أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - سعاد حسني .. وخشم الست بدور














المزيد.....

سعاد حسني .. وخشم الست بدور


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6689 - 2020 / 9 / 27 - 17:20
المحور: الادب والفن
    


أثارت بدور البراهيم خبيرة التجميل السعودية ضجة في وسائل التواصل حين قارنت أنفها بأنف سعاد حسني قائلة:" أنا أشوف نفسي خشمي أحلى من خشمها.. بمقايس الأنف والله أنا أنفي أحلى من أنف سعاد حسني.. شئتم أم أبيتم خشمي أحلى من خشمها". وكلمة الخشم المستخدمة في السعودية كلمة فصيحة تعني الأنف، ويقال في اللغة " فلان كسر خشم فلانا" أي أذله ومرغ أنفه في التراب. وبطبيعة الحال فلست مهتما هنا بتعريف القاريء إلى أطوال وأحجام الأنوف النسائية التي نبهنا أحدهم إلي أهميتها حين:" لو كان أنف كليوباترا أقصر قليلا لتغير العالم"! ما يعنيني في موضوع " خشم الست بدور" الربط الثابت بين الجمال واللحم البشري سواء أكان ذلك اللحم بالمفرد، كل قطعة منه على حدة، أو بالجملةعلى بعضه. الست بدور تتخيل أن جمال سعاد حسني في أنفها، وليس في روحها الطيبة المعذبة التي تطل برقة من عينيها وفي صوتها وهي تقرأ قصائد صلاح جاهين. وقد أتاحت لي المصادفة وحدها أن أرى سعاد وهي مازالت لم تخطو أي خطوة للأمام بعد، حين كنت أسير مع والدي في شارع الجمهورية بعابدين فاستوقفنا شخص عرف نفسه بأنه كان من المترددين على ندوة الموسيقا السيمفونية في كلية الآداب التي كان والدي يعقدها أسبوعيا. رحب به والدي من دون أن يتذكره، ودعانا الرجل وهو عبد المنعم حافظ زوج أم سعاد إلى الغداء في اليوم التالي في منزله بالفوالة القريبة منا. وقال لي والدي: أنا تقريبا لا أعرف هذه الأسرة فهل تأتي معي؟. ذهبنا. وجلسنا طويلا مع الست جوهرة والدة سعاد وزوجها وقبل أن ننصرف دخلت فتاة نحيفة في ملابيس بسيطة ووضعت صينية شاي، ثم جلست تتابع الكلام من دون أن تنطق بحرف. نظر إليها والدي مرة، ثم واصل حديثه مع والديها ثم أعاد النظر إليها ثانية مدهوشا وقال لوالدتها وزوجها: هذه البنت نجمة! حين خرجنا من البيت عندهم سألته: هل قلت ذلك مجاملة؟ قال بحرارة: لا والله .. هي نجمة بل ونجمة كبيرة أيضا. حينذاك، وإلى الآن، وطول الوقت، لم يجذبني إلى سعاد إلا نظرة عينيها، بالحيرة الرقيقة، والبحث عن الطمأنينة، والقلق الرهيف المعذب الذي ساقها إلى النهاية الأليمة. الجمال كما يقال ليس في العين لكن في النظرة، وليس في الشفتين لكن في الابتسامة، وليس في الكلمة لكن في النبرة، إلا أن الست بدور مع آخرين مازالوا يفهمون الجمال في حدود " خشمي ولا خشمها"،" حواجبي ولا حواجبها"! بالطبع الشكل الخارجي عنصر مهم جدا، لكن أهميته تكون بقدر تعبير ذلك الشكل عن المحتوى، بقدر ما يكون الجمال الخارجي تعبيرا عن الجمال الروحي، وفي ذلك السياق فلا شك أن فتاة رائعة الجمال مرت بحياة كل منا، لكنها لم تحرك فيه أي شعور ولم تترك أي أثر! الجمال أيضا مفهوم نسبي، فعند بعض القبائل الأفريقية تعد الشفتان الغليظتان عند المرأة جمالا ما بعده جمال، وفي ما مضى كانت معيار جمال المرأة أن تكون ممتلئة، بدينة، ذات عجيزة ضخمة أفاضت في التغزل بها شخصيات نجيب محفوظ! وقد حدث عام 1904 أن تزوج الشيخ على يوسف الصحفي من صفية السادات بدون علم والدها الذي جن جنونه، فرفع دعوى يطالب فيها بإبطال الزواج، وأحال القاضي الدعوة للتحقق من النسل الشريف للشيخ السادات واثبات أن علي يوسف الذي يحترف "حرفة وضيعة"هي الصحافة غير جدير بالزواج من أسرة كهذه! أما السيدة صفية التي أغرم بها على يوسف وأثارت أزمة تدخل فيها الخديو والانجليز فكانت امرأة بدينة لا يمكن القول اليوم بأنها جميلة. جمال الشكل نسبي ومتغير في الفنون أيضا، وهناك فنون مثل الباليه والأوبرا تعد غاية في الجمال لدي الشعوب الأوروبية، لكنها قد لا تكون جميلة لدي شعوب الشرق، لا لشيء إلا لأن الجمال مفهوم نسبي. وفي وقت ما كان من الجمال أن تطوق المرأة كاحل قدمها بخلخال من حديد، حين كان الحديد كان معدنا ثمينا، ثم سقط ذلك المفهوم الجمالي واختفى، ولذلك يظل من المستغرب ربط الجمال فقط بالشكل الخارجي، بالخشم ، أو النهد، أو الحواجب، فكل المعايير التي تبدو بها كل الأشياء جميلة، معايير نسبية ومتغيرة، يبقى الجوهري فقط : روح الانسان، الأمر الذي عبرت عنه إحداهن في تغريدة لها ردا على الست بدور حين قالت لها : " لما أشوف سعاد أحس فعلا إن الدنيا ربيع" ! ليس الخشم يا ست بدور ما يخلق الربيع !



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة المصرية .. بطولة وجمال
- لمن يلومون فيروز .. زهقنا منكم
- جون ميدلي يتصدى لنهب الفقراء
- السد العالي .. تجربة أدبية
- أدونيس.. مدافع التطبيع
- جــــئـــت أنـــت قـصـة قــصـيــرة
- تـــصــادف أنــنــي .. قــصـة قـصـيـرة
- الــفـــلــوس فــي حــيــــاتــــي
- شجن - قصة قصيرة
- شـــجــــن - قـصـة قــصـيــرة
- تدوير الفكر الثقافي والسياسي
- المسافة من التحرش إلى الاعدام
- محمود رضا .. خفقة الراية الجميلة
- لماذا نكتب ؟
- حمار وحلاوة .. الشارع والثقافة
- عن الأدب والسياسة الآن
- عنف الديكتاتورية
- بياضة - قصة قصيرة
- ترامب لايحمي الأمريكيين .. لكن السوريين ممكن !
- أيام ضاحكة مع أحمد فؤاد نجم


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - سعاد حسني .. وخشم الست بدور