أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد جميل تمراز - مِئَة وثلاث سنوات على صدور تصريح بلفور.















المزيد.....

مِئَة وثلاث سنوات على صدور تصريح بلفور.


سعيد جميل تمراز

الحوار المتمدن-العدد: 6721 - 2020 / 11 / 2 - 17:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تصريح السماح بتحويل فلسطين من دولة عربية إلى دولة "يهودية".
كيف ساهم "تصريح بلفور" في تعزيز فكرة طرد الفلسطينيين من وطنهم؟.
شكل صدور "تصريح بلفور" نقطة تحول في تاريخ فلسطين؛ لأنه هدف إلى خلق "وطن قومي يهودي" في فلسطين، ولا يمكن تحقيق ذلك الهدف دون تجريد العرب من أراضيهم، وطردهم من فلسطين، فقامت الحركة الصهيونية وبالتعاون مع الحكومة البريطانية بالتخطيط لتفريغها من أهلها العرب، ورافق ذلك تطور المشروع الصهيوني في فلسطين منذ احتلال بريطانيا فلسطين في نهاية عام 1917م، وترسخت في ممارساتها الفعلية على أرض فلسطين، حيث انتهجت جملة من الأساليب والوسائل لتحقيق أهدافها؛ ساهمت في تعزيز فكرة طرد الفلسطينيين من وطنهم.
وبعد أن أدركت بريطانيا أن توطين اليهود في فلسطين؛ يؤدي خدمات جليلة لصالحها، شهدت نشاطا مكثفا قام به مجموعة من السياسيين البريطانيين، وكان موجهاً بشكل مركز لتهجير اليهود صوب فلسطين، والعمل على استقرارهم فيها، وفي ذلك الإطار كان صدور تصريح بلفور مكملاً للاستراتيجية الاستعمارية في المنطقة، وقد أخذ التصريح شكل رسالة بعث بها اللورد بلفور في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917م، إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، وفيما يلي النص الكامل للرسالة:
"عزيزي اللورد روتشيلد:
يسعدني كثيراً أن أبلغكم نيابةً عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالي تعاطفاً مع أماني اليهود الصهاينة التي قدموها ووافق عليها مجلس الوزراء، إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وسوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف، وليكن مفهوماً بجلاء أنه لن يتم شيء من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية للجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين أو بالحقوق أو الأوضاع القانونية التي يتمتع بها اليهود في أية دولة أخرى.
وسوف أكون مديناً بالعرفان لو قمتم بإبلاغ هذا التصريح إلى الاتحاد الصهيوني.
وتصريح بلفور صيغة جديدة من البراءات الاستعمارية التي كانت تُمنَح للمسـتوطنين الغربيين في آسـيا وأفريقيا، وحينما أُصدر تصريح بلفـور، سماه الصهاينة «الميثاق أو البراءة»، وقد مُنحت براءة بلفور لليهود بعد تقسيم تركيا بطريقة لا تختلف كثيراً عن البراءات التي أُعطيَت لبعض الشركات الغربية في أعقاب تقسيم أفريقيا في مؤتمر برلين (1878م)، وقد أصدرت بريطانيا البراءة بعد التفاوض مع الحلفاء، فهو ليس تصريحاً إنجليزياً وإنما هو تصريح غربي، كما أن المستعمرة اليهودية التي ستُؤسَّس لن تكون تابعة لإنجلترا وحسب، وإنما ستخدم المصالح الإمبريالية الغربية كافة، ويُلاحَظ أن براءة بلفور الاستيطانية، مثل البراءات الأخرى، صدرت دون اسـتشـارة السـكان الأصليين ودون أخذ مصيرهم في الاعتبار.
وهكذا اعتقد الصهيونيون أنهم حصلوا أخيرا على تلك البراءة التي نادى بها مؤسس الصهيونية (هرتزل) منذ عشرين عاماً بالضبط وظنوا أن التصريح المذكور يضمن لهم الاعتراف الدولي الذي بحثوا عنه طوال تلك المدة، وقد صدر التصريح في اليوم نفسه من بدء الهجوم البريطاني على فلسطين تحت أمرة الجنرال اللنبي، بينما وافق عليه الرئيس الأمريكي ويلسون قبل نشره، وسارعت الحكومتان الفرنسية والايطالية في شهري شباط وأيار من عام 1918م، على إعلان موافقتهما عليه بصورة علنية ورسمية.
وتتمثل الخطورة التي انطوى عليها التصريح في أنه أول سند مادي دعا إلى اغتصاب فلسطين، وطرد أهلها، وأول اعتراف رسمي وعلني من جانب دولة كبرى بأطماع الحركة الصهيونية في إنشاء وطن قومي في فلسطين، فقد ساعد مضمون التصريح الصهيونيين على المضي في التخطيط للتخلص من العرب، فقد قرر التصريح بصورة فعالة مستقبل فلسطين، من خلال الدعوة إلى إنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، التي هدفت إلى أن تُصبح فلسطين في النهاية بكاملها وطنا قوميا (للشعب اليهودي)، لا أن يكون لليهود وطنٌ قوميٌ فيها وحسب، وأن يكون ذلك الخطوة الأولى في سبيل خلق الدولة اليهودية في نهاية المطاف متى توافد إليها اليهود، واستوطنوها بأعداد كافية، تصريح السماح بتحويل فلسطين من دولة عربية إلى دولة "يهودية"، وذلك يعني وجود كيان سياسي واقتصادي واجتماعي، يشمل جميع يهود العالم، تنمو فيه الشخصية اليهودية، ولتحقيق ذلك، يجب الاستيلاء على أرض الشعب العربي الفلسطيني، ونزع حق الملكية من أصحابها، وطردهم منها، وتجريدهم من بيوتهم وترابهم الوطني.
وفي سعيهم وراء الهدف الإقليمي اعتبر القادة الصهيونيون أن الوطن القومي اليهودي يُعني الاعتراف بفلسطين كاملةً "وطنا قوميا لليهود"، وحق اليهود في بناء صرح حياته القومية في ظل الوصاية البريطانية كحل جذري للمسألة اليهودية، باعتباره المعبر عن القومية اليهودية، والمجسد لها، وتنمو فيه الشخصية اليهودية والثقافة اليهودية ضمن الإطار القومي، وهذا الأمر يلغي وجود العناصر القومية غير اليهودية ضمن الإطار القومي اليهودي، مما يجعل من طرد الفلسطينيين أمراً لا مفر منه، فليس للصهيونية وطن تريد أن تحرره، وإنما أمامها بلد تريد تملكه، والاستيلاء عليه كاملاً بمختلف الوسائل.
وأنه يجب أن يتم "إعادة تأسيس فلسطين" لتكون "الوطن القومي للشعب اليهودي"، وذلك يعني أن على المسلمين والمسيحيين أن يخلوا السبيل لليهود، وأنه يجب أن يتبوأ اليهود مراكز الأفضلية ويصبحوا مرتبطين ارتباطاً خاصاً بفلسطين، كارتباط الإنجليز بإنجلترا أو الفرنسيين بفرنسا، كما يعني أن الأتراك وغيرهم من المسلمين في فلسطين سوف يعتبرون أجانب تماماً مثلما سيعامل اليهود من الآن فصاعداً كأجانب في كل بلد آخر غير فلسطين، بل لعل الجنسية أيضاً لن تمنح إلا بعد اختبار ديني.
كما اعتبروا أن "ليس من الممكن أن يكون في فلسطين سوى وطن قومي واحد هو الوطن اليهودي، ومن المستحيل أن تكون ثمة مساواة في الشراكة بين اليهود والعرب، وينبغي أن تكون هناك سيادة يهودية حالما يزداد عدد هذا العنصر ازديادا كافيا".
ومن أجل إقامة "الوطن القومي اليهودي"، ، تبنت الحركة الصهيونية جملة من الحجج والذرائع والمزاعم، فزعمت أن فلسطين وطناً لليهود تاريخياً، وأنها أرضٌ خالية من البشر، وتنتظر اليهود ليعيدوا إليها الحياة بواسطة المشاريع الاستيطانية، واعتبروا أن سكان هذه الأرض ليسوا بشراً، ولا يملكون من مكونات الحضارة شيئا، وكأنهم غير موجودين على الإطلاق، وتم تصوير السكان الأصليين الفلسطينيين بالوحوش والمفترسين، واعتبرت أن على الغرب تطوير الشعوب المتأخرة، فقد ركزت مشاريع الاستيطان على بلوغ هدف تجميع اليهود في وطن خاص بهم، فضلا عن توطيد دعائم الوجود الاستيطاني التمهيدي في فلسطين، وهي دعوة ضمنية إلى الاستيلاء على الأراضي في فلسطين، وذلك يعني عملاً تمهيديا يؤذن بظهور فكرة طرد الشعب الفلسطيني من ديارِه ووطنه.
يتضح أن تصريح بلفور كحل استعماري "للمسألة اليهودية"، الهادف إلى تجميع ملايين اليهود في فلسطين، وفرض السيادة اليهودية عليها، وإقامة "وطن قومي يهودي"، باعتباره إطاراً مناسباً للتعبير عن "تمايزهم"، ويحافظ على الشخصية اليهودية، وينمي قدراتهم المادية، والثقافية، والاجتماعية، ينطوي على فرضية عنصرية بوجود شعب يهودي واحد في فلسطين، وإلغاء وجود العناصر غير اليهودية،ولتحقيق ذلك يٌشترط توفر شرطين، هما:
1- القاعدة البشرية:
وهي الكتلة البشرية اليهودية التي سيتم تجنيدها، وتوظيفها لتحقيق المشروع الصهيوني، وهم يهود الدول الغربية، وبخاصة يهود شرق أوروبا، وقد أدرك قادة الحركة الصهيونية أن الدعاية يجب أن توجه إلى اليهـود غير المندمجــين في المجتمع، لإقناعهم أن برنامج الحركة الاستيطاني الصهيوني قابل للتحقيق، وأنه الحل المنشود للمسألة اليهودية.
وقد دعا قادة الحركة الصهيونية اليهود للهجرة الجماعية، بما يضمن خلق واستمرارية (وطن قومي)، وضمان وجود أغلبية كبيرة من السكان اليهود في فلسطين، ونظراً لأن فلسطين غير خالية من السكان، فإن إيجاد أغلبية يهودية، يتحقق بإحلال عنصر جديد محل العنصر القديم الأصيل، وهذا يعني ـ حكماً ـ الاستيلاء على مساحات متزايدة من الأراضي تكفي لاستيعاب المستوطنين، مع ما يرافق ذلك من أعمال لاستيطان تلك الأراضي، وإجلاء أصحابها الأصليين، وبذلك ظهرت فكرة تحويل فلسطين إلى وطن "يهودي" بمكوناته وهويته، واندمجت مع فكرة طرد السكان الأصليين.
لذلك كله، احتلت مسألة الهجرة مكانا مركزيا في تفكير الهيئات الصهيونية ونشاطها، وقد استخدمت الحركة الصهيونية ومن يقفون وراءها منذ البداية كل أساليب التضليل والترغيب والضغط لحمل اليهود على الهجرة إلى فلسطين، فروجت لأكذوبة "أبدية العداء للسامية"، وحاربت أي اتجاه يدعو لاندماج اليهود بالمجتمعات التي يعشون فيها، ووجدت في حركة اضطهاد اليهود عونا لها على تحقيق برنامجها، وتعاونت في ذلك مع الحركات العنصرية كلها، بما فيها النازية.
2- المكان (احتلال الأرض):
وهو الأرض التي سيتم إقامة "الوطن القومي اليهودي" عليها، وقد حُددت فلسطين مكاناً لإقامة "الوطن القومي اليهودي"، ولتحقيق ذلك، يجب أن تكون الأرض خالية من السكان، فقادة الحركة الصهيونية ترى تفريغ الأرض من كل سكانها أو معظمهم، وطردهم خارج حدود الاستيطان، ولو تم الاستيلاء على الأرض، وبقي سكانها لأصبح من المستحيل تأسيس "وطن قومي"؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق السيادة على الأرض، مع الإبقاء على السكان الأصليين خاضعين لتلك السيادة؛ لذلك لا بد أن يُطرد العرب، وبذلك أصبح إفراغ فلسطين أحد أهم الثوابت في الفكر الصهيوني، وصفة أساسية للمشروع الصهيوني.
وشكل الاستيلاء على الأرض الهدف الأول لمشاريع الاستيطان، فالأرض هي القاعدة المادية للاستيطان، والمهاجرون قاعدتها البشرية، والعلاقة بين الأرض والمهاجرين علاقة جدلية، فبمقدار ما يأتي من مهاجرين، يتم توسيع رقعة الأرض التي يتم الاستيلاء عليها، كما أنه بمقدار ما تكون أرض يمكن الاستيلاء عليها، بمقدار ما تزداد الإغراءات أمام المهاجرين للقدوم والاستيطان، والاستيلاء على الأرض يتطلب إفراغها من سكانها؛ لأن بقاءهم على أرضهم، سيحول دون تحقيق مشروع الاستيطان، فالحل الجذري الذي تتصوره تلك المشاريع، يتم عبر التطلع إلى طرد مالكي الأرض، والعاملين فيها، وأطلق علي ذلك الأسلوب "أسلوب الطرد التدريجي" أو "الطرد الداخلي"، والاستيلاء يعني نزع حق الملكية من العرب، ونزع حق استغلال الأرض، وبالتالي مصادرتها من أهلها الأصليين.
وهكذا ركزت الحركة الصهيونية على الهجرة والاستيطان، واعتبرتها أهم الوسائل لطرد العرب الفلسطينيين من بلادهم، من خلال نزع ملكية الأراضي من أصحابها العرب، ثم التخلص من أصحابها الفلاحين، وإبعادهم عنها، وإغلاق مجالات العمل أمامهم في فلسطين، كما يتضح أن الفكر الاستيطاني، قد ربط بين عملية الهجرة والاستيطان؛ وحل "المسألة اليهودية"، وأنه استقر على فلسطين كموقع للعملية الاستيطانية، وتغلب على الاتجاهات الأخرى التي كانت تقبل ببدائل عنها للاستيطان، أما بالنسبة لمصير السكان العرب، فكان هناك إجماع على ضرورة التخلص من العنصر العربي في فلسطين.
لقد أصبحت تلك الأفكار المرتكز الأساسي للنشاط الصهيوني في فلسطين حتى عام 1947م، ومكنت الصهيونية من تثبيت أقدامها على التراب الفلسطيني، بتنشيط الهجرة اليهودية، وبالاستيلاء على الأراضي الزراعية؛ لتمكين المهاجرين من استيطانها، والاستقرار فيها، وعملت على تنمية الوعي (القومي) لدى اليهود، وتنظيمهم، وتجميعهم في فلسطين، وإقامة وطن (قومي) لهم، يقتصر عليهم فقط، وإلغاء وجود العرب مع أنهم أصحاب البلاد الأصليين.
وهكذا، يتضح أن الحل الإقليمي الذي طرحه تصريح بلفور احتوى على إشارات ضمنية لفكرة طرد العرب من البلاد؛ وساهم في تعزيز فكرة طرد العرب الفلسطينيين من فلسطين.
ثانياً: انطلق تصريح بلفور في تحديد موقفه من العرب الفلسطينيين من خلال الاستناد إلى مبدأين هما، الأول: أن لليهود الحق (القومي) الكامل والمطلق في فلسطين، وخلق أكثرية يهودية في فلسطين، والثاني: عدم الاعتراف بعرب فلسطين ككيان قومي له الحق في تقرير المصير في فلسطين، أو في السيادة على أرضها، أو حتى على جزء منها، وشدد على أن المسألة السياسية في فلسطين لا تتعلق بالسكان المقيمين على هذه الأرض من العرب واليهود، وإنما تتعلق "بحق "اليهود المشتتين" في العالم في (العودة إلى بلدهم)، والإقامة فيها لتحقيق نهضتهم الاقتصادية والثقافية والقومية كشعب حر ومستقل.
وعلى الرغم من أن العرب شكلوا الأغلبية المطلقة في فلسطين، فإن ذلك لم يمنع زعماء الصهيونية من إعلان أن تلك الأغلبية لا تملك حقوقاً سياسية، ويجب سحق طموحاتهم في الاستقلال، وأن عليهم أن يقروا بالسيادة اليهودية في فلسطين.
وقد حدّد تصريح بلفور أفق السياسة المنتهجة ضد العرب الفلسطينيين، فقد أنكر حقهم في إقامة دولة لهم في وطنهم، وأغفل أي دور لهم، وتم تجاهلهم في جميع مراحل إعداد التصريح، ولم يعترف بهم كشعب يستحق التشاور معه بشأن مستقبلهم ومنازلهم وأراضيهم، ولم تؤخذ آراؤهم ورغباتهم، كما تم عدم الاكتراث لوجودهم، وأن لا مستقبل لهم في بلادهم، وأن الطرد ينتظرهم، كما أهدر التصريح حقوق العرب الفلسطينيين القومية، وحقوقهم السياسية المكتسبة التي نشأت عن زوال السيادة العثمانية، والتي اعترف بها الحلفاء في بياناتهم المختلفة المتعددة، التي أكدت حق الشعوب غير التركية الخاضعة للحكم العثماني في التحرر، وتقرير مصيرها بنفسها، والتمتع بحكومات وطنية تستند إلى إرادة شعوبها الحرة، ووصفهم بالجماعات غير اليهودية "مسلمين ومسيحيين"، وتحدث عن حقوق مدنية ودينية لهم، والنظر إليهم باعتبارهم جماعات داخل "الوطن القومي اليهودي"، باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، يحتلون مكانة أدني من مكانة اليهود، ومحرومين من حقوقهم السياسية، بينما يحق ليهود العالم قاطبة أن يدخلوا فلسطين، ويحصلوا على حقوق أكثر من العرب.
وليس صحيحاً أن القادة المؤسسين للصهيونية يجهلون تماما أمر السكان الأصليين المقيمين في فلسطين، وأنهم كانوا يؤمنون بأنها عقارٌ خالٍ، وغير مأهولة بالعرب، فقد اعترف معظمهم بوجودهم، وكان الموقف منهم، أحد المسائل الرئيسة التي جابهتهم، وقد تحولوا في الوعي الصهيوني إلى سكان فائضين عن الحاجة، ينبغي التخلص منهم.
ولتحقيق ذلك بدأوا يعملون على محورين، هما: الأول: الإخلاء المادي؛ أي إفراغ فلسطين من سكانها للبرهنة على صحة الشعار، والحصول على أراضيهم لإقامة المستوطنات عليها، والثاني: الحط من قيمة الإنسان العربي الفلسطيني، وتشويه صورته، وإظهاره بصورة مَن لا يستحق الحياة بوصفه متخلفا، ولا يمتلك أية روابط ثقافية، أو قومية، تربطه بالأرض التي يعيش عليها، الأمر الذي يجعل من السهل رحيله، أو ترحيله عنها، إذا دعت الضرورة لذلك، وفي الوقت ذاته، نشرت الصهيونية أن اليهود شعب متجانس، وأنهم بحاجة إلى أرض يحكمونها، وهناك أرض خالية من السكان ولا يملكها أحد، فلماذا لا تعطى" "لشعب بدون أرض"؟، وركزت على أنه أحق بالأرض من سكانها الأصلين الذين طردوا منها؟، وأن العودة إليها لا تثير أية مشكلة؛ لأنها "أرض بدون شعب".
يتبين مما سبق، أن الصهاينة كانوا يتصرفون وكأنهم وحدهم أصحاب الحق في تقرير مصير فلسطين، وفي السيادة على أرضها، أو حتى على جزء منها، ورفضوا أي تعريف للعرب الفلسطينيين على اعتبار أن لهم كياناً قومياً، له الحق في تقرير المصير في فلسطين، أو في السيادة على أرضها، أو حتى على جزء منها، ولا وجود له كشعب - حسب زعمهم - وبالتالي لا حقوق وطنية أو قانونية أو إنسانية لشعب غير موجود، وإذا تم إنكار أية علاقة تاريخية عميقة لهم بفلسطين، عندئذ قد يُسهل اقتلاعهم وترحيلهم وإعادة توطينهم في البلاد المجاورة، كما روجوا لفكرة الدولة اليهودية، ولكي تصبح فلسطين كومنولثاً يهودياً، أو تحويلها بكاملها إلى دولة يهودية خالصة، وصبغها بالصبغة اليهودية، يتطلب طرد العرب من فلسطين، وذلك يعني أن القرار ينص ضمناً على طرد العرب من فلسطين؛ لأن طردهم يعد شرطاً مسبقاً لإقامة الدولة.



#سعيد_جميل_تمراز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى الرابعة والستون للعدوان الثلاثي على مصر - 29 تشرين ال ...
- من لاءات الخرطوم، إلى التطبيع العربي مع -إسرائيل-: مواقف معل ...
- -اتفاق أوسلو- والمأزق الفلسطيني
- أربعة وستون عاماً على تأميم قناة السويس 26 تموز (يوليو) 1956 ...
- مائة عام على معركة ميسلون (24 تموز/يوليو 1920 - 24 تموز/يولي ...
- الذكرى الثامنة والستون لقيام ثورة 23 تموز (يوليو) 1952م.
- ثلاثة وأربعون عاماً على استشهاد المعلم القائد كمال جنبلاط زع ...
- في ذكرى مقتل الناشطة الأمريكية -ريتشيل كورى-، 16 آذار (مارس) ...
- اثنان وأربعون عاما على العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان
- انتفاضة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ضد التوطين
- الانتفاضة الفلسطينية الأولى: الأسباب - المسار – النتائج (198 ...
- القدس في المفاوضات العربية الإسرائيلية : الواقع واحتمالات ال ...
- سياسة الفصل -الإسرائيلية-، وأثرها على مستقبل إقامة دولة فلسط ...
- أثر المفاوضات الفلسطينية – -الإسرائيلية- على الوحدة الوطنية ...
- دور مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية بالقدس في حفظ وتوثي ...
- طرد الفلسطينيين في الفكر والممارسة الصهيونية 1882 - 1949


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد جميل تمراز - مِئَة وثلاث سنوات على صدور تصريح بلفور.