|
روشتة النجاح: -الصَّمَم الجميل- !!!
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 6658 - 2020 / 8 / 26 - 11:08
المحور:
حقوق الانسان
Facebook: @NaootOfficial الفاشلون يكرهون الناجحين. والخاملون يحنقون على الفاعلين. والبلداءُ الشاغرون يحقدون على النُبهاءِ الجادّين. حقائقُ معروفةٌ يُثبتُها الواقعُ على مدار التاريخ. وليتَ الأمرَ يقفُ عند تلك المشاعر السلبية من كراهية وحنق وحقد، إذن لدعونا للحاقدين بالصلاح؛ عسى أن يحبّوا مَن يكرهون، ثم يتخذون الناجحين الجادّين قدوةً، فيجدّون وينجحون مثلهم. لكن الخطيرَ والمؤسف أن تلك المشاعرَ السلبية تتطوّرُ إلى طاقاتِ عرقلة وتعطيل وتكسير واغتيال معنويّ وأدبيّ، أملاً من العاطل أن تتوقفَ مسيرةُ الناجح، ويلحق بقطار الفاشلين؛ فيهنأ الفاشلون بأن ركبَهم قد زاد نفرًا، وأن قطارَ النجاح قد نقُص فردًا. وربما هذا ما قصده د. أحمد زويل" حين قال: “الغربُ ليسوا عباقرةً ونحن لسنا أغبياء. ھم فقط يدعمون الفاشلَ حتى ينجح، ونحن نحارب الناجحَ حتى يفشل.” ولكن أين دورُ الشخص الجادّ من كل هذا؟ ماذا عليه أن يفعل لمواجهة تلك الحروب الرخيصة؟ ربما من المدهش أن أنصحَ ذلك الشخص "الفاعلَ" بأن يكون "سلبيًّا" تمامًا. نعم. الحلُّ الأمثل لمواجهة الحقد والحسد والعرقلة وتكسير المجاديف هو "الصمم" الكامل. سأحكي لكم قصّتين. إحداهما رمزيةٌ، والأخرى حقيقية؛ كلتاهما تُعطي "روشتة النجاح والتفوق”. أبدأ بحكاية من الفولكلور الرمزي. مجموعةٌ من الضفادع شاركت في مسابقة لتسلّق جبل إيڤرست الشاهق. وقف الناسُ بالأسفل يهتفون ساخرين: (لن يصل أيُّ ضفدع إلى قمة الجبل! مستحيل!) وبالفعل، بدأت الضفادعُ في التساقط واحدًا في إثر واحد، إلا ضفدعًا واحدًا أكملَ السباقَ حتى وصل إلى القمة وحيدًا. وذُهل الجميعُ وبدأوا في التلويح له بدهشة حين بدأ رحلة الهبوط في سلام، ونال الجائزة وسط تعجّب الجماهير. وحين سأله الصحفيون كيف حقق المعجزة، لم يردّ، بل أشار بإصبعه بما يعني أنه أصمُّ لا يسمع. الدلاليةُ الرمزية من تلك الحكاية هي أن "صَمَمَ" الضفدع الناجح قد فوّتَ عليه سماعَ الهتافات المُحبطة التي أسقطت زملاءه الذين سمعوا وصدّقوا وآمنوا باستحالة الفوز، فأخفقوا، وسقطوا. بينما كان الحظُّ حليفًا للضفدع "الأصمّ" الذي أكمل مسيرة العمل والجد والكد والكفاح، دون شوشرةٍ ولا ضغائنَ، حتى وصل إلى القمّة؛ وكأنه سمع مقولة "ڤيتوريو أريجوني”: (الناجحُ إنسانٌ حالم، لا يستسلم أبدًا.) هكذا يفعل كلُّ عباقرة الكون: لا يلتفتون إلى التافهين الذين يقتلون أنفسهم كدًّا وجدًّا، لا للنجاح، بل لإفشال الناجحين. الحكاية الثانية واقعيةٌ حدثت بالفعل. وتؤكد نظرية "الصَّمَم الجميل" الذي يحمي الإنسان من الطاقة السلبية التي يضخّها الفاشلون في روح الناجحين، أو تضعها الظروفُ في طريقهم، فيحيدون عن جادة النجاح والتفوق والعمل الرصين. في نهاية إحدى محاضرات درجة الدكتوراه في الرياضيات، كتب البروفيسور على السبورة معادلتين (لا حلَّ لهما) في "التفاضل والتكامل”. وقال لطلاب الدكتوراه: (دوّنوا هاتين المعادلتين اللتين أخفق في حلّهما علماءُ الرياضيات عبر التاريخ؛ حتى تستوثقوا وتوثّقوا أن العلم أحيانا يقفُ عاجزًا عن الوصول إلى حلول. اعلموا أن العقل البشري مازال في مرحلة الطفولة، ولم يصل إلى النضوج بعد. كذلك العلمُ: مازال ناقصًا عاجزًا عن حل العديد من معضلات البشرية. وهاتان المعادلتان ثتبتان ذلك. لم يستطع عقلٌ من أعظم عبقريات العالم أن يجد لهما حلا. هاتان المعادلتان ليستا للحلّ. وليس مطلوبًا منكم إلا تدوينهما لتتذكّروا قصورَ العلم، ومحدودية العقل البشري.) وخرج البروفيسور من قاعة المحاضرة، وخرج الطلاب. كان هناك طالبٌ يجلسُ في آخر الفصل، غارقًا في نومه. وعلى صخبِ الطلاب في خروجهم من قاعة الدرس، استيقظ. شاهد المعادلتين على السبورة، فظنّ أنهما واجبُ الغد، فدونهما في دفتره ومضى. سهر الطالبُ الليلَ كاملا يحاول حلَّ المعادلتين. وفي الصباح ذهب الطالبُ "النائمُ" إلى البروفيسور في مكتبه وقال له: (سيدي، حللتُ واحدة، وأخفقتُ في حل الأخرى.) لم يفهم البروفيسور ونظر في الدفتر وقرأ المعادلة المحلولة، ثم هتف مذهولا: (مستحيل! كيف نجحت فيما أخفق فيه أكبرُ عباقرة العالم؟!!) ما حدث هو أن نومَ الطالب في المحاضرة، قد فوّتَ عليه الإنصاتَ إلى كلمة (مستحيلٌ حلُّها). فسهر الليلَ وحاول الوصول إلى الحل، ونجح. بينما لم يحاول زملاؤه، ولا حتى أساتذته، لأنهم وضعوا العربةَ أمام الحصان، وقدّموا المستحيلَ على الممكن، وركنوا إلى الركون دون المحاولة، فأغلقوا بابَ الخيال والإبداع. نصيحةً مخلصةً من ضفدع أصمَّ أذنيه عن ترهات الحاقدين: (تسلقوا الجبالَ، وحلّوا المعادلات الشاقة، ولا تراهنوا على الفشل، بل استثمروا بكلِّ طاقاتكم من أجل النجاح.) وكما أختتم دائمًا جميع مقالاتي أقول: "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن”. ***
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاءُ النيل … عند السلف الصالح
-
بابٌ من صفيح
-
إطلاقُ اسم سمير الإسكندراني … على أحد شوارع القاهرة
-
أبي …. وعنصريةُ يدي اليسرى!
-
لماذا تأخّر التنويرُ في بلادنا؟
-
صاحبُ المقام… التجارةُ الحسنةُ مع الله
-
بيروت الجميلة … سلاما
-
محمد مشالي … شجرةٌ بمئة مليون ثمرة
-
نورا … وأشهر إصفاقة باب في التاريخ
-
إنه … الأستاذُ: عبد الرحمن أبو زهرة
-
نورا التي رفضت أن تكون عروس حلاوة
-
حوار مجلة أمارجي العراقية مع الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت
-
انتحالُ صفة: (رجل)!!!
-
التحرُّش… وصعوبةُ أن تسكنَ جسدَ امرأة!
-
حينما تصيرُ المرأةُ: سيارةً ب قِفل!!!
-
رجاء الجدّاوي … الجميلةُ التي غادرت
-
كيف أشرق نورُ 30 يونيو؟
-
مانديلا … محمود أمين العالم … وثقافة السُّموّ
-
شريف منير …. وجدائلُ الجميلات
-
درس شريف منير ... لكريماته
المزيد.....
-
إيران.. اعتقال 700 مرتزق خلال الحرب مع إسرائيل وإعدام 3
-
الأمم المتحدة: الأرقام لا تكذب وقتل الفلسطينيين أثناء انتظار
...
-
الاونروا: آلية المساعدات في غزة -فخ موت- يهدد حياة المدنيين
...
-
الأمم المتحدة: 2,5 مليون لاجئ يتعين نقلهم إلى وجهات جديدة
-
الأمم المتحدة: القوات الإسرائيلية تقتل 410 أشخاص خلال أسابيع
...
-
السعودية: الداخلية تعلن إعدام مواطنين -ارتكبا جرائم إرهابية-
...
-
15 عضوا بالكونغرس الأميركي يطالبون بإغلاق معتقل غوانتانامو
-
إيران.. اعتقال مواطن أوروبي بتهمة التجسس لإسرائيل
-
اعتقال 115 متهماً بينهم أوروبي بتهمة الإخلال بالأمن في غرب إ
...
-
استمرار حملات الإغاثة المغربية لفائدة العائلات الفلسطينية ال
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|