أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - على هامش العربيّة الحديثة – 1















المزيد.....

على هامش العربيّة الحديثة – 1


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 6663 - 2020 / 8 / 31 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


سليمان جبران: على هامش العربيّة الحديثة – 1

نوستالجيا كيف نترجمها إلى العربيّة؟
ما هي النوستالجيا – ( nostalgia) ، وكيف نصوغ بديلا لها في العربيّة؟ أحد الأصدقاء جعلها موضوع دراسة له مطوّلة في الشعر عندنا، وسألني رأيي في البديل العربيّ الملائم للنوستالجيا. أجبتُه ارتجالا أنّي أكتب عادة التوق بديلا عربيّا لهذا المصطلح.
عدتُ بعد ذلك كالعادة إلى المراجع والقواميس. لم أرغب في كتاباتي السابقة في استخدام الشوق، فهذه تحمل دلالات كثيرة علقتْ بها في لغتنا المعاصرة. فما هي النوستالجيا فعلا؟ هي الحنين إلى ما كان قائما في الماضي، اللجوء إلى تذكار الأيّام السعيدة من الماضي، أيّام الطفولة غالبا ؛ إلى البيت، الحيّ، القرية .. الخ
حاولتُ تخطي المعاجم فوجدت بعضهم يقترح الوُطان بديلا عربيّا للنوستالجيا. وهي بديل موفّق في رأيي، على وزن فُعال، كأنما هي مرض يصيبنا عندما نبتعد عن مرابع طفولتنا، موضع منشئنا الأوّل.
لكنْ لي على هذا المصطلح ملاحظتان: الأولى أنّ ذلك الحنين لا يكون دائما لوطن آخر. قد أنتقل إلى المدينة وأعاني النوستالجيا للقرية التي نشأتُ فيها، في الوطن ذاته. إذا كنتّ أقيم في المدينة مثلا، وأتشوّق لأيّام طفولتي في القرية، في الوطن ذاته، فكيف أسمّي ذلك وطانا، وقريتي في الوطن ذاته؟ الملاحظة الثانية أنّ الواو المضمومة ثقيلة على اللسان وعلى الأذن طبعا!
لذا فالأفضل استخدام المصطلح الأجنبي – نوستالجيا – كما عرفناه دائما، وكما اقترح صديقي مشكورا!

زوج لا בעל !
في هذا المجال يمكن القول ياطمئنان إنّ العربيّة أرقى من العبريّة. فالزوج يعني اثنين، ولا إيحاءات جنسيّة فيه مثل בעל / باعل العبريّة. بل لاحظتُ أيضا أنّ بعض الكتّاب والصحفيّين اليهود يعمدون إلى ذلك أيضا، متجنّبين استعمال باعل وما فيها من إيحاءات جنسيّة واضحة. أمّا بعل في العربيّة فلا تثير غير السخرية كما وردتْ في بعض المسرحيّات الساخرة!
لكن هذا لا يعني أنّ العربيّة أنظف من العبريّة وأرقى دائما. فالعربيّة والعبريّة كلتاهما صريحتان، لا تعرفان التعبير الراقي البعيد عن الظلال الملموسة، البذيئة أحيانا. فما معنى ما نقرؤه أحيانا عن "حرم" الأستاذ فلان؟ لا يا شيخ، أليس للمذكورة اسم في هويّتها؟! ولماذا تُسمّى كّلّ أحكام الزواج في العربيّة مناكحات؟ ما المعنى الأوّل لهذا الأصل؟
في اختصار: اللغات الأولى في منشئها لا تعرف اللياقة الاجتماعيّة. ما نخجل هذه الأيّام من ذكره تقوله اللغات القديمة مباشرة، دونما لفّ ودوران!
العربيّة والعبريّة أختان، تتّفقان غالبا، لكن تختلفان أحيانا!
العربيّة والعبريّة لغتان أختان، فيهما عشرات بل مئات الألفاظ المتشابهة لفظا ومعنى. لكنْ هذا لا يعني أنّ تطوّر الدلالة للفظ الواحد يكون متطابقا في كلتيهما دائما
. فلكلّ لغة منهما تاريخها وتطوّر دلالاتها أيضا.
لذا نجد في العربيّة والعبريّة ألفاظا كثيرة حافظتْ على لفظها ومعناها أيصا في اللغتين: أُذن- אוזן / أوزن، سماء – שמים / شمايم، ومثل هذين كثير، بل كثير جدا، حنطة - חטה بتشديد الطاء بسبب النون المحذوفة. مع الأخذ بالاعتبار طبعا أنّ أصواتا كثيرة في العربيّة تحوّلتْ إلى أصوات أخرى مشابهة في العبريّة، كما حدث في عامّيتنا عادة!
لكنّ اللفظ إذ ينتقل من لغة إلى أخرى لا يحافظ على معناه الأصلي دائما:
زيت > זית / زايت، تعني شجرة الزيتون لا الزيت، أمّا الزيت فهو في العبريّة שמן / شيمن، ما يقابل كلمة سمن في العربيّة. بل إنّ بعض الألفاظ تعني العكس في مقابلها العبري: غنيّ - עני / عني، وهي في العبريّة تعني الفقير طبعا.
نخلص إلى القول إنّ العربيّة والعبريّة لغتان أختان طبعا، لكن يجب الانتباه
أنّ تطوّر الدلالة للفظ الواحد قد تختلف في اللغتين أحيانا!


- خَلدون بفتح الخاء، لا خُلدون !
مواقع كثيرة تكتب ابن خُلدون بضمّ الخاء، ظنّا منها أنّ الوزن هو فُعلول، مثل عُصفور، جُمهور، ثُؤلول [ تذكرون "أمّ الثآليل" عند نعيمة؟! ].. الخ.
لكنّه خَلدون، بفتح الخاء لا ضمّها! كأنما هو "تصغير" لخالد في المحكيّه، مثل سّعدون، زَيدون، عَبّود، بَرهوم .. الخ. لذا اقتضى التنبيه!
صَحَفيّ أو صِحافيّ لا صُحفيّ
هذه المهنة جديدة طبعا. فالصحف أو الجرائد من مستحدثات حياتنا ولغتنا المعاصرتين، فكيف نقرؤها؟
في رأينا أنّه يمكننا استعمال الأولى، نسبة إلى الصحيفة، مثل قبيلة – قَبَلي، أو الثانية، صحافي من الصحافة.
في الإنجليزيّة نقولjournalist نسبة إلى الجورنال، كما شاعت في العربيّة أيضا. وفي العبريّة استحدثوا كلمة עתונאי / عيتوناي نسبة إلى עתון / ألجريدة ، وهي طبعا من كلمة עת بمعنى الوقت، وبذلك تقترب من الإنجليزيّة periodical طبعا.
من ناحية أخرى نجد كثيرين يصرّون على استخدام صُحُفي، نسبة إلى الجمع صُحُف دون مبرّر. فلماذا التفريق إذا كان جائزا التوحيد؟! يكفي أن نتداول صيغة واحدة، صَحَفِيّ!

المواقع الإلكترونيّة متى تُرخّص؟!
لي صديق يملك موقعا إلكترونيّا. سألته مرّة لأسمع تفاصيل ذلك. أجابني أنّه لا يدفع شيئا. كلّ من يرغب يمكنه امتلاك موقع إلكتروني، ولا يدفع شيئا لأحد.
عجبتّ فعلا. لماذا يكون لكلّ إصدار أو صحيفة أو دار نشر، رخصة رسميّة بكلّ توابعها وضرائبها، ويظلّ الموقع الإلكتروني "سائبا"، ببلاش، يقتنيه كلّ من يرغب دون مقابل؟ أليس في ذلك ما يتيح نشر كلّ شيء لكلّ من يستطيع اقتناء موقع إلكتروني؟ لماذا يشمل القانون كلّ أنواع النشر، وتبقى المواقع الإلكترونيّة متاحة مجّانا لكلّ من يستطيع اقتناءها وتعهّدها؟
لا أعرف كيف تكون هذه الفوضى في المواقع بالذات؛ أحدث وأهمّ وسائل النشر في هذا العصر! لا نرمي هنا إلى ترخيص المواقع، لدفع المترتّبات، لكنْ، من ناحية أخرى، " لا يصلح القوم فوضى " على هذا النحو، في عصرنا هذا المحكوم بالقانون في كلّ صغيرة وكبيرة !


مِنْ ثَمّ وليس منْ ثُمَّ!
كثيرون نسمعهم يتحدّثون، فيكثرون من استخدام " ومن ثمّ " ، كأنّما هي رابط بين فكرة وأخرى! لكنّهم يلفطون الثاء مضمومة، ثُمَّ ، كأنّما هي ثمّ العاطفة. وهذا غير ممكن طبعا. لا نأتي بعد حرف الجرّ بحرف عطف! لذا فالقراءة الصحيحة مِنْ ثَمّ، بفتح الثاء طبعا، باعتبار ثَمّ ظرف مكان، بمعنى ومن هناك. تماما كما نكتبها ونقرؤها في اللغة العبريّة، أخت العربيّة، ומשם!
نقرأ ونكتب إذن: مِنْ ثَمَّ لا مِنْ ثُنمَّ!

شاهد ملك؟
يبدو أنّ هذا المصطلح القضائي هو تركة إنجليزيّة. فمَن هو شاهد الملك في القضايا عادة؟ هو أحد المتّهمين، عادة، يشهد ضدّ زملائه السابقين. إمّا استجابة لضمير استيقظ فجأة، أو بناء على اتفاقيّة مع الادّعاء العامّ.، رغبة في النجاة بجلده، بنيل عقوبة خفيفة يُتّفق عليها مُسبقا!
في العبريّة يسمّونه شاهد دولة / עד מדינה، لأنّهم تجنّبوا تسمية إسرائيل ملكيّة أو جمهمريّة، منذ إقامتها. وفي العربيّة لماذا نُبقي على "شاهد ملك"؟ لماذا لا ندعوه نحن أيضا "شاهد دولة"، رغم كثرة الملوك والممالك عندنا، حتى هذا اليوم؟!



ليجه ألف – الدوري الممتاز؟
من عيوبي الكثيرة حبّ الرياضة، وكرة القدم بالذات. لا أعرف من أين جاءني هذا الوباء. أستمتع كثيرا في مشاهدة مباراة في كرة القدم. خصوصا إذا كانتْ تهمّني، لفريق أؤيّده يعني، وكان النقل مباشرا!
قبل سنين عديدة، لا أذكر في أيّ سنة، أجرَوْا في البلاد عندنا تغييرا في الليجه وفي الأسماء أيضا. كانت الدرجة الأولى باسم لئوميت/ القوميّة، فصارتْ باسم الدرجة العليا، والدرجة الثانية ظلتْ ארצית/القطريّة!
أمّا في العربيّة فالدرجة الثانية بقيتْ باسم الدوري الممتاز. كيف تكون ممتازة وهي الدرجة الثانية؟! اسألوهم.
Illustration- ما البديل العربي؟
في العبريّة سمّوا ذلك אייור واستراحوا. ولم أعرف من أين جاءوا بهذا الأصل، وهل قديم هو أم مستحدَث. بحثتُ لأعرف أصل هذا المصطلح في العبريّة فلم أُوفّق!
أمّا في العربيّة فكثيرا ما يستخدمون "رسم توضيحي". وهو لا يقتصر على كتب الأطفال. فهو تجسيد غير كلاميّ، بالرسوم غالبا، لمصطلح ما. ولذا فقد يُستخدم هذا الرسم في كتب الكبار أيضا. المصطلح في الإنجليزيّة له معان أخرى كثيرة: تزييني، توضيحي، رسم توضيحي، صورة إيضاحيّة.. [المورد].
رسم توضيحي إذن بديل مقبول، لا عيب فيه سوى قيامه في كلمتين، فكيف نسمّي الرسّام الذي يقوم بالعمل، في قصص الأطفال وفي غيرها: رسّام توضيحي؟ لكنّها في الإنجليزيّة والعبرية من كلمة واحدة لا من كلمتين يبتعدان بالقارئ عن المعنى المقصود في هذا السياق.
واصلنا البحث فوجدنا أنّ الرسوم الصغيرة في المقامات سمّوها توشية، ومعناها القاموسي : النمنمة والزخرفة والزركشة، وفي لغتنا الحديثة لا نستخدم من هذا الأصل إلا الوشاية بمعنى النميمة. فلنسمّ هذا الرسم توشية، والفنّان الذي يقوم بهذا العمل، في كتب الأطفال أو في غيرها – الوشّاء!



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحياء أوّلًا!!حكايات - 2
- حكايات - 1 خَسِرَتْ دِرْهَمًا.. فَرَبِحَتْ دينارًا!!
- الحضارة لا تتجزّأ!!
- الشدياق أوّل من كتب السيرة الذاتيّة في الأدب العربي
- في جوع دَيْقوع دَهْقوع
- سليمان جبران: في اللغة الحديثة مرّة أخرى
- الجديد – نعم، المبالغة والهوس – لا !
- عاهدير البوسطة
- كان العظيمُ المجدَ والأخطاءَ!
- اعذروني . . مرّة أخيرة !
- بكِكيرة صار . . الحاجّ بكّار!
- شعر النسيب في أبيات: بنفسيَ هذي الأرصُ ما أطيبّ الربا وما أح ...
- كتاب -الساق على الساق-
- العظيم يعرف العظماء ويعترف بهم!
- إلى كلّ من لم يقرأ الشدياق، ويجهل مكانته، هذا الفصل من كتابه ...
- تنبّهوا واستفيقوا أيّها العربُ ..!
- عودة إلى اللغة الحديثة!
- يتغيّر الموقف بتغيّر..الموقع!
- كتاب الفارياق، مبناه وأسلوبه وسخريته، تتمة المقال السابق تل ...
- كتاب الفارياق، مبناه وأسلوبه وسخريته، تل أبيب 1991-


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - على هامش العربيّة الحديثة – 1