أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - سليمان جبران: في اللغة الحديثة مرّة أخرى















المزيد.....

سليمان جبران: في اللغة الحديثة مرّة أخرى


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 6569 - 2020 / 5 / 20 - 23:49
المحور: الادب والفن
    


جائحة؟! ما العيب في وباء؟
فجأة مع قدوم الكورونة علينا بالشرّ، بدأنا نسمعهم يردّدون، في الصحف كلّها، جائحة الكورونا! لماذا جائحة بالذات، أهي تقليعة جديدة فتقتضي ابتكار اسم جديد؟
لم نعرف في لغتنا الحديثة من هذا الأصل سوى الوزن إفتعل. فكتب التاريخ غالبا ما تكتب في وصف القادة العظام: ودخل [.. ] فاجتاحها أيضا! هكذا عرفناها في الأيّام الماضية، وبهذا الوزن فحسب!
عدنا طبعا إلى القاموس، فوجدنا: جاح –ُ (اللازم) بمعنى: هلك مال أقربائه. وجاحت الجائحةُ الناسَ (المتعدّي): أهلكتْ مالَهم واستأصلتْه، وفي الحديث: أعاذكم الله ُ من جوح الدهر.
هذا هو معنى الفعل في اللغة القديمة، والجائحة اسم فاعل للمؤنّثة من الثلاثي طبعا! لكنّنا وجدنا في القاموس بعد ذلك، الجائحة: المصيبة تحلّ بالرجل في ماله، والجوحة : الجائحة.
أمّا االوباء ، المصطلح القديم المعروف لنا، فهو: كلّ ما يصيب شيئا فيفسده، من عاهة أو مرض أو قحط [الوسيط ].
إلّا أَنّهم في العربيّة الحديثة درجوا منذ سنوات طويلة على استخدام الوباء ترجمة للمصطلح الإنجليزي epidemic أو מגפה في العبريّة.
أخبرني أحد ذوي الاختصاص أنّهم في اللغات الأجنبيّة يفرّقون في التسمية بين ما يضرب منطقة دون غيرها، ويسمّونه epidemic ، وما يعمّ العالم قاطبة، ويسمّونه pandemic . لكنّ ذلك لا يتّصل بما نحن بصدده هنا!
والسؤال: لماذا نتهافت على الجائحة هذه، وننبذ الوباء . فقد أفادنا القاموس: "وباء، والجمع أوبئة : (طب) مرص معدٍ يصيب في الوقت نفسه عددًا كبيرا من سكّان بلد أو منطقة: وباء الكوليرا، وباء الطاعون"[ المنجد الجديد ].
هل كلّ مصطلح جديد له بهجة، لأنّنا لم نسمعه من قبل؟ وهل يجب علينا اقتفاء الأثر "على العمية" ؟ إسألوهم، أنا لا أدري!
ليطمئن "المحافظون": آباؤنا الأوائل عرفوا أعراض هذه الأوبئة، لكنّهم لم يفهموها، ولم يعرفوا طرق انتشارها!
لا أعرف أخيرا لماذا يصرّون في الصحف على كتابة هذا المرض الجديد بالألف الطويلة، كما في الأعلام الأعجميّة عادة، وقد غدتْ الكورونة، رغم أصلها الأجنبي، منّا وفينا، مثل الفاتورة والماسورة، بل أكثر منهما ربّما !!

جهازيّة أم جاهزيّة؟!
في لغتنا الحديثة كثيرا ما نُضطرّ إلى ابتكار ألفاظ حديثة من اسم الفاعل بإضافة ياء النسب المشدّدة ثمّ التاء المربطة. مثال ذلك: القابليّة، الهامشيّة، الواقعيّة، الجاذبيّة .. وغيرها كثير في لغتنا المعاصرة.
إِنَّها صياغة مستحدثة ذكيّة تزيد مفردات لغتنا المعاصرة. في الفترة الأخيرة لاحظتُ شيوع الجاهزيّة أيضا، وهو استحداث جميل وصحيح، ترجمة للمصطلح العبري מוכנות، وفي الإنجليزيّة readiness . طريقة جيّدة كما أسلفنا يُصاغ فيها المصدر بزيادة ياء النسب مشدّدة وبعدها التاء المربوطة.
لكنْ لاحظنا في الأيّام ألأخيرة أنّ كثيرين يستخدمون جهازيّة بالذات. وهي في رأينا غير سليمة. فالمصدر المذكوريُصاغ من اسم الفاعل، جاهز، بإضافة الياء المشدّدة والتاء المربوطة، لا من المصدر.
باختصار نقول ونكتب: جاهزيّة لا جهازيّة!
مصل، لِقاح؟
على سيرة الكورونة: أيّهما أصحّ: المصل أم اللقاح ؟ ما زلتُ أذكر: عرفنا في لغتنا سابقا غبار اللقاح. وهو في الزهرة ما ينشأ عن الأسدية، الجزء الذكري منها. والجزء الآخر المتاع – الجزء الأنثوي طبعا. لم نكتفِ بما نذكره عن أجزاء الزهرة. لذا فتحنا القواميس المعاصرة أيضا:
وجدنا أنّ اللِقاح هو ماء الفحل من الإبل أو الخيل وغيرهما. والمُلْقِح من الرجال : خلاف العقيم. ومن قرارات مجمع اللغة في القاهرة: قدر من الجراثيم يسيرٌ يُدخَل في جسم الإنسان أو الحيوان ليكسبه مناعة من المرض الذي تُحدثه هذه الجراثيم... كلقاح الجُدُري أو التيفوس.
أمّا المصل فهو سائل رقيق ينفصل من الدم عند تخثّره، أو ما يّتّخذ من دم حيوان محصَّن من الإصابة بمرض كالجدري، ثمّ يُحقن به جسم آخر ليُكسبه مناعة تقيه الإصابة بذلك المرض [ الوسيط ].
وفي "المنجد الجديد" اللقاح: ماء الفحل، غبار أصفر ينشأ في الجزء الأعلى من السداة... قدر يسير من الجراثيم المعالَجة يُدخل في الجسم ليُكسبه مناعة أو وقاية من مرض معيّن [ مناعة: immunity ] ، وفي الطبّ: مكروبات ميّتة يُحتفظ بها معلّقة في سائل زيتيّ... ومصل اللبن: "المخيض" في محكيّتنا.
نخلص ممّا سبق أنّ الأفضل استخدامنا مصطلحا واحدا : لقاح، كما أقرّه مجمع اللغة العربيّة في القاهرة.

وفاة جمعها وَفَيات
هذه سمعتُها في إحدى الإذاعات، بتشديد الياء. والوفاة جمْع وفيات، دونما تشديد طبعا، مثل: فتاة – فتيات. والوفاة يبدو أنّها ألطف من كلمة موت. مشتقّة من توفّاه الله. فلا تكاد تسمع أحدا يسأل: في أيّ ساعة مات أبو فلان؟ بل يسألون: في أيّ ساعة تُوفّي المرحوم؟ على فطنة: معظم ما كان من الأعلام بوزن اسم المفعول فالفاعل هو الله عادة. منصور لأنّ النصر من عند الله ومثلها: محمود، مرزوق، مبارَك، موفّق . . ألخ.

مدخول جمْعها مداخيل!
قرأت في إحدى الصحف: ". . تقلّص مداخل الأندية"، والمقصود طبعا المداخيل، جمع مدخول، أو ما يدخل صندوق النادي من المال. أمّا المداخل فهي جمع مدخل في المعياريّة والمحكيّة، أي الباب، وذاك لم يقُصد هنا. باختصار: مدخل جمعها مداخل، وأمّا مدخول فجمعها مداخيل!


الشدّة الأصليّة يجب إثباتها!
طبعا في معظم كتاباتنا يكون النصّ دونما تشكيل. لكن الشدّة الأصليّة في رأينا يجب إثباتُها، مثل: سرّ، كبّر، قوّم . . الخ. أمّا الشدّة الناشئة عن دخول ال التعريف على أسماء مبدوء بحرف شمسي فلا حاجة في رأينا إلى إثباتها: ضوء الشمس، شعر الرأس، أوراق الشجر.. كذلك يمكننا أيضا إهمال الشدّة على ياء النسب، لتقريب الاسم من لغتنا المحكيّة: سوري، مصري، هولندي .. لتقريب الألفاظ هذه من لغتنا المحكية!
الحكم الأخير أعلاه تُحذف فيه الشدّة، لتقريبه من الحديث العادي، وإن كان بالإمكان إثباتها طبعا!
رفع قبّعته احتراما - ما عيبها؟
كتب أحدهم في مقالة صحفيّة: "نرفع قبّعتنا احتراما له"، فأثار ضحكة ساخرة بين الحاضرين، حين سمعوا أحدهم يقرأ عليهم المقالة تلك. لماذا؟
لا أظنّ "رفع قُبّعَتَهُ" تثير الضحك، وليس استخدامها عيبا، وإنْ كان أصلها أعجميّا، وفي مجتمعنا هنا أخذها الكاتب من العبريّة. والعبريّة أخذتها عن اللغات الغربيّة أو الإنجليزيّة، اللغة العالميّة في هذه الأيّام!
في رأيي أنّ كلّ تركيب أجنبي، يمكن فهمه إذا تَرجم حرفيّا إلى العربيّة، يمكننا استخدامه في لغتنا أيضا. فإذا قلنا رفع قبّعته احتراما أو عرفانا بالجميل، وفهمناها رأسا يجوز لنا تبنّيها في لغتنا أيضا! بهذه الطريقة تتطوّر وتتوسّع لغتنا الحديثة. وفي العبريّة مئات، وربّما آلاف، من التراكيب أخذوها عن اللغات الأجنبيّة فأثْرَوْا العبريّة ووسّعوها. فلماذا لا نسلك نحن أيضا الطريقة ذاتها. ألم تأخذ العبريّة الحديثة عشرات وأكثر من التراكيب المترجمة عن العربيّة اليوميّة، لغة الناس في البيت والشارع؟ ما معنى על הכיפק العبريّة؟ ألم يستعيروها من لغتنا المحكيّة "على كيفك" ، وغيرها كثير!
تذكرون تعبير "نمر من ورق" ؟ دخل العربيّة من القاموس السياسي مبكّرا. ما دمنا نفهمه دونما تفسير فلماذا لا نضمّه إلى لغتنا؟ ومثله "فيل أبيض" في التعبير عن كلّ شيء غالي الكلفة عديم الاستخدام والمنفعة.
من وحي الأحداث الأخيرة قرأتُ أيضا ، في أحدى المقالات الصحفيّة، "تجارب سريريّة" ترجمة للتركيب الإنجليزي ""clinic trials، ممتاز، ما المانع؟
كتبنا في موضع آخر أنّ اللغة تتطوّر وتتوسّع انعكاسا للحياة ذاتها. فإذا كانت حياتنا تجري مسرعة للّحاق بمن هم أرقى منّا، فلماذا لا يكون تطوّر لغتنا انعكاسا لها؟!



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجديد – نعم، المبالغة والهوس – لا !
- عاهدير البوسطة
- كان العظيمُ المجدَ والأخطاءَ!
- اعذروني . . مرّة أخيرة !
- بكِكيرة صار . . الحاجّ بكّار!
- شعر النسيب في أبيات: بنفسيَ هذي الأرصُ ما أطيبّ الربا وما أح ...
- كتاب -الساق على الساق-
- العظيم يعرف العظماء ويعترف بهم!
- إلى كلّ من لم يقرأ الشدياق، ويجهل مكانته، هذا الفصل من كتابه ...
- تنبّهوا واستفيقوا أيّها العربُ ..!
- عودة إلى اللغة الحديثة!
- يتغيّر الموقف بتغيّر..الموقع!
- كتاب الفارياق، مبناه وأسلوبه وسخريته، تتمة المقال السابق تل ...
- كتاب الفارياق، مبناه وأسلوبه وسخريته، تل أبيب 1991-
- الشدياق، جبّار القرن التاسع عشر!
- هذا التراث المتفرّد .. يجب توثيقه!
- نوّاب قال!
- مرّة تخيب ومرّة تصيب!
- شعشبون يعلو الجدران!
- في حرفيش.. كلّ شيء تغيّر!


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - سليمان جبران: في اللغة الحديثة مرّة أخرى