أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد سوسه - الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية الشيعة في العراق ج / 1















المزيد.....

الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية الشيعة في العراق ج / 1


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6732 - 2020 / 11 / 14 - 11:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بعد وفاة والده ، وصلت إلى الميرزا النائيني ، رسالة من أسرته في نائين تطلب منه العودة إلى نائين لتولي منصب والده الديني "شيخ الاسلام" باعتباره الابن الأكبر فرفض ذلك، إذ تولى أخوه الاصغر مكان والده ، لأن الميرزا النائيني اختار طريق يوصله إلى أن يكون "شيخ الاسلام" ليس في نائين فحسب ، بل في العالم الإسلامي ، بدون فرمان سلطاني .
لم يكن السيد الشيرازي العالم الوحيد في سامراء ، فقد وجد الميرزا النائيني نفسه وسط نخبة من أفضل علماء المؤسسات الدينية حتى حصل على فرصة للتعرف بهم ، وحضر دروسهم ، وكان من بينهم ، السيد محمد بن أبي القاسم الأصفهاني المعروف بـ"الفشارتي" الذي اشتغل بالتدريس والبحث في سامراء ، فحضر الميرزا النائيني درسه في الفقه والأصول . فضلاً عن ، حضوره درس الاخلاق والفقه والتفسير والحديث والأصول عند الشيوخ ملا فتح علي السلطبادي والشيخ حسين بن محمد تقي النوري ، والسيد اسماعيل بن محمد صدر الدين .
كانت سامراء بالنسبة للنائيني ، مرحلة اكتمال التحصيل العلمي ، قبل انتقاله إلى مدينة النجف الأشرف ليبدأ مرحلة العطاء العلمي ، التي كانت بحق ، مرحلة الإصلاح والتحديث الإسلامي ، التي بدأها جمال الدين الافغاني ( (1838-1897) : هو السيد محمد جمال الدين صفدر الحسيني "الافغاني"، على الرغم من اختلاف المؤرخين في أصل ومكان ولادة الافغاني, فإنهم اتفقوا على إنه من نسب طيب ومن عائلة علم ودين, إذ كان لأسرته منزلة عالية في بلاد الأفغان لنسبها الشريف ولمقامها= = الاجتماعي والسياسي ، اسس جمعيــــــــة سميت بـ"ام القرى" ، ثم اخــــذ ينتقــــــــل بين العالم (الاسلامي – الغربي) ) (15 ) ، ليكملها النائيني. أي إن أفكار النائيني الواردة في كتابه " تنبيه الأمة وتنزيه الملة " والجدير بالدراسة والاهتمام ، أنه يعد نقلة نوعية في الفكر السياسي الشيعي ، ولاسيما أن الرجل قد كتبه في ظل ظروف عسيرة، مرّ بها علماء الشيعة، الذين انشطروا إلى تيارين ، الأول أيد الثورة الدستورية (الثورة الدستورية هي الحدث الأول من نوعه في آسيا. حيث فتحت الثورة الطريق للتغيير في ايران، مبشرًا بالعصر الحديث. وقد شهدت فترة من الجدل غير المسبوق في الصحافة المزدهرة. ثم خلقت الثورة فرصا جديدة وفتحت أفاقاً لا حدود لها على ما يبدو لمستقبل ايران. وقد حاربت جماعات عديدة مختلفة لتشكيل مسار الثورة، وقد تغيرت كل فصائل المجتمع في نهاية المطاف بطريقة ما بسببها. النظام القديم، الذي كافح ناصر الدين شاه قاجار (Qajar) طويلاً ليبقى، ثم مات في النهاية، ليتم استبداله بالمؤسسات الجديدة والأشكال الجديدة من التعبيرات فضلاً عن نظام اجتماعي وسياسي جديد. وتم إنشاء نظام ملكي دستوري بمرسوم من مظفر الدين شاه والذي نشأ في ايران نتيجة للثورة وانتهى في نهاية المطاف في عام 1925 مع حل أسرة قاجار واعتلاء رضا شاه بهلوي العرش )( 16) في إيران عام (1905-1911) بحرارة ، في حين رفضها التيار الثاني رفضاً قاطعاً ، وقد انتقل صراع هذين التيارين من ساحة العلماء إلى العامة، الأمر الذي أفرز نتائج خطيرة، لعل أبرزها هو تعرض العوام لأنصار المشروطة من العلماء ، وكانوا أقلية، بالمضايقة والتكفير، والسبب بحسب ما اجمع معاصروا المرحلة هو محيط الجهل السائد آنذاك الذي كان يصوَر الديمقراطية كفراً ، والحرية ضد الدين ، فانبرى الميرزا النائيني ، باعتباره من أبرز أنصار "المشروطة" لتوعية المسلمين بحقيقة الديمقراطية وفوائدها وتحسينها في عيون الناس . وللرد بدليل إسلامي منطلق من "النص القرآني والسنة النبوية والتنبيهات الصادرة عن الأئمة المعصومين " على خصوم الدعوة الدستورية الذين استعملوا الدين وسيلة للتشكيك بها ، فاصدر كتابه "تنبيه الأمة وتنزيه الملة" الذي شن فيه هجوماً على من سماهم "المتعممين" ، وفي موضع آخر "علماء السوء ولصوص الدين ومضِلي ضعفاء المسلمين"، متهماً إياهم بـ "بتجهيل الأمة واستغفالها بمقتضيات دينها وضروريات مذهبها" (17 ) .
إن الشيء الجديد الذي جاءت به أفكار النائيني من الناحية الفكرية ، هو طرح نظرية جديدة في الفكر السياسي الاسلامي عموماً والفكر السياسي للشيعة الاثني عشرية بخاصة ، هي نظرية ولاية الامة . وأهم اسس هذه النظرية هي ، أن تقوم على مبدأ العقد الاجتماعي ، أي أن تختار الامة نواباً عنها (مجلس شورى) يدير أمور الدولة عوضاً عن الأمة التي انتخبته . بتعبير اوضح ان " حقيقة السلطة الاسلامية عبارة عن ولاية على سياسة أمور الأمة لحد معين " ، وتفصل نظرية النائيني ولاية الأمة على نفسها بين الجانبين الروحي ، المتمثل بالإمامة المعصومة ، والزمني المتمثل بالدولة . ويعد هذا الفصل أحد أهم افكار حركة الإصلاح الإسلامي التي هي في إحدى جوانبها "عبارة عن قيادة دينية صرفة تتبنى قضية سياسية ذات محتوى وطني واجتماعي من دون أن تدخل في نظامها هدف تطبيق الشريعة" (18 ) .
ومهما يكن من أمر ، تعد أفكار النائيني التي وردت في كتابه "تنبيه الأمة وتنزيه الملة"، اول افكار سياسية متناسقة يطرحها فقهاء الدين الشيعة في مجال السياسة ، تتضمن افكاراً حول السلطة التشريعية والتنفيذية ودور الامة في نظام الحكم والفصل بين السلطات . ومن هنا يأتي تأثيرها في إعادة بحث مسألة السلطة في الفكر السياسي الشيعي الذي سيطرت عليه نظرية الانتظار في عصر الغيبة .
تميز الميرزا محمد حسين النائيني عن أقرانه وعلماء عصره بمكانته العلمية الخاصة بينهم . فقد ذكر الشيخ أغا بزرك الطهراني أن الشيخ النائيني" كان اذا وقف للصلاة ارتعدت فرائضه وابتلت لحيته من دموع عينه " هذا من جانب . أما في الأصول فقد " أحاط بكلياته ودققه تدقيقاً مدهشاً واتقنه اتقاناً غريباً . وقد رن الفضاء باقواله ونظرياته العميقة . وانطبعت افكار اكثر المعاصرين بطابع خاص من ارائه، حتى عُدّ مجدداً في هذا العلم ، وعُدَّت نظرياته مماثلة لنظريات شيخنا الخراساني" صاحب الكفاية " وكان لبحثه ميزة خاصة لدقة مسلكه وغموض تحقيقاته، فلا يحضر إلا ذوو الكفاءة من أهل النظر ، ولا مجال فيه للناشئة والمتوسطين لقصورهم عن الاستفادة منه " .
وقد انعكس هذا الواقع على مستوى تلامذته الذين تسنموا المرجعية والريادة العلمية أمثال جمال الدين الكلبايكاني ، والسيد محمود الشاهروردي ، والسيد محسن الحكيم ، والسيد ابو القاسم الخوئي ، والشيخ حسين الحلي ، والشيخ محمد تقي الاملي وغيرهم .
ترك الميرزا النائيني عدداً من الآثار المطبوعة ، منها رسالة " في اللَّباس المشكوك" ورسالة " في احكام الخلل في الصلاة " ، ورسالة " في نفي الضرر " ، ولكن أبرز اسهاماته الفكرية كانت تتمثل في كتاب " تعليقة على العروة الوثقى" وكتاب " تنبيه الأمة وتنزيه الملة" .
امــــا الــسـيد أبـو الـحسن الأصفهاني ، فـــهو بــــن السيــد عبد الـحميد بـــــن السيــــــــد محمـــــــد المــوسوي، يرجع نسبــه إلى الإمـــام موسى بن جعفر (ع ) ( 19) .
كـــــــان والــــــــــده يعمل في الزراعة ، ويملك الكثير من الأراضي والأموال ، وقد اشترى قرية مديسة وهي إحدى قرى أصفهان الواقعة على شاطئ نهر (زاينده رود) ، وهو اكبر انهار ايران المركزية في جنوب اصفهان (20 ) من خالص ماله ، وسكن فيها هو وعائلته (21 ) . أما جده ، فقد كان من رجال الدين العظماء في القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي) . مع العلم، أن أسرة الأصفهاني قد انحدرت من المدينة المنورة ، وهاجرت إلى العراق بسبب المحاربة ، واستقرت فيه قرون عدة ، ثم انتقلت إلى اصفهان وبهبهان .
ولـد السيد أبــو الــحسن الأصفهاني فــي قـــريـــة مـــديســـة عـــــام 1867 ، وقد نــــشأ نـــــشأةَ دينيــــة مــــــنذ صغره ، وعندما بلغ السادسة من عمره ، بعثه والده إلى مدينة أصفهان لكي يتعلم هناك ، لان القرية التي فيها كانت تخلو من الكتاتيب (22 ) على وفق ما جاء في بحث موثوق أعد عن حياة ابو الحسن الاصفهاني(23 ) .
على أية حال ، تعلم ابو الحسن في اصفهان مبادئ القراءة والكتابة وحفظ كثيراً من القرآن الكريم وأوليات الحساب ، وهكذا انتهت المرحلة الأولى من تعليمه ، وانتقل إلى مرحلة دراسية أخرى ، وهي المقدمات ، فدرس عند أبرز علماء أصفهان امثال الشيخ محمد الكاشاني وقرأ عليه العلوم العقلية (24 ) . ولم يقتصر على الدراسة الدينية فقط ، بل تعداها إلى مطالعة الكتب الأدبية فحفظ المعلقات السبع ، وكثيراً من أشعار الفرزدق والمتنبي والرضي ، وحفظ ألفية ابن مالك ، والحاشية على المنطق ، وحفظ خطباً كثيرة في نهج البلاغة .
وبعد إكمال دراسته في المقدمات ، طلب من والده أن يستقل بنفسه ويعيش كسائر الطلبة في المدارس الدينية ، واستجاب الأب لطلب ابنه ، واختار له غرفة صغيرة في مدرسة " بيد اباد " ، وهي إحدى المدارس التي عرفت في وقته بنشاطها الديني والثقافي ، وقبل أن يسكن أبو الحسن في المدرسة ، كان من المستحسن أن يستبدل العمامة بالقلنسوة، فهذا من شأن من يرغب الالتحاق بالمدارس الدينية والإقامة فيها ، وبهذه المناسبة أقام والده حفلاً رائعاً، بحضور عدد من المعارف والاقرباء ، جاءوا بعمامة سوداء(اختاروا اللون الاسود لأنه اللون الرمزي لكل من ينتسب إلى الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) بنسب) وضعها على رأس أبي الحسن، أكبر الضيوف سناً، فهنأه الحاضرون بهذه المناسبة المباركة ..... يتبع



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية الشيعة في ...
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من تمرد الاثوريون
- سياسة بريطانيا تجاه موقف المؤسسة الدينية من التجنيد الإجباري ...
- محاولات الإدارة البريطانية احتواء ولاء المؤسسة الدينية
- الاحتلال البريطاني وموقف المؤسسة الدينية منه . ج / 2
- الاحتلال البريطاني وموقف المؤسسة الدينية منه .
- الاتجاهات التربوية للوجودية
- مرادفات الاتزان الانفعالي
- التعبير عن الانفعالات
- تألق قصيرة جدا
- دعاء العراق
- الاتزان الانفعالي في نظريات علم النفس
- الاتزان الانفعالي
- الفئات الاجتماعية القديمة والدولة الحديثة ج . 1
- الفئات الاجتماعية القديمة والدولة الحديثة
- مواصفات الدولة المطلوبة في العراق ج . 1
- مواصفات الدولة المطلوبة في العراق
- الشرعية السياسية للدولة الحديثة .1
- الشرعية السياسية للدولة الحديثة
- التشكيل الفني في خطابات الشعراء العشاق ج . 3


المزيد.....




- -وقف فوري لإطلاق النار بغزة-.. شاهد ما قاله بايدن في خطاب بح ...
- ما سر قدرات أدمغة البشر الاستثنائية وما هي آفاق -ما بعد الإن ...
- ماذا نعرف عن وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان الذي يرا ...
- البيت الأبيض: بايدن قطع إجازته لمتابعة حادث طائرة -الرئيس ال ...
- وسائل إعلام إيرانية: لا صحة للأنباء عن سماع صوت انفجار أو وج ...
- -واي نت- تجيب على سؤال هل نجا رئيسي ومن معه من حادث المروحية ...
- مصر تعلق على حادث طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي
- بيان سوري عن حادث مروحية الرئيس الإيراني
- محمد بن زايد يوجه بتقديم ما يمكن من دعم لعمليات البحث والإنق ...
- -تسنيم-: تم تحديد الموقع الدقيق للمروحية التي كانت تقل الرئي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعد سوسه - الجذور الاجتماعية والفكرية لعلماء المؤسسة الدينية الشيعة في العراق ج / 1