أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أيمن حسن .. أكتوبر زمن الأسأطير














المزيد.....

أيمن حسن .. أكتوبر زمن الأسأطير


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6696 - 2020 / 10 / 6 - 10:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول شمس التبريزي: " البذرة لا تصدق أن شجرة ضخمة مخبأة داخلها". ولا يصدق البشر في حياتهم اليومية أن البطولة مخبأة في سلوكهم الاعتيادي إلى أن تحين لحظة يتعرض فيها الوطن للإهانة، فتورق شجرة الشجاعة ومن بذرة صغيرة يفوح عطر الأسطورة. يقول أيمن حسن الجندي المصري البسيط إن عمه كان جندي صاعقة، وعمه الثاني كان في سلاح المدفعية الخفيفة، أما عمه الثالث فقد استشهد في حرب أكتوبر، وأنه – أي أيمن- تشبع من صغره بقصص الدفاع عن مصر، ومن صغره تشرب ملاحم وبطولات حرب أكتوبر. عام 1990 كان أيمن جنديا على الحدود حين شاهد ذات يوم كيف انقطع الحبل الذي يرفع العلم المصري، فطار العلم إلى الجانب الآخر من الحدود حيث الجنود الاسرائيليين، فما كان من أحدهم إلا أن التقط العلم وقام بمسح حذائه بالعلم أمام عيني أيمن. بعد ذلك بأربعة أيام تعمد الجندي الصهيوني أن يستخدم نفس العلم المصري استخداما قذرا مع مجندة اسرائيلية تحت بصر أيمن! وعبر أسلاك الحدود سدد أيمن نظرة إلى الاسرائيلي وخاطبه في نفسه بقوله:" لقد طلبت موتك بنفسك، فانتظره". وقرر أيمن أن يصطاد ذلك الجندي مهما كلفه الأمر، فظل تسعة أيام كاملة يحسب ساعات ظهور الجندي وأيام إجازاته غيابه، وفي تلك الأثناء جددت اسرائيل عدوانها الفظ على المقدسات في فلسطين، فقرر أيمن أن جنديا واحدا لم يعد يكفي للثأر، وأنه لابد من عملية فدائية أكبر، وراح يخطط لعمليته على مدى شهر ونصف بالكامل من غير أن يطلع أحدا من زملائه على خطته خوفا من أن تتسرب المعلومات. وظل أيمن يعد للعملية الكبيرة خلال شهر ونصف بالكامل ويقول في ذلك:" خططت لضرب أتوبيسين يحملان جنودا وضباطا داخل المنطقة الاسرائيلية، وكنت أعلم أن رجوعي حيا من هناك أمر مستحيل، لهذا حصلت على إجازة سافرت فيها إلى بلدتي، وهناك سددت ديوني لمن كنت مدينا له، وصالحت من كنت قد أغضبته، وقمت بزيارة من لم أكن قد زرته، وودعت أقاربي محتسبا نفسي شهيدا، وعدت إلى وحدتي. وكنت قد رسمت خط سيري للعملية، وكنت أتدرب عليه يوميا بمختلف الذرائع. كان الأتوبيسان يتحركان بحماية قوية، وفي أوقات محددة، لكني اكتشفت دقيقتين لا يكون فيهما الأتوبيسان محميان، ما بين السادسة وثلاث دقائق والسادسة وخمس دقائق، حسبت هاتين الدقيقتين كما في الشطرنج، ورتبت كل شيء، لكن واجهتني مشكلة الحصول على الذخيرة من مخزن السلاح، وكان يقيم فيه خمسة جنود هم أخوة وزملاء لي. وقفت عند باب الحجرة أدعو الله أن يفكها من عنده. وبالفعل فوجئت بضابط يسأل جنديا عن وجود تلفزيون، فأسرع الجنود إلى مكان آخر ليجلبوا له التلفزيون، ولم يبق في مخزن السلاح أحد ما عدا جنديا واحدا، فرحت أزحف على بطني إلى صناديق السلاح حتى حصلت على أربعمائة طلقة. وفي فجر 26 نوفمبر 1990 هبطت مشيا إلى الحدود الإسرائيلية، وتوقفت عند السلك الشائك الفاصل حين أخذت ساقي اليسرى ترتجف بشدة، وقلت أخاطبها : " ح تكملي معي أهلا وسهلا.. لن تكملي سأقوم بقطعك من بدني"، واحتسبت نفسي شهيدا عند الله. عبرت الحدود واختفيت في مكمن كنت قد حددته في الخطة قبل ذلك، وكان هناك على بعد ثلاثين متر ملف للسيارات، المفروض أن يمر به الأتوبيسان. اشتبكت مع الأتوبيس الأول، ثم تظاهرت أني مصاب أعرج وأنا أتجه إلى الأتوبيس الثاني، وفتحت النار على الجميع، وفي اللحظة الأخيرة شاهدت وجه ذلك الجندي الذي مسح حذاءه بعلم بلادي، فأفرغت فيه ست عشرة رصاصة، ورجعت بينما ظلت تطاردني طائرة هليوكوبتر اسرائيلية مسافة ثمانين مترا داخل حدودنا المصرية، ولم تستطع إصابتي، فقط طلقة واحدة مرت وشعرت بهوائها البارد قرب رموش عيني، لكنها لم تكن قاتلة. بينما استطعت أنا أن أصفي 21 ضابطا وجنديا إسرائيليا وجرحت عشرين آخرون كما أعلنوا فيما بعد. رجعت إلى حدودنا، وكنت أدعو الله لو قدر لي الموت أن أموت داخل بلادي، وسلمت نفسي لقيادة الوحدة التي فوجئت بما فعلت، و كان أول من قابلني هو النقيب محمد العسيري. قلت له: " قمت بهذه العملية كما قام بمثلها من قبل الشهيد سليمان خاطر في أكتوبر 1985"، فوضع النقيب يده على كتفي وقال لي: " سنصونك في عيوننا".
لقد حوكم أيمن حسن بعد عودته إلى وحدته لأنه خرق النظام العسكري، ووجهت إليه تهمة القتل بالعمد مع سبق الاصرار ل 21 عسكريا إسرائيليا وإصابة عشرين آخرين وإتلاف ست سيارات. وفي 6 أبريل 1991 بالسجن مدة 12 سنة، وخرج من السجن بعد عشر سنوات عام 2000، وعاد إلى مهنتة البسيطة التي يتقنها : السباكة. تبقى في داخل كل مصري هذه البذرة الصغيرة التي تخفي شجرة، تتفتح ما إن يتهدد الوطن خطر أو تمس كرامته إهانة. تبقى بطولات شعبنا وبسالته، التي لا تتوخي مصلحة أو هدفا. أيمن حسن بطل من الشرقية التي طالما أهدت مصر الثوار والمكافحين، وفي مقدمتهم الثائر العظيم أحمد عرابي ليغيروا تاريخها ويؤكدون أن الدفاع عن كرامة مصر جدير بكل ألوان البطولة.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعاد حسني .. وخشم الست بدور
- المرأة المصرية .. بطولة وجمال
- لمن يلومون فيروز .. زهقنا منكم
- جون ميدلي يتصدى لنهب الفقراء
- السد العالي .. تجربة أدبية
- أدونيس.. مدافع التطبيع
- جــــئـــت أنـــت قـصـة قــصـيــرة
- تـــصــادف أنــنــي .. قــصـة قـصـيـرة
- الــفـــلــوس فــي حــيــــاتــــي
- شجن - قصة قصيرة
- شـــجــــن - قـصـة قــصـيــرة
- تدوير الفكر الثقافي والسياسي
- المسافة من التحرش إلى الاعدام
- محمود رضا .. خفقة الراية الجميلة
- لماذا نكتب ؟
- حمار وحلاوة .. الشارع والثقافة
- عن الأدب والسياسة الآن
- عنف الديكتاتورية
- بياضة - قصة قصيرة
- ترامب لايحمي الأمريكيين .. لكن السوريين ممكن !


المزيد.....




- ترامب: إيران لا تربح الحرب مع إسرائيل وعليها إبرام اتفاق قبل ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لتدميره مقاتلات إيرانية في مطار ...
- -إيرباص- تفتتح معرض باريس بصفقة ضخمة مع السعودية
- معدلات تخصيب اليورانيوم في إيران: من نسبة 3.67 في المئة إلى ...
- ترسانة إيران الصاروخية: أي منها لم يدخل بعد في المواجهة مع إ ...
- بينهم رضيع.. مقتل 48 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي جديد شمال غزة ...
- ترامب في تهديد مُبطّن: على إيران التفاوض قبل فوات الأوان
- العمل لساعات طويلة -يغير من بنية الدماغ-.. فما آثار ذلك؟
- بمسدسات مائية..إسبان يحتجون على -غزو- السياح!
- ألمانياـ فريق الأزمات الحكومي يناقش إجلاء الألمان من إسرائيل ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أيمن حسن .. أكتوبر زمن الأسأطير