أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمود رضا .. خفقة الراية الجميلة














المزيد.....

محمود رضا .. خفقة الراية الجميلة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6617 - 2020 / 7 / 13 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


يحدث أحيانا أن تغرق السفن، وتبقى راياتها عالية في الريح إشارة إلى زمن وعصر انقضى ولم يبق منه إلا الذكريات، هكذا رحل الفنان محمود رضا، مثل راية تنكسر في الريح. أسس مع أخيه على رضا أول فرقة فنون شعبية في العالم العربي. لكن ظهور الفرقة وصعودها كان جزءا من عصر كامل، حينما تولى وزارة الثقافة فتحي رضوان الكاتب المحامي، وتولى مصلحة الفنون الكاتب الكبير يحيي حقي، في اللحظة التي كانت مصر تبحث فيها عن طريق للتحرر، وتقيم حركة عدم الانحياز بين قوتين عظميين: أمريكا والاتحاد السوفيتي. حينذاك قال جوزيف تيتو عن الحركة
وبلاد العالم الثالث: " نحن ضمير العالم ولسنا عضلاته". وعندما جاء تيتو في زيارة لمصر لأول مرة في فبراير 1955، اتصل أمين القصر الجمهوري بيحيي حقي المسئول عن مصلحة الفنون وأخبره أن الرئيس عبد الناصر سيقيم حفل عشاء للزعيم اليوغسلافي وأنه يود أن يعقب العشاء حفلة تقدم فيها بعض الفنون ثم أضاف بالنص:" فاخطف رجلك إلى شارع الهرم وتخير لنا أرقى ما تجده من نمر الرقص الأوروبي". وانزعج حقي من الفكرة، وطالب بمهلة، وقرر أن يبحث عن فنانين شعبيين ليقدم وجه مصر، وكان أبرزهم عازف على طبلة بلدية ريفي وضرير لكنه مذهل في أدائه مع بعض الرقصات الايقاعية الشعبية. ولمس عبد الناصر مدهوشا مدى اعجاب تيتو بالعازف في جلبابه البلدي. ويقول يحيي حقي إن: " ضارب الطبلة ذاك كان أول منفذ للفنون الشعبية إلى حصن الدولة" فقد أدرك عبد الناصر ضرورة الاهتمام بالفن الشعبي، وهكذا أقيم لأول مرة مهرجان للفنون الشعبية في مصر، وبدأ الاعداد لأوبريت من عدة لوحات تصور الفن في محافظات مصر، ويشير رضوان في كتابه " 72 ساعة مع عبد الناصر" إلى أن ناصر قال :" أنا عارف أن فتحي رضوان غير راضي عن طول حفلات أم كلثوم.. وكثرة ترديد المقطع الواحد عشرين مرة.. لكن محاولة تغيير هذا بمثابة الوقوف ضد التيار"فقال له رضوان:" لكننا واقفون في وجه التيار فعلا..ألست تقيم السد العالي؟". فأجابه ناصر:"السد العالي معلش.. لكن يأتي على الناس وقت لا يطيقون فيه أنفسهم.. دع لهم وقتا يفرجون فيه عن أنفسهم". فأجاب رضوان:" لكن العمل الفني وسيلة لرفع المعنويات، بينما حفلات الطرب عندنا عملية تعذيب"، فتمتم ناصر: " لن يستمر هذا كثيرا.. بس إوعى تغضب أم كلثوم"! وبدأ الاعداد لأوبريت ياليل ياعين بفكرة من توفيق حنا، وأعد النص على أحمد باكثير بمناقشة وحضور زكي طليمات وحضور ومساهمة وملاحظات نجيب محفوظ! وعرضت الأوبريت لأول مرة في سبتمبر 1956 في دار الأوبرا القديمة بمشاركة نعيمة عاكف والمطربة شهرزاد، وحينذاك ظهر للمرة الأولى محمود رضا، ثم توقف عرض الأوبريت بسبب العدوان الثلاثي في أكتوبر من العام نفسه. على هذه الخلفية من بحث الثقافة المصرية عن ملامحها نضجت فكرة انشاء فرقة رضا لكن ذلك تم فقط بعد نحو ثلاث سنوات عام 1959، ولم يكن لديها بعد لا خبرة ولا تصور ولا طريقة، وتم الاستعانة بخبراء الفن الشعبي الروس، وفي ذلك يقول د. زكريا عبد الشافي صديق محمود رضا إن الفرقة" اتخذت منهجها وفقا للمدرسة الروسية"، بل وهناك في هذا الصدد كتاب بعنوان " فرقة رضا والتدريبات الروسية" للدكتور مدحت فهمي. وأخيرا قدمت فرقة رضا أول عروضها باسمها على مسرح الأزبكية في أغسطس 1959 ولاقت نجاحا مدويا، ومع الخبرة والوقت وروح الابداع الأصيلة تمكن الأخوان رضا من تطويع القوالب الروسية لتعكس الفن الشعبي المصري في رقصاته وحركاته فتصبح جزءا من أجمل لحظات البهجة والبحث عن الأصالة في الثقافة المصرية الحديثة. لم يكن محمود رضا الذي ودعنا منذ أيام مجرد فنان كبير وموهوب، لكنه راية من زمن بعيد احتشدت لها قوى كبار كتاب مصر: يحيي حقي، ونجيب محفوظ ، وعلى أحمد باكثير، واحتشدت لها روح البحث عن طريق للثقافة القومية، مع ظهور مجموعة يوسف إدريس" أرخص ليالي" ، ومسرحيات نعمان عاشور" الناس اللي تحت"، وظهوركتاب أحمد رشدي صالح " الأدب الشعبي" عام 1956 بصفته الكتاب الأول الرائد، لهذا أقول إن محمود رضا كان راية على سفينة الزمن الذي انقضى، راية ظلت تخفق بجمال ما استطاعت إلى أن كسرتها ريح الموت.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نكتب ؟
- حمار وحلاوة .. الشارع والثقافة
- عن الأدب والسياسة الآن
- عنف الديكتاتورية
- بياضة - قصة قصيرة
- ترامب لايحمي الأمريكيين .. لكن السوريين ممكن !
- أيام ضاحكة مع أحمد فؤاد نجم
- - حجر - يخص المرء وحده
- توماس راسل .. مذكرات حكمدار القاهرة
- حكايات لا تحدث إلا في الصحف
- وداعا سيبوفيلدا .. كاتب المقاومة والكبرياء
- القراءة مثل الحب .. تأتي مبكرا
- البطولة حرفة المصريين اليومية
- مـحـبــوب الــشــمــس .. يـحـيــي الــطــاهــر عــبــد الــل ...
- قطاع طرق الكمأدات الطبية
- بطة - قصة قصيرة
- أنطون تشيخوف .. بطولة الأطباء
- لا شيء يهزم الانسان ..
- قروش أمي الخمسة
- المصريون .. الضحك في وجه الخطر


المزيد.....




- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...
- مهرجان الأردن لأفلام الأطفال.. غزة وحكايا النزوح والصمود في ...
- -للسجن مذاق آخر-.. شهادة أسير فلسطيني عن الألم والأمل خلف ال ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمود رضا .. خفقة الراية الجميلة