أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبدالرحمن مصطفى - النظرية العامة لكينز رؤية نقدية















المزيد.....

النظرية العامة لكينز رؤية نقدية


عبدالرحمن مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 6714 - 2020 / 10 / 25 - 19:50
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


من المتعارف عليه ؛ان النظرية الكينيزية ظهرت كترياق وعلاج لمشاكل السوق الرأسمالي في بدايات القرن العشرين ،حيث شهد العالم آنذاك أزمة فاىض انتاج كبيرة ادت الى انهيار الأسواق ،واستدعت دور اكبر للانخراط الحكومي في السوق ،وهذا ما ادى الى مراجعة الفرضيات الاقتصادية السابقة للاقتصاد السياسي (الإنجليزي) بالدرجة الاولى ،وكذا رديفه الاقتصاد النيوكلاسيك (الذي لايحمل مع الأصل اي علاقة متينة) .

إن التقدير العملي للمساهمة الكينيزية يرتبط عادة بما بما أدت اليه النظرية من تصحيح للسياسات الإقتصادية في فترة الحرب العالمية الثانية وما تلاها (حتى نهاية السبعينيات) ،ومن الصحيح ايضا ان الحرب العالمية الثانية ساهمت في تدعيم رؤى كينز اي في دفع عجلة التشغيل الى حده الأقصى ،وهكذا ساهمت الظروف في تدعيم الرؤى الكينيزية في اعتماد جرعة أكبر من التخطيط في الإقتصاد.اما الظروف التي أدت الى تعطيل السياسة الكينيزية ؛فهي ترتبط بالدرجة الأولى بموقف الاحتكارات الكبرى وصعود القوى النيوليبرالية ..

في العادة يتم الربط بين الركود التضخمي stagflation وفشل السياسة الكينيزية حيث شهدت فترة السبعينيات ارتفاع عام بالأسعار ماحدث بعد حرب 1973 من وقف التسهيلات للإمدادات البترولية الخليجية الى الدول الغربية ،حيث شهدت الأسواق الغربية ارتفاع بالأسعار مع تعطل لعجلة الإنتاج ؛كنتيجة للصعوبة في الحصول على المواد البترولية وهذا ما ادى الى تفكيك الفكرة الكينيزية والتي مثلها فيليبس في منحناه الشهير حول العلاقة العكسية بين التضخم (ارتفاع معدل الأسعار) والبطالة،من الصحيح هنا ايضا الربط بين الظروف التاريخية ومدى صحة النظرية الكينيزية ،وينبغي التنويه ايضا ان العامل الأهم في اتباع سياسة معينة في الاقتصاد ليس هو مدى صحتها ومطابقتها للواقع ،بل هي ترجمة فعلية لتوازنات القوى بين الاحتكارات او بين الأمم والدول وبين الطبقات ،وهذا العامل الأخير يلعب دورا اساسيا ،حيث ان تراجع الانخراط السياسي للطبقة العاملة يؤدي الى سطوة اكبر للطبقات البرجوازية بما تمثله من طبقات ريعية و الطبقات الرأسمالية الصناعية التقليدية..

وعادة ما تتم الإشارة الى دور النظرية النيوليبرالية في معالجة مشكلة الركود التضخمي ،لكن ينسى تماما ان افكار فريدمان و اتباعه من النيوكلاسيك ادت فعليا الى تثبيط وتدمير اقتصادات الدول الناشئة كما حدث في التشيلي خصوصا وكذا المكسيك ،حيت ادت هذه السياسات المنحازة من خصخصة و فتح اكبر للتجارة الدولية الى طرد الملايين من المزارعين والصناعيين من أعمالهم في هذه البلدان ،وتركز الثروة في حسابات الطبقات البرجوازية (الامريكية بالدرجة الأولى) ..وأدت اخيرا الى ازمات في اقتصاديات دول المركز (2008 -2009) ..وعلى مدار 40 عام من بروز القوى اليمينية (ريغن في امريكا وتاتشر في بريطانيا) ،أدت هذه السياسات الى زيادة الإحتكار ،وزيادة اكبر في حصة الطبقات البرجوازية (حيث يمتلك ثمانية اشخاص اكثر من نصف ثروة العالم الان!) وزيادة في مداخيل الطبقات الثرية ،بينما لم تزيد اجور العمال ،وكذلك زيادة في سيطرة الشركات الكبرى على الموارد الطبيعية في دول الجنوب ،بالأخص الدول الإفريقية..بالملخص ادت هذه السياسات الى إفقار اكبر ليس فقط لشعوب العالم الثالث ،انما ايضا لشعوب دول المركز ..


في هذا الموضوع تركيز أكبر على دور السياسة في بناء او تبني نظرية اقتصادية معينة،فالسياسة والظروف الاجتماعية هي التي تؤدي الى الرفع من شأن نظرية وليس العكس..

لذا الى جانب عرض أهم التصورات والأفكار الكينيزية فيما ورد في كتابه النظرية العامة ،و سأعرض رؤى نقدرية في مدى علمية النظريات الإقتصادية من خلال النموذج الكينيزي ..وينبغي التنويه ان كينز والعديد من تلامذته (كجوان روبنسون) لا يشتركون مع النزعة النيوكلاسيكية في ترييض الإقتصاد وتحويل الإقتصاد الى حقل طبيعي كما يدرس الآن في الجامعات من نظريات نيوكلاسيكية لا تملك ادنى علاقة مع الواقع ..


موضوع البحث الكينيزي:

اهتم كينز في معالجة مشكلة البطالة بالدرجة الاولى وكذا التشغيل ،وهذا على المستوى الكلي ،في الإقتصاد النيوكلاسيكي كان الإهتمام منحصر في معالجة مشكلات الإنتاج على مستوى المنشأة ،وتقدير قرارات الأفراد العقلانية ،وكان يفترض كبديهة ان الوسيلة الأفضل لمعالجة المشكلات الرئيسية ينحصر في القرارات السليمة للمنشآت الجزئية وقرارات الأفراد العقلانية ،وهذا ما ادى الى كارثة في عام 1929 في ازمة الكساد الكبير (في الحقيقة كان الاقتصاديين الكلاسيك على درجة من الوعي بمشكلات الإقتصاد الكبرى على عكس النيوكلاسيك) ،وبالتدريج تخلى الإقتصاد الرأسمالي عن الكثير من مبادئه ..ودراسة الإقتصاد الكلي بالنسبة لكينز هي محاولة لتجاوز هفوات النظام الرأسمالي إفساح المجال لدور اكبر للدولة ،وان لم يكن خرج كليا عن فكرة النظام الرأسمالي لكنه اعترف بقصور هذا النظام عن تلافي المشكلات او الخروج منها ..


1- مشكلة عدم اليقين ..

يحصر كينز العوامل الرئيسية التي تؤثر على مستوى التشغيل الكلي والناتج الكلي (اي هذه متغيرات تابعة) بالميل الحدي للاستهلاك والكفاية الحدية لرأسمال وتفضيل السيولة لكن في الواقع هذه العوامل متشابكة ومترابطة ،يمكن الفصل بينها باعتبار مستوى الفعل او طبيعة الفعل وربطه بسياسة معينة (حيث الميل الحدي للاستهلاك يرتبط بالدرجة الاولى بالمستهلكين الغير مالكين للعقارات او المنشآت الإنتاجية ،والكفاية الحدية لرأسمال بالمنتجين) لكن مع هذا المستهلكين قد يكونوا منتجين والمنتجين مستهلكين أيضا

ومشكلة اللايقين تلعب دورا كبير في كل من هذه العوامل ،في البداية سأعرج على اطروحات كينز حول الميل الحدي للاستهلاك..

يحدد كينز أولاً الأطروحات الكلاسيكية ذات الصلة ببضعة فرضيات..

1-المساواة للناتج الحدي للعمل مع الضري الحدي للعمل ،2-الأجر الحدي للعمل يتساوى مع الناتج الحدي للعمل وهذا في فرضية المنافسة الكاملة (وبالطبع لم يكن هناك منافسة كاملة طوال التاريخ الراسمالي لكن المنافسه كانت أكبر في القرن التاسع عشر) فهذه الفرضية أقرب للخيال منها الى الواقع ،3- العرض يخلق الطلب وبهذا الطلب فعال دائما لذا فالتشغيل كامل دائما عند اي مستوى من العرض ،فبفرض ارتفاع العرض من س1 الى س2 يرفع التشغيل بنفس النسبة ،وكينز يرى ان هذا يلغي فكرة العجز الذي قد يصيب الاقتصاد نتيجة لنقص الطلب ،او فائض الإنتاج ...


بالنسبة للتشغيل يختلف كينز مع الكلاسيكيين ،باعتبار ان رفض العمال ينحصر بمستوى الأجور النقدية لا الأجور الحقيقية ..بينما الكلاسيك يتصورون ان العمال على قدر عالي من المعرفة وتقدير المتغيرات الإقتصادية ،فالعمال يحسبون اجورهم طبقا لمستوى الأجر الحقيقي لا النقدي..وذلك من خلال اتفاقهم على مستوى الأجر النقدي بالنسبة لأسعار السلع والخدمات ،وبذلك هم يرفضون اي انخفاض لمستوى الناتج الحدي عن الضرر الحدي للعمل ،ويخلصون من هذا انه ليس هناك بطالة اجبارية ،البطالة تكون اما احتكاكية (هيكلية) او اختيارية ..وكينز يرفض هذا انطلاقا من المعطيات الواقعية ،ومن مناقضة الكلاسيك لفرضياتهم الأساسية ؛فهم يفترضون ان عوامل العرض تتحكم بالقيمة ومستوى الأسعار ،الزيادة في مقدار س بالأجر تؤدي لارتفاع سعر السلعة بنفس المقدار س ،لكن هنا في فرضية البطالة الإختيارية يفترض ان الأسعار تفوق نسبة الزيادة بالأجر ،ويقول كينز ان هذه الفرضية التي تناقض الفرضيات الأساسية نتاج لفرضية كمية النقود وتأثيرها بالسوق وهنا يلعب الطلب دورا في تحديد القيمة ..


وعودة مرة اخرى الى الميل للإستهلاك ،يميز كينز بين عوامل موضوعية تتحكم بهذا المتغير وعوامل ذاتية ؛العوامل الموضوعية يحددها بمستوى الدخل ،ودرجة الزيادة في الدخول المتوقع حدوثها بالمستقبل (او الإنخفاض) ،والإعتمادات المالية (الإهتلاكا ت وتسوية الديون الخ..) والضرائب على الدخل ...

اما العوامل الذاتية ،فهي الادخار بهدف الإحتياط للطوارئ ،والميراث،والخوف من المستقبل ،والبخل الخ...

يحصر كينز محور بحثه في العوامل الموضوعية ويرى ان هذه العوامل تلعب دورا اكبر على المدى القصير ،بينما العوامل الذاتية تمارس تأثيرها على المدى البعيد ..

وهنا يتبنى كينز بعض الفرضيات حول العلاقة بين الدخل والإستهلاك ..ويرى ان هذه العلاقة هي أقرب للطبيعة بشرية ،لذا يمكن ان تنطبق في اي زمان او مكان (غالبا)..وهذه العلاقة تتمثل في ان عند ارتفاع الدخل تميل نسبة الإستهلاك الى الإنخفاض بينما يميل الجزء الآخر من الدخل اي الإدخار الى الارتفاع ،وهنا الأكثر ثراءا هم الأكثر ادخارا بالنسبة لكينز ،لكن هنا تمارس العوامل الإجتماعية والثقافية تأثيرا ،فلاشك ان المجتمعات التي لم تشهد تفكيكا كاملا لنمط الإنتاج وعلاقات الإنتاج ماقبل الراسمالية ،هذه المجتمعات تمارس سلوكا مغايرا لسلوك الطبقات الثرية في دول المركز ،وهذا ما كان عليه الحال في الدول الشرق اوسطية ،حيث الطبقات الثرية كانت تعيش في حالة بذخ وانفاق لفوائضها على الأمور الترفيهية وغير ذلك (من بدايات القرن العشرين الى منتصفه قريبا) ،وايضا المشكلة قد لاتكون بالإدخار بحد ذاته ،فالإدخار لاينحصر بدرجة التفضيل للإستهلاك المستقبلي عن الحالي ،انما هناك الإدخار الإنتاجي اي الطبقات المالكة لعوامل الإنتاج ترغب في زيادة مدخراتها وتقليص استهلاكها بغية القيام بمشاريع مستقبلية (جديد راس المال الثابت او توسيع المنشأة او القيام بمشاريع انتاجية جديدة الخ...) كما بين الراحل سمير أمين في كتابه التراكم على الصعيد العالمي ،وقد تكون الطبقات المتوسطة او الفقيرة اكثر ميلا لزيادة مدخراتها وتقليص استهلاكها ،وكينز خرج بتعميمه هذا انطلاقا من تعميم سيكولوجي غير دقيق ان استجابة البشر للمتغيرات تكون بطيئة او غير مرنة ،لكن هذا تعميم ان كان ينطبق على زمان معين وظروف معينة لايوجد اي تبرير لفرضية انطباقه على ظروف اخرى ،هنا مرة اخرى الظروف الإجتماعية هي التي تلعب دورا ابرز في المتغيرات الإقتصادية لا التعميمات السيكولوجية المنطلقة من فرضية الطبيعة البشرية الأزلية..

ويخلص كينز من هذه الفرضية الى بناء فكرة المضاعف ،حيث زيادة الاستهلاك -زيادة الإنتاج-زيادة التشغيل-ارتفاع الدخل النقدي (الى حد معين)---المرحلة الثانية زيادة الاستهلاك بمقدار اكبر من الزيادة الاولى-زيادة الانتاج بمقدار اكبر -والتشغيل بمقدار اكبر من الزيادة الاولى الخ ..،لكن هنا لايمكن لزيادة الاستهلاك الغير انتاجي ان تحدث دون حدوث زيادة في الناتج وادخار الفائض من الإنتاج بغية تحقيق زيادة في التراكم الرأسمالي ،فارتفاع الطلب يفترض مسبقا ارتفاع في الإنتاج ،واذا كان الطلب يخلق عرضه الخاص كما يفترض كينز فهذا لايكون الابواسطة الإنتاج ،حيث ان زيادة الإستهلاك فرض مسبقا زيادة في الدخول للطبقات المنعدمة ومادون المتوسطة والمتوسطة وهذا لايتحقق دون حدوث ارتفاع في الإنتاج وتشغيل اكبر ..

فمثلا لو كان مضاعف الإستهلاك *c ف c*تحقق زيادة فعلية في الناتج والتشغيل ،لكن حتى تتحق c* ينبغي وضع تحقيق ادخار استثماري ،وهذا ما لم يلتفت اليه كينز ،فالإدخار لاينحصر فقط ضمن شروط تفضيل السيولة انما لتوسيع التراكم الرأسمالي ايضا..

ولو حدث وان ارتفع الطلب مثلا وداى ذلك الى زيادة التشغيل لكن زيادة مخفضة للتشغيل بسبب زيادة الناتج المنخفضة ،فالناتج المفترض مسبقا هو الناتج الأجنبي لا المحلي وهذا سيحقق ارتفاعا كبيرا في الأسعار ...

ومن هذه الفكرة (المضاعف) يرى كينز ان زيادة الإعتمادات المالية تؤدي الى تثبيط وتخفيض في مستوى الإستهلاك ،فالدورة السريعة للنقود يعقبها ركود ،اي في حالة كون التشغيل الكامل في مجتمع ما 5 مليون (شخص قادر على العمل) والتشغيل الفعلي 2 مليون ،فلو ارتفع الإستهلاك سيرفع معه التشغيل الفعلي الى 4 مليون مثلا ،(لأن في هذه الحالة لم تستنفذ بعد الموارد الإنتاجية وارتفاع الأسعار أخفض نسبيا من الدرجات الأخرى في التشغيل) ،لكن عند هذه النقطة لو ارتفعت المداخيل فسيجلب معها ميل أخفض للاستهلاك فالتشغيل يرتفع الى 4 مليون و200 ألف وما يلبث ان ينخفض عن هذه النسبة فيما بعد ،لأن عند هذا المستوى من التشغيل (4 مليون) يكون الميل الحدي للاستهلاك منخفض مع درجه عالية من الإستثمار ..

كينز هنا بهذه الفرضية يحصر نفسه بنظام ستاتيكي ،حيث ان التوازن يكون عند مستوى التشغيل الكامل ،لكن مع فرضية التراكم الرأسمالي (التي ابتدعها كارل ماركس) فالإناج يمكن ان يغير والأرباح كذلك لكن مع ادخال متغير راس المال الثابت وهذا ما لم يفعله كينز ..وايضا مع فرضية تصدير رؤوس الأموال الى الخارج ومدى انعكاس هذا على دخول الطبقات العاملة والغير مالكة لعناصر الإنتاج ..وهكذا فترة النمو والازدهار الكبير يعقبها فترة ركود لأن الدخول تخخص في معظمها بهدف الإدخار للتحوط وتسوية الديون وترميم المنشآت والمعدات الخ..


الكفاية الحدية لرأس المال ،يعرف كينز الكفاية الحدية لرأس المال بالدرجة المتوقعة لمستوى الناتج الحدي التي يرتفع فيها عن التغير في مستوى الفائدة ،ويبطل هذا عندما ترتفع الفائدة والتكاليف عن الناتج الحدي ،لهذا يرى كينز ان المستوى الأمثل للكفاية الحدية لرأسمال يكون عندما تتساوى هذه مع معدل الفائدة ،وعندما ينخفض معدل الكفاية الحدية لراس المال بدرجة اكبر من انخفاض معدل الفائدة فهذا لايشجع ابدا على الاستثمار ..

ويذكر كينز العديد من العوامل التي تؤثر على الكفاية الحدية لراس المال ،منها التحوط للمستقبل ،وحالة التوقعات للمستثمرين وسعر الفائدة وبعض العوامل الأخرى ...

بالنسبة للتوقعات ،يرى كينز ان حالة اللايقين تلعب الدور الأبرز في السوق ولذلك من المحتمل جدا ان تصل الكفاية الحدية لراس المال الى مستوى معين دون الوصول الى مستوى التشغيل الكامل ،وأيضا الدور الذي يلعبه المضاربين ورغبتهم في تحقيق ربح سريع ،ويذكر كينز هنا الدور الفعال الذي يلعبه بعض المساهمين في الشركات الإنتاجية ومعرفتهم للتغيرات التي تحدث بالسوق ورغبتهم الملحة لتحقيق ربح عاجل ولو على حساب الأمور الاخرى كالوصول الى المستوى الكامل من التشغيل ..

وهنا يرفض الاسلوب الفارغ الذي يتبعه النيوكلاسيك بترييض التوقعات وعقلنتها او تصوير ان تصرفات الفاعلين بالسوق عقلانية تماما كما يدعي الإقتصاديين النيوكلاسيك ..لكن المشكلة هنا بالتركيز على فكرة اللايقين ان كينز يفترض مسبقا فكرة اليد الخفية invisible hand التي ابتدعها آدم سميث ،بينما في الواقع الإحتكارات لعب دورا ابرز في السوق من ناحية تحديد السعر والكمية المنتجة الخ..لذا فهناك فاعلين في السوق وهم قلة ،والدور الذي تلعبه الفئات الأخرى الأقل فاعلية لايشكل اي نسبة تذكر بالنسبة لدور الإحتكارات الكبرى في السوق ..


وبالنسبة للعامل الثالث المتحكم بمستوى الناتج والتشغيل وهو تفضيل السيولة فهو يعتمد على امور غير يقينية اخرى بالنسبة لكينز ،فالمستقبل محمل بالغموض لذا من الصعب اتخاذ قرار معين يوائم بين حاجة السوق وحاجة الفرد ، والعوامل المتحكمة هنا بتفضيل السيولة ثلاثة ؛1-دافع المبادلات 2-دافع الحيطة من المستقبل 3-دافع المضاربة ..

يربط كينز الدافع الأول والثاني مع مستوى الدخل ،والدافع مع سعر الفائدة ...فالدافع لتحقيق معاملات تجارية في المستقبل يرتبط مع ارتفاع الدخل وكذا الحيطة من المستقبل ،بينما دافع المضاربة يرتبط بمعدل الفائدة ،لأن البنوك المركزية قد تشتري الأوراق المالية ذات الأجول القصيرة او تبيعها بغية اعادة معدل الفائدة الى مستواه الطبيعي ...

كينز هنا يرفض فكرة ريكاردو الكلاسيكية حول اعتبار معدل الفائدة متساوق مع مستوى التشغيل ،فالعرض يخلق الطلب بالنسبة لريكاردو ،ولابد ان سعر الفائدة يعتمد على معدل الربح هنا ،وبذلك يفترض ان يكون التشغيل في مستوى معين للأرباح عندما يتساوى الناتج الحدي مع المتوسط،وهنا يكون المعدل الأمثل لسعر الفائدة ،كينز يرفض هذه الرؤية ويعتبر بدلا منها ان ليس هناك معدل طبيعي لسعر الفائدة والتشغيل الكامل لايتحقق بهذا المعدل الطبيعي المرتبط بالأرباح ..

ويرفض كينز ايضا الفكرة النيوكلاسيكية الفارغة حول اعتبار النقود كسوق كأسواق السلع والخدمات ،بينما النقود تابعة فعليا لمستوى الإنتاج ورغبات المنتجين ..

وبهذا يصل كينز الى تفكيك الفكرة النيوكلاسيكية بإعتبار ان معدل الفائدة المتحكم الفعلي بالإستثمار فبوجود فخ السيولة liquidity trap واللايقين الذي يكتنف المستقبل ،لايمكن ان يكون معدل الفائدة هو المتحكم الأوحد في الإستثمار ..وبهذا دون معالجة لتفضيل السيولة ومشكلة اللايقين والغموض للمستقبل ..



#عبدالرحمن_مصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفسيرات المعاصرة للوعي
- (((علم))) الإقتصاد المعاصر بين الزيف والواقع4
- (((علم))) الإقتصاد المعاصر بين الزيف والواقع 3
- (((علم))) الإقتصاد المعاصر بين الزيف والواقع 2
- (((علم))) الإقتصاد المعاصر بين الزيف والواقع
- وحدة الوجود
- المجتمع والحداثة بين التفسير الماركسي والتفسيرات الأخرى
- النظرة الماركسية للمعرفة (ونسبية المعرفة والموضوعية المطلقة)
- نقد العقل المحض لكانط وتاريخية الأفكار الفلسفية
- برتراند راسل وماوراء المعنى والحقيقة (2)
- برتراند راسل وماوراء المعنى والحقيقة


المزيد.....




- الحكومة المصرية توجه رسالة إلى التجار: الوضع الحالي لا يمكن ...
- مجلس النواب الليبي يطالب البنك المركزي بتقارير عن الاحتياطي ...
- بادر بالاستخراج eccp.poste.dz.. طريقة استخراج البطاقة الذهبي ...
- ” إيقاف بطاقات الائتمان “.. قرارات عاجلة من البنوك بإيقاف هذ ...
- المغرب يرد على اتهامات جزائرية له بالسطو على عقارات بالرباط ...
- الاقتصاد الألماني.. ركود مستمر وعجز إزاء خطر إفلاس الشركات
- معارضون تونسيون يحذرون من منافسة غير نزيهة بانتخابات الرئاسة ...
- المغرب يرد على اتهامات الجزائر بـ-السطو على عقارات-
- أسعار النفط ترتفع بفعل توقعات الإمدادات ومخاوف سياسية
- البنك الدولي يقدم لمصر 6 مليارات دولار على مدى 3 سنوات


المزيد.....

- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
- كتاب - محاسبة التكاليف دراسات / صباح قدوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبدالرحمن مصطفى - النظرية العامة لكينز رؤية نقدية