أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - قبل أصالة … حاكموا سعاد محمد!














المزيد.....

قبل أصالة … حاكموا سعاد محمد!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6698 - 2020 / 10 / 9 - 13:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفراغُ وهوسُ الشهرة والعداءُ الفطريُّ للبشر والحياة، أمورٌ مخيفة. إن اجتمعتْ على شخص ما، فإنه رحمه الله، يتحوّلُ إلى آلةِ تعذيب للبشر، وجهازِ تخريب للوطن. ماذا يفعلُ مثل ذلك الشخص، المنكوب بتلك الكوارث؟ يتأبَّطُ شرًّا، ومع طلعة كلّ نهار، يرفع قضيةً يختصمُ فيها مثقفًا أو فنانًا أو مفكرًا. شريطةَ أن يكونَ ذاك الخِصمُ مشهورًا، حتى ينالَ ذلك الشخصُ شيئًا من الشهرة في خبرٍ صغيرٍ بركن جريدة، أو زاويةٍ مخفية في موقع! أولئك المنكوبون، مشهورون بافتعال قضايا صغيرة، لملء فراغ الوقت، وحصد "الشوو" وجذب الأنظار.
يذكّرني هذا بمحامٍ ظريف، صدّقوا أو لا تصدّقوا، رفع ضدي الشهرَ الماضي قضيةً يتهمني فيها بأنني: (أسقي النباتات وأُطعمُ عصافيرَ السماء الطليقة)! واليومَ تقدم ذلك المحامي اللطيفُ ذاتُه ببلاغ إلى نيابة "أمن الدولة العليا" ضدّ الفنانة الجميلة "أصالة نصري" بتهمة "ازدراء الأديان"، وطالب بإدراجها على قوائم الممنوعين من السفر! لماذا؟! لأنها غنّت أغنية جميلةً تدعمُ فيها حقوقَ المرأة، وتدعو الرجالَ أن "يستوصوا بالنساء خيرًا"، كما أمرنا رسولُ الله عليه الصلاة والسلام!
إنها عجائبُ الأيام التي يلجأ فيها الناسُ إلى "سوء استخدام حقّ التقاضي" بما يُعطلُ الوطن ويشغلُ الناسَ عن جادّة العمل. استند المحامي المشاكسُ في بلاغه على بيان صادر من مجمع البحوث الإسلامية التابع لمشيخة الأزهر الشريف، ردًّا على ما تداولته بعضُ وسائل التواصل الاجتماعي، حول الأغنية، جاء فيه: “أن الاقتباس من الحديث النبوي في أغنية، أمرٌ لا يليق بمقام النبوة، لما قد يلابس أداءَ الأغاني من أمور تتنافى وجلال النبوة.” وأوصى البيانُ الناسَ "فقط" بعدم سماع الأغنية.
والحقُّ أنني في غاية العجب. فعن أبي هُريرة أن النبيَّ عليه الصلاةُ والسلام قد قال: (ليس مِنَّا مَن لم يتغَنَّ بالقرآنِ) رواه البخاري ومسلم. وقرأنا أن رسول الله سمع أبا موسى الأشعري يقرأ القرآنَ بتنغيم شجيّ، فقال له الرسولُ الكريم: "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة! لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داوود". فقال أبو موسى الأشعري: "أوَ كنتَ تستمعُ لي يا رسول الله؟" قال الرسولُ: "نعم". فقال الأشعريُّ: "لو أعلمُ أنكَ تستمع لي لحبّرته تحبيرًا". فالقرآنُ العظيم نحبُّ سماعَه مُرتّلاً ومُجوّدًا على وقعِ المقامات الموسيقية الشجية. فهذا "مقامُ الصَّبا" الروحانيّ الحزين، يتلو عليه القرآنَ الشيخان العظيمان: محمد رفعت، ومحمد صدّيق المنشاوي. وهذا مقامُ "النهاوند" الرقيقُ العذب، توسَّله المنشاوي ورفعت والعسافي والشاطري؛ لترتيل القرآن الكريم. وهذا مقامُ "الرست" الرصينُ، يستهلُّ على وقعه الفخيم كثيرٌ من أئمة الحرمين الشريفين مثل الحذيفي والسديس والشريم والمحيسني، ثم يُعرّجون على مقام "البيات"؛ الذي يتسلّل إلى الروح مثلما يتسلّلُ جدولٌ من الماء العذب إلى أرض ظمأى. وهذا عظيمُ المقرئين “عبد الباسط عبد الصمد”، يتنقّل بين المقامات، مثل عصفور يجولُ من غصنٍ إلى غصن، ليرتشفَ الناسُ من حنجرته حلاوةَ آيات الله البيّنات.
أما أغنيةُ "أصالة" الجميلةُ، فعنوانُها: “رفقًا"، كتبها الشاعر: “محمد أبو نعمة"، ولحّنها: “سهم"، وتقول كلماتُها: “رفقاً بمَن عنهنَّ قِيلَ/ استوصوا خيرًا بالنساءْ/ فقد خُلقن بضَعفِهن/ وزادَهُنَّ الله حياءْ/ هُنَّ السكينةُ في المحن/ هُنّ المعونةُ للرجال/ جُمِّلن بلباسِ التُقى/ زُيّنَّ بأحبِّ الخصالْ/ فيهنّ مَن فاضتْ عليها/ من السماءِ المعجزاتْ/ هُنّ الشقائقُ والسكنْ/ والغالياتُ المؤنسات/ ولهنَّ باعٌ يُحترم/ في العطفِ والجودِ والكرمْ/ واللهِ ما أهانَهُنّ/ إلا لئيمٌ قد ظلمْ/ أدّينَّ كلَّ الواجباتِ/ وضربنَ في الطُهرِ المثلْ/ وصلُ الإله مَن اتقاه/ فيهنَّ وبهنَّ اتصل/ رفقًا بمَن من أجلِها / نَطَقَ الرضيعُ بمهدِه/ الخيرُ كلُّ الخيرِ في/ مَن كان خيرًا لأهله.” فبأي صلفٍ وتجبّرٍ نختصمُ كلماتٍ بهذا الجمال والبهاء والرقيّ؟!
وإنني، في مقامي هذا، أدعو هذا المحامي المشاغب بأن يتقدّم، إن استطاع، بدعوى قضائية مماثلة لمحاكمة المطربة الراحلة: "سعاد محمد"؛ التي شدت بصوتِها الآسر، على وجه المليحة "سميرة أحمد" في فيلم "الشيماء" قائلة: “إنكَ لا تهدي الأحبّة واللهُ يهدي مَن يشاء"، في اقتباس صريح من الآية الكريمة: “إنّكَ لَا تهدي مَن أَحببتَ ولكنَّ اللَّهَ يَهدي مَن يشاء وهو أعلمُ بِالمهتدين" الآية 56/ القَصَص. والأغنيةُ من كلمات العبقري عبد الفتاح مصطفى، وموسيقى العبقري محمد الموجي. وربمّا كذلك أدعو أن يتقدّم محامٍ مسيحيٌّ بدعوى قضائية مماثلة ضدّ رمز مصر الخالد "أم كلثوم"، لأنها شدت قائلة: “الله محبة"، من إنجيل يوحنا.
أيها الأزهرُ الشريف، ويا مجمّعَ البحوث الإسلامية، رجاءً ورفقًا: لا تقتلوا الإبداعَ فينا، فإن فيه ملاذًا وخُلقًا وحياة. ورفقًا بالوطن. "الدينُ لله، والوطنُ لَمن يترفّقُ بالوطن”.



***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعداءُ مصرَ الخبثاء
- القيم واحترام الآخر… شكرًا يا ريّس!
- لمن نسيَ ما يفعله الرئيس السيسي!
- إن شالله ينجّيك يا ولدي… تقولُ مصرُ للرئيس
- (سيد درويش)… المسرحُ في تمامِه
- خيري شلبي …. شيخُ الحكّائين!
- ماذا قال تحوت عن -الشرّ- …. رأس السنة المصرية 6262
- ماذا قال تحوت عن الشرّ …. رأس السنة المصرية 6262
- أمّي … التي تموتُ كلَّ يوم!
- آية … إبراهيم … عظماءُ على مُنحنَى المعادلة الرباعية
- علاء الدين… المسرح في أوجِ الإبهار
- سمير اللإسكندراني … خالدٌ كما تعاويذ الفراعنة
- القلمُ الباركر …. الذي علّمني نُصرةَ المظلوم
- روشتة النجاح: -الصَّمَم الجميل- !!!
- وفاءُ النيل … عند السلف الصالح
- بابٌ من صفيح
- إطلاقُ اسم سمير الإسكندراني … على أحد شوارع القاهرة
- أبي …. وعنصريةُ يدي اليسرى!
- لماذا تأخّر التنويرُ في بلادنا؟
- صاحبُ المقام… التجارةُ الحسنةُ مع الله


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - قبل أصالة … حاكموا سعاد محمد!