أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد السلام الزغيبي - البني آدم والانسان...














المزيد.....

البني آدم والانسان...


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 6593 - 2020 / 6 / 15 - 03:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قلم/ عبد السلام الزغيبي

ما صادفته من أحداث في حياتي دعاني الى التفكير في اخلاق الناس، وكيف يمكن ان تخدعك مظاهرهم مهما ظننت انك قد بلغت من الخبرة بالحياة، بما يكفي لمعرفتهم، وبدأت أتسأل عن المعنى الحقيقي لكلمة انسان ومن يستحق ان نطلق عليه هذا الوصف ومن لا يستحقه.

ربما تتفق جميع الكائنات الحية وليس الانسان وحده في عدة خصائص، مثل التوالد والطعام والمشي والتنفس والوقوف" البعض على اثنين والبعض على اربعة" وهذا كله لا تجعل الكائن الحي انسانا، وربما يقول أحدهم ان الفارق بينهما هو التفكير، لكن هذه الخاصية ليست كافية للحكم لتمييز الانسان عن الحيوان، ربما هذا الشخص المتعلم المفكر لايحمل في قلبه ذره من العطف والحنان وحسن معاملة الناس، وهو الشئ الوحيد في نظري الذي يجعله جديرا بوضعه في خانة الانسان ، فاذا فقد هذه الصفات لايهمني اذ كان متعلما ام جاهلا غنيا أو فقيرا، فهو آدمي، لا يرقى لدرجة الانسان المتكامل النزيه.

هذا الانسان المتكامل النزيه، هو من بحث عنه الفيلسوف اليوناني ذيوينيس الكلبي ( Διογένης ο Κυνικός )، (نحو 421 - 323 ق م). يُعتبر من أبرز ممثلي المدرسة الكلبيّة الأوائل. ولد في سينوب بتركيا، ودرس في أثينا على انتيستنيس. قال صاحب الملل والنحل: «كان حكيما فاضلا متقشفا لا يقتني شيئا ولا يأوى إلى منزل.» عاصر الاسكندر المقدوني،خلال تواجده في أثينا وكان له موقف بسيط وعميق في نفس الوقت، اذ شاهد الاسكندر"ذيوينيس " وهو قابع في جوف برميل متهالك، فاقترب منه، وقال له: «إنني أستطيع مساعدتك أيها الرجل، فاطلب ما تريده، فقال له ذيوينيس: أريد شيئاً واحداً منك، ابتعد فأنت تحجب عني أشعة الشمس». ويقال ان القائد المقدوني قل يوما «لو لم أكن الاسكندر لوددت أن أكون ذيوينيس ».

كان ذيوينيس يؤمن بأن الفضيلة هي سر الحياة وسر السعادة، وأنها أيضاً المعرفة، وقد سبق وقال بهذا التوجه سقراط، والذي لا يعلمه ديوجين أن آراءه وفلسفته، باتت تياراً من تيارات الفلسفة حتى اليوم يسمى الكلبية، وهي ترى أن السعادة هي المقدرة على التخلي عن كل شيء، وأن السعادة تتحقق عبر تمكننا من الاستغناء والاكتفاء. وتميز ديوجين عن أتباع المذهب الفلسفي الكلبي بأن هو من قام بتطبيقه عملياً، وهو يحاول من خلال هذا أن يثبت للناس أن الفضيلة واقع وليست آراء أو نظريات فقط.

بطبيعة الحال كان فقيراً فلم يكن يملك شيئاً، ولكنه تميز بقوة ضبط النفس والتقشف والزهد، وأيضاً بمقاومته لشدة برودة الشتاء أو لشدة حرارة الصيف، وفي اللحظة نفسها كان يرفض التبذير والإسراف والترف.

إتخد "ذيوينيس" نمط حياة ،شكل صدمة للمجتمع والنخبة الأثينية. الرجل إتخد من برميل خشبي مسكنا له ،قضى بداخله أكثر من نصف عمره ،والذي إمتد إلى تسعة عقود . كان يجوب أزقة وشوارع أثينا حافي القدميين ،مرتديا معطفيا قطنيا أسود اللون ،مستندا إلى عصاه ، حاملا في يده قنديلا متقدا ، حينما سأله أحدهم ،لما توقد القنديل ،ونور الشمس يلف المكان؟ كان جوابه : أنا أبحث عن الإنسان ..أرى رجالا كثر ..لكن لم أصادف بعد إنسانا !

اليوم نحن جميعا اكثر الحاحا للخروج لحمل مصباح ذيوينيس الذي لم ينطفئ منذ تلك الحقبة الغابرة، منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد وحتى اليوم، ذلك المصباح المضيء الذي كان يجول به في الأرجاء، يبحث عن الوفاء والاحترام والأمانة والصدق والإخلاص، وجميع القيم النبيلة،والتي فقدناها منذ زمن، وفقدنا معها الانسان النزيه، وهو النواة الاولى المكونة للعالم الفسيح الذي نعيش فيه وبدونه لامعنى لوجودنا.



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوش وترامب والكتاب المقدس...
- صديقي.. مدمن المحاكم...
- تائه في أومونيا....
- في أثينا.. بدأ (الحوار) ولم ينته بعد
- هل تكون نهاية -فيس بوك- على يد توكل كرمان..
- قانون ساكسونيا الليبي...
- اليوم يا غريفة فيك الضي..
- لا تذم ولا تشكر إلا بعد سنة وست أشهر..
- الليبيون والسخرية من فيروس الكورونا...
- الحياة في زمن كورونا...
- من وحي كورونا ...
- حارس المدينة المتعبة وميلاد صوت شعري جديد
- رواية تمر وقمعول ... ابداع السرد
- نحن والافيال...
- حصاد معرض القاهرة للكتاب
- أحتفالات رأس السنة.. من بابل الى اليونان
- بصمات عربية في مسيرة الفن والاعلام الليبي ( 2/2)
- الاستعانة بالخبرات العربية في مسيرة الفن والاعلام الليبي ( 2 ...
- لاستعانة بالخبرات العربية في مسيرة الفن والاعلام الليبي ( 2/ ...
- في أثينا.. في كل يوم خطاب وفي كل يوم مسيرة


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد السلام الزغيبي - البني آدم والانسان...