أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف رزين - تاجر البندقية .. إعادة تفكيك














المزيد.....

تاجر البندقية .. إعادة تفكيك


يوسف رزين

الحوار المتمدن-العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


قبل أربعة قرون كتب شكسبير مسرحيته الشهيرة "تاجر البندقية" ، لكن كما هو واضح من ردود النقاد فإن عمله تعرض لسوء فهم كبير .. نعم لقد أسيء فهم عمله المسرحي هذا سواء من طرف النقاد الغربيين أو العرب . فالغربيون رأوه متحاملا على اليهود و لولا أنه شكسبير لاتهموه بمعاداة السامية و منعوا مسرحيته ، و أما العرب فقد رأوا فيه فاضحا لليهود و مخططاتهم الصهيونية ! لدرجة أن هناك من أطلق عليه اسم الشيخ الزبير ! . لكن هل فعلا عالج شكسبير الموضوع الذي انتهى إليه إدراك النقاد (الصراع اليهودي المسيحي) أم انه قصد معالجة إشكالية أخرى ..إشكالية أعمق ؟ هذا ما سنراه في هذا المقال .
بداية تقوم أحداث المسرحية حول انطونيو المسيحي الذي يستدين من اليهودي شايلوك فيشترط عليه انه إذا عجز عن سداد الدين في وقته أن يقطع رطلا من لحمه . فلماذا أراد شايلوك اليهودي أن يقطع لحم انطونيو المسيحي ؟ ما السر وراء ذلك ؟ و ماذا أراد شكسبير أن يقول من خلال هذه القصة ؟ هنا يكمن مربط الإشكالية ..هذه الإشكالية التي عجز النقاد عن تحديدها لأنهم انساقوا وراء أحداث المسرحية التي انتهت نهاية سعيدة فاعتقدوا أن شكسبير كتب ملهاة لتسلية الجمهور يدين من خلالها اليهودي الحقير مقابل المسيحي الطيب .. إن شكسبير في هاته الحالة يكون كاتبا مسرحيا عاديا و ليس ذلك العبقري الذي نعرفه . شكسبير باختصار عبقري ارتفع إلى مصاف الأنبياء . شكسبير كان مهموما بمشاكل حضارته الغربية ، لذلك شخص مشاكلها بدقة و وصف لها العلاج .
إن مقابلة يهودي/مسيحي التي وضعها شكسبير في مسرحيته هي مقابلة مضللة للقارئ العادي و الناقد السطحي أيضا . إنه لا يهدف من خلال عمله المسرحي إلى معالجة أسباب الصراع اليهودي المسيحي بل إلى معالجة صراع آخر. فأنطونيو في المسرحية لا يملك من المسيحية إلا الاسم ، فثقافته هي إغريقية رومانية فضلا عن انه ايطالي . إذن نحن أمام مقابلة أخرى يمكن أن نجعلها كالتالي : يهودي/روماني ، لكن لكي تتضمن هذه المقابلة عنصر الصراع و التوتر علينا أن نغوص إلى مقابلة أعمق ..مقابلة يكون العرق هو محددها الأساسي فتوفر لنا بذلك شرط التطابق و التناقض بين عنصريها . فاليهودي شايلوك في هذه المسرحية يمثل العرق السامي و انطونيو المسيحي الروماني هو ممثل للعرق الآري . إذن المقابلة هنا تصبح كالتالي : العرق السامي/ العرق الآري .
لكن لماذا يوجد صراع بين هذين العرقين ؟ لماذا لا يتعايشان بسهولة ؟ للجواب على ذلك نغوص إلى مقابلة أعمق و هي مقابلة الأنثى/الذكر . فالعرق السامي هو عرق أنثى و لهذا تظهر عقليته الأنثوية في معماره المتميز برقته و سواريه الرشيقة ، أيضا في حروبه التي تعتمد على استدراج العدو و محاصرته ، و أما العرق الآري فهو عرق ذكوري يتميز بمعماره الضخم و المتجهم بسواريه العريضة و استراتيجياته العسكرية القائمة على الهجوم المباشر .
إذن كما قلنا فهذان العرقان (السامي و الآري) يطبعهما الصراع الأنثوي الذكوري و هو بالمناسبة صراع دموي كما يعلم بذلك العارفون بخبايا علم النفس، و شكسبير من خلال مسرحيته (تاجر البندقية) يحاول أن يعالج هذه الإشكالية التي تنتظر الحضارة الغربية .
إن شكسبير هو ابن عصر النهضة الأوربية ، و قد شهد بنفسه صعود الحضارة الغربية ذات الأصول الإغريقية الرومانية و بحثها عن الاكتمال و الامتلاء و الذروة ، لكن هذه الحضارة هي بالأساس حضارة عرق آري ، و إذا لم تجد حلا للصراع الآري السامي فإنها ستقع حتما في مجازر رهيبة و الأخطر من ذلك أن مسيرتها ستتعرض للتوقف لان استمرار دورانها رهين باحتوائها للعرق السامي و اتحادها معه .
إن اليهودي شايلوك/السامي/الأنثى حينما يرغب في قطع لحم أنطونيو/الآري/الذكر ، فذلك كرد فعل على اعتداءات انطونيو عليه . إن شكسبير يتعاطف مع شايلوك /السامي/الأنثى على عكس ما ذهب إليه النقاد و يدين أنطونيو/الآري/ الذكر و يدعوه إلى تغيير معاملته و إلا سيظل الصراع الآري/السامي قائما .
إن المشكلة التي عالجها شكسبير في مسرحيته هي مشكلة حقيقية يعاني منها العقل الغربي . إنه لحد ألان لا زال لا يستوعب الوجود السامي على هذا الكوكب
و لهذا بعد أربعة قرون من كتابة مسرحية تاجر البندقية سيأتي شخص يدعى هتلر بإيديولوجية ساذجة سيقنع من خلالها الألمان بإبادة ستة مليون يهودي . إذن شكسبير لم يكن يعبث حينما كتب مسرحيته . لكن يبقى السؤال : هل فعلا وعى العقل الغربي أزمته كما وعاها شكسبير ؟
الجواب من خلال ممارسات هذا الغرب هو انه قام بالتحايل على أزمته و لم يعها بعد ! صحيح انه بعد الفظائع المرتكبة في حق اليهود على يد النازيين قام بسن قانون معادة السامية لكنه في العمق استمر في عدائه للساميين بأشكال ملتوية . فهو أولا أخرجهم من أوربا بدعوى إيجاد وطن قومي لهم في فلسطين ! ثم حولهم إلى سكين يقطع به أرطال اللحم السامي ..العربي هذا المرة .
و تستمر الملهاة...



#يوسف_رزين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالات بخصوص التاريخ الإسلامي
- أنثربولوجيا الأضحية ..محاولة للفهم
- الاحتلال الروماني للمغرب
- وليلي مدينة إقامة يوبا و الحكام الرومانيين
- لوح بابلي..حوار السيد و العبد
- لمحة عن الحياة العلمية في الأندلس في عهد الناصر و المستنصر و ...
- الحقيقة الغائبة
- عبد السلام ياسين من منظور حداثي - نظرات في الفقه و التاريخ -
- البغاء في الإسلام


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف رزين - تاجر البندقية .. إعادة تفكيك