أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - حضورنا المباشر في السياسة














المزيد.....

حضورنا المباشر في السياسة


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6673 - 2020 / 9 / 10 - 23:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد يكون من المفارقة القول إن الحل الأمثل لبؤسنا السياسي المزمن هو الابتعاد عن السياسة. في مقابل السياسة التي ينبغي الابتعاد عنها والتي تعني إدارة شؤون الدولة، هناك سياسة ينبغي الانخراط فيها بكل طاقة ممكنة وهي التي تعني إدارة شؤون الحياة اليومية وصيانة حقوق الناس وتوسيعها. بكلام آخر، ينبغي التخفيف من السياسة من فوق، لصالح المزيد من السياسة من تحت.
من ظواهر الركود الذي تعيشه مجتمعاتنا على كافة المستويات، الزيادة الكبيرة في عدد الأحزاب والتنظيمات السياسية مع غياب شبه تام للمنظمات المدنية التي تعنى بصيانة حقوق الناس المقرة في الدستور وفي القوانين النافذة. هذه الظاهرة يمكن تحليلها على الشكل التالي: في الثقافة العامة في مجتمعنا تحتل السلطة السياسية موقعاً خارقاً تبدو فيه وكأنها إله صغير قادر على كل شيء، قادر على السوء والشر كما هو قادر على الصلاح والخير. يخرج من هذا أن السلطة السياسية تتحمل مسؤولية التخلف والبؤس والخراب الذي نحن فيه، وبالتالي فإن خروجنا من هذه الحال يتطلب تغيير السلطة السياسية، وهذا يتطلب إنشاء أحزاب سياسية هدفها الأول هو استلام السلطة واستخدام قوتها الخارقة لإخراج المجتمع من العتمة إلى النور ومن التخلف إلى التقدم ..الخ. ولا شك في أن كل حزب يرى في نفسه كل الصواب السياسي الذي لا يحتاج سوى إلى السلطة السياسية كي يشفي المجتمع بصوابه هذا.
المنطق السالف الذكر هو منطق انقلابي طالما أنه يرى الحل يكمن ببساطة في "الانقلاب" على السلطة القائمة واستلام مقاليد الحكم بأي سبيل. وقد خبر السوريون نتائج هذا المنطق منذ أول انقلاب عسكري عرفته سورية على يد حسني الزعيم في مارس/آذار 1949. تلا ذلك انقلابات كثيرة قامت بها زعامات أو أحزاب، ثم لم يحصد السوريون منها سوى الخيبة. وحين انتهى زمن الانقلابات بوصول صاحب الانقلاب الأخير في نوفمبر/تشرين الثاني 1970، الذي وفى بقوله "لا انقلاب بعد انقلابي"، وجد السوريون أن حياتهم السياسية لم تكن في مرحلة غياب الانقلابات أحسن منها في مرحلة الانقلابات، وأن هناك فجوة دائمة بين ما يسمعونه وما يعيشونه، بين ما يقرؤونه في الدستور والقوانين وما يتمتعون به فعلاً من حريات وحقوق. لمس جميع السوريين بيدهم أن السلطات السياسية تكرر نفسها مهما تبدلت، وأن تغير السلطات لا يقود إلى التغير المأمول في حياتهم وحقوقهم ومستوى معيشتهم. مع ذلك ظلت السيادة للمنطق الحزبي نفسه الذي يؤكد على أن الحل يبدأ مع استلام السلطة السياسية.
لا حصر للأحزاب السورية التي تتطلع إلى الحكم "لكي تعيد الأشياء إلى نصابها الصحيح"، ولكن من الطبيعي أن يطرح السؤال: ألا يمكن المساهمة في معالجة شرور السلطة القائمة، وإحقاق حقوق المظلومين على شتى المستويات، دون استلام السلطة السياسية؟ ألا يمكن أن يعمل السوريون المستعدون للتضحية بوقتهم وجهدهم وتحمل مخاطر العمل العام في ظل سلطات لا تتقبل أي عمل مستقل من أي نوع، ألا يمكن لهؤلاء أن يبدؤوا بعمل غير سياسي يهتم بجانب ما من حياة السوريين، وليكن موضوع الغلاء أو فضح ومواجهة ممارسات كالرشاوى أو فساد القضاء أو التحرش الجنسي ..الخ؟
كل السلطات، مهما كان لونها أو ايديولوجيتها، تميل إلى الاستبداد والفساد ما لم تجد في المجتمع قوى تكبح هذا الميل "الطبيعي" فيها. لا شك أن الأحزاب السياسية يمكن أن تمارس على بعضها البعض دور الرقيب ويمكن أن تشكل لذلك قوة كابحة للفساد والاستبداد، غير أن الغاية النهائية للحزب تتحكم بسياساته فلا تجعله أميناً تجاه انتهاكات الأحزاب الأخرى، لذلك فإن القوة الأهم والأكثر ثباتاً للجم هذا الميل لدى السلطات هو الحضور المباشر للناس في الميدان العام عبر تشكيلات مدنية متخصصة في حماية حقوق الأفراد والجماعات، الحقوق المنصوص عنها في دستور البلاد وقوانينه.
سوف يقال إن السلطات المستبدة لن تسمح بوجود مثل هذه التشكيلات المدنية. هذا صحيح، لكن الموضوع كله هو موضوع صراع وتوازن قوى. السلطات لا تسمح أيضاً بوجود أحزاب سياسية معارضة، لماذا يندفع السوريون إلى المخاطرة بتشكيل أحزاب سياسية معارضة ولا يخاطرون بتنظيم أنفسهم للدفاع عن حقوق محددة، ومن الطبيعي أن يكون ارتداد السلطة ضد منظمات تدافع عن حقوق معينة، أقل قسوة من ارتدادها ضد حزب يسعى لإسقاط السلطة.
في الواقع، شهدت سورية نشوء منظمات مدنية تعنى بشكل خاص بإغاثة المنكوبين وتأمين خدمات للمحتاجين، غير أن هذه المنظمات كانت ذراعاً مدنية لأحزاب سياسية إسلامية غالباً، فضلاً عن أن الإغاثة وتقديم الخدمات ليست في عداد الأنشطة الحقوقية التي نقول بضرورة القيام بها.
يبدو لنا أن السبيل الأهم لحماية حقوق السوريين ولتغيير الحياة السياسية في مجتمعاتنا هو العمل على تعزيز وجود الناس في الميدان العام، ليس لصالح حزب أو ضد حزب، ليس كوجود سياسي بحصر المعنى، بل كوجود مدني ولصالح حقوق عامة ودفاعاً عن حريات عامة وخلقاً لتضامن مجتمعي تسعى السلطات إجمالاً إلى نسفه. يتطلب هذا التحول الجوهري عملاً طويلاً في التوعية، ولكن لكي تكون التوعية ناجعة ينبغي أن تكون في سياق العمل والنشاط الميداني، وهذا، برأينا، هو السبيل الوحيد للخروج من زمننا السياسي الراكد.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدو الصديق وأزمة مياه الحسكة السورية
- الحرية والاختيار
- مسؤوليتنا عن انفجار بيروت
- توحيد الروايات الذاتية للجماعات السورية
- مناهج تعليم غير وطنية في سورية
- نجوم لسماء، أقحوان لمرج
- خفايا انتخابات مجلس الشعب السوري 2020
- مجلس نواب للنظام في الشعب السوري
- قصة صباح السالم وضرورة العمل المدني
- هوس اللامركزية في سورية
- جواب بسيط لأسئلة قلقة
- لكم أحلامكم ولنا الواقع
- في فرادة العقود الثلاثة الأخيرة
- -إعلان الوطنية السورية- بين الوطنية والقومية
- الكراهية بين السياسي والنفسي
- ماذا عن المظاهرات الأخيرة في السويداء؟
- حقوق الإنسان وحقوق السود
- بين الفيروس والفكرة
- في وصف حالنا
- نعومة مخلوف وبسطار الأسد


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - حضورنا المباشر في السياسة