أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - لماذا يقال ل - إسماعيل - يا أبو السباع ؟














المزيد.....

لماذا يقال ل - إسماعيل - يا أبو السباع ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6446 - 2019 / 12 / 24 - 13:44
المحور: الادب والفن
    


بمناسبة 18 ديسمبر اليوم الذي يحتفل فيه العالم سنويا باللغة العربية منذ 1973 أسأل : لماذا نقول ل " اسماعيل" .. يا أبو السباع؟، ولسؤالي هذا علاقة وثيقة بيوم أو أيام اللغة العربية. وراء تدليل اسم اسماعيل بعبارة " أبو السباع " قصة تعود إلى عام 1869 حين شرع الخديو اسماعيل في إنشاء كوبري قصر النيل لربط ميدان التحرير بضفة النيل الغربية، وحينذاك طلب الخديو من المثال الفرنسي الشهير هنري جاكمار أن يصنع له أربعة تماثيل لسباع ، أي أسود، واشتهر الكوبري في أول الأمر بأنه كوبري اسماعيل، ونظرا لوجود السباع في مدخله وفي نهايته كان الناس يقولون عن الخديو اسماعيل : " أبو السباع"، وانتقل التعبير إلى كل من كان اسمه اسماعيل. وعندنا في مصر أيضا، ولا أدري الحال في الدول العربية الأخرى، نقول لكل مصطفى " درش" والسبب أن السلطان العثماني مصطفى الأول – الخامس عشر في حكم الدولة العثمانية- كان مهووسا والتحق بطريقة صوفية كان يطلق على الفرد منها كلمة درويش، وقال عنه شيخ الإسلام يحيى أفندي: «السلطان مصطفى مجذوب لله، وهو سلطان درويش"، وحرفت كلمة درويش التركية في مصر إلى درش من باب الاستسهال. والآن هل لهذه الحكايات الطريفة من مغزى أبعد من الطرافة؟ نعم لها مغزى يتصل بعلاقتنا باللغة، وبالبحث فيها، وفي جذورها، وفي نشأة الكلمات وتطورها، واختلاف دلالتها مع الوقت. ومن حكاية " أبو السباع " ، و" درش" يتضح لنا أن اللغة ليست مجرد كلمات نتوسل بها للتعبير أوللتواصل مع الآخرين لكنها تاريخ اجتماعي وسياسي. انظر مثلا كلمة شائعة في مصر هي " زربون"، ودقق في ما نعنيه حين نقول " فلان زربون"، وستجد أن الغالبية العظمى تفسر الكلمة بمعنى العصبية، أي أن فلانا عصبي، نرفز كما يقال. لكن ذلك ليس تفسيرا دقيقا لمعنى الكلمة، ولن تعرف معناها إلا بالعودة إلى أصلها. وقد كان " الزربون" حذاء ضيقا يرتديه الفلاحون المصريون أيام المماليك أثناء العمل، حذاء خانق يمسك القدم والساق بشكل محكم. و" زربون" إذن ليست عصبي، لكنها تعني الشخص المخنوق، المضغوط، الذي قد ينفجر في أي لحظة، لكن الانفجارات ليست صفة ثابتة فيه، أما العصبية فهي سمة مستمرة ملازمة للانسان. وقد قال لي الروائي الراحل إدوار الخراط ذات مرة ونحن نتحدث عن اللغة إنه يقرأ في المعاجم اللغوية العربية كل يوم صفحتين، كما نقرأ نحن الروايات والقصص. واهتمامنا باللغة سيقودنا إلى اكتشاف صلة التفاعل الحية بين العامية والفصحى، وإلى أن الكلمة الشائعة بين الشباب الان في اشارة إلى البنت وهي كلمة " مزة " هي كلمة فصيحة إذ يقال في المعاجم : " المز والمزة – اللذيذ الطعم "، ويقال : مز الشيء استحسنه. وكلمة شائعة جدا عندنا هي " سبهلله " تقال في سياق : يظن أن الموضوع سبهلله ! بمعنى يظن أن المسألة بالمجان ومن دون تعب، وهذه الكلمة أيضا فصحى سليمة، وهناك حديث شريف يقول" لا يجيئن أحدكم يوم القيامة سبهللا " أي فارغ اليدين لم يتعب في دنياه. وانظر أيضا كلمة نستخدمها يوميا هي " حتة " ، أعطني حتة بقلاوة مثلا، والكلمة فصحى لكن بفتح الحاء، ونقول وهذا شائع جدا : " فلان أعطى فلانا زنبة "، وحتى كلمة زنبة هذه فصيحة ، والزنبة في معجم لسان العرب هي القرصة، اللدغة.
القصد من حديثي هذا أن علينا أن نحب لغتنا ، وأن نقرأ فيها وعنها، وأن ندرك أن اللغة ليست فقط أداة تواصل ، وتعبير، لكنها تاريخ نقرأ فيه حياتنا، وتطورها، وأن الاحتفال الحقيقي بيوم اللغة العربية هو أن نوليها نحن أبناءها المزيد من الاهتمام والفحص والقراءة، وحين نتمنى ان يهتم الجميع باللغة فليس ذلك لأنها لغة جميلة أو غير جميلة، فكل لغات العالم جميلة، ولا توجد لغة تحدث بها شعب عاش طويلا إلا وعكف على جعلها لغة موسيقية حتى وإن بدت لنا موسيقاها غريبة عنا، لكننا نتمنى الاهتمام باللغة العربية لأنها لغتنا، ولأن علينا إذا أردنا أن نتقدم ألا نحاول المساس بوسائل التفاهم القائمة تاريخيا، علينا فقط أن نطور ما لدينا ونمضي به إلى الأمام.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الست موزة .. نظام عالمي
- مهلن .. ولا كن .. إلى متأ ؟
- وزيرة الثقافة .. نوم العوافي في الشأن الثقافي
- كل هذا المرار .. في بني مزار
- الشيف - شارب - .. طريقة اعداد الثورة
- اسمع مني الكلام .. يا مستر .. يا مـدام
- اللغة لا تعرف الحياد
- هيئة الأمر بالملبوس والذوق العام
- الانتفاضات العربية .. الأزمة والطريق
- خلود اللحظات العابرة
- لا أكتب الرواية لأنها تحتاج إلى نفس طويل
- جائزة نوبل .. سقوط أدبي وسياسي
- أذا عشقت اعشق قمر
- مسعد أبو فجر .. أدباء على ايقاع الغزو
- السير إلى الحرب
- المرأة ليست صندوقا لحفظ شرف الرجال !
- أخلاق نبيلة قصة قصيرة
- أحمد من عيلة ايمي
- الزهاوي بين الشعر والعلم
- ساق على ساق - قصة قصيرة


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - لماذا يقال ل - إسماعيل - يا أبو السباع ؟