أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - عن الأدب والسياسة الآن














المزيد.....

عن الأدب والسياسة الآن


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6598 - 2020 / 6 / 20 - 20:32
المحور: الادب والفن
    


في وقت ما قبل ثورة يوليو 1952 كانت قضية المجتمع المصري الرئيسية هي الصراع بين الاقطاع حيث تحوز قلة من الأفراد لا تتجاوز 5% ثلثي الأرض الزراعية، وأكثر من 90 % الثلث الباقي. حينذاك نشرت جريدة المصري الوفدية عام 1953، رواية عبد الرحمن الشرقاوي" الأرض"، وبلورت الرواية أمام المجتمع قضيته المركزية الأولى. وبتلك الرواية كان الشرقاوي، الروائي، يشتبك بالسياسة مباشرة، لأنه يقوم بإدانة سياسة النظام الملكي تجاه الفلاحين. في عام 1966 وضع نجيب محفوظ يده على قضية المجتمع الأساسية ألا وهي القلق تجاه مصير ثورة يوليو، فنشر نهاية عام 1966 روايته " ميرامارا" حلقات في جريدة الأهرام، ثم كتابا بعد ذلك بعام. في الرواية يضع محفوظ يده على قلب السؤال المركزي حينذاك : لمن تكون مصر؟ للوفدي القديم الليبرالي؟ للشيوعي؟ للاقطاعي؟ للعامل البسيط؟ وكان هذا القلق مثل حدس بالنكسة التي وقعت. وبذلك كان محفوظ الروائي يشتبك بالسياسة مباشرة بطرحه التساؤلات المشبعة بالخوف على مصير " زهرة" التي تجسد مصر. في الحالتين وضع كل من الشرقاوي ومحفوظ يده على القضية المركزية التي أرقت المجتمع قبل ثورة يوليو وبعدها، القضية التي لا تعني فقط فردا أو فئة أو شريحة، بل مصر بأكملها. الآن حين تفتش بعينيك في معظم الروايات التي تصدر حاليا، ومنذ عشر سنوات، ستجد أن معظم الكتاب يرجعون إلى شخصيات وأحداث تاريخية من الماضي، وليس لكي يفسروا بها الواقع الحاضر، بل ليفسروا بها الماضي مرة أخرى، أو أنهم يثبون إلى الغرائبيات والعجائب التي لا صلة لها بالحياة، مع أن الواقع عامر بكل بما هو مدهش حقا. الأمثلة وأسماء الروايات والأدباء، كثيرة، المؤكد أنه أمسى من الصعوبة الآن، أو شبه الاستحالة أن تجد رواية تحدق بالواقع في عينيه مباشرة، بقوة، وتمسك بجوهر التحولات الاجتماعية والثقافية الراهنة، مع أن الحقيقة كما يقول شكسبير تعشق الصراحة. يقول الكثيرون في تبرير ذلك إنه لا ينبغي على الكاتب أن ينغمس في السياسة، وأن عليه أن يظل "مبدعا يحتفي بالجانب الجمالي". لكن ما هي هذه السياسة التي قد ينبغي للأديب أو بالعكس لا ينبغي عليه أن ينغمس فيها؟. السياسة بشكل عام هي مجال للنشاط الانساني مرتبط بالعلاقات بين الطبقات والفئات والدول والأمم. وقد يبدأ الأديب علاقته بذلك المجال بالاعلان الصريح عن موقفه من أزمة أو أخرى، أو من أحداث الصراع الاجتماعي، وصولا إلى انخراطه في حزب أو نشاط برلماني. ولا يستطيع أحد أن يطالب الأديب بأن يكون " سياسيا " بذلك المعنى المباشر، ذلك أن كل أديب حالة قائمة بذاتها، وله أن يقتحم المجال السياسي المباشر كما فعل يوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهما، وله ألا يقترب منه كما فعل نجيب محفوظ. إلا أن الكاتب سواء ابتعد أو اقترب من السياسة فأنه منغمس فيها لأسباب فنية في الأساس، ذلك أن الروائي أو القاص يتعامل مع وعي الناس ومشاعرهم ومواقفهم والعلاقات التي تربطهم، أي كل مادة الأدب التي تنشأ في ظروف محددة اجتماعية واقتصادية وسياسية. وإذن فأن الكاتب يتعامل في النهاية مع ثمرة وضع سياسي وتاريخي ، وتعكس أعماله الأدبية –شاء أم أبى - جانبا أو جوانب من عمليات الصراع الفكري والاجتماعي والسياسي، وبهذا المعنى فإن كل أديب أو روائي هو كاتب سياسي، لأن مادة أعماله هي البشر ومشاعرهم ومعتقداتهم، ولا يعكس الأديب كل ذلك من دون رؤية سياسية ما، وعلى سبيل المثال فان الفنان بمجرد تعاطفه مع فقراء في إحدى قصصه انما يجسد رؤية سياسية، وبعبارة أخرى يشتغل بالسياسة، لكن الرؤية السياسية الملازمة للأدب شيء، والانهماك في السياسة بصورة مباشرة شيء آخر. وأديب عظيم مثل نجيب محفوظ لم يمارس قط عملا سياسيا بالمعنى المباشر، لكن رؤاه السياسية كانت الأشد تأثيرا حين صور أزمة الديمقراطية في المجتمع الناصري، بل إن رواياته كلها تنضح بالموقف السياسي، وأنت لا تستطيع أن تفصل في أعماله بين الروائي والسياسي، وما من أديب كبير إلا وكان لديه تصور سياسي للشكل المثالي للمجتمع والعالم وهذا التصور وثيق الصلة برؤيته الفلسفية. هكذا كان تولستوي، وديكنز، وكوتزي، وساراماجو وغيرهم، وفي هذا السياق تبقى عبارة بريخت مثل بوصلة تشير الى الحقيقة : " إذا لم تهتم كلماتي بالناس.. فلماذا ينبغي على الناس أن يهتموا بها ؟".
د. احمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنف الديكتاتورية
- بياضة - قصة قصيرة
- ترامب لايحمي الأمريكيين .. لكن السوريين ممكن !
- أيام ضاحكة مع أحمد فؤاد نجم
- - حجر - يخص المرء وحده
- توماس راسل .. مذكرات حكمدار القاهرة
- حكايات لا تحدث إلا في الصحف
- وداعا سيبوفيلدا .. كاتب المقاومة والكبرياء
- القراءة مثل الحب .. تأتي مبكرا
- البطولة حرفة المصريين اليومية
- مـحـبــوب الــشــمــس .. يـحـيــي الــطــاهــر عــبــد الــل ...
- قطاع طرق الكمأدات الطبية
- بطة - قصة قصيرة
- أنطون تشيخوف .. بطولة الأطباء
- لا شيء يهزم الانسان ..
- قروش أمي الخمسة
- المصريون .. الضحك في وجه الخطر
- يوميات التلصص .. حسن مدن
- العألم في الجيوب والحقائب
- أغــانـي الـمـهـرجــانــات في مـصـر .. قضايا مـلـتبـسـة


المزيد.....




- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...
- إشراق يُبدد الظلام
- رسالة إلى ساعي البريد: سيف الدين وخرائط السودان الممزقة
- الأيقونات القبطية: نافذة الأقباط الروحية على حياة المسيح وال ...
- تونس ضيفة شرف في مهرجان بغداد السينمائي
- المخرجة التونسية كوثر بن هنية.. من سيدي بوزيد إلى الأوسكار ب ...
- نزف القلم في غزة.. يسري الغول يروي مآسي الحصار والإبادة أدبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - عن الأدب والسياسة الآن