أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مصعب قاسم عزاوي - من يكتب التاريخ؟














المزيد.....

من يكتب التاريخ؟


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6716 - 2020 / 10 / 27 - 14:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

س: من الذي يكتب التاريخ الحقيقي برأيك؟

ج: التاريخ الحقيقي غير مكتوب. فما تقع يداك عليه هو تاريخ كتبه ويكتبه «الأقوياء والطغاة»، وهو تاريخ في معظمه لا ينطوي على معاناة البشر المسحوقين ومجتمعاتهم التي تحتضر في سياق المنعطفات التاريخية الكبرى التي يوثقها مؤرخو «الأحداث الكبرى»، دون أن يرقى كثير منهم إلى مقاربة واجبه في كتابه «تاريخ الشعوب».

والكثير ممن يسمون أنفسهم مؤرخين، يقعون في دائرة «وكلاء الدعاية السوداء» وصناعة التزييف للحقائق، في سياق استمرائهم التلفيقي لما يجلبه التنطع لمهمة «كتابة التاريخ كما يروق لطاغية العصر في حينه» عليهم من منافع ومكاسب انتهازية كمثل تلك التي تتدفق على «المتطوعين المتنطعين الأفذاذ» لمهمة القيام بواجب «الرقيب المفوض» على «احتزاز» كل حقيقة أخرى ممن سولت له نفسه كتابة التاريخ بأي شكل آخر يخالف إرادة «طاغية العصر»، و مقاصد «احتكار الحقيقة» الغاية السامية الأولى «لمؤرخي السلاطين وجلاوزتهم».

س: ما هي برأيك الحقائق الأكثر أهمية التي يعمل مؤرخو السلاطين على إخفائها؟

ج: كل ما يتعلق بمعاناة البشر الحقيقيين ومجتمعاتهم. وكمثال على ذلك يصعب على كل قارئ ودارس متعمق في التاريخ إيجاد توثيق دقيق للمجازر الجماعية التي ارتكبها الطغاة في غير موضع في أصقاع المعمورة، أو العثور على سرد علمي ممنهج لنتاج الترهيب الجمعي للمجتمعات، وضحايا ذلك من البشر ذوي اللحم والدم. فكم من مجزرة ارتكبها طاغية عربي، وكم من سرداب وقبو مترع بأجساد ودماء وتفجع بشر أبرياء، قد يكون من المستحيل حتى إحصاء أسمائهم، عدا عن كتابة تاريخ وقصة معاناة كل منهم.

س: ما هي الحقيقة الأكثر إيلاماً برأيك في التاريخ العربي المعاصر والتي يحاول مؤرخو الطغاة إخفاءها؟

ج: هي دائماً و أبداً مفاعيل الاستبداد ومصارع الاستعباد للمواطن العربي من المحيط إلى الخليج، وكل ما يتفرع عن ذلك من مآسي في دهاليز أجهزة العسس و سراديب البصاصين من تعذيب، واختفاء قسري، وتذويب لكرامة الإنسان بشكل عدمي مطلق، وما يستتبع ذلك من قيح وألم وقهر مزمن في عوائل ومجتمعات بأسرها حبيسة في سجون كبيرة على شكل أوطان، وهي في حقيقة الأمر زنزانات كبيرة مفاتيحها بين مخالب المستبدين وزبانيتهم من الانتهازيين والمرتزقة والممسوسين بوهج السلطة، والتغول على حيوات من يفترض أن يكونوا أقرانهم في المجتمع الذي يعيشون فيه.

س: من هو برأيك المؤرخ الحقيقي؟

ج: المؤرخ الحقيقي هو كل من يساهم في توثيق معاناة البشر الحقيقيين ومجتمعاتهم دون تزييف أو تزوير. وفي عداد المؤرخ الحقيقي ينضوي كل الناشطين الذين يوثقون ما يكابده المستضعفون في حيواتهم اليومية ومحناتهم السرمدية من قبيل توثيق مظاهرة ضد الاستبداد ورموزه تجرأت على معادلة القهر القائمة بقوة الحديد والنار وعلى أساس أن العين لا تقاوم المخرز، أو حكاية مفقود غيبته أجهزة العسس والترهيب الأمني؛ وكل ما يرتبط بالإنسان المقهور في أي من تفاصيل صيرورة معاناته كإنسان حقيقي بأحلام و آمال و أحباب يسكنون وجدانه و يتحسرون على آلامه، و ليس محض رقمٍ للتوثيق الإحصائي الأجوف في أحسن الأحوال.

س: هل تعتقد بأن هناك تهميشاً للفكر التنويري النهضوي الذي تجتهد فيه؟

ج: دائماً وأبداً سوف يحاول الطغاة القيام بما تمليه متطلبات توطيد الاستبداد والحفاظ على سكون المستنقع الراكد الذي يسمونه «أمن الدولة والسلم الأهلي»، وذلك بتهميش كل فكرة قد تسهم في كشف التزييف، أو تساهم في تحفيز المواطن البسيط على التفكر بأنه ليس وحيداً في انسحاقه اليومي تحت وطأة البسطار الاستبدادي الجلمودي، وأن هناك آخرين مثله يفكرون ويطمحون إلى الانعتاق من ذلك الغول الأفعواني. وهو الخطر الأكبر الذي تتحسسه الأجهزة الأمنية متمثلاً في احتمال تحول الفرد من كائن بشري معزول يحتضر في معاناته اليومية، إلى فرد اجتماعي في كتلة تاريخية بدأت في استكشاف غاياتها وقدراتها الجمعية على التغيير والانعتاق. وهو ما تحشد الدول الأمنية وأجهزتها القمعية كل عنفوانها لعدم تحققه عبر احتكارها للقمع اللامحدود، وثروة المجتمع المنهوب ككل، وأدوات الدعاية السوداء ممثلة بالمؤسسات الإعلامية الماشية مع ركاب الطغاة المتجبرين، وخطابها المؤدلج حول مصلحة جمعية عليا تقتضي دائماً الإذعان لإرادة المستبد وأذنابه، و استطالاته البنيوية و الوظيفية، بشكل يعيد تعريف تلك المصلحة الجمعية باختزالها و تقزيمها لتصبح مرادفاً لما ينطق به المستبد من الهوى أو غيره، جزاء الزيغان عنها لكل من سولت له نفسه الأمارة بالانعتاق الويل و الثبور و عظائم الجرائم ضد الإنسانية.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسس الوقاية من سرطان الجلد
- من هو المثقف الحق؟
- قروحُ الهويةِ الموؤودةِ
- تنين الدولة-الأمة وافتراس الديموقراطية
- الكوابيس عند الأطفال
- تشريح الجهاز المناعي الفكري لبني البشر
- مثلث العناوين الكبرى في صناعة الدعاية السوداء عربياً
- رؤية مقارنة لنهج الدعاية السوداء غربياً وعربياً
- ميوعة مصطلح الإرهاب وسندان الاستبداد العربي المقيم
- جدلية الدعاية السوداء واستبطان النكوص الجمعي
- شواه المفاهيم ومطحنة الاكتئاب الجمعي
- الميول البيولوجية الغريزية والتكوينية الوراثية للإنسان
- بصدد مسألة الحياد المعرفي
- بربرية قوانين حقوق الملكية الفكرية
- أساسيات الوقاية من سرطان الثدي
- مفاعيل اقتصاد السوق الوحشي في الحقل العلمي
- إغراق الوضوح المفهومي في مستنقع المصطلحات الآسن
- محنة العلماء والبحث العلمي في زمن الإمبريالية المعولمة
- دفاعاً عن المرأة
- الاكتئاب عند الأطفال


المزيد.....




- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مصعب قاسم عزاوي - من يكتب التاريخ؟