أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - السودان .. الانتفاضة السمراء














المزيد.....

السودان .. الانتفاضة السمراء


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6205 - 2019 / 4 / 19 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شغلت الانتفاضة السودانية الأنظار والقلوب، ما بين القلق على مصيرها والاعجاب باصرار الرجال والنساء اللواتي غمرن الشوارع ليؤكدن أنه ما من ثورة حقا بدون المرأة. ولقد بدأت الانتفاضة السمراء في ديسمبر العام الماضي من مدينة عطبرة احتجاجا على رفع سعر الخبز من جنيه إلي خمسة، ولم يجد النظام وسيلة لاسكات المتظاهرين سوى فتح النيران عليهم فسقط البعض قتلى وأصيب أخرون بجراح بالغة، وما لبثت الانتفاضة أن امتدت لتشمل مدن السودان احتجاجا على تدهور مستوى المعيشة وتخفيض قيمة الجنيه والاستبداد السياسي. وعلى مدى نحو أربعة أشهر غمرت الجماهير الشوارع في مشاهد مهيبة، ترفع شعارها الأثير: " تسقط.. تسقط بس" وبرزت صور المرأة السودانية التي يطلقون عليها " كنداكة" أي الملكة العظيمة وهي تقود المظاهرات وترفع قبضتها عاليا في وجه الاستبداد. ولم تتراجع الجماهير أمام كل تهديدات الرئيس البشير، ولم تمد يدها لكل محاولاته للالتفاف على الانتفاضة. وأخيرا أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف عن أنه تم التحفظ على الرئيس البشير في مكان آمن واعتقاله، وعلى حد قول الوزير فقد تم" اقتلاع النظام". وأشار البيان أيضا إلي حل مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراءوحكومات الولايات المحليات ومجالسها التشريعية، أعلن عوض بن عوف في الوقت ذاته : وقف العمل بدستور 2005، وتشكيل مجلس عسكري يتولى الحكم لمدة عامين لحين اجراء الانتخابات، وفرض حالة الطواريء لثلاثة شهور وحظر التجوال. والواضح أن بيان عوض بن عوف لم يلق قبولا لدي المنظمات السودانية الجماهيرية مثل " تجمع المهنيين السودانيين"، وغيره من المنظمات التي تمسكت بدعوة الجماهير لملازمة الميادين. واعتبر " تجمع المهنيين" أن ما تم حكما بالبيان هو محاولة لاعادة إنتاج النظام بصورة أخرى، وأن البيان لم يحترم تضحيات الشعب السوداني، ولا قام بإدانة استبداد الرئيس البشير. ومع أن بيان عوض بن عوف أشار إشارة سريعة إلي الفساد، لكنه لم يوضح طبيعة ذلك الفساد ولا كيفية التصدي له، بحيث تظل ادانة الفساد مجرد كلمة في بيان. كان الشعب السوداني ينتظر بعد كل ما قدم من تضحيات أن تضع انتفاضته الأساس لمرحلة جديدة من الديمقراطية والتعدد الحزبي ومشاركة القوى السياسة في تقرير مصير بلادها. الأكثر من ذلك أن للتشاؤم من بيان عوض بن عوف أسبابه الأخرى، فقد كان وزير الدفاع أحد الرموز التي شاركت ورسخت حكم الرئيس البشير، وكان إلي جوار منصبه العسكري نائبا أول لرئيس الجمهورية، ومن ثم فإنه في حقيقة الأمر أحد صناع الفساد الذي لا يعجبه. وكان عوض بن عوف أيضا مديرا للاستخبارات العسكرية وأحد المدافعين عن مشاركة القوات السودانية في التحالف السعودي في اليمن.
وفي خضم الانتفاضة مازال البعض يرى أن مشكلة السودان كانت حكم العسكريين بالتحالف مع الأخوان، ولكنهم لا يلمحون أن مشكلة السودان كانت ومازالت مشكلة الطريق الرأسمالي المسدود الذي تغتني فيه قلة قليلة وتعاني الأغلبية الفقر المدقع. أعني أن القضية ليست حكم عسكر، أو حكم مدني، فهناك رؤوساء مدنيون بلا عدد وضعوا بلدانهم في المأزق ذاته : الجوع، والغلاء، وصولا إلي الخبز الذي يمسي حلما في بعض الحالات. ولم يفشل الرئيس السوادني لأنه عسكري، أو مدني، بل فشل لأنه مضى على طريق صندوق النقد والبنك الدولي والانسياق الكامل لنظام اقتصادي، حدد طه حسين طبيعته بأن فيه : " يجد البعض ما لا ينفقون، ولا يجد البعض ما ينفقون". بطبيعة الحال لم يعد سهلا في ظل نظام عالمي يشكل شبكة قوية من المصالح أن يظهر نظام سياسي مارق، يقف بمفرده في مواجهة الرأسمالية العالمية، لكن على الأقل يطمح الناس، ومن حقهم، أن يكون لديهم نظام ينحاز إلي الطبقات الفقيرة وإلي العدالة الاجتماعية بدرجة أو بأخرى.
لقد بدأت الانتفاضة السمراء البطلة بالخبز، ولابد أن تنتهي بالخبز، فلن تشبع الجماهير من حرية حزبية ، ولا حرية تعبير، على أهمية كل ذلك، لكن الناس يحتاجون إلي برنامج اقتصادي وسياسي واجتماعي محدد وواضح يرى أن الحياة الكريمة حق للجميع.
د. أحمد الخميسي. كاتب وقاص مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبو بكر يوسف نغمة فريدة من اللحن المصري
- - حضن المنصورة - .. لماذا نكره المحبة ؟
- دين الفنان جميل راتب
- دمشاو .. مناجاة الرب بختم الدولة
- السينما المصرية .. ما الذي يحرق ذكرياتنأ ؟
- الأشواق التي لا تكتمل
- الطائرات الورقية والدولة اليهودية
- ثلاثمائة مثقف مصري وعربي يؤكدون : الأوبرا تنهب إبداع الخميسي ...
- نابليون بونابرت معلقا رياضيا !
- أحمد عبد الله زعيم الطلبة .. النغمة المفقودة
- رمضان في طفولتي
- البرادعي لا يفيد ولا يخلو من السياسة
- دار الأوبرا المصرية تنهب إبداع الخميسي ! فضيحة !!
- أمسية في محبة إبراهيم فتحي
- الإبداع ومواسم الخداع
- بيان من المثقفين والأحزاب المصرية تضامنأ مع الشعب السوداني
- صبري موسى .. الكاتب المعروف المجهول
- سلام لسعد الدين إبراهيم وموشى دايان
- عهد الطفولة .. اخرجوا من فلسطين !
- ترامب.. من إبادة الهنود إلي إبادة العرب


المزيد.....




- ترامب يوضح ما قام به مبعوثه ويتكوف خلال زيارته إلى غزة
- الكونغو ورواندا تتحركان لتنفيذ اتفاق السلام رغم تعثر الالتزا ...
- ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
- الإمارات والأردن تقودان عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة
- هيئة الإذاعة العامة الأميركية على بعد خطوات من الإغلاق
- لأول مرة.. وضع رئيس كولومبي سابق تحت الإقامة الجبرية
- تحقيق بأحداث السويداء.. اختبار جديّة أم التفاف على المطالب؟ ...
- سقوط قتلى في إطلاق نار داخل حانة بمونتانا الأميركية
- بوتين يعلن دخول الصاروخ الروسي -أوريشنيك- الأسرع من الصوت ال ...
- تسبب بإغلاق الأجواء وتفعيل صافرات الإنذار.. إسرائيل تعلن اعت ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - السودان .. الانتفاضة السمراء