أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف رزين - الجذور الوسيطية لمشكلة الصحراء















المزيد.....



الجذور الوسيطية لمشكلة الصحراء


يوسف رزين

الحوار المتمدن-العدد: 6712 - 2020 / 10 / 23 - 17:42
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يحار المرء في فهم السلوك الجزائري تجاه المغرب. كيف يعقل ان يشترك البلدان في اللغة و الدين و العرق و الجغرافيا و مع ذلك تكون العلاقات بينهما بهذا المستوى من القطيعة و التدهور؟ كيف يكون هناك شعبان على هذا المستوى من التشابه و التماثل في العادات و التقاليد و مع ذلك يفصل بينهما جدار برلين من الريبة و التوجس؟ الواقع ان هذا التوجس ليس متبادلا بدليل اعلان المغرب عن رغبته المتكررة في فتح الحدود و تطبيع العلاقات و انهاء الخلافات العالقة. لكن النظام الجزائري مازال مصرا منذ عقود على توتير علاقته مع المغرب و ذلك بمساندته لصنيعته البوليساريو في مطالبها الانفصالية بدعوى مساندته لحق الشعوب في تقرير مصيرها ! رغم ان هناك مطالب انفصالية في كل من اقليم الباسك باسبانيا و جزيرة كورسيكا بفرنسا و مع ذلك لا تلقى اهتماما من النظام الجزائري. فلماذا يا ترى يساند هذا النظام حركة البوليساريو الانفصالية و يرغب في فصل المغرب عن اقاليمه الجنوبية؟ و لماذا يستميت في ذلك جاعلا منه عقيدة سياسية و عسكرية لا يتزحزح عنها؟ ما السبب يا ترى؟ طبعا هناك من سيجيب عن هذا السؤال بالاشارة الى الحرب الباردة و ما اقتضته من حروب بالوكالة بين المعسكرين الشرقي و الغربي. و هناك من سيحفر قليلا في تاريخنا الراهن و يحيلنا على حرب الرمال سنة 1963 و ما تركته من خدوش في نفسية اقطاب النظام الجزائري. غير ان الجواب على هذه الاسئلة يكمن في نظرنا في احداث فترة اقدم بكثير من حرب 1963. قترة كانت هي المحدد الرئيس لسلوك من يحكم الجزائر تجاه المغرب مستقبلا ، و هي الفترة التي تؤرخ لعصر الدولة المرينية. فكيف ذلك؟
بداية نقول ان هناك مبدأ عاما في العلوم السياسية و هو انه اذا اردنا ان نجد حلا لمشكلة سياسية مستعصية فعلينا ان نعود الى جذورها التاريخية. هكذا اذن نفهم كيف نشأت هذه المشكلة و كيف نسجت خيوطها الاولى و تحولت الى عقدة سياسية مستدامة. و هو ما نعانيه مع جيراننا الشرقيين.
تبدأ رحلتنا اذن مع انهيار الدولة الموحدية و تفككها الى دول مستقلة. في الشمال ظهرت دولة بني الاحمر بغرناطة و في المغرب الاقصى ظهر المرينيون و في المغرب الاوسط ظهر بنو عبد الواد و في المغرب الادنى ظهر الحفصيون.
لم يكن استيلاء المرينيين على الحكم بالمغرب سهلا اذ قضوا فترة لا باس بها في تمهيد البلاد و التصدي لهجمات الايبيريين و مواجهة بقايا الموحدين و معاناة دسائس و مؤامرات بني عبد الواد. و هو ما جعل السلطان ابا يوسف المريني مباشرة بعد تغلبه على الموحدين و فتح مراكش يقرر الانتقام من بني عبد الواد. و هو ما يعبر عنه ابن خلدون بالنص التالي " لما غلب السلطان ابو يوسف على بني عبد المومن و فتح مراكش و استولى على ملكهم سنة ثمان و ستمائة و عاد الى فاس كما ذكرنا تحرك ما كان في نفسه من ضغائن يغمراسن و بني عبد الواد و ما اسفوا به من تخذيل عزائمه و مجاذبته عن قصده" فارتحل بجيشه يريد تلمسان.
لكن حدث ان استنجد به الاندلسيون لانقاذهم من وطأة العدو القشتالي. كان ابو يوسف انذاك قد وصل الى انكاد و قرر ان يجنح الى السلم مع يغمراسن ايثارا للجهاد. فارسل جماعة من الاشياخ للاصلاح بينهما. لكن يغمراسن رفض الصلح و اصر على الحرب و هو ما كان فانهزم رغم استعانته بالمرتزقة النصارى و فر الى تلمسان محتميا باسوارها في حين حاصره السلطان ابو يوسف لمدة من الزمن ثم قفل راجعا الى فاس.
رغم انتصار ابو يوسف على عدوه الا انه لم يقرر الجواز الى الاندلس لانه في واقع الامر لم يكن قد استكمل اخضاع كل اقاليم المغرب الاقصى حيث تبقى له فتح اقليم سجلماسة. يذكر أن هذه المدينة خضعت للامير المريني يحيى بن عبد الحق و الذي جعل يوسف بن يزكاسن واليا له عليها و على بلاد درعة و بلاد القبلة. فهذا الوالي اذن كان يحكم المنطقة الممتدة من سجلماسة الى دولة مالي تحت راية الدولة المرينية المغربية. اي ان كلا من الصحراء الشرقية و الغربية كان يتبع تاريخيا للمغرب منذ هذا العهد و ما قبله ايضا. و بعد وفاة هذا الوالي تولى ادارة سجلماسة الوالي عمر بن عمر لكن بعد وفاته دخلها يغمراسن و استتبعها لدولته. و لهذا فما ان سيطر السلطان ابو يوسف على معظم بلاد المغرب حتى توجه لاقليم سجلماسة لاعادته الى حظيرة الوطن و هو ما كان حيث انتزعه من يغمراسن بعد معارك ضارية. و هو ما يعبر عنه ابن خلدون بالنص التالي:" و كمل فتح بلاد المغرب للسلطان ابي يوسف و تمت طاعته في اقطاره فلم يبق اي معقل يدين بغير دعوته" ما يعني مرة اخرى ان الصحراء الممتدة من سجلماسة الى بلاد القبلة (مالي) تتبع تاريخيا للمغرب باعتراف ابن خلدون الذي عبر عنه بالجملة التالية " و كمل فتح بلاد المغرب". و يضيف ابن خلدون قائلا :" و لما كملت له نعم الله في استيساق ملكه و تمهيد امره انصرف الى الغزو و ايثار طاعة الله بجهاد اعدائه و استنقاذ المستضعفين وراء البحر من عباده" ما يعني ان ما كان يمنع السلطان المريني عن الجهاد في الاندلس و نجدة اهلها هو انشغاله باستكمال فتح بلاد المغرب و القضاء على الثورات بها و رد هجمات يغمراسن. و هو ما يعبر عنه ابن خلدون قائلا:" و في اثناء هذا كله لم يزل صريخه ينادي بالمسلمين من وراء البحر و الملأ من اهل الاندلس يفدون على امير المسلمين ابي يوسف للاعانة و النصر..فلا يجد مفزعا من الى ذلك بما كان فيه من مجاذبة الجبل مع الموحدين ثم مع يغمراسن ثم تشغله بفتح المغرب و تدويخ اقطاره...استكمل امير المسلمين فتح المغرب و فراغه من شأن عدوه سنة احدى و سبعين و ستمائة على ان بني مرين كانوا يؤثرون الجهاد و يسمون اليه و في نفوسهم جنوح اليه و صاغية". و هو ما كان حيث ارسل السلطان المريني جيوشه الى الاندلس لملاقاة النصارى فحاربوهم و انتصروا عليهم و قتلوا زعيمهم دننه و بذلك تمت نجدة الاندلس.
لكن رغم ذلك فإن هذا الانتصار المريني على النصارى لم يرق لابن الاحمر. لقد رأى امير غرناطة في هذا الانتصار مقدمة لسيناريو يوسف بن تاشفين و المعتمد بن عباد. لذلك قرر بدون تردد تشكيل تحالف تلاثي مع حاكم قشتالة و يغمراسن ضد الدولة المرينية لمنعها من اجازة البحر نحو الاندلس. يقول ابن خلدون :" لما اجاز امير المسلمين الى العدوة اجازته الاولى و لقي العدو بأستجة و قتل دننه بأيدي عسكره وصنع له من الظهور و العز ما لا كفاء له، ارتاب ابن الاحمر بمكانه فبدا له من ذلك ما لم يحتسب و ظن بأميرالمسلمين الظنون و اعترض ذكره شأن يوسف بن تاشفين و المرابطين مع ابن عباد سلطان الاندلس" و يضيف " و اتصلت يد ابن الاحمر بيد الطاغية على منع امير المسلمين من الاجازة و راسلوا يغمراسن بن زيان من وراء البحر و راسلهم في مشاقة السلطان و افساد ثغوره و انزال العوائق به المانعة من حركته و الاخذ بأذياله عن النهوض الى الجهاد، و اسفوا فيما بينهم الانصاف و المهاداة .. و اصفقت ايديهم جميعا على السلطان و رأوا ان قد بلغوا في احكام امرهم و سد مذاهبه اليهم و اتصل الخبر بامير المسلمين و هو بمراكش"
و حينما علم السلطان المريني بأمر الحلف الذي عقده يغمراسن مع ملك قشتالة و ابن الاحمر بعث اليه من اجل الصلح حتى يتفرغ للجهاد في الاندلس لكن غريمه رفض و اصر على العداوة. يقول ابن خلدون: " و استيقن ما دار بينه و بين الاحمر و الطاغيية ابن اخي ادفونش من الاتصال و الاصفاق فبعث اليه في تجديد الصلح و الاتفاق فلج و كشف الوجه في العناد و اعلن بما وقع بينه و بين اهل العدوة مسلمهم و كافرهم من الوصلة، و انه معتزم على وصل بلاد المغرب، فصرف امير المسلمين عزمه الى غزو يغمراسن.. و قفل الى فاس .. و اعاد الرسل الي يغمراسن لاقامة الحجة عليه و التحلي بمسالمة بني توجين و التجافي عنهم لموالاتهم امير المسلمين فقام يغمراسن في ركائبه و لج في طغيانه".
و هنا حسم السلطان ابو يوسف امره و قرر محاربة يغمراسن : " و اشتد القتال سائر النهار و انكشف بنو عبد الواد عندما اراح القوم و انتهب جميع مخلفهم و ما كان في معسكرهم من المتاع و الكراع و السلاح و الفساطيط و بات معسكر امير المسلمين ليلتهم في صهوات خيلهم و اتبعوا من الغد آثار عدوهم و اكتسحت اموال العرب الناجعة الذين كانوا مع يغمراسن و امتلات ايدي بني مرين من نعمهم و شائهم و دخلوا بلاد يغمراسن و زناتة..و اخذ هو بمخنق تلمسان.. ثم افرج عنها و قفل الى المغرب و دخل فاس.. ثم نهض الى مراكش..و سرح ابنه الامير ابا يعقوب الى السوس لتدويخ اقطاره".
نلاحظ هنا انه مباشرة بعد حصار ابي يوسف لتلمسان اندلعت ثورة الاعراب بالسوس. و هو امر سيتكرر كثيرا في تاريخ الدولة المرينية. اي ان هؤلاء الاعراب القاطنين بالمناطق الجنوبية للمغرب منذ عهد الدولة الموحدية بأمر منها كان يتم تحريكهم من طرف الحلف القشتالي الاندلسي التلمساني لمشاغلة المغرب و صرف انتباهه عن هدفه الاساسي و هو الجهاد في الاندلس او محاربة الذين يصدون عن هذا الجهاد كيغمراسن. فتلمسان تشغل المغرب عن الجهاد في الاندلس و حينما يقرر معاقبتها يقوم الاعراب في جنوب المغرب بمشاغلته.
لكن رغم هذه المشاغلة من طرف الاعراب تمكن الامير ابا يعقوب من القضاء على تمردهم و هو ما يعبر عنه ابن خلدون قائلا :" و سرح الامير ابا يعقوب ولي عهد بالعسكر الى بلاد السوس لغزو العرب و كف عاديتهم و محو اثار الخوارج المنتزين على الدولة فاجفلوا امامه و اتبع آثارهم الى الساقية الحمراء اخر العمران من بلاد السوس ".
و بعد تشتيته لجحافل الاعراب جنوب المغرب اتجه السلطان ابو يوسف الى منازلة النصارى بالاندلس في جيوش ضخمة فهزمهم في عدة معارك و هو ما اجبر ملكهم شانجة على طلب السلم، فأرسل لاجل ذلك وفدا من بطارقتهم لكن السلطان رفض طلبهم. فما كان من ملك قشتالة الا ان عاود مرة اخرى طلب الصلح منه. يقول ابن خلدون:" و اوفد على امير المسلمين من بطارقتهم و قممامصتهم و اساقفتهم يخطبون السلم و يضرعون في النهادنة و الابقاء و وضع اوزار الحرب، فردهم امير المسلمين اعتزازا عليهم. ثم اعادهم الطاغية بترديد الرغبة على ان يشترط ما شاء من عز دينه و قومه ، فأسعفهم امير المسلمين و جنح الى السلم لما تيقن صاغيتهم اليه و ذلهم لعز الاسلام و اشترط عليهم ما تقبلوه عن مسالمة المسلمين بدار الحرب من بلاده و ترك التضريب بين ملوك المسلمين و الدخول بينهم في فتنة". توضح الجملة الاخيرة من هذا النص ما كان يقوم به ملك قشتالة ممثلا في سياسة "فرق تسد" و اشغال المسلمين ببعضهم البعض كما يفعل مع بني عبد الواد و غرناطة ضد المغرب.
المثير هنا هو قيام ابن الاحمر سلطان غرناطة بمراسلة الطاغية (ملك قشتالة) للتحالف معه ضد المغرب. لكن ملك قشتالة سيرفض طلب ابن الاحمر و سيرده خائبا حذرا من اغضاب سلطان المغرب. يقول ابن خلدون : " و وفدت رسل ابن الاحمر على الطاغية و هو عنده لعقد السلم معه دون امير المسلمين و على مدافعته عنه فاحضرهم بمشهد ابن الترجمان و اسمعهم ما عقد لامير المسلمين على قومه و اهل ملته و قال لهم ، انما انتم عبيد أبائي فلستم معي في مقام السلم او الحرب، و هذا ملك المسلمين و لست اطيق مقاومته و لا دفاعه عنكم فانصرفوا".
يلاحظ في هذه الاثناء خروج الثائر طلحة بن علي البطيوي بصحراء درعة متزعما قبائل بني حسان المعقلية فغزاهم السلطان و شتت جموعهم. ثم لما عاد السلطان الى فاس خرج عليه ابنه ابو عامر بمراكش بمساعدة عاملها محمد بن عطو ، ما اجبر السلطان على العودة الى مراكش فهرب ابنه و وزيره محمد بن عطو الى تلمسان . ما يعني ان هذا التمرد كان من تدبير عثمان بن يغمراسن و لذلك طلب منه السلطان تسليمه المتمردين الفارين لديه لكنه ابى، بل و اعتقل رسوله اليه فقرر السلطان عندها غزو تلمسان.
نخلص مما سبق ان هذه التمردات بالاقاليم الجنوبية للمغرب لم تكن عفوية او وليدة الصدفة بل كانت من تدبير الحلف القشتالي الغرناطي التلمساني لاشغاله عن الاجازة الى الاندلس. و هو ما يوضحه ابن خلدون في النص التالي:" و لما ارتاب ابن الاحمر بمكان السلطان يعقوب بن عبد الحق من الاندلس و حذره على ملكه و تظاهر مع الطاغية على منعه من الاجازة الى عدوتهم ، خشوا ان يستقلوا بمدافعته، فراسلوا يغمراسن في الاخذ بحجزته و اجابهم اليها و جرد عزائمه لها، و اتصلت ايديهم في التظاهر عليه."
يبقى القول ان دور تلمسان لم يقتصر على مشاغلة المغرب لمنعه من الجواز الى الاندلس بل ايضا لمنعه من التمدد شرقا و ربط الصلة بافريقية و بجاية و اعادة احياء الدولة الموحدية. كان دور تلمسان اذن هو ان تحارب المغرب و تحارب بقايا الموحدين بشرق ارض المغارب و تمنع اي اتصال بينهما.
يقول ابن خلدون :" و هلك يغمراسن بن زيان...و اوصى ابنه عثمان ولي عهده...فلا يضرك العجز عن مبارزتهم و النكول عن لقائهم، فليس لك في ذلك مقام معلوم،...واجهد جهدك في التغلب على افريقية وراءك، فإن فعلت كانت المناهضة...و هذه الوصاة - زعموا- هي التي حملت عثمان و بنيه من بعده على طلب افريقية و منازلة بجاية و حربهم مع الموحدين". كما يوضح ابن خلدون كيف ان صاحب تلمسان شكل حلفا تلاثيا مع قشتالة و غرناطة ضد المغرب فيقول:" كان عثمان بن يغمراسن بعد اخراج السلطان سنة تسع و ثمانين و ستمائة و انتقاض الطاغية و ابن الاحمر عليه كما قلناه، صرف الى ولايتهما وجه تدبيره و اوفد على الطاغية ابن بريدي من صنائع دولته سنة اثنتين و تسعين و ستمائة و رجعه الطاغية الريك ريكسن رسول من كبار قومه...و اعتدها السلطان عليه و طوى على النكث".
و أمام هذا التآمر العبد وادي الذي لا يكل قرر السلطان المريني غزو تلمسان. فحاصرها و بنى قبالتها مدينةالمنصورة لتشديد الخناق عليها. كما قام الموحدون ببجاية بالتحالف مع السلطان يوسف بن يعقوب و ساعدوه بأساطيلهم ضد يغمراسن. لكن في هذه الاثناء تدخل ابن الاحمر لاحتلال سبتة لاشغال السلطان عن فتح تلمسان و فك الحصار عنها، فأرسل ابو يوسف ابنه ابا سالم لمعالجة هذا الموقف . لكن و كأن هذا الاشغال في شمال المغرب لم يكن كافيا فاندلع بعد ذلك تمرد بني كندوز بنواحي مراكش فحاربهم الامير يعيش بن يعقوب و شردهم بصحراء سوس و دمر قاعدتهم تارودانت.
نخلص مرة اخرى من كل ما سبق ان هذه التمردات لم تكن عفوية بل كانت بتحريض من الحلف التلاثي : تلمسان و غرناطة و قشتالة. غير ان اعمال هذا الحلف لم تقتصر على تدبير الثورات عند اطراف المغرب بل امتدت الى اختراق اجهزة الدولة و شراء ولاء رجالاتها و تدبير الاغتيالات لسلاطينها. و هو ما حدث مع السلطان ابو يوسف يعقوب. فما دام انه لم يفك حصاره عن تلمسان رغم مهاجمة سبتة من طرف ابن الاحمر و تحريض بني كندوز على التمرد و الثورة فإنه تم في هذه الحالة اللجوء الى تحريض احد خدم السلطان على اغتياله علما ان هذا الخادم كان من موالي ابن الملياني الذي سبق ان خان ثقة السلطان و تسبب في مقتل اشياخ المصامدة الموحدين بتزويره كتابا عن السلطان يأمر فيه عامله على مراكش بقطع رؤوس هؤلاء الاشياخ ثم فر بعد ذلك الى تلمسان ثم بعدها الى الاندلس. ما يعني ان البلاط المريني كان مخترقا على اعلى مستوى و انه كان يعج بعملاء اعداء الدولة المرينية . و لذلك لم يكن صعبا عليهم اغتيال السلاطين المرينيين. و هو الامر الذي تكرر بكثرة في تاريخ هذه الدولة.
اذن باغتيال السلطان ابو يوسف يعقوب انتهى امر الحصار و تم فكه عن تلمسان. فتولى السلطان ابو ثابت الحكم و عاد الى المغرب حيث سيجد نفسه مشغولا بتهدئة ثورات الاعراب في كل من مراكش و بلاد السوس و تامسنا و رباط الفتح و ازغار و بلاد الهبط و غمارة و اصيلة و العرائش و طنجة. كما حاصر سبتة و شيد لحصارها مدينة تيطاوين و اثناء ذلك اعتلت صحته و توفي بعد ايام قلائل ما يجعلنا نرجح تعرضه للتسميم. و تولى الحكم بعده السلطان ابو الربيع الذي رغم انه وادع صاحب تلمسان و عقد معه السلم الا انه لم يسلم من مؤامراته و حمايته للخارجين عليه ما جعل المرينيين يعزمون على معاقبته مباشرة بعد تولي السلطان ابي سعيد.
قرر هذا السلطان سنة 714 ه غزو تلمسان جراء مؤامراتها المستمرة على المغرب و اتجه بجيشه اليها و ترك ابنه ابا علي بفاس نائبا عنه. و لأن المخزن المريني لم يكن يخلو من اختراق فإن هذا الامير تمرد على ابيه و دعا لنفسه مستعينا بخاله قائد المرتزقة النصارى بالجيش المريني. ما يعني ان هذا القائد النصراني كان له ولاء لقشتالة فمارس خطتها الاثيرة مع المغرب تحت شعار: اشغال الدولة المغربية كلما همت بمواجهة اعدائها.
لكن رغم تمرد الامير ابي علي و استعانته بالمرتزقة النصارى فإن غالبية رجالات الدولة المرينية و على رأسهم الامير ابي الحسن ظلوا على ولائهم للسلطان ابي سعيد. ما دفع الامير ابا علي لطلب الصلح من والده. فتراضى الطرفان على ان يعود السلطان لحاضرة ملكه بفاس و ينتقل الامير ابنه الى سجلماسة حاكما لها باسم والده السلطان ابي سعيد.
يقول ابن خلدون :" و نزل الامير ابو علي على سجلماسة فأقام بها ملكا و دون الدواوين و استخدم ظواعن العرب من المعقل و افتتح معاقل الصحراء و قصور توات و تيكورارين و تمنطيت و غزا بلاد السودان فافتتحها و تغلب على ضواحيها و اثخن في اعرابها من ذوي حسان و الشبانات و زكنة حتى استقاموا على طاعته و بيت عبد الرحمن بن الحسن بن يدر امير الامصار بالسوس في تارودانت مقره فافتتحها عليه عنوة و قتله و اصطلم نعمته و اباد سلطانه و اقام لبني مرين في بلاد القبلة ملكا و سلطانا".
يوضح هذا النص اذن المناطق الصحراوية التي كانت تابعة للدولة المرينية و هي توات و تيكورارين و تمنطيت و بلاد السوس و بلاد القبلة في اشارة مرة اخرى لنفوذ الدولة المغربية منذ العصر الوسيط على ما يسمى في الادبيات الجغرافية بالصحراء الشرقية و الغربية.
و نعود الى موضوعنا و نشير الى ان قشتالة لم تجرؤ على مواجهة الدولة المرينية بشكل مباشر لقضم اراضي الاندلس بالتتابع بل كانت تلجأ في ذلك الى خطتها الاثيرة و هي سياسة الاشغال و تشتيت الانتباه سواء من خلال دعم المؤامرات الغرناطية التلمسانية الاعرابية على حدود المغرب او بتدبير الانقلابات و الخيانات من داخل البلاط المخزني الحاكم و ذلك من خلال وزراء و امراء خونة. كل ذلك من اجل ارباك سياسة الدولة المرينية و صرف انتباهها عن الخطة القشتالية الحثيثة في القضم التدريجي و المتواصل للاراضي الاندلسية. و هو ما يوضحه النص التالي:" كان الطاغية شانجة بن ادفونش قد تكالب على اهل الاندلس من بعد ابيه هراندة الهالك سنة اثنتين و ثمانين و ستمائة و منذ غلب على طريف و شغل السلطان يوسف بن يعقوب بعدوه يغمراسن ثم تشاغل حفدته من بعده بأمرهم و تقاصرت مددهم. و هلك شانجة سنة ثلاث و سبعين و ولى ابنه هراندة و نازل الجزيرة الخضراء فرضة الجهاد لبني مرين حولا كاملا، و نازلت اساطيله جبل الفتح و اشتد الحصار على المسلمين و راسل هرانده بن ادفونش صاحب برشلونة ان يشغل اهل الاندلس من ورائهم و ياخذ بحجزتهم. فنازل المرية و حاصرها الحصار المشهور سنة تسع و سبعمائة و نصب عليها الالات...و استقام امرهم على ذلك، و شغل السلطان ابو سعيد ملك المغرب بشأن ابنه و خروجه، فاهتبل النصرانية الغرة في الاندلس و زحفوا الى غرناطة سنة ثمان عشرة و سبعمائة و اناخوا فيها بعسكرهم و أممهم".
كما ان انشغال المغرب بمشاكله الداخلية شجع تلمسان ايضا على قضم اراضي الموحدين في بجاية و تونس. يقول ابن خلدون :" و استقل ابو حمو بملك بني عبد الواد على راس الحول منها. و صرف نظره و اهتمامه الى بلاد المشرق فتغلب على بلاد مغراوة ثم على بلاد بني توجين...ثم زحف ابو حمو الى الجزائر و غلب ابن علان عليها و نقله الى تلمسان ...و ردد البعوث الى اوطان بجاية و ابتنى الحصون لتجمير الكتائب، فابتنى بوادي بجاية من اعلاه حصن بكر...و استحثه امراء الكعوب من بني سليم لملك افريقية حين مغاضبتهم لمولانا السلطان ابي يحيى فأغرس معهم جيوش زناتة... و كانت حروبهم سجالا".
و امام هذا الواقع قرر سلطان بجاية ابو يحيى الاستنجاد بالمرينيين. و هنا سيتشكل ما يمكن ان نصفه بحلف الموحدين الجدد ضد تلمسان و الممالك النصرانية، على اعتبار ان المرينيين كانوا يعتبرون انفسهم استمرارا للموحدين و تونس و بجاية التي تصفها المصادر صراحة ب " الموحدين". و قد تمتن هذا الحلف المريني البجائي بالمصاهرة التي تمت بين ولي العهد المريني الامير ابي الحسن و ابنة السلطان ابي يحيى حيث" زفها اليه في اساطيله مع مشيخة من الموحدين".
توفي السلطان ابو سعيد و تولى بعده ابنه السلطان ابو الحسن فكان امامه هدفان : الانتهاء من مشاغلة بني عبد الواد للمغرب و القضاء على دولتهم للالتفات للمشكل الاهم الذي يؤرق الدولة المرينية و هو استعادة ما ضاع من اراضي الاندلس من يد النصارى و التي استولوا عليها في غمرة انشغال المغرب بمشاكله مع الاعراب و بني عبد الواد.
كان ابو الحسن يفهم جيدا اسلوب بني عبد الواد. فهو ما ان يحاصرهم حتى يلجأوا الى مشاغلته بتمرد اخيه الامير ابي علي حاكم سجلماسة. و لهذا قرر اولا ان يستوثق من ولاء اخيه له، و هو ما كان. يقول ابن خلدون:" لما هلك السلطان ابو سعيد و كملت بيعة السلطان ابي الحسن و كان كثيرا ما يستوصيه بأخيه ابي علي. فأراد مشارفة احواله قبل النهوض الى تلمسان ، فارتحل معسكره بالزيتون قاصدا سجلماسة و تلقته في طريقه وفود الامير ابي علي مؤديا حقه، موجبا مبرته..قانعا من تراث ابيه بما حصل في يده طالبا العقد له بذلك من اخيه.. فأجابه السلطان ابو الحسن الى ما سأل، و عقد له على سجلماسة و ما اليها من بلاد القبلة كما كان لعهد ابيهما.." ثم اتجه بعد ذلك الى تلمسان " .. و انكفأ راجعا الى تلمسان لاجابة صريخ الموحدين" لكن ما ان اقترب جيش السلطان من هدفه حتى اعلن اخوه الامير ابو علي عن تمرده بتنسيق مع صاحب تلمسان. يقول ابن خلدون:" لما توغل السلطان ابو الحسن في غزاة تلمسان و تجاوزها الى تسالة لوعد مولانا السلطان ابي يحيى دس ابو تاشفين الى الامير ابي علي في اتصال البدو و الاتفاق على السلطان ابي الحسن و ان يحتل كل واحد منهما بحجزته عن صاحبه متى هم به و انعقد بينهما على ذلك..و انتقض الامير ابو علي على اخيه السلطان و نهض من سجلماسة الى درعة فقتل عامل السلطان و استعمل عليها من ذويه و سرح العسكر الى بلاد مراكش". و على اثر ذلك اضطر السلطان ابو الحسن الى العودة مسرعا الى سجلماسة و محاصرتها و اقتحامها بالقوة. ثم عاد بعد ذلك لمحاصرة تلمسان و بعد فترة تمكن من اقتحامها ليشرع بعد ذلك في الاستعداد للجهاد في الاندلس.
توضح سياسات الدولة المرينية ان شغلها الشاغل كان هو حماية الاندلس من تعديات النصارى و قضمهم التدريجي لاراضيها. و الذي ما كان ليحدث لولا سياسة الإشغال التي اتبعها بنشاط عدوها بتلمسان و اعراب الصحراء. و هو ما يوضحه ابن خلدون في النص التالي :" لما فرغ السلطان من امر عدوه و ما اتبع ذلك من الاحوال، صرف اعتزامه الى الجهاد لما كان كلفا به. و كان الطاغية منذ شغل بنو مرين عن الجهاد منذ عهد يوسف بن يعقوب و قد اعتزوا على المسلمين بالعدوة و نازلوهم معاقلهم، و تغلبوا على الكثير منها، و ارتجعوا الجبل و نازلوا السلطان ابا الوليد في عقر داره بغرناطة، و وضعوا عليهم الجزية فتقبلوها و اسفوا الى التهام المسلمين بالاندلس. فلم فرغ السلطان ابو الحسن من شأن عدوه و غلب على الايدي يده و انفسح نطاق ملكه، دعته نفسه الى الجهاد".
و هكذا سيتحد الاسطولان المريني و البجائي و ينتصران على اسطول النصارى في معركة الملند، لكن الممالك النصرانية ستنتصر على المسلمين في معركة طريف و الجزيرة بفضل اتحادها و خيانة الوزير عسكر بن تاحضريت الذي تكاسل عن عمد في مدافعة العدو.
قرر السلطان ابو الحسن بعد هزيمة جيشه في طريف و الجزيرة ان يركز اكثر على توحيد ارض المغارب ممنيا النفس ربما باعادة الكرة مرة اخرى في الاندلس، فضم اليه بجاية و قسنطينة و تونس و القيروان، و فرض الامن و النظام بها و منع الاعراب من فرض اتاواتهم على التجار و المسافرين، فقرروا التمرد عليه و طبعا بمساعدة و تحريض من مملكة اراغون. فالممالك النصرانية لم تكن تجد افضل من الاعراب لمشاغلة المرينيين منعا لهم من التفكير في الجهاد في ارض الاندلس. و هو ما يوضحه النص التالي:
" و توافت احياء بني كعب و حكيم جميعا بتوزر من بلاد الجريد فهدروا الدماء بينهم و تدامروا و تبايعوا على الموت و التمسوا من اعياص الملك من ينصبونه للامر، فدلهم بعض سماسرة الفتن على رجل من اعقاب ابي دبوس فريسة بني مرين من حلفاء بني عبد المومن بمراكش عندما استولوا عليها. و كان من خبره ان اباه عثمان بن ادريس بن ابي دبوس لحق بعد مهلك ابيه بالاندلس و صحب هنالك مرغم بن صابر شيخ بن دباب و هو اسير برشلونة فلما انطلق من اسره صحبه الى وطن دباب بعد ان عقد قمص برشلونة بينها حلفا و امدهما بالاسطول على مال التزماه له ".
و طبعا بقية القصة معروفة حيث انهزم جيش ابي الحسن بافريقية و تمرد عليه اشياخه و عادوا الى المغرب و انقلب عليه ابنه ابو عنان معلنا نفسه سلطانا على المغرب بينما توفي هو محاصرا بجبل هنتاتة. و عادت ارض المغارب الى التشظي من جديد. و تولى الحكم بعد ذلك ابو عنان و قرر بدوره استعادة السيطرة على المناطق المتمردة فغزا بني عبد الواد و " تقبض على ابي سعيد سلطانهم، فسيق الى السلطان و امر باعتقاله ، و اطلق أيدي بني مرين من الغد على حلل العرب من المعقل ، فاستباحوهم و اكتسحوا اموالهم جزاء بما شرهوا اليه من النهب في المحنة في هيعة ذلك المجال . ثم ارتحل على تعبية الى تلمسان فاحتل بها لربيع من سنته و استوت في ملكها قدمه، و احضر ابا سعيد فقرعه و وبخه و اراه اعماله حسرة عليه، و احضر الفقهاء و ارباب الفتيا، فافتوا بحرابته و قتله، و امضى حكم الله فيه، فذبح في محبسه لتاسعة من اعتقاله و جعله مثلا للاخرين". ثم تابع ابو عنان حملته فاستعاد سيطرته على باقي ارض المغارب.
نلاحظ هنا ان ابا عنان مباشرة بعد فتحه لبجاية سيندلع تمرد ضده من طرف اخيه ابي الفضل الذي التحق بملك قشتالة " و جهز له اسطولا الى مراسي المغرب و انزله بساحل السوس فلحق بالسكسيوي عبد الله و دعا لنفسه". نفهم مرة اخرى من تصرف ملك قشتالة بارساله للامير ابي الفضل مع دعم عسكري الى جنوب المغرب انه كان يلجأ لسياسة "الاشغال" لمنع السلطان ابا عنان من اتمام سيطرته على كامل ارضي المغارب. لأن هذا الهدف اذا تحقق فمعناه هو اعادة احياء دولة الموحدين و اتفاق شعوبها على محاربة النصاري في الاندلس. لقد كانت سياسة الممالك النصرانية في اوربا هو حصر الدولة المرينية داخل الحدود الترابية للمغرب الاقصى و منعها من التمدد شمالا و شرقا . لذلك حوصر المغرب من طرف اعداءه الاندلسيين شمالا و التلمسانيين شرقا بدعم و تحريض من قشتالة.
كما لم تعدم قشتالة امراء طموحين و مغامرين للاستيلاء على الحكم فكانت ترسلهم المرة تلو الاخرى بتنسيق مع غرناطة مع الدعم العسكري اللازم لهم للهجوم على المغرب سواء من جهة الشمال كسبتة او غمارة او من جهة الجنوب كمنطقة سكساوة. المهم ان يظل السلطان في انشغال دائم مع الثورات المحيطة ببلاده من كل جانب فلا يفكر ابدا في توحيد ارض المغارب و اعادة بعث الدولة الموحدية و مواجهة الممالك النصرانية باوربا الطامحة الى الاستيلاء على الاندلس و السيطرة على البحر الابيض المتوسط دون المغرب.
و رغم ان السلطان ابا عنان قضى على هذا التمرد و تابع مسيره للسيطرة على تونس الا انه في النهاية فشل في تحقيق مسعاه حيث تمرد عليه اشياخه رافضين الاستمرار في حملته العسكرية و انتهى به الامر مغتالا خنقا بتدبير من وزيره الحسن بن عمر.
سارت الامور بعد ذلك في الدولة المرينية على هذا المنوال و لم تخرج عنه. فكلما تولى سلطان او وزير حكم المغرب الا و حاول السيطرة على تلمسان. كما ان الحلف القشتالي الاندلسي التلمساني الاعرابي كان لا يكف عن مهاجمة المغرب و تدبير الثورات في شمال المغرب و شرقه و جنوبه حتى انهارت الدولة المرينية و تقلص ظلها و صارت ارض المغرب طعمة لقبائل الاعراب تعيث فسادا في سهولها كيفما شاءت . لكن في المقابل اختفت غرناطة من الوجود و هجر اهلها منها و اتم القشتاليون حلمهم القديم في السيطرة على كامل ارض الاندلس . اما التلمسانيون فبعد طول معاندة و تآمر ضد المغرب فإنهم ارتضوا بدون مقاومة الاحتلال العثماني لبلدهم. و اما المغرب فقد نهض من جديد تحت اسم الدولة السعدية التي و ان كان قد فقد معها مجاله الاندلسي و المغاربي فإنه حافظ على امتداده الصحراوي الافريقي و استمر ذلك أيضا مع الدولة العلوية.
في المقابل فإن بني عبد الواد ظلوا مستكينين للاحتلال العثماني و من بعده الاحتلال الفرنسي حتى حصول الجزائر على استقلالها سنة 1962 مع ما يعنيه ذلك من انبعاث للإحن القديمة تجاه المغرب.
اذن بناء على ما سبق، نفهم ان الجزائر الحالية لا يمكن ان تنسى تاريخها المتوتر مع المغرب. لقد ترك هذا التاريخ رهابا عميقا تجاه جارها الغربي. فهي تتخيله دائما على وشك الانقضاض عليها. لذلك فما من شيء لديها كفيل بتهدئه هذا الرهاب غير اشغال المغرب بمشكل انفصالي على حدوده الجنوبية عن طريق صنيعتها البوليساريو. ان استمرار هذا المشكل هو بالنسبة للدولة الجزائرية الحالية هو استمرار لوجودها و نهايته معناه فراغ المغرب من اي عائق يمنعه من اكتساح الجزائر. هكذا اذن يتمثل حكام قصر المرادية علاقتهم مع جارهم الغربي و لا يبدو انه باستطاعتهم التخلص من فوبيا العصر المريني . و لذلك فهم مستعدون لبذل الغالي و النفيس لاستمرار مشكلة الصحراء و صنيعتها البوليساريو، فهي بالنسبة لهم صمام امان ضد اكتساح مغربي مفترض لبلادهم.
هذه باختصار قصتنا مع جارنا الشرقي و هذا سبب عداءه المزمن لنا و الذي للاسف لا يمكن ان ينتهي بين ليلة و ضحاها رغم التأكيدات المستمرة للمغرب عن رغبته الجادة في بناء علاقات حسن الجوار مع جارتنا الشرقية اسيرة الرهاب المريني.



#يوسف_رزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في الزاوية المغربية
- المخزن و الثروة و التراكم المستحيل
- القبيلة المغربية..من -اجماعة- إلى - الجماعة-
- القطاع الصحي في العصر الوسيط بالمغرب
- الطاعون و المخزن..مختصر تاريخ المغرب
- ابن خلدون و المغرب ..بحث في دقائق العلاقة
- مقتل الملك بطليموس و نهاية الحكم الملكي بموريطانيا السياق و ...
- الحماية القنصلية بالمغرب
- غزال الكعبة الذهبي
- يوسف و السجن قراءة في كتاب - يوسف و البئر- لفاضل الربيعي
- الاساطير المؤسسة للتاريخ الفاطمي
- تمثلات الاجانب عن افريقيا السوداء عبر العصور
- الاسلام في الأسر
- من بنى مراكش ؟ مقاربة مجالية لتاريخ المغرب
- علم العمران الخلدوني
- عبد الله العروي مضللا
- قراءة في كتاب : شدو الربابة بأحول مجتمع الصحابة ،خليل عبد ال ...
- كفاح بن بركة
- النظام الدولي : النشأة و التطور
- الحركة الوهابية النشأة و التطور و المآل


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف رزين - الجذور الوسيطية لمشكلة الصحراء