أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أنطون تشيخوف .. بطولة الأطباء














المزيد.....

أنطون تشيخوف .. بطولة الأطباء


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 29 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


الأطباء أصحاب البلاطي البيضاء هم من يقف الآن في مواجهة الوباء. خط الدفاع الأول عن الحياة، خط الدفاع الأخير. لكننا لم نلتفت يوما بالاهتمام الكافي إلى أولئك الأبطال، ولم نعطهم حقهم من التقدير. في سبتمبر 1891 كتب فلاديمير تيخونوف رئيس تحرير مجلة" سيفر" الروسية ( الشمال) إلى أنطون تشيخوف يسأله قصة للنشر في المجلة، وأجابه تشيخوف بأنه يكاد أن ينتهي الآن من قصة وسوف يرسلها إلى المجلة، وناشده تيخونوف أن يذكر له اسم القصة لكي يعلن للقراء عن نشرها قريبا. أجابه تشيخوف في 12 سبتمبر بأن القصة مازالت بلا اسم وأن اختيار الاسم الآن:" صعب صعوبة تحديد لون دجاجة لم تخرج من البيضة بعد". وفى تشيخوف بوعده وبعث بالقصة ونشرت لأول مرة في نوفمبر 1891. يقدم تشيخوف في قصته بطله الطبيب" أوسيب ضيموف" الذي تزوج من أولجا إيفانوفنا بعد أن تعرف إليها في المستشفى وزارها في بيتها عدة مرات. وبينما كان الطبيب يتجه من الصباح إلى المستشفى ويظل يعمل به حتى وقت متأخر من الليل، كانت أولجا زوجته، الشابة الجميلة، تصحو في الحادية عشرة صباحا، تعزف على البيانو قليلا، وترسم قليلا، ثم تتجه إلى الخياطة أو إلى أتيليه أحد الرسامين، أو إلى إحدى صديقاتها حيث تتبادل معها أخبار النجوم والفن، وعلاوة على ذلك كانت تعقد في بيتها كل أربعاء صالون أو ملتقى لأصدقائها الفنانين، وفي شهور الصيف ترتاح في البيت الريفي بين الغابات. وكان " ضيموف" يشعر بنفسه غريبا في ذلك الوسط الذي كانت تعيش فيه زوجته، فقد كان معظم معارفها من الفنانين المرموقين، أو الشعراء الواعدين، أو الموسيقيين اللامعين، وكانت زوجته تكتفي حين يدخل إلى البيت مرهقا من العمل بأن تشير إليه محدثة ضيوفها: " انظروا إليه؟ أليس صحيحا أن فيه شيئا ما؟ " كانت تقول ذلك كأنما تريد أن توضح لهم لماذا تزوجت هذا الرجل البسيط العادي للغاية الذي ليس به أي شيء مميز. في تلك الأثناء يقع الرسام" ريبوفسكي" في غرام أولجا فتستسلم له. وذات مساء يمرض" ضيموف" وتستدعي أولجا زملاءه الأطباء الذين يخبرونها بأنه مريض بشدة وحالته خطرة لأنه : " شفط منذ يومين بالأنبوبة أغشية الدفتيريا من طفل مريض في المستشفى". وعندما يبدو واضحا أن ضيموف يحتضر يقول أحد الأطباء لأولجا زوجته : " يالها من خسارة للعلم. لقد كان انسانا عظيما! أي موهبة! عاش في خدمة العلم ومات في خدمته". فجأة تتذكر أولجا حياتها مع " ضيموف" وتواضعه وانكاره لذاته وعمله المتصل، فجأة تكتشف بوضوح أن زوجها الذي طالما بدا لها كأنه لا يتميز بشيء بين الفنانين والنجوم هو علم من أعلام الطب، وموهبة علمية ضخمة، ويحل عليها الذهول من فكرة أنها كانت طول الوقت تبحث عن العظماء من دون أن تنتبه إلى عظمة الذي عاشت معه. كان بجوارها ولم تشعر به. تهرول أولجا إلى حجرة ضيموف باكية لتعلن له أنها ستصحح كل شيء، لكنها تجد يديه باردتين وتدرك أنها قد تأخرت. في قصته الجميلة تلك كان تشيخوف يكتب عن كل الأطباء، وكل البطولات التي تعيش معنا ولا نشعر بها إلا بعد فوات الأوان. من اللافت أن القصة في المسوادات الأولى كان اسمها" انسان عظيم" والمقصود الطبيب ضيموف مما يوضح نظرة الكاتب إلى الأطباء ودورهم، لكن تشيخوف الذي كان يتفادى المباشرة عاد قبل نشر القصة بأسبوعين فطلب من المجلة تعديل الاسم إلى "اللعوب". أقرأ القصة وأرى بطولة الأطباء المصريين والممرضات الذين يواجهون وباء كورونا في مصر، وأرى بطولات الأطباء في كل ركن من العالم. يحتاج أصحاب البلاطي البيضاء إلى التقدير والاهتمام، فلماذا لا يقدم التلفزيون برنامجا يوميا عن عمل أولئك الأطباء والممرضات داخل المستشفيات؟ لماذا لم يفكر المطرب"رقم واحد" أو رقم اثنين، في تقديم أغنية عنهم؟ لماذا لا تفرد الصحف اليومية بابا لما يقومون به وتضع صورهم وأسماءهم في صفحاتها الأولى؟ لماذا لا تتولى وزارة الثقافة النائمة في العسل مهمة إصدار كتيب لتسجيل ببطولات أولئك الأطباء في مواقع عملهم وتوزعه بالمجان في كل مكان؟ لماذا لا يتم رفع أجورهم وتوفير ظروف أفضل لعملهم؟ أصحاب البلاطي البيضاء جديرون بالتكريم وهم أحياء بيننا، وعلينا أن نقوم بذلك.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا شيء يهزم الانسان ..
- قروش أمي الخمسة
- المصريون .. الضحك في وجه الخطر
- يوميات التلصص .. حسن مدن
- العألم في الجيوب والحقائب
- أغــانـي الـمـهـرجــانــات في مـصـر .. قضايا مـلـتبـسـة
- اكتشافات فنية مدهشة جدا
- الـــحـــب الأول
- غريبان . قصة قصيرة . أحمد الخميسي
- القاهرة تحتفل بمئوية الشاعر المصري الراحل عبد الرحمن الخميسي
- ضوء أبيض . قصة قصيرة
- العراق .. رمح الله في الأرض
- الرواية - لايت - .. لا صلصة ولا ثوم !
- إبراهيم فتحي .. الاخلاص للحقيقة وحدها .
- الـثـقـافـة في مـواجـهـة الـعـربـدة الـتـركـيـة
- 2020 عام جديد مع الأمل
- صلاح عيسى .. بهجة الأمل في الزنازين
- لماذا يقال ل - إسماعيل - يا أبو السباع ؟
- الست موزة .. نظام عالمي
- مهلن .. ولا كن .. إلى متأ ؟


المزيد.....




- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال
- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...
- عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه
- في فيلم -عبر الجدران-.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
- -غرق السلمون- للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطن
- وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما
- لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن ...
- رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أنطون تشيخوف .. بطولة الأطباء