أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ريما كتانة نزال - من يوميات الحصار في نابلس














المزيد.....

من يوميات الحصار في نابلس


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1601 - 2006 / 7 / 4 - 08:33
المحور: القضية الفلسطينية
    


يعرف وليد الشحروري المحاصر في المقبرة العتيقة لنابلس أن لا أمل يرتجى له، فقد حاصر الاحتلال المقبرة من الجهات الأربع، فقرر بوعي عفوي الخروج من مساحة الطرائد؛ إلى فضاء يكون به شهيدا أو أسيرا؛ وابن الستة عشرة عاما في المقاييس الفلسطينية يصبح شيخا مجربا لحرق المراحل الذي يعيشه أطفالنا؛ عرف أن موازين القوة لا تخدمه؛ ففي الوقت الذي يملك فيه قراره المستقل وبندقيته التي تفوق قامته طولا؛ فإن عدوه الذي يحاصره؛ يحرك الدبابات والروبوت المجنزر والآلات البلدوزرية والأسلحة والعتاد من علبته المصفحة، وفي المشهد النابلسي الفريد كان وليد وحيدا مع بندقيته والقبور الأليفة في كفّة؛ ومائتي مدجج مع كل أبهتهم الحديدية والرادارية وكلابهم المسعورة في كفة أخرى؛ وبحسبة بسيطة تخيلها وليد وهو متكئ على شاهد لشهيد؛ استحضر ميزان قوة جديد؛ يقوم على خيال منسوج بإرادة الشباب.
ينطلق وليد بفكرته الصغيرة إلى إطالة أمد المعركة؛ يضع سيناريو لمشهد من بطولته؛ لا يشرك أحدا فيه، ويحسب تكلفته المادية والمعنوية؛ ليجد وفقا لحسبته أنه الرابح لا محالة؛ فعلى صعيد قيم المقاومة سيحرز كسبا يعيد الاعتبار لمعانيها، ويلمع البندقية ويرفع الصدأ عنها، وفي حساب آخر فهو ينتقم لكل رفاقه بإلحاق العار بأرتال الاحتلال، بكل بساطة وضع ميزان الأرباح والخسائر.
نابلس تقف على رؤوس قدميها، يتحرك جبلاها من مكانهما للإحاطة بالمقبرة سياجا حاميا لابن البلد، والناس تحولوا بقلوبهم اتجاه المكان؛ في نبض واحد يدق بنشيد نابلس العتيق، يتابعون في دهشة أرواح أمواتهم الصاعدة من قبورها لمراقبة مشهد الملائكة تحمي البطولة، وتراقب قفزات وليد العابثة وهو ينفذ خطته بقوة واقتدار، يطلق زخة غضب مرة باسم الشهداء، لينتقل الى شاهد آخر ويرمي حجرا باسم جوعى الحصار، وآخر من أجل صمودغزة وجراحها، وزخة لكرامة الأسرى، وتنتهي ذخيرته بوابل من الرصاص الماطر من أجل سبات العرب وهدوء بالهم.
تمضي عشرون ساعة ووليد يلاعب المصفحين والمعلبين، يمضي الوقت سريعا ودمه يندلق من جرحه بسخاء، يراجع خطته ويدرك بأن رسالته قد وصلت، فقد أبلغت غزة بأن رصاصة تخدم بعدها السياسي خير من صاروخ يذهب كيفما اتفق؛ وبأن الإرادة الحرة جزء من معركة صراع الإرادات؛ وبأن الناس عطشى لفعل نضالي يرمم ما لحق بالهدف من ضياع وبعثرة.
يقيّم وليد الوضع ويقرر؛ يخاطب الفتى الشهداء بأن اللعبة قد انتهت، وبأن الوقت قد حان لتغيير المشهد، يطلب السماح من أمه لاستخدام الاحتلال لعاطفتها للضغط عليه، يتوجه إلى الأموات بالاعتذار عن إزعاج تسبب به شاكرا لهم صمتهم.
وليد يتأمل وجه المدينة؛ ويلف جسده العاري بأثواب الغار بعد أن لقن محاصريه الدرس، ويستكمل المشهد الأخير بتحديد ساعة اعتقاله؛ ويتوجه الى سجنه في لحظة قررها كما يشاء، وكانت قامته قد طالت وارتفعت عن كل القامات.
وتتنفس نابلس الصعداء لبقاء وليد على قيد الحياة، وتطوي صفحة يومها الطويل؛ وتخلد إلى النوم مع موعد يتجدد ليوميات مدينة مع الاحتلال، وتنتظر مفاجآت مطر الصيف المتدحرج من فوهة مفتوحة على جهنم.



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أصبحت الرواتب كأحد بنود وثيقة الحوار الفلسطيني!
- الدكرى العشرون على استشهاد خالد نزال
- هل تحرر الطفل نور من سجنه
- أجمل الأمهات-سمر صبيح-
- يوم قائظ في أريحا
- يوم المرأة كنقطة اشتباك في المجلس التشريعي الفلسطيني
- الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والمرأة
- اصطياد الجياد في نابلس
- تخوفات مشروعةعلى مكتسبات المرأة الفلسطينية
- لننتخب مرشحات الدوائر للمجلس التشريعي الفلسطيني لشجاعتهن
- لماذا هربت المرأة الفلسطينية من الترشح من خلال الدوائر للمجل ...
- المرأة الفلسطينية في الانتخابات المحلية بين قانونين
- في الطريق الى انتخاب بلدية نابلس الفلسطينية
- انعكاس أزمة اليسار الفلسطيني على الأطر النسائية الديمقراطية ...
- انتخابات المجالس المحلية في المحلة الثالثة والمرأة
- قراءة ثانية لمسودة قانون حقوق أسر الشهداء
- المرأة الفلسطينية في قانون الإنتخابات العامة
- الذكرى التاسعة عشرة لخالد نزال
- عنف سياسي ضد المرشحات
- المرأة على أبواب المرحلة الثانية لانتخابات الهيئات المحلية


المزيد.....




- بـ4 دقائق.. استمتع بجولة سريعة ومثيرة على سفوح جبال القوقاز ...
- الإمارات.. تأجيل قضية -تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي- إلى ...
- لحظة سقوط حافلة ركاب في نهر النيفا بسان بطرسبوغ
- علماء الفلك الروس يسجلون أعنف انفجار شمسي في 25 عاما ويحذرون ...
- نقطة حوار: هل تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟
- حصانٌ محاصر على سطح منزل في البرازيل بسبب الفيضانات المميتة ...
- -لا أعرف إذا كنا قد انتشلنا جثثهم أم لا -
- بعد الأمر الحكومي بإغلاق مكاتب القناة في إسرائيل.. الجزيرة: ...
- مقاتلات فرنسية ترسم العلم الروسي في سماء مرسيليا.. خطأ أم خد ...
- كيم جونغ أون يحضر جنازة رئيس الدعاية الكورية الشمالية


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ريما كتانة نزال - من يوميات الحصار في نابلس