أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - لمن يلومون فيروز .. زهقنا منكم














المزيد.....

لمن يلومون فيروز .. زهقنا منكم


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6670 - 2020 / 9 / 7 - 00:31
المحور: الادب والفن
    


زار الرئيس الفرنسي ماكرون الفنانة الكبيرة فيروز في بيتها بمنطقة الرابية شمال بيروت مساء الاثنين 31 أغسطس ومنحها وسام جوقة الشرف وهو أعلى تكريم رسمي في فرنسا. ولم تكف منذ ذلك الحين حملات التوبيخ والتأنيب واللوم على فيروز لأنها استقبلت الرئيس الاستعماري الامبريالي وقدمت له القهوة وقبلت منه الوسام بدلا من أن تصفعه وتطرده وتلاحقه على سلم البيت وتتعقبه في الشارع وهي تدق على الطبلة: "مع السلامة يا أبو عمه مايلة"! ا الاعتراضات الأشد سخافة كانت للأسف من منطلق الوطنية والقول بأن: " فيروز فضلت لقاء المحتل على لقاء محبيها من المعجبين"، وأنه كان عليها:"رفض الزيارة لأن ماكرون رمز لقوة استعمارية احتلت الجزائر ولبنان"، وأخيرا الحديث عن " دور الفنان الملتزم وتخلي فيروز عن دورها". معظم هذه الانتقادات الحادة جاءت من طرف شخصيات وطنية لا يرقى الشك إلي تاريخها لكن يرقى الشك إلى مدى فهمها الصحيح للأمور. ذلك أن أحدا لم يسمع من قبل عن أن فنانا أو سياسيا رفض استقبال رئيس جمهورية أو حتى وزير أو مجرد مبعوث دولة، لأن القاعدة هي أننا نلتقي بالسياسيين وقد نحاورهم أو نتفاوض معهم والمهم في النهاية ألا نفرط خلال اللقاء في شيء جوهري من مبادئنا أو مصالحنا. وقد التقى عبد الناصر بإيدن رئيس وزراء بريطانيا التي كانت تحتل مصر، ولم يتنازل في اللقاء عن ذرة من كرامته أوحقوق وطنه، والأمثلة كثيرة. وبالطبع فإن جارة القمر لم تمنح ماكرون كلمة تأييد أو تشجيع واحدة لأطماعه أوخططه للهيمنة على لبنان، فقط استقبلته وتلقت الوسام وشكرته، ولم تكن تلك هي المرة الأولى، فقد سبق أن منحها الرئيس الفرنسي ميتران وسام الفنون عام 1988 ، ومنحها الرئيس جاك شيراك وسام الشرف عام 1998.
وليس أسهل من أن يقوم البعض بإدانة فيروز، وتحميل الفنان، فيروز أو غيرها، مسئوليات ودور ومهام الحزب السياسي، والقادة الثوريين، فيوبخونه قائلين: لماذا لم تقم بالشيء الفلاني؟ ولماذا فعلت كذا ولم تفعل كذا؟. لكن الفنان ليس حزبا، ولا منظمة سياسية، واختصاص فيروز الأول والأخير هو الغناء، وفي مجال اختصاصها أبدعت فيروز وطورت الأغنية العربية وأسعدت الملايين بفنها، وفي ذلك كله يكمن عملها الثوري، لكنها ليست مطالبة بأن تكون قنبلة سياسية تنفجر في وجوه الرؤوساء. أما الذين قرعوها فإنهم لم يحاسبوا أنفسهم عن فشلهم في تنظيم مظاهرة شعبية حاشدة في لبنان لرفض زيارة ماكرون، لكنهم حاسبوها هي، ولم يحاسبوا أنفسهم عن أسباب عزلتهم عن الجماهير، وفشلهم في العثور على ما يخرج بهم من انفصالهم عن الشارع، لكنهم يطلبون من فيروز أن تطرد الرئيس تعويضا عن فشلهم، وأن تتصدر هي المقاومة تعويضا عن اخفاقهم في المقاومة. الفن اختصاص فيروز، والسياسة اختصاص آخر، لم ينجح أصحابه في تحريك حركة شعبية لتطوير الوعي، وبدلا من النظر إلى الخشبة التي في أعينهم ينظرون إلى قشة في عين فنان، وينحصر نشاطهم الثوري في تخطئة هذا الموقف أو ذاك، في وضع علامة صح وعلامة خطأ على فنان أو آخر، بينما لا أثر لهم ولا وجود ملموس في المجتمع، إنهم يضعون على عاتق الفنانين كل المهام التي فشلوا في القيام بها. ولو أن فيروز قامت بالرد على لائميها لذكرتهم على الأغلب بالمثل الشعبي اللبناني القائل:" ألف زلغوطة ما جوزت عريس"، أي أن الف زغرودة لا تحول رجلا أعزب إلى متزوج، أي أن كثرة الكلام والسفسطة لا تغير شيئا في الواقع، وفارق بين أن تكون مهمتك أن تضع ساقا على ساق وتزعق " هذا سليم ، هذا غلط " وبين أن تثبت أن لك في الواقع الاجتماعي والسياسي وجودا بين الناس، لأن العمل السياسي اختراع الطرق الصحيحة لحشد الجماهير والارتقاء بوعيها. إلا أن البعض يفترض أن مهمته الأولى هي التوبيخ والتقريع، لكنك أحدا لا يصبح قديسا من أخطاء الآخرين. زهقنا جدا من الشقشقة الفارغة، ومن آلاف الزغاليط التي لا تغير شيئا. غيروا الواقع أو أظهروا لنا أنكم تحاولون ذلك على الأقل، وحينئذ ستلهمون الفنانين والعلماء والمثقفين الوقوف إلى جواركم ، لكن من المزعج أن يقتصر العمل على العجز مقترنا بتوبيخ الآخرين وإبداء الأستاذية الفارغة. زهقتونا جامد.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جون ميدلي يتصدى لنهب الفقراء
- السد العالي .. تجربة أدبية
- أدونيس.. مدافع التطبيع
- جــــئـــت أنـــت قـصـة قــصـيــرة
- تـــصــادف أنــنــي .. قــصـة قـصـيـرة
- الــفـــلــوس فــي حــيــــاتــــي
- شجن - قصة قصيرة
- شـــجــــن - قـصـة قــصـيــرة
- تدوير الفكر الثقافي والسياسي
- المسافة من التحرش إلى الاعدام
- محمود رضا .. خفقة الراية الجميلة
- لماذا نكتب ؟
- حمار وحلاوة .. الشارع والثقافة
- عن الأدب والسياسة الآن
- عنف الديكتاتورية
- بياضة - قصة قصيرة
- ترامب لايحمي الأمريكيين .. لكن السوريين ممكن !
- أيام ضاحكة مع أحمد فؤاد نجم
- - حجر - يخص المرء وحده
- توماس راسل .. مذكرات حكمدار القاهرة


المزيد.....




- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - لمن يلومون فيروز .. زهقنا منكم