أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية خلوف - الصّراع من أجل البقاء














المزيد.....

الصّراع من أجل البقاء


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6693 - 2020 / 10 / 3 - 14:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أصدّق أننّي عشت كل هذا الزمن و أنا غير مدركة لأمر الوقت وقيمته. . . كأنّ الوقت لا قيمة له. لم أكبر منذ أوّل تنهيدة لأبي ، و أوّل دمعة لأمّي ، كان قلبي يتقطّع أرغب أن أفدي عائلتي التي غمرها الألم ، و أعاهد نفسي أنني سوف أبني بناية فيها شقّة لكل فرد من أفراد أسرتي. . . لم يكن يومها لديّ تصور ما هيّ الشّقة، لم أرها في قريتي ولا في مدينة السّلمية التي عشت فيها طفولتي حتى الرابعة عشر ، ثم كنت أعيش فيها بشكل متقطع، لكن لا زالت رائحة بيتنا الترابي ، وورود أمي عالقة في ذاكرتي، وكلما أردت أن أعرف الجهات الأربع أتخيل بيتنا و أقيس عليه.
كنت في طفولتي أسعد بالذهاب لرعي أغنام أمّي، وعندما أعود إلى المنزل أشعر بالضَيق ، لا أعرف السبب، فأنام قبل أن يرخي الليل سدوله . فقط في تلك الليلة لم أنم بعد أن أتيت من المدرسة ، ولم أجد غير جدتي. قالت لي: الأمن أخذ الجميع . كانوا يشتمون لهم ويقولون علينا أن نقتلكم أفضل من أن تنتشر العدوى . الوباء هو الشيوعية -أمي و أبي لا يحبون الشيوعية- لكنهما متّهمان . أذكر أن من بين الذين كانوا يرافقون الأمن أحد أفراد الطائفة الإسماعيلية، وسوف أسميه" س" حرصاً على أقربائه، فلا أحد يؤخذ بجريرة غيره .
بعد شهرين عاد أبي من السّجن ، وعندما سخّنت له أمي الماء على بابور الكاز كي يستحم قال لها : لا أستطيع، فقميصي الداخلي ملتصق بجسمي ، رأيت أمي تجلب الزيت في صحن، وتنقع الأماكن العالقة من قميصه، ثم ترفع القميص بتأنّ فيظهر بعض القيح والدّم . أغمضت عيني، ذهبت إلى زاوية ، و بدأت أبكي حيث كنت أخجل أن أظهر مشاعري . هي قصّة طويلة بطول عمر ، ولا أتحدّث عنها إلى من باب الحاجة للنّص .
استمر حكم عبد الناصر حتى وصلت إلى المرحلة الإعدادية ، كان أغلب الأساتذة من مصر ، و كنت معجبة ببعضهم ، وبخاصة أستاذ الموسيقى الذي تعلمت منه أوّل أغنية " القمح الليلة" ، وانتهت الوحدة ، وكانت مديرة المدرسة ، وهي في نفس الوقت معلمة اللغة العربية ناصرية . كانت منفعلة لرحيل عبد النّاصر فطلبت منا أن نعبّر عن الأمر بموضوع تعبير، و لآنها كانت شامية لا تعرف الخلفيات الاجتماعية طلبت مني أن أقرأ موضوعي كما كانت تفعل دائماً ، و لأنني كنت حقيقية وغير مزيفة حيث لم يكن الفيس بوك موجوداً في ذلك الوقت.عبّرت عن فرحتي برحيل عبد الناصر، و لأوّل مرة أتلقى موقفاً عدائياً شبه جماعي من الصّف والمعلمة .
بعد تلك الحادثة أصبحت أقرأ الآخر أكثر ، وكان أعضاء الاتحاد القومي في مدينتي يعتبرون من كبار القوم ، كنت أعتقد أنّني من مكان آخر وليس من ذلك المكان ، و لم يتغيّر الوضع ، فهم أصدقاء بعضهم البعض، و الهدف هو " الأمة العربية الواحدة" ووصل أشخاص من بينهم إلى الحكومات اللاحقة، كانوا نسخة عن عبد الناصر تماماً ، لكن الأسد وهو " غير عروبي، غير أممي، لا يؤمن بالفكر " قتل بعضهم وسجن الآخر ، وكان له تاريخ في ظلمهم.
بعد قيام " الثورة السورية" عام 2011 انضم إليها بشكل فعلي من خلال المظاهرات، أو من خلال التأييد من كان ناصرياً، أو بعثياً مع صدام دون تغيير في الأفكار عن الدكتاتور، و أنه لا فرق بين دكتاتور و آخر ، في البدء شارك الجميع تحت شعار:" الشعب السّوري واحد" ثم بدأوا ا بتأسيس منصّات دينيّة ، أو ناصرية، أو تمجد صدام حسين. . . أو إلخ .
تجاوزت السبعين من عمري ، و لازال أبناء مدينتي " مدينة الفكر والفقر"- تلك التسمية المغلوطة حيث لا يجتمع الفكر مع الفقر- هم أنفسهم إلا قلّة منهم ، حيث أن أفكار الاتحاد القومي ، أو حزب البعث ، أو الشيوعيين نسخة طبق الأصل عن الماضي، ولا زلت في الصف السادس الابتدائي أعرف أسماء من لهم مراكز في الطائفة ، و أصبح أولادهم يملكون نفس المراكز في الطائفة، والحزب ، و الأجهزة الأمنية . الجميع يمجد غيفارا، فيروز، محمد الماغوط ، ويتغنون بشعر محمود درويش ، ويمتدحون طائفتهم كونها منفتحة .رغم كل ذلك أصبح أغلبهم فقراء ، وبذلك تساوى الجميع ، لم يعد هناك فوارق طبقية. أصبح الصّراع من أجل البقاء فقط.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة ملتزمة في لحظة ضعفها
- الخوف من المجهول- الموت-
- القوى العظمى، و أعظم القوى
- أفكار حول دستور سورية المقبل
- أسباب التخلف في العالم الثالث ، وفي سوريّة
- صديق الجميع لن يكون صديق أحد
- يتّهمن أنفسهن بالحبّ !
- فيلم -المعضلة الاجتماعية-
- الطلاق العاطفي و القانوني
- أيمي دوريس وقصتها مع ترامب
- شياطين الدولة العميقة-شعوذة أمريكية
- امرأة في زنزانة
- المرأة في ما بعد الحداثة
- المرأة و الدين
- تأثير الطّلاق على المرأة
- التّطبيع مع إسرائيل إلى العلن-إكراماً لترامب-
- مي تو بين عالمين
- في التّواصل الاجتماعي
- في التّغني بالعروبة-عربستان - الأحواز- .
- ملاحطة عابرة حول النّسويّة


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية خلوف - الصّراع من أجل البقاء