضا واقع أنّ هذا هو عصر سيرورة عالميّة واحدة و هذا أساس مادي و ليس مجرّد فكرة . ما يمكن أن يكون عقلانيّا بمعنى إنجاز الإنتاج ، حتّى ، و إستعمال قوّة العمل و الموارد داخل بلد واحد ، إلى درجة معيّنة ، قد يبدو عقلانيّا بالنسبة لذلك البلد ، و غير عقلاني إذا نظرنا إليه من منظور الصعيد العالمي . و ينعكس هذا على ذلك البلد و يغدو سياسة غير صحيحة ، ليست أفضل إستعمال للأشياء حتّى داخل ذلك البلد ، و تشرع في العمل ليس ضد تطوّر قوى الإنتاج فحسب بل جدليّا في إرتباط بذلك ، ضد مزيد التغيير في علاقات الإنتاج ( أو القاعدة الإقتصاديّة و البنية الفوقيّة .
و من غير الممكن المضيّ إلى ما لا نهاية بطريقة بلد فبلد ، المضيّ في جدليّة منفصلة داخل البلدان الإشتراكية ، حتّى بمنعرجاتها و إلتواءاتها ، حتّى متصدّية أحيانا إلى إعادة تركيز الرأسماليّة و داعمة لشعوب العالم : عند نقطة معيّنة سينقلب الأمر على ضدّه – لأسباب ماديّة و كذلك في تداخل مع أسباب إيديولوجيّة سياسيّة و حتّى عسكريّة .
هناك حقيقة هنا إن أمسكنا بها بمادية جدليّة ، ستعزّز الأمميّة البروليتاريّة و يمكن أن تُعزّز ، إن طبّقت تطبيقا واعيا ، النضال الثوري للبروليتاريا العالميّة فوق كلّ شيء من خلال لامحالة طريقها المديد و المتعرّج و النضال المتميّز في ظروف حيويّة ، بإلتواءات فجئيّة و إنتفاضات و قفزات دراماتيكيّة .
و يذكّرنا هذا بأنّ في كرّاس " الشيوعيّون متمرّدون " (37) ، وُضعت هذه المسألة جانبا ، إن أمكن قول ذلك ، و بالضرورة عامة من أجل التركيز على التناقضات الخاصة المعالجة هناك . مثلا ، في الصفحة 11 يُقال ببساطة في الكرّاس ؛ " أنتم متعوّدون على تحليلنا لكيف يتفاعل الصراع الطبقي داخل بلد إشتراكي مع الصراع الطبقي عالميّا و واقع أنّ القتال ضد إعادة تركيز الراسماليّة في بلد إشتراكي و لا يمكن بلوغ التقدّم نحو الشيوعيّة بنجاح إلاّ في وحدة مع كامل النضال الثوري العالمي " ، و هذا ليس خاطئا بصفة عامة و إنّما في الوقت نفسه ، مثلما يتبيّن في الإختلافات ، أي ، الخطوات المتقدّمة من مشروع برنامج و القانون الأساسي للحزب إلى الصياغات النهائيّة ، فإنّ فهمنا بالتحديد لهذه النقطة قد تطوّر حتّى نوعيّا بمعنى ما . فقد شحذنا إستيعابنا لواقع أنّ الأمميّة البروليتاريّة هي و يجب أن تكون الأساس بالنسبة للبروليتاريا و حزبها في جميع البلدان . قبل إفتكاك السلطة هي مسألة حيويّة و تصبح حتّى أكثر حيويّة بعد إفتكاك السلطة . و بمعنى كلّ هذا أقول إنّه بوسعنا و يترتّب علينا إراديّا و بتحدّ أن نرافع بانّنا لسنا أبرياء من تهمة أنّنا نحتاج إلى الإستمرار في التقدّم و كسب المزيد من العالم و إلاّ ستتحوّل مكاسبنا إلى ضدّها .
-------------------------------------------------



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهراء الخطير لآيس كيوب أو ... أسطورة التمكين الاقتصادي للسو ...
- ما تكشفه و ما تخفيه مزاعم دونالد ترامب بصدد بطالة السود ... ...
- لا يمكن لكوكب الأرض أن ينجو من أربعة سنوات أخرى من رئاسة ترا ...
- يجب أن نظلّ في الشوارع إلى أن يرحل ترامب / بانس ! ليرحل ترام ...
- مفترق الطرق الذى نواجه و النضال من أجل ترحيل النظام الفاشيّ ...
- بوب افاكيان ناضل و يناضل من أجل تحرّر السود و تحرير الإنساني ...
- - يقظة - السير أثناء النوم و كابوس ترامب / بانس
- الخطر الفاشيّ الشديد و تخطّى - اليساريّة - الصبيانيّة و التح ...
- بوب أفاكيان : التصويت في الانتخابات الأمريكيّة لن يكون كافيا ...
- فاشيّة ترامب - أكثر بروزا و أخطر يوما بعد يوم : كيف يمكن لنض ...
- دونالد ترامب – عنصريّ إباديّ
- تقييم نقدي لتجارب بارزة : بين الإصلاح و الثورة - الفصل الثان ...
- 5 سبتمبر 2020... بداية 60 يوما من النضال للمطالبة ب : ليرحل ...
- إضطهاد السود و جرائم هذا النظام و الثورة التى نحتاج - الفصل ...
- ترامب ينسّق إعتراف الإمارات العربيّة المتّحد بإسرائيل : ضوء ...
- البطرياركيّة و الوطنيّة – التفوّق الذكوري العدواني و التفوّق ...
- البطرياركيّة و التفوّق الذكوري أم الثورة و وضع نهاية للإضطها ...
- بيان لبوب أفاكيان حول الوضع الدقيق راهنا و الحاجة الملحّة إل ...
- الإحتجاجات الشرعيّة تتحدّى القمع المتصاعد لنظام ترامب / بانس ...
- الرأسماليّة – الإمبرياليّة – خنق سبعة مليارات إنسان – و الحا ...


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - المزيد عن الثورة البروليتاريّة كسيرورة عالميّة