أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد سوسه - الشرعية السياسية للدولة الحديثة















المزيد.....

الشرعية السياسية للدولة الحديثة


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6626 - 2020 / 7 / 24 - 14:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعداد د , سعد سوسه
إن المسألة الأولى التي تواجه الباحثين في علم الاجتماع السياسي العربي المعاصر هي بلا وهم مسألة أساس السلطة ومؤسساتها، وليست مسألة مبدأ السلطة الذي لا يختلف عليه عموماً، والمرغوب فيه إطاراً مشتركاً لتحقيق الرغبات الفردية والجماعية، المنبثقة عن مصالح (المصلحة: هي كل ما يراه الإنسان صالحاً له ولسواه) قد تصبح بالمنطق العقلانية قضايا عليـا، وقد تصير بالتجهيل والظلامية مشاريع للفتنة والاحتراب الداخلي. فكلما كان أساس السلطة هو امتلاك فرد للدولة، وعبر هذه الملكية يمتلك الأمة وثقافتها وضميرها وثرواتها، صار المسار السياسي متنافياً مع إمكانات الانصهار الاجتماعي، ومتناقضاً مع خط التطور الاقتصادي ومتعاكساً مع الاجتماع التاريخي للناس في دولة .
وينّوه علماء الاجتماع على أنّ وجود سلطة الدولة يسبق زمنياً وجود الديموقراطية الحديثة. فلكي يستطيع السكان ممارسة سلطتهم على نفسهم، بالأسلوب الديموقراطي الحديث، لا بد من وجود دولة . اسـتناداً على هذا الأساس، يقسّم جاك باغنار J. Pagnarue مفهوم (الشرعية السياسية Political Legitimacy ) إلى قسمين هما:
أولاً- مشروعية النظام السياسي Political System Legitimacy: تعدُّ ممارسة السلطة شكلاً من أشكال القوة التي توجه جهود الأفراد العاملين في المؤسسات البيروقراطية نحو تحقيق الأهداف العامة والخاصة التي يرنو إليها المجتمع والفرد في تلك المؤسسات. أما الميكانزمات (الآليات) الرئيسة التي تساعد على تسير النظام وجمع وتوجيه الجهود في المؤسسة البيروقراطية فهي: التبادل، والمصالح المشتركة، والتضامن الناتج عن وجود العواطف المشتركة، المعتقدات، الشعور والمصالح، وأخيراً القوة التي تكمن في النفوذ، السلطة والسيطرة الجبرية (1 ) . وينطوي مفهوم المشروعية بالقدرة على خلق الإيمان بأن النظم السياسية القائمة هي أكثر ما بلائم المجتمع. وعلى الحفاظ على هذا الإيمان ( 2 ) .
يجب التأكيد هنا على أن الفئات الحاكمة التي وصلت إلى السلطة في عراق العهد الملكي ممثلةً بكبار الملاك للأراضي، والبرجوازية التجارية المدينية، والعائلات الثرية في المدن، والضباط الشريفيين، والأعيان وشيوخ العشائر الإقطاعيين، لم تكن تشكل طبقة برجوازية موحدة، تحتل مكاناً تاريخياً في نظام الإنتاج الرأسمالي، وبالتالي تمتلك القدرة على تصفية الحسابات مع قوى المجتمع القديم والنظام العشائري، وتقود النضال الجذري ضد الإقطاعية والاستعمار البريطاني، بل هي تمثل فئات تبوأت صدارة العمل السياسي في الصراع من أجل انتزاع الحقوق العربية بواسطة الإصلاحات في ظل السيطرة العثمانية، أولاً، وفي ظل الاستعمار البريطاني لاحقاً. وبخاصة الفئات الكمبرادورية (3 ) . المرتبطة بالمصالح الأجنبية، وفضلاً عن ذلك، فإن هذه الفئات الحاكمة لم تحكمها إيديولوجية متجانسة، ولا كانت معنية بخلق إيديولوجية جديدة تشكل عاملاً ضرورياً في تطورها التاريخي.
في ظل غياب هذه الأيديولوجية الجديدة، وبالتالي غياب البرنامج السياسي الراديكالي، الشرطان اللذان تستخدمهما الطبقة البرجوازية لحل القضايا التاريخية الخاصة ببناء الدولة العصرية، ظلت هذه الفئات الحاكمة تستخدم مزيجاً توفيقياً من الأيديولوجية القديمة والأيديولوجية الليبرالية (4 ) ، لا طبقاً للواقع الغربي، وإنما بعد أن أفرغتها من الأفكار الديمقراطية والعلمانية والثورية، لأنها كانت تخشى الأعمال الثورية التي تضعها في صراع مكشوف وجهاً لوجه مع البنية الإقطاعية والقبلية والعشائرية ومع الاستعمار البريطاني، من أجل حل القضايا الجديدة المتعلقة بمسألة الوطنية، والاستقلال السياسي والاقتصادي التام خارج سياق التبعية الكولونيالية، وبالتالي تقديم الرؤى والتصورات الراديكالية لحل مسألة طبيعة الدولة ومؤسساتها الدستورية، وكذلك بناء المجتمع المدني المرجو بناؤه، في تناسقه مع هذه الأخيرة. ويقول الدكتور خلدون حسن النقيب في معرض تحليله لهيمنة الأيديولوجية التوفيقية بأجنحتها الثلاثة العلمانية، والليبرالية، والوطنية، على صعيد سلطة الدولة في العراق، وفي مصر وسوريا، ومن أنها قد وصلت إلى الهيمنة والنفوذ ليس لكونها ممثلة لمصالح الملاك والتجار، ولذلك قامت هذه الفئات بدعمها، وإنما لأنها لم تتعارض مع مصالح الملاك والتجار، ولأنها تناسبت وتزامنت مع التطلع إلى الغرب، وظهور الكيانات السياسية الحديثة (الدولة الوطنية، الأحزاب...إلخ) تحت تأثير إدارات الانتداب الاستعمارية. وهناك فرق بين التزامن وعدم التعارض وبين الدعم والتمثيل الطبقي يجب ألا تغيب أهميته عن الأذهان (5 ) .
إن المشروعية تكون ملزمة بالأشياء المشروعة. وقد كتب جورج بورديو G. Bordeaux أن "الفعل أو الوضع الذي يستند إلى فكرة الحق, يكون صالحاً للحظة معينة في جماعة معينة". وقد حاز هذا التعريف على امتياز إبراز ثلاثة مظاهر جوهرية للمشروعية: إذ إنها توافق بداية (فكرة الحق) وبهذا تحمل ارتباط بالقيم السائدة في المجتمع، حيث تكون التعبير عن هذا الجزء وتعادل الموافقة المشتركة لحق الحكام في القيادة. لكن فكرة الحق هذه تكون صالحة للحظة معينة، وربما تكون طبيعية أخرى، وفي لحظة أخرى, لأن المجتمعات تطور وتغير أفكارها المسيطرة. وفي هذه الحالة لا تستفيد المشروعية من أية حقيقة موضوعة مطلقة وحاسمة, وترافق القيم المجتمعية وتتبع سياقها وسيرورتها .
ثانياً- شرعية الحكمLegitimacy of Government : الشرعية هي التعبير عن حالة الرضا والقبول التي يبديها المواطنون إزاء النظام السياسي وممارسة السلطة، وتمثل قاعدة قانونية للسلطة، تفترض وحدة فعلية بين السلطة والمجتمع، وممارسة فعلية للأهداف المشتركة بينهما، وترتبط بالسيادة، والمساواة، والشعور بالوطنية، والعدالة الاجتماعية، فهي صفة للسلطة القائمة على إجماع عام. وقد عرف الفكر السياسي والممارسة السياسية أكثر من مصدر للشرعية، وهذا التنوع والاختلاف في مصادر الشرعية دليل على إمكانية انتقال السلطة وتحولها وفق تحول مصادر شرعيتها، وتحوّل أيديولوجية النظام السياسي الذي تقوم عليه السلطة( 6 ) .
إن السلطة الشرعية هي السلطة التي تتأثر فعاليتها بالميكانزمات التي تعتمدها كالفائدة والمصلحة المتبادلة المشتركة بين قادتها والأشخاص الذين يخضعون لأوامرها ومتطلباتها. فالسلطة قد تقدم المكافأة المادية والمعنوية للأشخاص الذين يقدمون الخدمات لها وتدافع عنهم وقت تعرضهم للمخاطر .
بما أن الإقرار الشرعي بالسلطة يساهم بمنحها حالة محمية ومصانة. وبهذا تكون السلطة المشروعة هي النتاج الطبيعي للمجتمعات، وتبدو بهذه الحالة كضرورة طبيعية واضحة، في حين إن إقرارها الشرعي يكون عملاً إدارياً. ويتميز المشروعية عن الشرعية، التي تتعلق باحترام قواعد المساهمة في السلطة, بأنها تكون في أشكالها بقدر ما تكون في إجرائها, وتدقق قواعد اللعبة, في حين أن المشروعية تتموضع بمستوى روح اللعبة. وتتطابق الشرعية مع القانون الوضعي, في حين إن المشروعية تتعلق بعالم القيم وتكون العلاقة معقدة ومتكاملة بين القوة والمشروعية والإقرار الشرعي والشرعية، بنفس الوقت، ويغذى حوارها اللا منقطع الديناميكية التي تتنظم حسب الترسيمة التالية التي تقدم لنـا الحالة الثابتة للحكام المشروعين والشرعيين, كما أن هناك حالات أكثر تعقيداً يمكن تقديرها .



من جهة أخرى، فإن سامويل هنتنغتون Samuel Huntington لم يخطيء عندما وصف الدولة الممركزة والقوية بأنها نصيب المجتمعات التي لم تتمكن من بلوغ الحداثة إلا من خلال النزاع ورغماً عن مقاومة البنى التقليدية. وتبدو الدولة، المقدمة على هذه الشاكلة, متصفة بمدلول تناقضي. تظهر، بداية، كنتاج عقلاني وضروري لسيرورة التميز الاجتماعي العالمية: عليها، بهذا المعنى، أن تفرض نفسها في كل مكان بشكل نسق سياسي ممركز، ويجب على وجودها وحده أن يظهر كمعيار للتطور السياسي. ولكنها تعرف, في الوقت ذاته, كأداة لتحقق الكامل لسيرورة التميز هذه وامتدادها إلى باقي قطاعات المجتمع ( 7 ) .



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشكيل الفني في خطابات الشعراء العشاق ج . 3
- التشكيل الفني في خطابات الشعراء العشاق ج . 2
- التشكيل الفني في خطابات الشعراء العشاق
- بكاء الاطلال ج – 2
- بكاء الأطلال
- الألم والتحسر في الشعر الجاهلي ج . 2
- الألم والتحسر في الشعر الجاهلي ج .1
- الأمل والتفاؤل في الشعر الجاهلي
- الإقدام والتحدي في شعر الحب الجاهلي
- ق .قصيرة
- حكمت سليمان مديرا ً للمعارف
- انضمام حكمت سليمان إلى جماعة الأهالي ج 2
- انضمام حكمت سليمان إلى جماعة الأهالي ج 1
- بواكير الفكر السياسي لحكمت سليمان
- المرحلة المبكرة من حياة حكمت سليمان وبعض ملامح شخصيته وثقافت ...
- المرحلة المبكرة من حياة حكمت سليمان
- المؤثرات الفكرية في شخصية حكمت سليمان
- دراسة حكمت سليمان وخدمته العسكرية . 1
- نشاة حكمت سليمان
- البحث عن الذات


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد سوسه - الشرعية السياسية للدولة الحديثة