أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف رزين - الاحتلال الروماني للمغرب















المزيد.....

الاحتلال الروماني للمغرب


يوسف رزين

الحوار المتمدن-العدد: 3934 - 2012 / 12 / 7 - 08:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في هذا العرض سنتناول إشكالية الاحتلال الروماني للمغرب ، فكيف كانت بداياته و كيف تجلى من الناحية العسكرية و المجالية و الاقتصادية ، إلى أن ننتهي في نهاية المطاف إلى تحديد ما ميز سياسة روما الاستعمارية و المآلات التي انتهت إليها .
بدايات الاحتلال :
في هذا الصدد يمكن الحديث عن ما قبل مقتل الملك بطلمي و ما بعد مقتله ، فروما في العهد الأغسطي كانت تعتمد على حماية غير مباشرة للمغرب ، تحميها من تحمل نفقات الإدارة المباشرة لموريطانيا ، لذلك كانت تعتمد على الملوك المحليين كيوبا الثاني أو بطلمي . و الغرض من هذه السياسة كان هو التذويب البطئ و التدريجي لموريطانيا في العالم الروماني .
لكن بمجئ الإمبراطور كاليكولا ، فإن هذا الأخير حرق هذه المراحل و اعدم بطلمي عندما استدعاه لاحتفال أقامه في مدينة ليون بعدما ثارت غيرته من الملابس الفاخرة التي كان يرتديها الملك المغربي .
الاحتلال من الناحية العسكرية :
إذن كما ذكرنا فإنه بمقتل الملك المغربي بطلمي فقدت موريطانيا الغربية استقلالها و أعلنت كولاية رومانية سنة 40م . و من غريب الصدف أن كاليكولا هو أيضا تم اغتياله في نفس السنة ليخلفه الإمبراطور كلود . هذا الأخير احتاج إلى ثلاث سنوات لإخضاع القبائل الثائرة بقيادة آيدمون عتيق و وزير بطلمي . و قد شارك في قمع هذه الثورة الفيالق التالية :
- فيلقان من الفيالق الثلاثة المتواجدة باسبانيا
- الفيلق العاشر المزدوج المتواجد بايطاليا و بلاد الغال
- الفيلق الرابع المقدوني
بالإضافة إلى عدد مماثل من الجنود المساعدين ، أي أن عدد أفراد الجيش الروماني كان لا يقل عن عشرين ألف رجل ، بالإضافة إلى أن روما احتاجت أيضا للأسطول التجاري لبريطانيا لتموين هذا الجيش عبر البحر ، مما يدل على صعوبة المهمة لدى الجيش الروماني .
في هذا الصدد تمدنا الأركيولوجيا بمعلومات مهمة حيث اكتشفت في وهران نقيشة هي عبارة عن شاهد قبر لأحد الغاليين الذين قاتلوا في الجيش الروماني في موريطانيا الغربية في فرقة اللينكونيين ، أما في وليلي فاكتشفت نقيشة تخص احد الجنود التولوزيين .
إذن بفضل هذا الجيش استطاع في سنة 41م المنتدب لولاية موريطانيا ذو الرتبة القنصلية مركوس ليكيوتوس كراسوس فروجي القضاء على ايدمون ليتم إرساله بعد ذلك إلى بريطانيا لتولي مهام عسكرية أخرى .
بعد ذلك في سنة 42م سيأتي منتدب في رتبة القضاء و يدعى كايوس سويطونوس باولينيوس الذي سيطارد الثوار إلى ما وراء الأطلس الكبير ، فانطلق من وهران و مر ببركنت و تندرارة و تملالت و تمغنت و جبل العياشي و الكارات و واد كير ثم عاد بعد ذلك لينال رتبة قنصل مردف .
ثم في سنة 43م حل محله كنايوس هوسيديوس جيتا الذي كان له نفس المستوى البرطوري حيث قبض بتخوم الصحراء على آخر رؤساء الموريين صابال . و بذلك انتهت المعارك الحربية في موريطانيا الغربية .
الإحتلال من الناحية المجالية :
بعد أن احتلت روما المغرب بشكل مباشر و أزالت الملكيات المحلية ، فإنها قامت بتغير سياستها فيما يخص التدبير المجالي للتراب المغربي . ففي سنة 44م عين الإمبراطور كلود واليا هو مركوس كاديوس كلير بوظيفة منتدب كما يخبرنا بذلك الإهداء الذي اكتشف بوليلي .
هذه الولاية الجديدة(موريطانيا الغربية) ضمت إليها ولاية تنجيتانيا بعد أن كانت مستقلة عنها . أيضا موريطانيا الغربية انفصلت عن موريطانيا الشرقية منذ سنة 46م . و بالتالي صار الوضع المجالي كالتالي :
موريطانيا القريبة (موريطانيا الشرقية) عاصمتها هي قيصرية و لها حاكم برتبة مفوض ، اما موريطانيا القاصية (موريطانيا الغربية) فاندمجت فيها مستوطنات أوكتاف (موريطانيا الطنجية) و عاصمتها وليلي لمراقبة قبائل الأطلس و كان لها حاكم له أيضا رتبة مفوض و كلا الحاكمين ينحدران من مستوى الفرسان ، و في بعض المناسبات كانا يقعان تحت سلطة مفوض برتبة منتدب كما حدث في عهد هادريان و فيسباسيان و انطونان .
إذن كما يتضح من التقسيمات التي قامت بها روما للتراب المغربي أنها كانت تتميز بالمرونة و تسمح لها بإعادة ترتيب و تنظيم المجال المغربي حسب ما تقتضيه مصلحتها . فتارة توحد المجال المغربي و تارة تقسمه .
الاحتلال من الناحية الاقتصادية :
بخصوص سياسة روما الاقتصادية فإنها قسمت المغرب إلى مناطق نافعة و غير نافعة ، و بطبيعة الحال فإن المناطق النافعة استوطنها الرومان كما تفيدنا بذلك البراءات العسكرية المكتشفة في كل من بناصا و وليلي ، حيث توضح أن العديد من قدماء المحاربين نالوا بهذه المناطق النافعة قطعا أرضية .
أكثر من ذلك فإن نقائش وليلي توضح كيف استقر بها مهاجرون من جميع أنحاء الامبراطورية الرومانية ، حيث قدموا من فيينا و سوريا و بلاد العرب أما التمثال الذي وجد في سلا لمركوس سولبيكيوس و الذي أقامه مجموعة من الأصدقاء ، فتدل أسماؤهم و ألقابهم على أنهم قدموا من اسبانيا و ايطاليا . لكن إذا كانت هذه النقائش تخبرنا بجنسيات المستوطنين فإننا سنظل نتسائل حول نوعية الاستغلال الاقتصادي الذي أقامه هؤلاء في المغرب ؟ و هو ما سنعالجه في الفقرة الموالية .
أشكال الاستغلال الاقتصادي :
الاستغلال الاقتصادي توزع على الأنشطة التالية :
- زراعة القمح : و هي زراعة ادخلها البونيقيون و ازدهرت في عهد الملوك الموريين كما دلت على ذلك النقوش الموجودة على النقود المكتشفة في طنجة و اصيلة و ليكسوس و بناصة و بابا . أما في العهد الروماني فسيزرع القمح في أراضي كانت بورا و بكميات ضخمة لدرجة أن موريطانيا كانت احد مخازن الشعب الروماني .
- زراعة الزيتون و الأغراس النافعة و البقليات كالفول .
- تربية الخنازير .
- صيد السمك : في هذا الصدد قاموا بإحياء المصايد البونيقية لصيد السمك و أنشأوا معامل جديدة لتمليحه بلكسوس .
- تجارة الأخشاب و جلود الفراء و العاج عن طريق استغلال غابات العرعار بالمغرب و صيد الحيوانات الضارية و الفيلة .
طريقة الاستغلال :
في طريقتهم لاستغلال ثروات المغرب فإن الرومان لم يهتموا إلا بمصلحتهم و لم يعيروا اهتماما لحاجيات السكان المحليين فكانت طريقتهم قائمة على استنزاف الأراضي و الاستغلال المفرط مع حرمان الأهالي من الاستفادة منها . فهم مثلا اصطادوا الوحوش الضارية لتزويد ملاعبهم و متاجرهم بالفراء و اصطادوا الفيلة طمعا في عاجها بشكل مفرط حتى انقرضت نهائيا في القرن الرابع الميلادي . أيضا قاموا بالقطع المفرط لأشجار العرعار حتى انقرضت أما في مجال تربية المواشي فإنهم لم يهتموا إلا بأنفسهم فربوا الخنزير رغم أن لحمه مكروه من طرف الأمازيغ .
و يلاحظ أن اهتماماتهم الاستثمارية لم تتطابق تماما مع نظيرتها الفينيقة أو المغربية ، فهم و إن احيوا المصايد البونيقية فإنهم أهملوا المتاجر التي أنشأها البونيقيون على المحيط . كذلك هجروا حقول النخيل بوادي تنسيفت و أهملوا جزر الكناريا و مصبغات الأرجوان و أهملوا كذلك مناجم الفضة في درعة .
سياسة روما الاستعمارية :
ما يمكن قوله بخصوص هذه السياسة هو أنها قامت على الاستنزاف المفرط لثروات المغرب مع الاقتصاد في النفقات العسكرية . لهذا حصر الرومان تواجدهم العسكري في المناطق النافعة ( من طنجة الى وليلي ) ، و لهذا كان عدد الجنود لا يتعدى ستة آلاف رجل و قد عوضت روما هذا النقص في العدد بإقامة طرق تربط بين طنجة و سلا و وليلي ، من اجل ضمان تحرك سريع للقوات العسكرية بالإضافة إلى أن المستوطنين الرومان كانوا أساسا من الجنود المسرحين من الخدمة و بذلك كانوا يشكلون جيش احتياط يمكن استخدامه في اي لحظة لمواجهة ثورات الأهالي .
نتائج الاحتلال المباشر :
إذا قمنا بمقارنة بين مغرب ما قبل بطلمي و ما بعده، فإننا نلاحظ أنه في عهد الملوك الأمازيغ كان السلام مخيما على المغرب أما في عهد الاحتلال المباشر فكانت الثورات لا تنقطع كما توضح ذلك النقائش المكتشفة في وليلي و التي تتحدث عن المعاهدات المتكررة التي كانت السلطات الرومانية تبرمها مع ملوك القبائل الأمازيغية الثائرة .
هذه الاضطرابات و الثورات استمرت إلى أن اضطر الإمبراطور ديوكلتيان إلى التخلي سنة 283م عن موريطانيا السفلى و الاحتفاظ فقط بموريطانيا الطنجية و ضمها إلى أبرشية اسبانيا .
و هكذا يمكن القول في نهاية معالجتنا لهذه الإشكالية أن روما خسرت في نهاية المطاف في رهانها على سياسة الاحتلال المباشر للمغرب .
_________________________
مرجع : جيروم كركوبينو / ترجمة : محمد التازي سعود



#يوسف_رزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وليلي مدينة إقامة يوبا و الحكام الرومانيين
- لوح بابلي..حوار السيد و العبد
- لمحة عن الحياة العلمية في الأندلس في عهد الناصر و المستنصر و ...
- الحقيقة الغائبة
- عبد السلام ياسين من منظور حداثي - نظرات في الفقه و التاريخ -
- البغاء في الإسلام


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف رزين - الاحتلال الروماني للمغرب