أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - قاسم حسين صالح - حسينالسلطة وحسين الشعب















المزيد.....

حسينالسلطة وحسين الشعب


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 6697 - 2020 / 10 / 7 - 18:53
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



أثبتت الأحداث اننا في العراق لدينا حسينان،(حسين) السلطة وحسين الناس،(حسين) الحكّام وحسين المحكومين،(حسين) الخضراء وحسين ساحات التحرير، (حسين) قتلة أنصاره،وحسين شهداء شعاره(هيهات منّا الذلّة).
ولتوكيد ذلك،نقول ان ثورة الامام الحسين تنفرد بتعدد النظريات التي تفسر اسبابها،والشائع منها تمنحها هوية سياسية او اسلامية فيما الهوية الحقيقية لها انها ثورة اخلاقية.فلو كانت سياسية فان هدف القائم بالثورة يكون الوصول الى السلطة فيما الحسين كان يعرف انه مقتولا.ولو كانت اسلامية لما تعاطف معها مسيحيون وقادة غير اسلاميين بينهم غاندي،فضلا عن ان الحاكم (الخليفة)كان يحتاج الى الدين لبقائه في السلطة.
وما يدهشك ان ثورات عظيمة في التاريخ، باتت الآن منسية،فيما ثورة الحسين تتجدد وتبقى خالدة رغم ان القائم بها كان رجلا واحدا،وانه مضى عليها اكثر من الف عام..والسبب هو ان موت الضمائر وتهرؤ الاخلاق والزيف الديني هي التي تشطر الناس الى قسمين:حكّام يستبدون بالسلطة والثروة،وجماهير مغلوب على امرها..فتغدو القضية صراعا ازليا لا يحدها زمان ولا مكان،ولا صنف من الحكّام او الشعوب.ومن هنا كان استشهاد الحسين يمثل موقفا متفردا لقضية انسانية مطلقة،مادامت هنالك سلطة فيها:حاكم ومحكوم، وظالم ومظلوم،وحق وباطل.

واستشهاد الحسين كان تراجيديا من نوع فريد..ليس فقط في الموقف البطولي لرجل في السابعة والخمسين يقف بشموخ وكبرياء امام آلاف الرجال المدججين بالسيوف والرماح المنتظرين لحظة الايذان بالهجوم عليه وقتله،ورفضه عرض مفاوض السلطة بأن يخضع لأمرها وله ما يريد، وردّه الشجاع بصيحته المدويه:(هيهات منّا الذلّه)..بل ولأن المشهد كان فيه نساء واطفال،وكأن الحسين اراد ان يثبت للبشرية ان بشاعة طغيان السلطة في أي نظام بالدنيا،تتجاوز وحشية الحيوانات المفترسة.

كان بامكان الحسين ان ينجو وأهله واصحابه بمجرد ان ينطق كلمة واحدة:(البيعة)..لكنه كان صاحب مبدأ:(خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدّي) والاصلاح مسألة اخلاقية،ولأنه وجد أن الحق ضاع:(ألا ترون أن الحق لا يعمل به)،ولأن الفساد قد تفشى وشاعت الرذيلة..وكلها مسائل اخلاقية.وكان عليه ان يختار بين:ان يوقظ الضمائر ويحيّ الاخلاق،أو ان يميتها ويبقى حيا..فاختار الموت..وتقصّد أن يكون بتلك التراجيديا الفجائعية ليكون المشهد قضية انسانية أزليه بين خصمين:سلطان جائر..وجموع مغلوب على امرها.
تغليب الانفعال على القيم
ما يجري عندنا في ذكرى استشهاد الحسين هو الاستغراق في الجانب الانفعالي على حساب تفعيل القيم الأخلاقية التي تشكل جوهر ثورته.ولهذا سببان سنتحدث عنهما بالصريح وان كان يغيض كثيرين بينهم من هو في السلطة ولديه وسائله في افناء الآخر.
السبب الأول،التوحّد مع تراجيديا الحدث في مشهده الانفعالي.ولكي نفهم الأمور بعقلانية،نوضح هنا نظرية خاصة بالدماغ خلاصتها:ان كل واحد منّا يمتلك عقلين:انفعالي يتعلق بالحزن،الغضب،الحب،الخوف..وفكري يتعلق بالادراك والفهم والتعامل مع الأمور بعقلانية..وأنه اذا نشط احدهما فأن الآخر يضعف او يتعطل.
والذي يجري ان العقل الانفعالي لجماهير واسعة يسيطر عليهم فيستغرقون في اللطم والبكاء والمبالغة في تجسيد مظاهر الحزن،ويتعطل لديهم العقل المنطقي الخاص بالقيم والمباديء التي ثار من اجلها الامام الحسين.
وثمة حقيقة سيكولوجية،ان المشهد الجماهيري الذي يوحّده تعاطف عميق مع فاجعة انسانية، يحصل فيه نوع من التنافس او التصعيد في تجسيد الانفعالات يكون فيها المعيار الدال على حب الحسين هو:كثرة الدم المسفوح على الكتفين من ضرب الزنجيل،او شدة احمرار الصدور من اللطم عليها،او غزارة الدموع في بكاء مستمر،او طول مسافة المشي على الاقدام نحو كربلاء.
ان هذه المعايير لا تعبر بالضرورة عن شدة الحب للحسين،فهنالك فئات من الشيعة،ومحبيه من غير الشيعة،يعبّرون عن حزنهم للحسين بأساليب راقية تدلل على ان حبهم له اكثر وعيا بقيمه وتضحيته من اجل الحق والعدالة الاجتماعية.
والسبب الثاني،ان الاسلام السياسي يوظّف الاحتفاء بذكرى استشهاد الحسين لغايات سياسية.ولأنهم جماعات وكتل واحزاب فان التنافس يجري بينهم من خلال ما يصرفونه على الجماهير من طعام وشراب ومنام..الهدف منها زيادة عدد ناخبيهم..بعكس ميسورين يصرفون الكثير في حب خالص للحسين منزه من غايات دنيوية.
وثمة حقيقة سيكولوجية هي ان زيارات عاشوراء في زمن صدام الطاغية،الجبار،المرعب،
كان لها حاجة للزائرين لدى الأمام..تقوم على آليتين نفسيتين:
• شعور الإنسان العاجز المحبط بقلة الحيلة وانعدام الوسيلة.
• إسقاطه على الإمام القدرة على فك أزمته بوصفه إنسانا يتميز عن سائر الناس بكرامة أو جاه أو رجاء إذا رفعه إلى رب العالمين فأنه لا يخيب رجاءه.

ولقد ولّى زمن الطاغية وجاء زمن يفترض ان تكون فيه الزيارة دعوة لتطبيق القيم الأخلاقية التي استشهد من اجلها..فكما خرج طالبا (الاصلاح) ومناديا بين الناس:(الا ترون ان الحق صار لا يعمل به) فان عليهم ان يتمثلوا قيم الحسين ويصلحوا حالهم وحال السلطة ،فصيحة من اجل مظلوم وايواء يتيم واشباع جائع وارجاع مهجّر الى بيته لهي اكثر تقديرا لدى الحسين من قطع مئات الكيلومترات مشيا على الاقدام.والضرب بالزنجيل على الظهور والسكوت عن فشل حكومة ميزانيتها تساوي ميزانية ست دول عربية،بوطن هو الأغنى بالعالم وفيه (11)مليون يعيشون تحت خط الفقر،وعاصمة مقطعة الاحياء بالكونكريت الطائفي..يغيض الحسين ولا يسرّه.
اساءات السلطة للأمام الحسين .
القيم الكبرى في ثورة الحسين هي الوقوف بوجه ظلم السلطة وطغيانها وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حرية وكرامة الانسان التي اكد عليها الاسلام.فتعالوا نطبّق هذه القيم على السلطة في العراق بعد التغيير.
واقع الحال ان العراق الآن فيه عالمان:عالم السلطة المحدد بمنطقة صغيرة في بغداد (10كم مربع)،وعالم كبير هو العراق.والذي حصل ان هذه المنطقة سرقت احلام العراقيين وجلبت لهم الفواجع اليومية،وأوصلتهم الى اقسى حالات الجزع والأسى:الترحم على الأيام التي كانت فيها هذه المنطقة حمراء!.وحصل ان السلطة في العراق عزلت نفسها مكانيا بأن احاطت وجودها بالكونكريت والحراسة المشددة،وعزلت نفسها نفسيا عن الناس.ولولا انها ما كانت ظالمة وطاغية لما وصلت العلاقة بينهما الى حالة القطيعة..ولو انها كانت قد اتبعت منهج الحسين لكانت قريبة من الناس لأن الحسين ساكن في قلوبهم.
وللأسف،ان اساءة السلطة للأمام الحسين وصلت الى الخارج.فبدل ان نقدم الحسين رمزا انسانيا لعالم افسدت أخلاقه السياسة فان تطبيقات السلطة واحزاب الاسلام السياسي ارتكبت اساءة بالغة بحقه أمام الأجانب.ففي مقالة لكاتب بريطاني اسمه(دافيد كوكبورن) نشرها في صحيفة الاندبندنت بعنوان: " كيف تحولت بغداد الى مدينة للفساد"..قال بالنص:

(احسست بألم وانا ارى شعارا مكتوبا على لافتات سوداء بساحة الفردوس: "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن"!.عشر سنوات منهج "حسيني "!!والنتيجة هي حكومة حرامية..عشر سنوات في الحكم وبميزانية تقارب ترليون دولار..اي ما يقارب حاصل جمع ميزانيات العراق خلال ثمانين عاما!..والنتيجة ان زخة مطر تُغرق "عاصمة الثقافة العربية"!.عشر سنوات من الفساد المالي والسياسي الذي يضع البلد اليوم على حافة الانهيار..وكل ما تملكه حكومة الحرامية هو شعار "الحسين منهجنا لبناء المواطن والوطن"!! ). فأية اساءة أشدّ وجعا من اساءة يدعي اصحاب السلطة انهم (حسينيون) فيما اعمالهم تناقض مباديء الحسين وقيمه!..وأقبحها انهم تركوا ملايين،اوصلوهم الى السلطة،تعيش في بيوت الصفيح بينهم من يفتش عن قوت يومه بنبش (الزباله)، فيما صاروا،بعد ان كانوا معدمين،يعيشون حياة باذخة ويشترون الفلل والشقق الفارهة في بيروت وعمان وشرم الشيخ ولندن وباريس.
وخاتمة الدروس:ان الحسين ثار ضد سلطة يزيد لأنها مارست زيفا دينيا،وان الناس مدعوون الى تغيير كل من يمارس (زيفا حسينيا) على صعيد السلطة او في ظلها. وبرغم ان قراءة واقع الحال تجعلك عل يقين بأن الحسين لو خرج الآن في بغداد فان اول من يتصدى اليه هم ساكنو المنطقة الخضراء،وبينهم من هو اقبح من الشمر بن ذي الجوشن!،فانه سيبقى يخشاه كل حاكم مستبد بالسلطة والثروة.
ويبقى التساؤل: من ينتصر في الآخر..حسين السلطة أم حسين شعب..قدّم في انتفاضة تشرين/اكتوبر وحدها أكثر من خمسمئة شهيدا؟!



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناظرات ترامب - بايدن مؤشرات سيكولوجية اولى
- أروع انجازات انتفاضة تشرين..احياء الشخصية الشيعية!
- الشخصية العراقية من الدكتاتورية الى الديمقراطية (1)
- الكاظميبعد المئة يوم - تقويم أداء (2)
- الكاظمي بعد المئة يوم - تقويم أداء(1)
- نوري المالكي - تحليل شخصية بمعطيات العملية السياسية في العرا ...
- نوري المالكي - تحليل شخصية بمعطيات العملية السياسية في العرا ...
- نوري المالكي -تحليل شخصية بمعطيات العملية السياسية في العراق ...
- نوري المالكي - تحليل شخصية بمعطيات العملية السياسية في العرا ...
- المصابون بالزهايمر..ضحايا كورونا المنسيّون
- ركضة طويريج (135) عاما!- تحليل سوسيوسيكولوجي (2)
- ركضة طويريج (135)عاما! تحليل سوسيوسكولوجي(1)
- قانون مناهضة العنف الأسري - تحليل سيكولوجي (3)
- حسين ساحات التحرير و (حسين) الخضراء
- كامل شياع..استذكار عاشق الثقافة والوطن
- قانون مناهضة العنف الأسري - تقويم وتحليل سيكولوجي(2)
- هيبة الدولة..من أضاعها؟
- و..أنت ماذا صنعت؟
- قانون مناهضة العنف الأسري العراقي- تقويم وتحليل سيكولوجي
- الأنتخابات المبكرة..من سيربح الفوز؟ قراءة سيكولوجية


المزيد.....




- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - قاسم حسين صالح - حسينالسلطة وحسين الشعب