|
الهراء الخطير لآيس كيوب أو ... أسطورة التمكين الاقتصادي للسود و واقع عنصريّة ترامب الإباديّة
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 6739 - 2020 / 11 / 21 - 00:05
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ريموند لوتا ، جريدة " الثورة " عدد 671 ، 26 أكتوبر 2020 https://revcom.us/a/671/ice-cubes-dangerous-bullshit-en.html
" ما من شيء جيّد ، و فقط شيء فظيع – بالنسبة للسود و لكافة المضطهَدين في كلّ مكان و للإنسانيّة ككلّ – سينجم أبدا عن العمل مع ترامب و مساعدته ". بوب أفاكيان ، " كانيى واست ، آيس كيوب – مجنونين و أسوأ من مجنونين " ملاحظة تمهيديّة : أواخر شهر أوت 2020 ، كشف آيس كيوب موسيقي راب / و ممثّل / و عرّاب لنعقد إتّفاقا عن " عقد مع سود أمريكا ". و يهدف هذا المقترح الواقع في 22 صفحة إلى معالجة و توفير خارطة طريق لتلبية حاجيات السكان السود . و قد لقي ترحيبا ودّيا من معسكر ترامب ، ودّيا إلى درجة أنّه رغب كثيرا فى " نصيحة " آيس كيوب للنظام الفاشيّ مقترحا هراء ( " مخطّط البلاتينوم " ) لإستثمار 500 بليون دولار فى مجتمع السود . و قد إندفعت لدراسة " عقد مع سود أمريكا " إثر قراءتى لمقال بوب أفاكيان عن كانيى واست و آيس كيوب ( المقال المذكور أعلاه ). العقد إيّاه حزمة من المقترحات . و بعض مطالبه عادلة و مشروعة لا سيما تلك المتّصلة بنظام العدالة و الإجرام و حقّ الإنتخاب و البرامج التعليميّة . إلاّ أنّ كلّ هذا يقع ضمن إطار برنامج أعمّ و نظرة تعزّز المعتقدات و الأوهام في هذا النظام الإستغلالي و الإضطهادي – معتقدات تعزّز بدورها قبضة هذا النظام على جماهير السود . و كما يبدو جليّا الآن ، حافظ آيس كيوب على إنفتاحه و على نيّته " أن يعمل " مع ترامب . و سنرى كيف سيتطوّر هذا . محتفظين بهذا في الذهن ، لنعالج أهمّ مرتكزات " عقد مع سود أمريكا " . 1) المقترحات العبثيّة و الوهميّة حول ما يمكن أن ينجزه هذا الاقتصاد الرأسمالي- الإمبريالي بطريقة ما لفائدة السود: فى القسم المخصّص للقروض البنكيّة و تمويل الإصلاحات ، يناشد " عقد مع سود أمريكا " بنك الخزينة المركزيّة أن " يتبنّى نظرة...الرفع إلى أقصى حدّ لفرص التشغيل و السكن و التعليم و كذلك التحسين النوعي لحياة السود و الفقراء ". حسنا ، بوسعكم مناشدة الحمام أن " يتبنّى نظرة " إيقاف التغوّط على الأرصفة ... لكن البيولوجيا لا تشتغل على ذلك النحو. يسير هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي – الإمبريالي على أساس الصراع التنافسي بين الرأسماليّين من أجل الربح و مزيد الربح – الربح النابع من الإستغلال . و هذا ليس إقتصادا يسير وفق تلبية الحاجيات الإجتماعيّة الكبرى . لما تُشيّد شققا فاخرة بدلا من مساكن لائقة تكون في متناول الفقراء ؟ لأنّ الربح يحكم . لماذا تفتقر التجمّعات السود و اللاتينو موارد الرعاية الصحّية المناسبة ؟ لأنّ هذا ليس من أولويّات نظام منقسم إلى مالكين و غير مالكين و نظام يُخضع ذوى البشرة الملوّنة إلى أشكال خاصة من الإضطهاد . لكن الآن ، بطريقة ما ، بموجة من العصا السحريّة ل " عقد " يتودّد آيس كيوب لل 500 شركة الأوسع ماليّا و صناعيّا التي تهيمن على الحياة الإقتصاديّة و بنك الخزينة الفدراليّة الذى يعمل على الحفاظ على و تسهيل سير هذا النظام الاقتصادي القائم على الربح ، ليقوموا بما " يعدّ صوابا " تجاه السود . " الترفيع إلى الأقصى " في تلبية حاجيات السود ؟ هذه دعابة فظّة . 2) الشوفينيّة الإمبرياليّة تقطر منه : يمدح " عقد مع سود أمريكا " جيش الولايات المتّحدة الإبادي . ففي قسمه المخصّص للإصلاح القضائي و القوانين ، يحتفى بالسكّان السود الذين " ساهموا في الدفاع القوميّ " ، و ينادى بأن يوجّه 5 بالمائة من ميزانيّة قسم الدفاع إلى " التجميل و التعليم و البرامج الشبابيّة في الأحياء ذات العدد الغالب من السود ". و هذا الإجراء ، ينصح مؤلّفوا " عقد " الطبقة الحاكمة سوف " ينشأ إرادة جيّدة إزاء البلاد بما يفرز المزيد من الوطنيّة و المزيد من الإنتداب الناجح و يفرز بشكل عام عسكريّين أكثر حماسا ". أجل ، هذا بالذات ما تحتاج إليه الإنسانيّة : جنود سود غونغ هو " متحمّسين " للقتل و الغزو الإمبرياليين . 3) جعل السكّان السود منضبطين و تحت السيطرة ... و " متحمّلين للمسؤوليّة " و يقلعون عن لوم النظام : في قسم " إصلاح الشرطة " يتوجّه " عقد " بنداء رثّ و مفلس " لقيام السكّان السود بأعمال الشرطة " – رثّ و مفلس لأنّه مثل ألواح الفحص و الكاميرا الجسديّة للشرطة ، هذه الإجراءات لم تفعل شيئا لإيقاف إرهاب الشرطة و قتلها للسود. و هو أسوأ من الإفلاس لأنّ قيام السكّان السود بأعمال الشرطة غطاء ( " سنكون أقدر على حسن إخضاع المضطهَدين ". إنّه عقد " بوجهين " ، يعد مؤلّفوه الحكّام ، " و من جهتنا " ، بانّه لمّا توضع الإصلاحات الزائفة موضع التنفيذ ، " كلّ الأمريكيّين الذين يُدانوا بسبب جريمة [ دون إثارة أسئلة ] ويقبض عليهم ، يوافقون على عدم مقاومة بشكل غير معقول الإيقاف ". و في القسم ذاته عن " مسؤوليّة الأمريكيّين السود " ، يصرّح " عقد " : مع " كسبنا للمساواة الإجتماعيّة و الإقتصاديّة ، يجب علينا أن نشرع في تفكيك أيّة مرارة تنطوى عليها قلوبنا إزاء أخطاء الماضيّ ..." و " نمضى عقب تطبيق العقد نحو إضمحلال التعلاّت الصبيانيّة ". لنترك الماضيّ للماضي . يمثّلأ هذا البرنامج برنامج تأقلم مع الإضطهاد و تعزيزه . و مع إقامة ترامب دولة بوليسيّة فاشيّة ، يردفها بمليشيا مسلّحة تقتل المحتجّين ضد العنصريّة في كينوشا و بفرق جنود فدراليّين شبه عسكريّة تبثّ الرعب و تعتقل الناس عشوائيّا – و تعطى الضوء الأخضر ( " القانون و النظام " ) للشرطة الخنازير في تجمّعات السود . 4) الأسطورة الماكرة للتمكين الاقتصادي للسود : يمزج دونالد ترامب شأنه شأن ريتشارد نكسن في أواخر ستّينات القرن العشرين ، بين تفوّق البيض القاتل و مقترحات لرأسماليّة السود و تمكين تجمّعات السود . و قد مثّلت تلك المقترحات خدعة لتحقيق أشياء ثلاثة : أ) الإقتطاع في المصاريف الإجتماعيّة الحكوميّة الموجّهة لما يفترض " دعوا القطاع الخاص يتولّى الأمر " ، ب) توفير بعض فلرص الإستثمار – مثل ما يسمّى بمناطق " التمكين " و " الفرص " – التي تقوم بالقليل لتغيير ظروف حياة الجماهير القاعديّة ؛ و ت) بناء شريحة أصحاب المشاريع و المستثمرين السود المتواطئين . ( لا تنسوا كيف أنّ برامج القروض المدعومة حكوميّا سمحت للبنوك في بدايات الألفيّة الثانية بأن تستغلّ رهون القروض العالية المخاطر في التجمّعات الفقيرة و تجمّعات السود لتدمّر في نهاية المطاف هذه التجمّعات ). هذه المقترحات لا تفعل شيئا – لم تفعل شيئا – لتغيير الميز العنصري المتجذّر عميقا في السكن و التعليم ، و التمييز العنصري في الاقتصاد الأوسع . لكن دائما ، مع هذه الوعود المعسولة بالتطوير الاقتصادي للتجمّعات تأتى المتجوّلة و يأتي السجن الجماعي . معطى أساسي معبّر : عندما تمّ إعلان إلغاء العبوديّة سنة 1863 ، كان السود يملكون 5 بالمائة من ثروة البلاد ، و اليوم بالكاد تغيّر الأمر ، إلى أقلّ من 2 بالمائة ! و معطى أساسي و معبّر آخر : طوال الخمسين سنة الماضية ، نسبة بطالة السود قد كانت ضِعفَ نسبة بطالة العمّال البيض . لكنّ مثل الميّت الحيّ – الزومبى يخرجون علينا بنداءات " جريئة " و" جديدة " ل " تنمية الحصول على رأس المال " في تجمّعات السود ، بوعد بأنّ هذا سيعالج الفقر واللامساواة . و في أواخر ستّينات القرن الماضى لمّا كان نكسن رئيسا ، كان ذلك جزءا من إستراتيجيا رسمت عمدا لتلطيف و قمع نضال تحرّر السود . و الآن ، غداة تمرّد جميل جدّ في الربيع – الصيف ضد العنصريّة النظاميّة و قتل الشرطة للسود ، آيس كيوب مبعوث سامي ل " برنامج طريق مسدود " – يكون من الجيّد جدّا لو إبتُلع كطعم ... 5 ) وهم التمكين الاقتصادي للسود يمضى اليد في اليد مع عنصريّة دونالد ترامب الإباديّة : لقد كتب بوب أفاكيان بنظرة ثاقبة و بصفة ملحّة عن حقيقة ما يعتقد فيه ترامب عمليّا بصدد السود وهو مستعدّ لتنفيذه ( أنظروا مقال " دونالد ترامب – عنصريّ إباديّ " ) إقرأوا سلسلة المقالات تلك إذا لم تدركوا أنّ ترامب سيفعل شيئا قصوويّا كقتل عدد كبير من السود و غير السود من ذوى البشرة الملوّنة الذين شيطنهم ترامب و جرّمهم . و في مقال آخر ، " يمكن وضع نهاية للإضطهاد العنصري – لكن ليس في ظلّ هذا النظام " ، حلّل بوب أفاكيان التغيّرات الهيكليّة العميقة الكامنة وراء إمكانيّة تحقّق مثل هذا البرنامج الإبادي . و قد نظر في كيف أنّ التطوّرات في النظام الإمبريالي العالمي و التغيّرات في إقتصاد الولايات المتّحدة لا سيما تشديد عولمة الإنتاج معا مع الأتمتة المتصاعدة و الإنتاج " عبر الأنترنت " ، عندما تمزج مع الميز و التمييز الحاصلين و الجاريين المبنيّين في أسس هذا النظام ، قد أدّت إلى وضع حيث أعداد ضخمة من السود و خاصة منهم الشباب لأجيال الآن ، لم يكونوا معطّلين عن العمل فحسب بل كانوا متروكين بلا آفاق للشغل ذي المعنى في الإقتصاد العادي ( " الرسمي " ). بكلمات أخرى ، أصبح قسم كبير من السكّان السود " فائض " من السكّان – و هذا يعنى أنّه يمكن الإستغناء عنه و التضحية به من وجهة نظر الإنتاج المحقّق للربح . لعقود ، إرهاب الشرطة و جرائمها و وضع مجموعات ضخمة من السكّان السود في مستودعات عبر السجن الجماعي ، قد مثّلوا نوعا من " الإبادة الجماعيّة البطيئة " للسود . و في الظروف الراهنة ن نظرا لإيديولوجيا دونالد ترامب لتفوّق البيض و نظرا لشخصيّته ، يمكن أن تتحوّل هذه الإبادة الجماعيّة البطيئة إلى " إبادة جماعيّة سريعة ". إنّ ضخامة العذاب الاقتصادي و الاجتماعي الذى يعانى منه السود ... و التمييز العنصري و اللامساواة ... و تعرّضهم بإستمرار للعنف العنصري للشرة – كلّ هذا ناجم عن نظام هو النظام الرأسمالي - الإمبريالي الذى لا يملك حلاّ لهذه الفظائع. و هذه ليست تعلّة و لا تبريرا من تعلاّت و تبريرات " قادة " اليهود الذين قدّموا خدمات في الجودنرات ، المجالس اليهوديّة التي كانت تروّج و تسهر على تكريس السياسات النازيّة في بولونيا و شرقي أوروبا أثناء الحرب العالميّة الثانية ... و في نهاية المطاف تواطأت مع الإبادة الجماعيّة . لقد أطلق آيس كيوب " عقد مع سود أمريكا " بفيديو يحمل عنوان " ماذا نستفيد من ذلك ؟ " و بالنسبة لكيوب ، ربّما تحصّل على بعض الفتات و أكثر . و بالنسبة للجماهير ، ستحصل على فظائع لا توصف إن ظلّ ترامب في الرئاسة لأربع سنوات أخرى . ---------------------------------------------------- ترامب : " نحتاج إلى " حلّ نهائيّ " للسود و لكافة الذين ليسوا بيضا و يتحدّثون الأنجليزيّة و مسيحيّين أمريكيّين ". آيس كيوب : " سأعمل مع أيّ شخص يبحث عن الحلول " . https://t.co/m6IroUzJbi pic.twitter.com/tqBaWDHRfy ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------- مزيدا عن آيس كيوب و سراب التمكين الاقتصادي للسود ريموند لوتا ، جريدة " الثورة " عدد 672 ، 2 نوفمبر 2020 https://revcom.us/a/672/more-on-ice-cube-and-the-mirage-of-black-economic-empowerment-en.html
في مقالي " الهراء الخطير لآيس كيوب أو ... أسطورة التمكين الاقتصادي للسود و واقع عنصريّة ترامب الإباديّة " ذكرت إحصائيّات مفادها أنّه لمّا تمّ إعلان إلغاء العبوديّة سنة 1863 ، كان السود يملكون 5 بالمائة من ثروة البلاد و اليوم بعد أكثر من 150 سنة ، الحصّة بالكاد تغيّرت إلى أقلّ من 2 بالمائة . و حينما واجه البعض هذا الواقع المعبّر و الكاشف للحقيقة تساءلوا : لماذا لا يمكن لضخّ كبير للإستثمارات الرأسماليّة في تجمّعات السكّان السود ، كما يدعو إلى ذلك " عقد مع سود أمريكا " الذى يروّج له كيوب و كما يعد ترامب بما يسمّى " مخطّط " البلاتينيوم " ، أن يغيّر هذا الوضع ؟ و الإجابة المقتضبة هي : أ- نوع الإستثمارات التي ينادى بها آيس كيوب لن تحدث على ذلك النطاق ؛ ب- حتّى إلى درجة وجود بعض الترفيع في الإستثمارات الرأسماليّة ، لن يؤدّي ذلك و لا يمكنه أن يؤدّي إلى تخطّى الإضطهاد – و بالنسبة للجماهير الشعبيّة ، إلى تخطّى الظروف البائسة التي تعيش فييها في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و التالى يشرح بعمق أكبر هذا . 1- لقد أثّرت التغيّرات الكبرى في الاقتصاد العالمي و في إقتصاد الولايات المتّحدة خلال الخمسين سنة الماضية تأثيرا عميقا في كيفيّة " إدماج " السود في الهيكلة الإقتصاديّة وفي العلاقات الاجتماعية في الولايات المتّحدة . فالبحث الرأسمالي عن أعلى أرباح ممكنة مدفوعا بالمنافسة و القدرة المتزايدة للرأسماليّين على الإستثمار عبر الكوكب كلّه قد أدّت إلى تبخّر عديد مواطن الشغل الصناعيّة في أحياء داخل مدن الولايات المتّحدة . و قد كانت مواطن الشغل الصناعيّة هذه مصدرا لبعض الشغل القار للعمّال السود . لكن المصانع أعيد توزيعها في الفضاءات نحو الضواحي ... و بقدر أكبر بكثير نحو أنحاء أخرى من العالم خاصة نحو بلدان " جنوب الكوكب " أو ما يسمّى بالعالم الثالث . واقع الإستثمار الرأسمالي هو الإستغلال من أجل تحقيق الربح . يتنافس الرأسماليّ,ن مع بعضهم البعض باحثين عن أعلى الرباح الممكنة و عن الإستثمار بطرق فعّالة / ذات كلفة فعّالة لتحقيق الأرباح . و في آخر المطاف ، يعتمد الربح على إستغلال العمّال المأجورين الذين يجب عليهم للبقاء على قيد الحياة و لتمكين أسرهم من البقاء على قيد الحياة ، أن يبيعوا قدرتهم على العمل للمشغِّلين الرأسماليّين ...متى كان الشغل متوفّرا . هذا نظام عالميّ من الإستغلال : في مصانع التزويد بالقطع في المكسيك و المعامل الهشّة للنسيج في الصين و بنغلاداش أو في المناجم التي تشغّل الأطفال في الكنغو . العولمة و الأتمتة قد ساهما في وضع حيث بات السود يعانون معاناة مزمنة من نسب عالية من البطالة و حيث عديد الشباب السود لا سيما الذين مرّوا عبر البالوعة الهريبة للسجن الجماعي ، أصبحوا " منفصلين " عن الاقتصاد الرسميّ للعمل المأجور ... و هم يدخلون و يخرجون من سوق الشغل أو هم محرومون بإستمرار من الشغل ؛ و حيث الكثير من الشبّان السود قد إضطرّوا إلى التزاحم للعمل في " أعمل مجرّمة " للبقاء على قيد الحياة . 2- مع تحوّل الرأسماليّة – الإمبرياليّة إلى عولمة اشدّ ، صار إقتصاد الولايات المتّحدة بدوره إقتصادا أكثر " ما بعد صناعي ". و قد شهدت مدن كبرى من الولايات المتّحدة أين تعيش أعداد كبيرة من السود نموّا هاائلا في الإستثمار في العقّارات و في الخدمات الماليّة و في مكاتب الإدارات و في مركّبات طبّية – تعليميّة ذات تخرّج عالي المستوى و في " فضاءات إستهلاك " و في محلاّت خاصة القوم مدفوعة بالربح . يضخّ رأسمال في هذه القطاعات و يجذبه إليها سحب مغناطيسي إلى أين تكمن أعلى الأرباح و الحاجيات الإستراتيجيّة لإمبراطوريّة الولايات المتّحدة لوضع قيادتها الماليّة و مراكز تحكّمها في مدن مثل مدينة نيويورك و لوس أنجلاس و شيكاغو . و الآن يأتي كيوب و ينادى بالإستثمار الكبير لرأس المال في تجمّعات السود . لكن هنا تكمن المعضلة : ليس لرأس المال " حافة تنافسيّة " بالإستثمار في السكن اللائق و في الرعاية الصحّية في أحياء داخل المدن أو في تحسين ظروف حياة أوسع الجماهير الشعبيّة . هذا ليس نظاما يحدّد في مستهلّ السنة " كيف يمكن أن نُنشأ المزيد من مواطن الشغل ذات الأجور الجيّدة و ذات المعنى بالنسبة للسود ؟ ". الواقع القاسيّ هو ... من منطلق رأس المال الساعي إلى الربح ، تُعدّ الآن قطاعات عريضة من السكّان السود " فائض من السكّأن " ، لا سيما ضمن الشباب و الأقلّ تعليما . لم تعد هناك حاجة إليهم . و بالتأكيد ليس لأنّ الحاجيات الإجتماعيّة الكبرى قد وقعت تلبيتها أو لأنّ القدرات و المؤهّلات غير موجودة ...و إنّما لأنّه لم يعد من الممكن إستغلالهم إستغلالا مربحا . 3- المرّة تلو المرّة ، عندما رسمت كلّ الإدارات سواء منها الجمهوريّة أو الديمقراطيّة إنشاء " مؤسّسة " أو " مناطق فرص " في تجمّعات السود ... عندما وفّرت الحكومة إقتطاعات من الأداءات و " طوّرت حوافزا " و منحا لدفع رأس المال إلى تجمّعات السود المتهالكة ... كانت النتائج بألم و كما كان متوقّعا نفسها . لقد إستفاد البعض بينما ظلّت ظروف الحياة الأساسيّة بالنسبة للجماهير القاعدية تتّسم بالتفقير و المراقبة العقابيّة . لم تضع هذه البرامج الحكوميّة و الإستثمارات الخاصة المدعومة حكوميّا نهاية للميز العنصريّ و لم تغيّر مجالات القروض البنكيّة ... أو فقر الأطفال أو تقلّص من بطالة العمّال الشبّان ... أو من التسريح الجماعي و السجن الجماعي . و ما كانت لتستطيع فعل ذلك. - سيحتاج إنجاز هذا الصنف من التغييرات إعادة ترتيب كاملة و شاملة للأولويّات و إعادة توجيه كبرى للموارد و هذا في تعارض مع المنطق الرأسمالي " للبحث عن الربح ". - سيحتاج إنجاز هذا الصنف من التغييرات التغيير الكامل و الشامل للمؤسّسات الإجتماعيّة الأمريكيّة كما تطوّرت و للرأسماليّة – الإمبرياليّة الأمريكيّة كما تسير كمجتمع تفوّق البيض و مجتمع منقسم إلى طبقات يتحكّم فيه منطق الإنتاج من أجل الربح . بإختصار ، سيتطلّب تغيير هذه الظروف الإضطهاديّة تغيير كلّ شيء ... سيتطلّب ثورة تطيح بهذا النظام و تنشأ مجتمعا و عالما يضعان نهاية للإستغلال و الإضطهاد . و كما قال بوب أفاكيان في " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " : " متحدّثا عن الحركيّة الإجتماعيّة التي ترفع عادة كأحد أهمّ مظاهر المجتمع الرأسمالي ، أشار ماركس في أحد أعماله الكبرى الأخرى ، الغرندريس ، إلى أنّ الأفراد يمكن أن يغيّروا موقعهم الإجتماعي و الطبقي داخل مجتمع مثل هذا لكن جماهير الشعب لا يمكن أن تتخلّص من علاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعيّة الإضطهادية إلاّ عبر الوسائل الثوريّة – بالإطاحة و إلغاء النظام القائم على و المجسّد لهذه العلاقات . "
و ملاحظة ختاميّة عن مؤسّسات أعمال السود . يمكن أن يرى المستثمرون السود " سوقا " يمكن أن تكون مربحة بأساس أمتن من الحرفاء " الأوفياء " في تجمّعات السود . لكن هؤلاء الرأسماليّين السود لا يتحكّمون في موارد الإستثمارات الكبرى على نطاق واسع . و كرأسماليّين ، يجب عليهم أن يتنافسوا مع و لا يملك الكثير منهم فرصة البقاء على قيد الحياة في معركة المنافسة هذه ، مع الشركات الميهمنة على غرار شركة ولمارت و أمازون – ذات الخطوط التموينيّة العالميّة الممتدّة كأصابع الأخطبوط و المعتمدة على الإستغلال الوحشيّ عبر العالم . هذه إذن الأسباب الأساسيّة للماذا يعدّ " التمكين الاقتصادي للسود " سرابا و للماذا " عقد مع سود أمريكا " ليس سوى تلاوة أخرى من الوعود الكاذبة و الخدع المعاد إخراجها . --------------------------------------------------------------------------------------------------------------
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما تكشفه و ما تخفيه مزاعم دونالد ترامب بصدد بطالة السود ...
...
-
لا يمكن لكوكب الأرض أن ينجو من أربعة سنوات أخرى من رئاسة ترا
...
-
يجب أن نظلّ في الشوارع إلى أن يرحل ترامب / بانس ! ليرحل ترام
...
-
مفترق الطرق الذى نواجه و النضال من أجل ترحيل النظام الفاشيّ
...
-
بوب افاكيان ناضل و يناضل من أجل تحرّر السود و تحرير الإنساني
...
-
- يقظة - السير أثناء النوم و كابوس ترامب / بانس
-
الخطر الفاشيّ الشديد و تخطّى - اليساريّة - الصبيانيّة و التح
...
-
بوب أفاكيان : التصويت في الانتخابات الأمريكيّة لن يكون كافيا
...
-
فاشيّة ترامب - أكثر بروزا و أخطر يوما بعد يوم : كيف يمكن لنض
...
-
دونالد ترامب – عنصريّ إباديّ
-
تقييم نقدي لتجارب بارزة : بين الإصلاح و الثورة - الفصل الثان
...
-
5 سبتمبر 2020... بداية 60 يوما من النضال للمطالبة ب : ليرحل
...
-
إضطهاد السود و جرائم هذا النظام و الثورة التى نحتاج - الفصل
...
-
ترامب ينسّق إعتراف الإمارات العربيّة المتّحد بإسرائيل : ضوء
...
-
البطرياركيّة و الوطنيّة – التفوّق الذكوري العدواني و التفوّق
...
-
البطرياركيّة و التفوّق الذكوري أم الثورة و وضع نهاية للإضطها
...
-
بيان لبوب أفاكيان حول الوضع الدقيق راهنا و الحاجة الملحّة إل
...
-
الإحتجاجات الشرعيّة تتحدّى القمع المتصاعد لنظام ترامب / بانس
...
-
الرأسماليّة – الإمبرياليّة – خنق سبعة مليارات إنسان – و الحا
...
-
أربعة أشهر من أزمة الصحّة العالميّة لكوفيد -19 و الأزمة الاق
...
المزيد.....
-
ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال
...
-
الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط
...
-
وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير
...
-
“الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم
...
-
مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من
...
-
م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
-
م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في
...
-
ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
-
التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
-
شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
المزيد.....
-
مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا
...
/ جيلاني الهمامي
-
كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع
...
/ شادي الشماوي
-
حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين
/ مالك ابوعليا
-
بيان الأممية الشيوعية الثورية
/ التيار الماركسي الأممي
-
بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا)
/ مرتضى العبيدي
-
من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا
...
/ غازي الصوراني
-
لينين، الشيوعية وتحرر النساء
/ ماري فريدريكسن
-
تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية
/ تشي-تشي شي
-
مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|