أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد الخميسي - هيئة الأمر بالملبوس والذوق العام














المزيد.....

هيئة الأمر بالملبوس والذوق العام


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6400 - 2019 / 11 / 5 - 19:43
المحور: المجتمع المدني
    


أخيرا انتبهت النائبة البرلمانية غادة عجمي إلى أهمية الحفاظ على الذوق العام، وهو اكتشاف جميل حتى لو جاء متأخرا، ومن ثم تقدمت في 30 أكتوبر الحالي بمشروع قانون إلى البرلمان لتغريم كل من يخالف الذوق العام الذي جاء تعريفه لديها على أنه : " مجموعة السلوكيات والآداب التي تعبر عن قيم المجتمع ومبادئه وهويته بحسب الأسس والمقومات المنصوص عليها في الدستور والقانون". والحق أنه لا يمكن لأحد أن يتفق مع تعريف عجمي الغامض لموضوع الذوق، ولابد لكل عاقل أن يتساءل كيف لنا أن نحدد السلوكيات والآداب التي تعبر عن قيم المجتمع ومبادئه؟ أما إحالة موضوع الذوق العام إلى نصوص دستورية فلا يثير الا الدهشة لأن الدستور لم يتعرض بحرف لمفهوم الذوق لكنه على العكس أكد على الحرية الشخصية للمواطن. إلا أن النائبة تحدد لنا الأمور التي تخالف الذوق العام في تقديرها وهي، على سبيل المثال التلفظ بأي قول أو إصدار أي فعل في الأماكن العامة قد يؤدي للإضرار بالمتواجدين وإخافتهم أو تعريضهم للخطر" هذا بينما تنص المادة الرابعة من مشروع النائبة على أنه:" لا يجوز الظهور في مكان عام بزي أو لباس غير محتشم أو ارتداء زي أو لباس يحمل صورا أوأشكالا أو علامات أو عبارات تسيء إلى الذوق العام". وإذا كنا لم نفهم بدقة ما هو الذوق العام، فإننا الآن لا نفهم أيضا ما هو بالدقة " الزي غير المحتشم" أو ما هي بالضبط " العبارات التي تسيء إلى الذوق العام"؟. هكذا يمضي المشروع من تعريف فضفاض ومطاط للذوق إلى تعريف آخر فضفاض ومطاط لأشكال الاساءة للذوق، إلى تحديد لائحة المخالفات بأنها السلوكيات الخادشة للحياء التي تتضمن تصرفات ذات طبيعة جنسية ".. إلي آخره. ومجددا نحن في الغموض، فما هي بالضبط السلوكيات الخادشة للحياء؟ ومن الذي سيحدد إن كان سلوك بعينه خادشا أم نصف خادش أنه قد مر بسلاسة ولله الحمد؟ لكن مشروع عجمي ينتهي بنتيجة واحدة واضحة هي المطالبة بتغريم المخالفين للذوق العام من خمسمئة إلى ألف جنيه، ويمكن العثور على أولئك الضحايا كما يشير المشروع في الأماكن التالية:"الأسواق، المجمعات التجارية، الفنادق، المطاعم، المقاهى، المتاحف، المسارح، دور السينما، الملاعب، المنشآت الطبية والتعليمية، الحدائق ، المنتزهات، الأندية، الطرق، الشواطئ، وسائل النقل المختلفة، والمعارض". هكذا اعتمادا على عبارات غامضة عن الذوق العام، تنطلق النائبة نحو تغريم الناس الذين لا يرتدون زيا محتشما، وإن كان أحد لا يدري ما هو الزي المحتشم، وتغريم مرتكبي السلوكيات الخادشة للحياء، وإن كان أحد لا يدري ما هي تلك السلوكيات. النائبة عجمي التي تريد الآن فرض الغرامة على الزي غير المحتشم، هي نفسها التي تقدمت في نوفمبر العام الماضي بمشروع قانون لحظر النقاب في الأماكن العامة! وفيه أيضا توقيع غرامة تصل لألف جنيه على كل من ترتدي النقاب في الأماكن العامة! وهي ذاتها التي أعلنت عقب دخولها البرلمان في ديسمبر 2016 أنها سوف تتبنى تشريعا يجبر المصريين بالخارج على تحويل مئتي دولار شهريا لدعم الاقتصاد المصري! هكذا تنطلق كل مشاريع غادة عجمي من وإلى تحصيل الفلوس، مما يجعلني أتساءل إن كانت تعمل في مصلحة الضرائب قبل دخولها البرلمان، كما ينطلق مشروعها الأخير من شكل القضية وليس جوهرها، فالذوق العام إن كان مستواه يؤرق السيدة عجمي يرتفع ليس بالغرامات, وليس بما هو محتشم وغير محتشم، بل بنشر الثقافة وبالتنوير وبالفن وبأسعار رخيصة للكتب، هذا بينما يصل ثمن تذكرة الأوبرا في بعض حفلاتها إلي ألف جنيه، ويصل سعر الكتاب من هيئة الكتاب الحكومية إلي أكثر من مئة جنيه، وتنتشر الأفلام التي تصدم وتسيء للذوق العام. نحن مع الارتقاء بالذوق العام، لكن كيف نفعل ذلك؟ بأن نؤسس هيئة " الأمر بالملبوس؟ " فيجري الفرق في الشوارع تحدد : " هذا محتشم، هذا غير محتشم؟". أظن أن الحكومة تهمس لنفسها حين تأتي سيرة البرلمان : "اللهم اكفني شر أصدقائي".



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتفاضات العربية .. الأزمة والطريق
- خلود اللحظات العابرة
- لا أكتب الرواية لأنها تحتاج إلى نفس طويل
- جائزة نوبل .. سقوط أدبي وسياسي
- أذا عشقت اعشق قمر
- مسعد أبو فجر .. أدباء على ايقاع الغزو
- السير إلى الحرب
- المرأة ليست صندوقا لحفظ شرف الرجال !
- أخلاق نبيلة قصة قصيرة
- أحمد من عيلة ايمي
- الزهاوي بين الشعر والعلم
- ساق على ساق - قصة قصيرة
- تمثال الحرية كان منحوتا لقناة السويس
- عم نتكلم .. حين نتحدث عن الحب ؟
- - دعونا ننطلق- .. صيحة المستقبل الأجمل !
- السودان .. الانتفاضة السمراء
- أبو بكر يوسف نغمة فريدة من اللحن المصري
- - حضن المنصورة - .. لماذا نكره المحبة ؟
- دين الفنان جميل راتب
- دمشاو .. مناجاة الرب بختم الدولة


المزيد.....




- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد الخميسي - هيئة الأمر بالملبوس والذوق العام