أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف رزين - من بنى مراكش ؟ مقاربة مجالية لتاريخ المغرب















المزيد.....



من بنى مراكش ؟ مقاربة مجالية لتاريخ المغرب


يوسف رزين

الحوار المتمدن-العدد: 4808 - 2015 / 5 / 16 - 19:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يعمد المؤرخون عند تناولهم لتاريخ المغرب الى ارتكاب خطأ منهجي بوعي منهم او بدونه يتمثل في كتابة تاريخ المغرب الاسلامي انطلاقا من المصادر المقصودة. انهم لا يغفلون المصادر غير المقصودة الا انهم يتعاملون معها من منطلق ان دورها ينحصر في تكملة ما جاء في النوع الاول من المصادر ، اي الكتب التاريخية . انهم لا يتصورون دورا اخر لها غير المصادقة على ما جاء في كتب التاريخ الاسلامي ، بل و تأثيثه و ملء ثغراته . بهذه القناعة الراسخة و الايمان العميق و الفكرة المؤكدة يتعامل المؤرخ المغربي خصوصا مع مصادره المقصودة . أوليست هي التي شكلت مخياله و نظرته للعالم ؟ أليست هي التي قولبت وجدانه و تمثله لنفسه و للآخر ؟ فكيف له الا يثق بها و لا ينطلق منها . لقد تحولت لديه الى مثابة القرآن المنزل و المنزه عن الغرض ، و رغم انه قد تحدث تناقضات صريحة بين المصدرين المقصود و غير المقصود (1) و رغم ان المنهجية العلمية تفترض في هاته الحالة الوثوق بالمصدر الثاني و مراجعة الاول، الا ان المؤرخ المغربي يفضل فقأ عينيه على خدش مصداقية كتب التاريخ. و كمثال بسيط على ذلك نجد ان مؤرخا شهيرا كعبد الله العروي يذكر في كتابه ( مجمل تاريخ المغرب الجزء الثاني) انه قد اكتشفت لوحة منقوشة تذكر ان الامير الادريسي الامام داود بن إدريس هو من بنى جامع القرويين (2) ، دون ان يعني له ذلك اي شيء ! و دون ان يدفعه ذلك الى مراجعة معلوماته عن باني جامع القرويين و بالتالي الشك في مصادره المقصودة اي كتب تاريخ المغرب الاسلامي التي تنسب هذا الحدث الى فاطمة الفهرية.
كان هذا مجرد مثال بسيط عن التناقضات التي يمكن ان يقع عليها الباحث بين كلا المصدرين . و لتوضيح الامر اكثر للقراء غير المتخصصين فإن المصادر المقصودة للتاريخ هي ما يسمى بالمصادر الموضوعية اي كتب التاريخ التي دونها المؤرخون . انهم في هاته الحالة دونوا تاريخا بشكل واع و مقصود و بالتالي تحكموا في عملية تمرير المعلومات التاريخية أو حجبها بل و حتى اختلاقها و حبكها ، فالتاريخ المكتوب كما اوضح بول ريكور هو شكل من اشكال الحبكة الروائية ، و ذلك لخدمة اجندات سياسية معينة و بالتالي فإن مصداقية هذه المصادر هي في الدرجة السفلى من الصدق . فهذه الكتب هي من منظور علمي مجرد ذاكرة و ليست تاريخا . فالذاكرة مهمتها ان تذكر ما تشاء و تخفي ما تشاء، اما التاريخ الحقيقي و المؤكد و الموثوق فيؤخذ من المصادر غير المقصودة ، اي تلك المصادر التي لم تطلها يد الايديولوجيا و الغرض السياسي . انها تشي بمعلوماتها التاريخية دون قصد منها و بمعزل عن يد التوجيه السياسي و يمكن ان نذكر منها على سبيل علم الاثار و الطوبونيميا و الجغرافيا و الانثروبولوجيا ..
ان المنهج العلمي في كتابة التاريخ يقتضي الارتكاز على معطيات المصادر غير المقصودة و تأثيثها بمعطيات التاريخ المقصود إذا اتفقت معه لا العكس . و بالتالي فإن دور المؤرخ المغربي هو التنقيب عن مواضع التوتر بين المصدرين و الانحياز للمصدر غير المقصود و اعادة تركيب معطيات التاريخ المقصود وفق منهج علمي صارم .
لماذا اذن كتبنا كل هذه المقدمة ؟ الجواب هو اننا حينما نقبنا في تاريخ المرابطين استوقفتنا كثيرا مسألة بناء مراكش . حسب الرواية الاسلامية فإن ابي بكر اللمتوني بنى مراكش لمراقبة قبائل مصمودة المستقرة بجبال الاطلس الكبير (فازاز) و هو امر بدا لنا بعد التفحص امرا غريبا و مناقضا لمعطيات الطوبونيميا و الجغرافيا و الانثربولوجيا ، فكيف ذلك ؟
المعطى الطوبونيمي :
تخبرنا الرواية التاريخية ان المرابطين نشروا الاسلام في ربوع افريقيا السوداء و فرضوا المذهب المالكي في المغرب و حاربوا الفرق الضالة و البدع الفاسدة و لذلك قاتلوا البرغواطيين قتالا مريرا تسبب في استشهاد زعيمهم عبد الله بن ياسين. لقد كان البرغواطيون اشخاصا منحرفي العقيدة حسب المعايير المرابطية و تخللت شعائرهم ممارسات وثنية و عبدوا الها يدعي ياكش . لكننا عند تدقيقنا في اسم عاصمة المرابطين المجاهدين في سبيل نشر الاسلام و باستعانتنا بمعطيات الطوبونيميا نجد ان مراكش هي كلمة امازيغية مركبة من اسمين هما: امور – ياكش اي ارض الله . فكيف يعقل اذن ان يسمي المرابطون عاصمة دولتهم على اسم اله اعدائهم منحرفي العقيدة البرغواطيين ؟
المعطى العسكري الجغرافي :
لا يمكن ان تكون مراكش عاصمة الملثمين القادمين من الصحراء لانها تتواجد بعد اجتياز جبال الاطلس الكبير و هذا يعني قطع خط الرجعة على قبائل صنهاجة و جعلها تقع بين فكي الكماشة ، اي بين سندان قبائل مصمودة الساكنة بجبال الاطلس و مطرقة برغواطة ساكنة السهول . و هذا امر غير معقول عسكريا . من منظور عسكري استراتيجي فإن الصنهاجيين اذا ارادوا مراقبة قبائل مصمودة فسيقيمون معسكرهم قبل اجتياز جبال الاطلس لا بعدها حتى يضمنوا وصول الامدادات العسكرية من الصحراء . كما ان جبال الاطلس الكبير هي مرتفعة جدا بحيث نتساءل كيف استطاعت قبائل صنهاجة القادمة من صحراء موريتانيا المنبسطة ان تعبرها ؟ و كيف عبرتها دون اي مقاومة من قبائل مصمودة و نحن نعلم ان اي قبيلة تدافع باستماتة عن مجالها حينما يتعرض للاقتحام . ثم ان قبيلة مصمودة تستطيع بسهولة ان تدافع عن مجالها الجبلي مستفيدة في ذلك من وعورة تضاريسه و من عدم تعود الصحراويين عليه . لكن رغم كل هذه المعطيات المادية نجد ان الرواية التاريخية تقول ان المصامدة هادنوا الصنهاجيين و اذعنوا لهم و تركوهم يعبرون مجالهم و هو سلوك غريب غير معتاد لدى القبائل حينما يخترق مجالها خصوصا اذا كانت جبلية . كما تقول الرواية ان الصنهاجيين بعد اجتيازهم لمجال المصامدة اسسوا مدينة مراكش لمراقبة هذه القبيلة لكن مادام الصنهاجيون يتوقعون انقضاض المصامدة عليهم فالاجدر بهم ان يبنوا مدينة متصلة بالصحراء موطنهم الاول لا مدينة مقطوعة الاتصال بالمكان الذي اتوا منه .
ان ما لا ينتبه له المؤرخون بسبب اهمالهم لعلم الجغرافيا هو ان مدينة مراكش هي فعلا مركز عسكري اقيم لمراقبة جبال الاطلس الكبير و لكن ليس لصالح الصنهاجيين القادمين من الصحراء بل لصالح طرف آخر . ان قليلا من التمعن في المعطيات الجغرافية لهذه المدينة يجعلنا ندرك انها تؤدي نفس الدور الذي تؤديه مدينة وليلي التي يعرف المؤرخون المتخصصون في تاريخ المغرب القديم انها عبارة عن حصن عسكري متقدم لحماية سهول الغرب من قبائل جبال الاطلس المتوسط . لقد كان دورها المنوط بها هو ان تمنع قبائل الاطلس المتوسط من اكتساح السهول الواقعة على نهر سبو و بهت و كذلك دور مراكش . فهي ايضا حصن عسكري شيد لحماية سهول الحوز و الشاوية و دكالة و عبدة من اكتساح قبائل مصمودة لها . و بالتالي يمكننا القول ان من شيد مراكش هم سكان هذه السهول حتى يزرعوا سهولهم في مأمن من هجمات بدو الجبال مثلما هو الشأن مع مدينة وليلي .
المعطى الانثروبولوجي :
نعلم جميعا انه من طبيعة بدو الصحراء سكن الخيام ، و ذلك بسبب تنقلهم الدائم . و لذلك كانت مساكنهم من النوع الذي يركب بسرعة و يفكك بسرعة . ان مساكنهم تحمل صفة المؤقت نظرا لترحلهم المستمر . و لذلك حينما كانوا يقتحمون المدن و يهزمون اهلها ، فإنهم لم يكونوا يستقرون بها بل يفضلون البقاء خارجها في الخلاء لعدم تعودهم على سكنى الدور و المنازل و الازقة الضيقة . و هذا ما نلاحظه حينما دخل الفاتحون العرب الى مصر او تونس فانهم لم يستقروا بالاسكندرية مثلا او بقرطاج بل استقروا مدة طويلة خارجها في مدينتي الفسطاط و القيروان . و قد استلزم الامر منهم عدة اجيال حتى ينسوا سكنى الخيام و يقبلوا بسكن الدور (3). و لكن في الحالة المرابطية نجد حسب الرواية التاريخية ان صحراويي لمتونة انتقلوا بسرعة من سكن الخيام الى تشييد مدينة ضخمة بأسوارها العريضة دون المرور باي فترة انتقالية و هو امر غير مألوف في سلوك القبائل الصحراوية و كأن هذه القبيلة تخلت بسرعة عن شخصيتها الصحراوية و انتقلت فجأة من قبيلة رعوية مترحلة الى قبيلة زراعية مستقرة تحتمي بالاسوار السميكة دون المرور بأي فاصل زمني يذكر و هو امر غريب جدا .
ان الخطأ الذي يرتكبه المؤرخون هو اغفالهم لكون المصادر الادبية التاريخية هي مصادر مقصودة و بالتالي ينبغي الاحتراس منها بينما المطلوب هو ان يتم استنطاق كافة المصادر غير المقصودة لاعادة تركيب تاريخنا المغربي . نقترح في هذا الصدد الانطلاق من المجال كمصدر غير مقصود لاعطاء تفسير لحدث تاريخي الذي هو بناء مدينة مراكش . نوضح في هذا الصدد ان التراب المغربي ينقسم الى ثلاث مجالات : السهول و الجبال و الصحراء ، فسهول الغرب و الشاوية و الحوز و دكالة و عبدة تحيط بها جبال الريف شمالا و جبال الاطلس شرقا و جنوبا مما جعل المجال السهلي عصيا على الاختراق من طرف بدو الصحراء لكنه مع ذلك ظل مهددا من طرف بدو الجبال لهذا عمد ساكنة السهول الى تشييد مدن عسكرية الطابع كوليلي و مراكش لمراقبة كل من قبائل جبال الاطلس المتوسط و الكبير . و لان السهول هي المكان الافضل للانتاج الزراعي فقد عرفت استقرارا بشريا كبيرا و نشاطا اقتصاديا هاما ترجم نفسه في تشكل مدن عديدة على هذا السهل حازت احداهن لقب العاصمة .
لقد كان السهل بحكم ثرائه الطبيعي و قدراته الانتاجية الزراعية و انفتاحه على البحر يشكل مركز الثقل في التراب المغربي يليه بعد ذلك الجبل فالصحراء من ناحية الاستقطاب البشري و العمراني . و لهذا شيد سكان المجال السهلي مدنا عسكرية عند سفوح جبال الاطلس لحماية سهولهم من هجمات البدو. و هو ما يجعلنا نعيد النظر ايضا في اسباب بناء مدينة فاس . انه باستحضارنا للمعطى المجالي فإننا نقول ان مدينة فاس كانت قلعة عسكرية متقدمة اكثر من وليلي لصد الهجمات القادمة من الشرق عبر مضيق تازة . كما نرى نفس الامر بخصوص اغمات القريبة جدا من جبال الاطلس الكبير و بالتالي فنحن نرى انها بنيت بعد مراكش لتكون كقلعة متقدمة عن مراكش لتلقي اولى هجمات البدو . يبقى اذن على علم الاركيولوجيا ان يؤكد او ينفي هذا الطرح . انه اذا درسنا تاريخنا الوسيط من منظور مجالي فإننا نستخلص ان مدينتي فاس و مراكش كانتا لخدمة برغواطة لا العكس و ان ما يروى عن قتال الادراسة و المرابطين لها مجرد اختلاق .
اذن بتجميعنا للمعطى المجالي و الجغرافي و العسكري و الطوبونيمي و الانثروبولوجي نخلص الى ان مراكش كانت مدينة برغواطية بحكم ان هذه الدولة كانت تحكم المجال السهلي و ان ملثمي الصحراء الصنهاجيين لم يطئوا ابدا سهول المغرب بل لم يتجاوزوا جبال الاطلس الكبير و ان ما روته كتب التاريخ عنهم يدخل في خانة الحبكة الروائية التي لا دخل لها بالواقع ، بل ان هذه الرواية تعترف ضمنيا بعجز الصنهاجيين عن اقتحام المجال السهلي المغربي حينما تقول بان ابي بكر اللمتوني عاد ادراجه الى الصحراء و ترك يوسف بن تاشفين رفقة زينب النفزاوية يحكم المغرب . يوسف هذا لا نراه الا اميرا برغواطيا / موريا خصوصا اذا تأملنا في كلمة : مرابطين ، فهي تنقسم الى : مر ... ابطين ، و التي يمكن ان تكون مور ...برغواطيين ، ثم تحولت بفعل الادغام او التعريب الى مرابطين .
ان تاريخنا المغربي يعاني من ظاهرة الفترة الغامضة ، حيث انه الى حدود نهاية الدولة المرابطية لا نملك اية مصادر تاريخية مغربية مكتوبة ، ثم ينضاف الى ذلك انه في عهد الدولة المرينية التي اسستها قبيلة زناتة البدوية و القادمة من صحراء المغرب الاوسط تم تاسيس عدة مدارس من طرف هذه الدولة ليس من اجل تاكيد شرعيتها فحسب كما يشاع بل ايضا لمحاصرة جامعة القرويين و التعتيم عليها و انتاج ايديولوجية خاصة بالدولة المرينية و فرضها بالقوة ، و هو ما يدفعنا الى القول الى ان تاريخ المغرب قد اعيدت كتابته بعناية في عهد هذه الدولة ليتوافق و طبيعتها البدوية و بالتالي فإنه سيعبر باستمرار عن انتصار العنصر البدوي على خصمه الحضري السهلي و سيدعي ان هذا الانتصار تم منذ العهد المرابطي الصنهاجي و هو ما يدفعنا الى الشك في هذا التاريخ المكتوب بعناية فائقة و طرح العديد من الاسئلة كالتالي :
- هل كان الادارسة خصوما للبرغواطيين ام حلفاء لهم ضد هجمات الزناتيين؟
- هل يمكن ان يكون طريف بن شمعون البرغواطي هو طارق بن زياد علما ان طريفا معينا خلد اسمه على جزيرة طريف و طارقا معينا خلد اسمه على جبل طارق ؟ هل يمكن ان يكون كل من طريف و طارق شخصا واحدا ؟ و بالتالي فإن فتح الاندلس يعود للبرغواطيين و انه لا دخل للعرب و قائدهم موسى بن نصير به . للاشارة فإن كلمة طارق تنطق من طرف المغاربة : طاريق و بالتالي يحتمل ان تكون حرفت الى كلمة : طريف .
انه كما نلاحظ فإن تاريخ المغرب ليس فحسب تاريخ صراع بين الحضر و البدو كما اوضح ذلك ابن خلدون و هنري تيراس بل هو بشكل ادق تاريخ دفاع المجال السهلي عن نفسه ضد هجمات المجال الصحراوي . و لذلك فإنه اذا تناولنا تاريخ الموحدين و صراعهم مع المرابطين و حاولنا تقديم تفسير مادي لنشوء دولتهم فإننا نقدم التحليل التالي : امام عجز المصامدة الجبليين عن اقتحام السهل المغربي فإنهم استعانوا بالبدو الزناتيين و هو ما يفسر حديث المصادر التاريخية عن صداقة المهدي بن تومرت لعبد المومن بن علي الزناتي و كيف ان هذا الاخير هو من صار حاكما لدولة الموحدين و هو امر لا نجد له تفسيرا واقعيا الا بتغلب العنصر الزناتي على نظيره المصمودي بعد هزيمة معركة البحيرة و بالتالي انتقلت السيادة الى البدو الزناتيين الاشد بداوة من المصامدة .
هل فعلا امتدت الدولتان المرابطية و الموحدية الى الاندلس كما تدعي كتب التاريخ ؟. يحتاج هذا الامر الى تأكيدات اركيولوجية ، ذلك ان استقرار المرابطين و الموحدين في مراكش بدلا من فاس او الرباط امر غير ممكن عسكريا و مجاليا اذا علمنا ان كلا من المرينيين و السعديين و العلويين حرصوا على الاستقرار بفاس او على الاقل البقاء قريبين منها كما فعل المولى اسماعيل حينما استقر بمكناس من اجل مراقبتها . ان مجال المغرب السهلي منقسم الى غرب شمالي عاصمته فاس و حوز جنوبي عاصمته مراكش و يفصل بينهما نهر ام الربيع و المجال الشمالي بعاصمته فاس هو الاقوى و حتى حينما يضعف و ينقض عليه المجال الجنوبي فان هؤلاء القادمين الجدد الى فاس من مراكش لا يستطيعون السيطرة على مجال الغرب الا اذا استقروا بعاصمته فاس اما ان يحكموا شمال المغرب (منطقة الغرب) انطلاقا من مراكش فمستحيل جغرافيا و مجاليا و عسكريا و الوقائع التاريخية تثبت ذلك ، فالمرينيون حكموا المغرب انطلاقا من فاس و كذلك فعل السعديون و العلويون الصاعدون من الجنوب و مولاي حفيظ حينما اقال اخاه مولاي عبد العزيز قادما من مراكش . ان المرابطين و الموحدين هم اعجز عن تسيير المنطقة الواقعة شمال نهر ام الربيع انطلاقا من مراكش بله ان يحكموا امبراطورية ممتدة الى الاندلس . و لذلك فإننا نقول انه اذا كانت مراكش عاصمة للمغرب في العهد المرابطي و الموحدي فان ذلك يعني شيئا واحدا و هو انها عاصمة لدولة برغواطية تدافع عن سهول المغرب ضد هجمات البدو .
يمكن القول بكل جزم ان تاريخ المغرب الوسيط هو تاريخ مجالات متصارعة ، اي تصارع المجال السهلي الزراعي (البرغواطي) مع المجال الجبلي النصف الزراعي و النصف الرعوي و الصحراوي الرعوي . لقد ظل المجال السهلي يرد باستمرار اعتداءات المجال الجبلي عليه و لهذا استعان هذا الاخير ببدو الصحراء ممثلا في تحالف المصامدة و الزناتيين ، بل و لمزيد من الضغط على مزارعي السهل استعان الزناتيون (تقول الرواية انهم موحدون بينما اظن انهم مرينيون) بالبدو العرب اي عرب بني هلال و قد ادخلوهم من جهة الجنوب الشرقي للمغرب اي منطقة قبائل ايت عطا ثم ارسلوهم كرأس حربة صوب سهول الشاوية و الغرب مما اصاب المجال السهلي في مقتل و قضى على الدولة البرغواطية (او قلصها) و على القدرات الانتاجية الزراعية للمغرب و عطل آلته الانتاجية اي الارض السهلية حيث استوطنها البدو الرعاة و منذ ذلك الحين و المغرب يقتصر في نمطه الاقتصادي على تجارة القوافل و الرعي و القرصنة اما العمل المنتج فانخفض الى حدوده الدنيا و هو ما يفسر كثرة حدوث المجاعات في تاريخ المغرب الوسيط رغم توفره على السهول و الانهار ، هذا في حين انه في تاريخه القديم كان بلدا مصدرا للقمح لروما . إن قراءتنا للتاريخ المغربي من خلال الحقائق المجالية يدعنا الى الشك في الاسطوغرافيا المرينية و ما تقدمه من روايات فهي مثلا تدعي ان المرينيين (بزعامة عبد الحق و ولديه ادريس و ابي سعيد) قاتلوا قبيلة رياح العربية (4)، بينما اذا نظرنا الى هذه الرواية من منظور مجالي فسنجد انها قبيلة امازيغية برغواطية لان الرواية تقول ان هذه القبيلة حاولت منع تسرب الزناتيين عبر مضيق تازة و دافعت باستماتة عن احواز مكناسة و فاس ، و هو سلوك طبيعي من قبائل السهل البرغواطي و لهذا السبب شيدت مدينة فاس لمراقبة مضيق تازة و جبال الاطلس المتوسط و قبلها شيدت وليلي لنفس الغرض .
هل يمكن تفسير انقسام المغرب الى بلاد المخزن و بلاد السيبة بصراع الجبل و السهل و محاولة هذا الاخير استعادة سيادته ؟ سؤال يستحق النقاش .
يبقى في النهاية ان السهل ظل يعاني حالة الانهيار و الهزيمة امام الجبل حتى جاءت فرنسا و اعادت له سيادته فنقلت العاصمة من فاس الى الرباط و اسست محور القنيطرة الدار البيضاء و اعادت استغلال سهول الغرب و الشاوية و دكالة و عبدة مما احيا هذا المجال من جديد و بعث فيه الحياة في مكر تاريخي فريد .
ان الواقع الذي يعيشه المغرب حاليا في تاريخه الراهن من مركزية المجال السهلي هو الوضع السليم الذي ظل يبحث عنه منذ قرون . لكن هذا الوضع مازال يفتقر الى كتابة تاريخية موازية له و بالتالي فإنه مهدد في كل لحظة بالانهيار ما دمنا ندرس لتلامذتنا و طلابنا ذلك الانتصار الوهمي للصنهاجيين على البرغواطيين و ذلك التشييد المزعوم من طرف الصنهاجيين لمدينة مراكش رغم ان الطوبونيميا تفضح هذا الزعم .
لقد حان الوقت لاعادة كتابة التاريخ المغربي الوسيط بما يتطابق مع الحقائق المجالية التي اوردناها حتى نضمن استقرارا تاما للتراب المغربي و انصياعا لكل من المجال الجبلي و الصحراوي للمجال السهلي و ما مشكل اقاليمنا الجنوبية ببعيد . لذلك سنورد في هذا الصدد بعض التفسيرات او الافكار المؤسسة التي تسير في هذا الاتجاه :
- فاس هي قلعة متقدمة لوليلي لصد هجمات زناتة من ناحية الشرق .
- توجد اغمات عند سفوح الاطلس الكبير و يمكن اعتبارها قلعة متقدمة لمراكش التي هي بدورها قلعة متقدمة لحماية سهول الحوز من الاجتياح المصمودي
- قد يكون صراع فاس الادريسية مع برغواطة مجرد ادعاء مثل قصة صراع مراكش المرابطية مع برغواطة
- كانت علاقات فاس مع مدن الساحل الغربي السهلية عبارة عن علاقة مصير مشترك لا علاقة صراع و لهذا نجد ان محمد الشيخ السعدي حرص قبل احتلاله لفاس ان يحتل مدن السهول الغربية كالقصر الكبير و سلا و مكناس حتى يقطع امدادات هذه المدن عن مدينة فاس .
- حصل نفس الامر مع المولى اسماعيل حيث استقر بمكناس لمراقبة فاس و قطع اي صلة بينها و بين منطقة الغرب بالاضافة الى انه انشأ اكبر معسكر لجيش البخاري في المغرب و وضعه في منطقة غرباوية التي هي مدينة مشرع الرمل مما يوضح لنا ان الهاجس الذي سيطر على جميع حكام الدولة المغربية في العصر الوسيط و الحديث هو منع المجال السهلي من التمرد و الثورة .لانه المجال الذي يضم اكبر عدد من الفلاحين الذين بدورهم يشكلون الفئة الاولي المتضررة من سياسيات الدولة الجبائية و نظامها الاقطاعي اللاانتاجي مما يدفعهم باستمرار الى الثورة و الاحتجاج .
ان نظرة على خريطة تضاريس المغرب توضح ان السهل الغرباوي يشبه اراضي الدلتا المصرية فعنده تصب انهار سبو و بهت و ورغة و ابي رقراق .. مما حباه بتربة سميكة و غنية و جعله الافضل من ناحية الانتاج و المردودية الزراعية و بالتالي كان عامل جذب اقتصادي للانسان المغربي منذ القدم للاستقرار به و استغلال خيراته و لهذا تكونت في ربوعه عدة مدن كباناصا و تاموسيدا و ريغا . هذه الاخيرة تشير الدراسات الاركيولوجية الى انها كانت عاصمة المغرب في العصر الموري . لكن في العصر الوسيط الاسلامي تدهورت مكانة منطقة الغرب و صارت هدفا لهجمات قبائل زناتة البدوية و مصمودة و عرب بني هلال بل اضاف اليها المولى اسماعيل افارقة جيش عبيد البخاري مما حكم على القدرات الانتاجية لهذا المجال الزراعي الغني بالتوقف . فالساكنة الجديدة التي استقرت به تجيد الرعي لا الزراعة و به صارت المنطقة تعيش وضعا عمرانيا كاريكاتوريا تمثل في ان ساكنة هذا المجال من قبائل رعوية الاصل كانت تسكن الخيام او الاكواخ القصبية و هي مساكن خفيفة الوزن و سهلة التفكيك و التركيب تخص ساكنة الصحراء لاضطرارها للترحال المستمر اما ساكنة المناطق الزراعية بحكم استقرارها الدائم فتسكن في البيوت الحجرية لحاجتها الى خزن منتوجاتها الزراعية . لقد ظلت القبائل الهلالية الصحراوية التي استقرت بمنطقة الغرب تسكن لقرون عديدة في الخيام حتى مجئ الاستعمار الفرنسي(5) و مع ذلك تخبرنا الكتابات التاريخية ان ملثمي صنهاجة الصحراويين انقلبوا بسرعة الى بناة للمدن الحصينة كمدينة مراكش .
ان اصرار سلاطين المغرب على الدفع بجماعات بدوية كقبائل بني هلال و جيش البخاري الى الاستقرار بمنطقة الغرب يعني ان هذه المنطقة عرفت ثورات مزارعين مستمرة ضد السلطة المركزية شبيهة بثورات الزنج في الجنوب العراقي و هي ثورات او صراعات ذات منشأ اقتصادي لكن كتابات المؤرخين حرفتها الى صراع ديني او عرقي و هي منهجية معروفة لدى مؤرخي الطرف المنتصر الذي يعمد الى شيطنة الطرف المنهزم . و هكذا صار الصراع الادريسي البرغواطي المزعوم و الصراع المرابطي البرغواطي المزعوم صراعا دينيا بين جماعة صحيحة الايمان و جماعة منحرفة حلال دمها. و منه سيصبح شرعيا و مباحا استباحة السهل المغربي من طرف بدو الجبال و الصحراء . فمثلما ان ثورة الجنوب العراقي المزارع على الشمال البدوي العباسي تحولت على يد الاخباريين العباسيين الى صراع عرقي حيث عمدوا الى تحقير سكان الجنوب (وفق نظرتهم العنصرية للاعراق) و وصفهم بالزنج في حين لو تجولنا في الجنوب العراقي سنجد ان تواجد الزنوج هناك ليس بالحجم الذي يمكن ان يتسبب في اندلاع ثورة تدوم ل 15 سنة و بالتالي فإن ما يسمى بثورة الزنج هو في الواقع ثورات ابناء الجنوب العراقي لا ثورات عبيد مستقدمين من الخارج . لكن و ان اعترفت كتب الاخباريين ضمنيا بان ثورة الزنج هي ثورة مزارعين فإن كتب اخباريينا سكتت تماما عن هذا العامل و حولت الانظار الى العامل الديني و بالتالي فإن البرغواطيين (سكان السهول) ما داموا يتبعون نحلة فاسدة فإنه يجوز قتالهم و استباحة اراضيهم لادخالهم عنوة في الاسلام الصحيح حسب منظور هؤلاء الاخباريين .
المثير في تاريخنا المغربي هو ان ظاهرة الدولة البرغواطية تستعصي على الاختفاء . لقد ظلت الدولة البرغواطية حاضرة رغم كل الحملات التي شنت ضدها منذ الدولة الادريسية الى الدولة الموحدية . نستطيع ان نقول ان هذه الدولة صمدت كل هذه المدة بسبب قدراتها الانتاجية . علما ان هذا الصمود هو مذكور في كتب اعدائها الذين من المفترض ان يعتموا عليها الى اقصى قدر و بالتالي فان عمرها الحقيقي قد يكون اطول مما ذكرته كتب الاخباريين اذا وضعنا في الاعتبار ذلك التواجد الغريب لجمهورية القراصنة الموريسكيين في نفس منطقة تواجد البرغواطيين (الرباط هي عاصمة برغواطية اسمها الاصلي : برباط) و بالتالي يمكن ان نطرح السؤال التالي : الا يمكن ان يكون الموريسكيون امتدادا لظاهرة البرغواطيين ؟ كيف يعقل ان يستقر الموريسكيون بسلا و الرباط و لا يستقرون بمدن قريبة من الجنوب الاسباني كسبتة و مليلية و طنجة و الحسيمة مثلا ؟ تقول الرويات ان الموريسكيين تعرضوا للهجوم من طرف المغاربة ! الا يمكن ان يكون هذا الهجوم استمرارا للحرب المشنة على برغواطة من القدم من طرف انظمتنا الاسلامية ؟ تبقى اسئلة جديرة بالبحث و التفكر .
كانت هذه محاولة لترتيب جديد لتاريخنا المغربي الوسيط . فنحن نرى انه تاريخ غير متطابق مع الواقع الجغرافي و ان كتبته من مؤرخي الدولة المرينية و شيوخ مدارسها عمدوا الى خلط اوراق التاريخ المغربي لتدعيم شرعية الدولة المرينية في مواجهة غريمتها برغواطة . لقد كانت الدولة المرينية وافدة على المغرب و حتى تصنع لها جذورا فيه عمدت الى كتابة تاريخ مغربي منحاز لها يعلي من شأن الوافدين و يخفض من شأن ابناء البلد .لقد كان من اثار هذا التاريخ المريني ان مسخ ذهنيات المغاربة و سلبهم هويتهم و مقاومتهم للبدو الغزاة و حولهم الى خونة لاوطانهم . لذلك نقول ختاما انه يجب اعادة كتابة التاريخ المغربي عبر الانتصار لساكنة السهل وفق عملية تركيبية تنطلق من التاريخ اللارادي الى التاريخ الارادي و ليس العكس و ذلك مع دراسة التدهور الذي حصل على البنيات الاقتصادية و الاجتماعية و العمرانية في المجال السهلي خصوصا عبر امد طويل يمتد من العصر القديم الى سنة 1912 . انذاك بكل تأكيد سنكتب تاريخنا بشكل مغاير تماما .
_____________________
هوامش :
(1) عبد الاحد السبتي ، التاريخ و الذاكرة ، ص : 205 .
(2) عبد الله العروي ، مجمل تاريخ المغرب ، ص : 184 و 185 . الطبعة الثالثة ، 2012.
(3) عندما ادخل محمد الشيخ السعدي معه الى فاس عددا من أعراب الخلط لم يانسوا بالمدينة و فضلوا الرجوع الى بواديهم . محمد مزين ، فاس و باديتها ، ص : 131 .
(4) مصطفى البوعناني ، الاستقرار البشري في منطقة الغرب ، ص : 87 – 88 . مجلة الجمعية المغربية للبحث التاريخي ، منطقة الغرب ، التاريخ و المجتمع , العدد 5-6 / 2007 – 2008.
(5) بوجمعة رويان ، الطب الكولونيالي بالمغرب ، ص : 55 – 57 .


يوسف رزين



#يوسف_رزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم العمران الخلدوني
- عبد الله العروي مضللا
- قراءة في كتاب : شدو الربابة بأحول مجتمع الصحابة ،خليل عبد ال ...
- كفاح بن بركة
- النظام الدولي : النشأة و التطور
- الحركة الوهابية النشأة و التطور و المآل
- الجزائر الفرنسية ..حكاية تطور مجهض
- عبادة الماء في المغارب القديمة
- سوسيولوجيا الأعيان
- حيرة شيخ - قراءة في مقال لعبد السلام ياسين -
- أحداث 23 مارس 1965
- الكتابة على الجسد..بحث في الدلالات
- وداعا نابليون
- أنثروبولوجيا الحرام
- تاريخ المطبخ الفرنسي
- شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة
- الحرية الجنسية في الإسلام
- نشأة علم التاريخ عند العرب
- فلسفة التاريخ بين هيغل و ماركس
- تاجر البندقية .. إعادة تفكيك


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف رزين - من بنى مراكش ؟ مقاربة مجالية لتاريخ المغرب