أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - كل هذا المرار .. في بني مزار














المزيد.....

كل هذا المرار .. في بني مزار


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6420 - 2019 / 11 / 26 - 10:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعرفت إلى المايسترو سليم سحاب أثناء سنوات الدراسة في موسكو. كان يدرس قيادة أوركسترا في الكونسرفتوار، وأنا بجامعة موسكو كلية الأدب واللغة. وانعقدت بيننا صداقة استمرت من دون انقطاع، وتوطدت بعد استقراره في القاهرة. وذات يوم هاتفني المايسترو وقال لي: " أحمد أنت عندك سيارة، بتيجي معي نقابل أخي على المطار؟". قلت: " طبعا. بكل سرور". وأردفت: " أخوك من؟". قال : " جورج". وتوقفت بدهشة أمام الاسم وقلت له : " وأنت إيه علاقتك بجورج؟؟ قال مدهوشا : " انت بعد عشرين سنة صداقة لا تعرف أني مسيحي؟!". قلت له صادقا : " الحقيقة عمري ما فكرت في هذا الموضوع. أنا أنظر الى الانسان طيب، صادق، ولا أفتش في عقيدته أو أفكاره". وضحكنا، وذهبنا عصر اليوم ذاته إلى المطار نستقبل جورج. أتذكر هذه الواقعة لأعبر ليس فقط عن دهشتي بل وعن تألمي الشديد بسبب ما جرى مؤخرا في قرية الناصرية مركز بني مزار بمحافظة المنيا، حين اعتدى متطرف من المسلمين يدعى محمد عيد مرسي على أسرة قبطية لمجرد جلوسها في الشمس أمام بيتهم! شاهدهم فصرخ فيهم : " مش قلنا ما فيش نصارى يقعدوا قدام البيوت؟". وهرول إلى بيته وجلب سنجة وضرب الأم على رأسها فأحدث فيها جرحا استلزم عشرين غرزة، وحينما هب شنودة لحماية والدته طعنه المجرم في رقبته وبطنه لدرجة أنه يرقد الآن في مستشفى في حالة حرجة بعد عملية استئصل فيها جزء من الأمعاء. هي محافظة المنيا ذاتها التي سبق للمتطرفين فيها أن اتهموا أربعة أطفال مسيحيين بازدراء الدين الاسلامي، وهي المنيا ذاتها التي خرج فيها المتطرفون في مطلع مارس 1990 بعد صلاة الجمعة في أبو قرقاص واعتدوا على الأقباط ونهبوا بيوتهم وأتلفوا الكنيسة القائمة بقرية بني عبيد، وحطموا كنيسة مار جرجس وأحرقوا صور السيدة العذراء، كما أشعلوا النيران في صيدلية الدكتور حنا كيرلس، وصيدلية دكتور ممدوح فرج، ودمروا أجزاء من مستشفى الطبيب مراد دانيال، ودار حضانة قبطية، ودمروا كل المحال الخاصة بالأقباط بما في ذلك مصنع للحلوى ملك القبطي أشرف سعد. وحسب مجلة المصور فقد قدرت النيابة العامة في حينه خسائر الأقباط بنحو ثلاثة ملايين جنيه! سبق تلك الأحداث بشهر اعلان شيوخ الجوامع في المنيا الجهاد " ضد الكفار"! هي المنيا ذاتها التي تم فيها عام 2016 تعرية امرأة قبطية عجوز هي سعاد ثابت واجبارها على السير عارية في القرية! والآن بعد عامين من تعرية امرأة ، وبعد عشر سنوات من غزوة 1990 أصبح المطلوب من المواطن القبطي ألا يجلس أمام بيته ليتشمس! هل يمكن النظر إلى جريمة محمد عيد مرسي وأمثاله من الأوباش على أنها جريمة جنائية وحادثة عدوان فردي؟ أم أنها جريمة طائفية وثقافية وحضارية ووطنية شارك في تمهيد الأرض لها شيوخ مثل الشعراوي الذي يفتي في فيديوهات مسجلة بصوته قائلا بالحرف الواحد: " اما الاسلام او الجزية.. احنا عملنا فيكم جميل وكنا نقدر نموتكم " وغير ذلك كثير مما قاله الشعراوي والكثيرون من أمثاله ممن يتعمدون نسيان الكثير ومن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم استقبل وفد مسيحيي نجران وعندما حان وقت صلاتهم دعاهم الرسول إلى أدائها في بيته ثم استأنف اللقاء. لقد أصبحت المنيا بحاجة إلى نظرة خاصة من الدولة بعد كل تلك الأحداث التي تؤكد أن هناك بؤرة اجرامية لا تكف عن العدوان، وبعد أن صار محرما على المواطن القبطي أن يتشمس فيها! ليس للمرار المنبعث من بني مزار حدود، وعندما تنتقص حقوق أخي القبطي فإن الشعور بالمرارة يجتاحنى، لأن في ذلك انتقاصا من تاريخ مصر ووجودها، وانتقاصا للضفيرة التي أبدعت مصر على كل المستويات والتي تألفت من عبد المنعم رياض واللواء زكي باقي يوسف، ومن طه حسين وسلامة موسى، ويوسف ادريس ويوسف الشاروني، ومحمد مندور ولويس عوض، ومن اسماعيل يس وماري منيب، ومن بهاء طاهر وادوار الخراط. ما جرى هو إهانة عميقة للمحبة، وللمواطنة، وللدولة، ولم يعد يكفي هنا الاجراء الأمني، إذ لابد من زيارة المسئولين لتلك القرى، وزيارة الوفود الثقافية لها، والنظر إلى ما حدث بصفته تهديدا لوحدة مصر ومستقبلها بالخناجر والمطاوي والكلمات والفتاوي.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيف - شارب - .. طريقة اعداد الثورة
- اسمع مني الكلام .. يا مستر .. يا مـدام
- اللغة لا تعرف الحياد
- هيئة الأمر بالملبوس والذوق العام
- الانتفاضات العربية .. الأزمة والطريق
- خلود اللحظات العابرة
- لا أكتب الرواية لأنها تحتاج إلى نفس طويل
- جائزة نوبل .. سقوط أدبي وسياسي
- أذا عشقت اعشق قمر
- مسعد أبو فجر .. أدباء على ايقاع الغزو
- السير إلى الحرب
- المرأة ليست صندوقا لحفظ شرف الرجال !
- أخلاق نبيلة قصة قصيرة
- أحمد من عيلة ايمي
- الزهاوي بين الشعر والعلم
- ساق على ساق - قصة قصيرة
- تمثال الحرية كان منحوتا لقناة السويس
- عم نتكلم .. حين نتحدث عن الحب ؟
- - دعونا ننطلق- .. صيحة المستقبل الأجمل !
- السودان .. الانتفاضة السمراء


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - كل هذا المرار .. في بني مزار