أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد السلام الزغيبي - معمرة يونانية نموذج من أمهات الماضي














المزيد.....

معمرة يونانية نموذج من أمهات الماضي


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 6725 - 2020 / 11 / 6 - 17:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


قلم/ عبدالسلام الزغيبي

حين قرأت خبر رحيل "كاترينا كارنارو" المعمرة الأكبر في اليونان، عن عمر يناهز 115 عاماً٬عزمت على معرفة قصة حياتها علني أجد شيء جديد يروي ظمئي لمعرفة الخيوط السرية الكامنة خلف هذه الأعوام المديدة. تصفحت عدة مواقع يونانية باللغة اليونانية والإنجليزية، وعثرت على قصة حياتها٬ إضافة إلى حوار أجري معها قبل سنوات.
السيدة كاترينا، ليس مجرد امرأة يونانية معمرة رحلت وأنتهى الأمر، بل هي حكاية تستحق أن تروى لنأخذ منها العبر٬ كونها عاشت حياتها وفقاً لرغبتها٬ وكافحت لتغدو شاهدة على تغييرات شهدتها اليونان خلال أكثر من قرن.
ولدت المعمرة اليونانية في بلدة جريلوس في أقليم بيلوبونيز، وانتقلت لاحقاً إلى مدينة كريستينا القريبة، حيث عاشت مع عائلتها حتى رحيلها. في الثالثة عشرة من عمرها اسدلت الحرب العالمية الأولى ستارها الأخير٬ وفي التاسعة والثلاثين عاماً من عمرها٬ غادر النازيون اليونان عام 1944.
كأم شابة، عملت "كارنارو" في زراعة الحقول وتربية الماشية، وهي من الأعمال التي وصفتها بالشاقة٬ ليس لأنها تتطلب القوة والتحمل فحسب٬ بل لأنها تقضي وقتاً طويلاً بعيداً عن أطفالها. ورغم الأوقات الصعبة، إلا أنها تعتقد أن الوقت آنذاك كان أفضل من اليوم.
أجمل ذكريات حياتها كانت اقترانها، رغم أن عائلة زوجها لم توافق على تلك الزيجة في البداية.
التقى الزوجان أثناء عملهما في الحقول، ووقعا في الحب على الفور٬ رغم فارق السن الذي يفصلها عن زوجها "سوفوكليس".
لجأ "سوفوكليس" إلى حيلة ذكية بالاتفاق مع أصدقائه من أجل إتمام عملية الزواج من حبيبته. فذات يوم، تجول في المدينة بلا قميص، وهو أمر غير مقبول في ذلك الوقت، ثم عاد إلى المنزل وحبس نفسه في غرفته. اتصل والده بالطبيب المحلي على الفور، بعدما شعر بالقلق من تصرفات ابنه. فحص الطبيب٬ الذي كان مشاركاً في المؤامرة، بفحص سوفوكليس ليخبر والده أن ابنه يعاني من مرض نفسي وان "قلبه مكسور"٬ سأل والدَه إن ثمة امرأة يحبها ابنه، اعترف الوالد بوجود الحبيبة، لكنها أكبر منه سناً. نصحه الطبيب ان يزوج ابنه حبيبة قلبه وإلا فإن حالته النفسية قابلة للانهيار وسيفقده إلى الأبد. رضخت العائلة للأمر بعد ذلك وتم الزواج. لكن حياتهما معا لم تدم طويلاً، فالأمر انتهى برحيل زوجها في سن مبكرة نسبياً، وكان على كارنارو تحمل مسؤولية البيت والأطفال والحقل والاشراف على تربية الماشية وحلبها وصنع الأنسجة من صوفها، وهي مسؤوليات كبيرة تحملتها بشجاعة، مثل كل النساء المكافحات اللواتي يملأن الدنيا.
ورغم الصعوبات الكبيرة التي مرت بها خلال منعطفات حياتها٬ غير إنها "كانت في صحبة أهل الخير" وإنها مدينة بحياتها الطويلة إلى الله٬ وإلى صحبة عائلتها، التي امتدت إلى أحفاد أحفادها، وتعدها الثروة الحقيقية.
أما عن سلامة عقلها وبدنها لأعوام طويلة، قالت أنها تعود إلى الغذاء الطبيعي والعمل والنوم المنتظم، وإنها كانت تحب تناول الزبدة والقشدة والجبن والزيوت الحيوانية٬ وتسخر من فكرة الحميات الغذائية٬ لكنها بالمقابل كانت تتناول الخضروات والفاكهة٬ وكل ما تنتجه الأرض٬ إلى جانب زيت الزيتون.
وعندما سئلت عما ستقوله لشباب اليوم٬ أجابت ببساطة: "إذا كنت شخصاً جيداً فسيحبك الجميع٬ وإن لم تكن كذلك، فلن يرغب بك أحد، وهذا سر تعاسة أي إنسان".
في هذا المقام اتذكر أمي (نواره) يرحمها الله، التي اصبحت أرملة في زمن مبكر٬ تركها أبي عشر سنوات كاملة، لتؤدي دور الأم والأب معا. ربتنا (ستة من الذكور وثلاث من الإناث) تجهز كل شيء بيديها المتعبتين، تغسل ملابسنا بالصابون الأخضر الصلب" السوسي" قبل اختراع الغسالة، وتغسل الصحون بمسحوق غالبا ما يترك أثره على الكفين. تطهو طعامنا باستخدام "بابور الجاز" متحايلة علينا بإعداد كل ما نحبه. تطحن الدقيق في الرحاية، وتبرم حبات الكسكس بيديها قبل توفر الكسكس الجاهز، وتضيف الكسبر المطحون الى قهوة "الرجريجي". تعجن الخبز بيديها ثم يحمله أحدنا إلى فرن الصالحين في شارع قصر حمد.
في أيام الشتاء كانت تجهز كانون النار للتدفئة، وتعد القهوة والسحلب والشاي٬ مع ما يتوفر من الكاكاوية واللوز مترافقة مع حكايات شعبية لا تزال عالقة في الذاكرة.
هكذا كانت حياة أمهاتنا في الماضي، توزعت بين العمل والشقاء والتضحية والعطاء بلا حدود.. قدمن أفضل ما لديهن للأبناء ليغدووا مصدر فخرهن وعزتهن.



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طبيبتي الصغيرة مرضت
- شطيرة سمك التونة بالهريسة الحارة
- * شاعر الشباب والحب... سامحنا
- قراءة في كتاب الحركة المسرحية في بنغازي
- بلد العميان...
- سرحان بين الغيط والبيت...
- العم جورج وأنا والأسماك..
- العم جورج وأنا والأسماك
- رحيل عاشق السينما..مروان عكاوي
- الشعالية.. والهلال..وأنا
- تريبونة الظل...ملعب البركة..
- المعنى والصدى- لجمال حيدر- كاتب مثابر يدوّن سطوره بحبر القلب
- البني آدم والانسان...
- بوش وترامب والكتاب المقدس...
- صديقي.. مدمن المحاكم...
- تائه في أومونيا....
- في أثينا.. بدأ (الحوار) ولم ينته بعد
- هل تكون نهاية -فيس بوك- على يد توكل كرمان..
- قانون ساكسونيا الليبي...
- اليوم يا غريفة فيك الضي..


المزيد.....




- تضاعفت 4 مرات خلال 5 سنوات.. -موجة مفزعة- من جرائم قتل النسا ...
- بعد الكشف عن -عصابة لاغتصاب الأطفال-.. تحركات في لبنان بخصوص ...
- تسجيل منحة المرأة الماكثة في البيت في الجزائر 2024..تعرف على ...
- العاطفة تغلبت على العقل.. مورينيو يكشف سبب رفضه تدريب البرتغ ...
- قدم الآن spf.gov.om.. التسجيل في منفعة الأسرة عمان 2024 وأهم ...
- قدم الآن spf.gov.om.. التسجيل في منفعة الأسرة عمان 2024 وأهم ...
- لبنان يطلب مساعدة قطر في إخراج مواطنات وعائلاتهن عبر معبر رف ...
- لولو بتتدلع بزياة.. تردد قناة وناسة wanash tv الجديد 2024 بج ...
- الكشف عن وجه امرأة نياندرتال عاشت قبل 75 ألف عام
- بقيادة دار الفتوى اللبنانية.. حملة تحريض ضد الكوميديان شادن ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد السلام الزغيبي - معمرة يونانية نموذج من أمهات الماضي