أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عديد نصار - هل افتدت المدن السورية بيروت؟















المزيد.....

هل افتدت المدن السورية بيروت؟


عديد نصار

الحوار المتمدن-العدد: 6668 - 2020 / 9 / 5 - 01:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعالوا معي لنتذكر خارطة السيطرة على سوريا في سنتي 2013 و2014.
بالرجوع الى تلك الخرائط يمكننا القول أن نظام الأسد فقد السيطرة على معظم الأراضي السورية وبالأخص كل المناطق المحاذية للحدود العراقية، كما بات مطار دمشق الدولي شبه محاصر وتحت نيران المعارضة السورية المسلحة.
وبالرجوع الى حالة قوات النظام، فقد أنهكها القتال على جبهات كثيرة وفقدت الكثير من عديدها بالانشقاق عنها وبالخسائر البشرية في صفوفها التي أصابتها في المواجهات وكذلك بامتناع غالبية السوريين عن التطوع فيها.
اما بالنسبة للسلاح، فقد تهالكت منظومة التسلح لدى قوات النظام وبالأخص سلاح الطيران الذي لم يتبق منه سوى بضع طائرات حربية متهالكة.
في هاتين السنتين ظهر سلاح جديد لدى قوات النظام، وتحديدا بعد تجريدها من السلاح الكيماوي بعد مجزرة الغوطة المروعة. هذا السلاح هو البراميل المتفجرة التي كانت تلقى بواسطة الطائرات المروحية على الأحياء السكنية والقرى والمدن لتدمر أي شيء وتقتل كل شيء. براميل تتهاوى من السماء بدون أهداف محددة، الهدف منها كان التجزير بالسوريين وتدمير مدنهم وقراهم وتشريد من تبقى منهم.
فهل هي مصادفة شريرة أن تصل الى مرفأ بيروت في تلك الفترة سفينة متهالكة محملة بأكثر من 2750 طنا من نيترات الأمنيوم؟
يؤكد عدد من الخبراء أن ما تفجر في مرفإ بيروت يقدّر بـِ ليس أكثر من أربعماية طن من نيترات الأمونيوم. اين ذهبت الـ2350 طنا يا ترى؟
من المعلوم أن حزب الله اللبناني بدأ تدخله العسكري إلى جانب النظام السوري قبل سنة 2012، ولكن تدخله المنظم والواسع بدأ من بوابة الهجوم على منطقة ومدينة القصير جنوبي حمص ربيع عام 2013 حيث شرد أهلها باتجاه جرود شرقي لبنان واستقروا في مخيمات عرسال. ومن المعلوم أيضا أن حزب الله عزز سيطرته في تلك المرحلة في مرفإ بيروت وأقام له خطا خارج إطار سيطرة الأجهزة الرسمية اللبنانية. فالبضائع التي تخصه لا تخضع للمراقبة والتفتيش والرسوم التي تخضع لها باقي البضائع. ولا يتحرك أي من أجهزة الدولة اللبنانية بالتالي، للتدقيق في طبيعة تلك البضائع أو في وجهة استعمالها أو في الوجهة التي يمكن أن تقصدها سواء داخل لبنان أو الى خارجه.
وقد صار واضحا، نتيجة ما نشر من وثائق ومراسلات حول البضائع المتروكة في العنبر رقم 12 (الذي يجهل اسمه ورقمه السيد حسن نصر الله)، أن جميع الأجهزة والإدارات المولجة بالمسؤولية عن مرفإ بيروت كانت تعرف مدى خطورة بقاء هذه البضائع في مكان عام مزدحم بالعاملين والإداريين والأمنيين والمواطنين وفي مقربة من عمق مدينة بيروت العاصمة اللبنانية المكتض بالناس. وأن هذه الأجهزة تبادلت الرسائل في أكثر من اتجاه وأنها أبلغت القضاء والوزراء والرؤساء بوجود مواد خطيرة شديدة الإنفجار في العنبر رقم 12 في مرفإ بيروت والذي تهدد في حال انفجارها بتحويل المرفإ الى ركام.
وربما يكون العقيد جوزيف سكاف أول الضحايا اللبنانيين لشحنة الأمونيوم ناتريت بعد أن أرسل سنة 2014 لمن يعنيهم الأمر كتابا بضرورة ابعاد هذه الشحنة (التي كانت لازالت على متن الباخرة روسوس التي كانت ترسو على الرصيف رقم 11) لشدة خطورتها إذا بقيت في المرفأ. جوزيف سكاف الذي مات في ظروف غامضة بعيد تقاعده سنة 2017. وبدل أن تبعد السفينة بما حملت تم افراغ الحمولة وتكديسها في العنبر رقم 12 ثم تركت السفينة الى أن غرقت في مياه المرفأ.
تستوفي إدارة المرفأ 12 دولارا أمريكيا عن كل متر مربع يوميا في حال لم تخرج البضائع من التخزين في المرفإ بعد اليوم الخامس عشر إذا كانت تستخدم أكثر من 175مترا مربعا. نيترات الأمونيوم التي احتلت مساحة تزيد عن 2750 مترا مربعا في العنبر رقم 12 منذ ربيع سنة 2014 بدون أية رسوم في حين تعاني خزينة الدولة اللبنانية من عجز متواصل، وفي حين لم يُعرف صاحبها لمدة زادت عن ست سنوات، ثم لم يتم التصرف بها أو التخلص منها تجنبا لخطرها أو أقله للاستفادة من المساحة التي تشغلها، ودون أن يتجرأ اي من مسؤولي المرفإ أو الجمارك أو من أبلغوا عن وجود تلك البضاعة الخطيرة أن يتخذوا قرارا نافذا بهذا الشأن. ألا يستدعي ذلك تساؤلا مشروعا حول حقيقة من وضع يده على تلك البضاعة ومنع بالتالي تحريكها؟ حتى أن رئيس الوزراء المستقيل حسان ذياب حين همّ أن يزور المرفأ للاطلاع بعد أن علم بوجود نايترات الأمونيوم كان هناك من اتصل به هاتفيا ومنعه من ذلك.
كل الصور التي تناقلها الاعلام للعنبر رقم 12 تبين بوضوح أن الأكياس التي احتوت مادة نترات الأمونيوم كانت ممزقة وأن الكثير منها كان فارغا تماما. الأبواب مفتوحة وهناك فتحة في الجدار أيضا ولا وجود لأية حراسة على المكان. اين ذهبت أطنان هذه المادة المتفجرة؟ ومن بإمكانه تهريبها؟ ومن أين حصل نظام الأسد على أطنان المتفجرات التي حشا بها براميله التي ألقاها على المدن والقرى السورية؟
في المرحلة التي تلت التدخل الروسي العسكري الى جانب النظام الأسدي، وحيث تمكن النظام من استعادة السيطرة على غالبية المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة المسلحة، وبعد أن فتحت طريق الامداد العسكري من طهران الى دمشق، وبعد ان استعادت قوات النظام تسليحها عن طريق الروس والإيرانيين، يبدو أن أهمية البضاعة المخزنة في العنبر رقم 12 قد تراجعت، فأهملت الى أن أقام جهاز أمن الدولة له نقطة في المرفإ.
وكان لقاء جمع بين المدير العام لجهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا وأحد مستشاري دياب في منزل صديق مشترك، مساء يوم 3 حزيران الماضي، حيث روى صليبا لمستشار دياب كيف أنّ جهازه استطاع ضبط كميات من نترات الامونيوم في مرفإ بيروت، شارحاً ما تمثله من تهديد للعاصمة. على الفور، أجرى المستشار اتصالاً هاتفياً بدياب، وأبلغه بما سمعه من المسؤول الامني، فاهتم رئيس الحكومة كثيراً بالأمر، وطلب التحضير لجولة له على المرفأ في صباح اليوم التالي لمعاينة عنبر الامونيوم في حضور صليبا، على أن ينتقل بعد هذه الجولة الى قصر بعبدا للمشاركة في اجتماعٍ كان مقرراً لمجلس الدفاع الأعلى.
وخلال تلك الليلة أنجزت الإجراءات الأمنية واللوجستية لزيارة ذياب.
لكنّ قيادة أمن الدولة تلقّت نحو الحادية عشرة والنصف ليلاً اتصالاً بإسم السرايا الحكومية وَرد فيه أنّ زيارة رئيس الحكومة الى المرفأ في اليوم التالي قد أُلغيت، لأنّ هناك جهة موثوقة من قِبل دياب أفادته بأنّ المسألة "ما بتحرز"، والمواد الموجودة في العنبر ليست من النوع المتفجّر بل هي سماد زراعي. كان ذلك قبل شهرين كاملين من الإنفجار الكبير. هل يجرؤ حسان ذياب أن يُطلع اللبنانيين والقضاء المختص على اسم الشخص أو الجهة التي أوعزت له تلك الليلة أن يلغي زيارته لمرفإ بيروت؟
لاحقا، وفي 20/6/2020 أرسل جهاز أمن الدولة رسالة الى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تتضمن شرحا عن مدى خطورة بقاء هذه البضاعة على أرض المرفإ وطلب اتخاذ الإجراءات العاجلة لإزالتها. كل تلك الوثائق وسواها تؤكد أن الرؤساء والوزراء وخصوصا وزراء الأشغال والداخلية والعدل والمالية وسواهم المتعاقبين في السلطة منذ سنة 2014 وكذلك رؤساء الأجهزة الأمنية والإدارية المولجين في عمل مرفإ بيروت كانوا على علم بوجود قنبلة ضخمة تنام تحت رؤوس اللبنانيين ولا يعلم أحد بموعد انفجارها. كلهم كانوا يعرفون، فلِمَ كان ذلك الصمت عن الجريمة؟
اسبوعان فصلا بين رسالة أمن الدولة الى الرئيسين التنفيذيين في الدولة، رئيس مجلس الدفاع الأعلى رئيس الجمهورية، ونائب رئيس مجلس الدفاع الأعلى رئيس الوزراء، وبين الانفجار الكبير. اسبوعان كانا كافيين لإنقاذ المدينة وأهلها.
حوالي الساعة من الزمن فصلت بين اشتعال النيران في العنبر رقم 12 أو على مقربة منه وبين الانفجار. ساعة كانت كافية لإخلاء المنطقة وتجنيب سكانها الموت.
والجريمة الأفضع أنه حين اندلعت النيران في العنبر رقم 12 قبل حوالي ساعة من الانفجار، وحين بادر فوج اطفاء بيروت للتوجه الى مكان الحريق لإخماده، لم يقم اي من المسؤولين الذين يعلمون مدى خطورة ما يحتويه هذا العنبر، لم يقوموا لا بثني فوج الاطفاء عن الذهاب ولا حتى بالطلب من العاملين والمتواجدين في المرفأ وفي محيطه أن يخلوا المنطقة حرصا على سلامتهم. لم يبادر أحد منهم، يعني أن أحدا منهم لم يكن حريصا على أرواح الناس بمن فيهم فوج الاطفاء الذي سقط بالكامل على بوابة العنبر.
جريمة انفجار مرفإ بيروت التي راح ضحيتها أكثر من مئتي قتيل و أكثر من ستة آلاف جريح ودمر نصف العاصمة وأصاب اللبنانيين في الصميم، لم تهزَّ للمسؤولين اللبنانيين طَرْفاً ولم تحرك فيهم حسّاً، ولم يبادر أي منهم الى الاستقالة مثلا كإحساس بالمسؤولية الأدبية أقلّه عمَّ حصل، بل كانت استقالة حكومة حسان ذياب نتيجة ضغوط القوى السياسية المسيطرة وليس إحساسا من رئيسها وأعضائها بالمسؤولية.
وبالعودة الى سوريا، لا تزال آثار البراميل المتفجرة ترتسم في الخراب الهائل في أحياء حلب وبابا عمرو والرستن والغوطتين وإدلب ومعرة النعمان وكل المدن والقرى التي كانت خارج سيطرة النظام، ولا يزال ملايين السوريين الأصحاء والمصابين والمعوقين مشردين في أربع جهات الأرض، كما لا تزال صور الذين قضوا منهم حرقا تحت الصف أو غرقا في مياه البحر تحفر في الذاكرة. أما المسؤولون عن كل ذلك فلم يطلب لهم أحد ممن يمتلكون القدرة على المحاسبة أي حساب.
فهل حملت سوريا بمدنها وقراها وأهلها عن بيروت النصيب الأكبر من الجريمة ذاتها التي لو حملتها بيروت منفردة ربما لكانت قاعا صفصفا؟
اللبنانيون والسوريون تشاركوا أكثر ما تشاركوا نتائج وحشية هذا النظام الذي لا يزال قابعا في دمشق على قلوب السوريين بدعم كامل ومباشر من النظامين الإيراني والروسي وبتواطؤ كامل من نظام عالمي غاية في التعفن والدموية.
وأخيرا، إن حبل النجاة الذي يحاول الرئيس الفرنسي مدّه لقوى السلطة في لبنان لن ينجيها من حبال المشانق التي علقت لها في بيروت.



#عديد_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعذيب كأداة استنطاق لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية
- المداخلة الرئيسية في تأثيث ندوة أطاك طنجة/المغرب حول تطورات ...
- كوفيد-19 الماقبل والمابعد
- لم ندفن موتانا بعد يا سلامة!
- افلاس نظام المناهبة وانهياره
- صفقة القرن: الطرف الثالث
- لبنان- ثورة حقيقية
- لماذا يتغاضى النظام العالمي عن المجازر في سوريا؟
- روسيا الإمبريالية النزقة
- لبنان بين إعادة إنتاج النظام وتخبط الشارع
- أخطبوط الإرهاب والتصفيات
- سلامة كيلة، المناضل والمفكر والانسان
- بين عدوانين
- سلامة كيلة، الإنسان والمشروع
- الحركة الصهيونية و الكيان الصهيوني في التعريف المادي
- الفساد وحصون الطائفية
- العدل جرصة والعدالة جريصاتي
- تشويش .. تشويش
- جذور الظاهرة الترامبية وتجلياتها
- إيران في لعبة الابتزاز الأمريكية


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عديد نصار - هل افتدت المدن السورية بيروت؟