سليمان جبران
الحوار المتمدن-العدد: 6324 - 2019 / 8 / 18 - 15:30
المحور:
الادب والفن
[ في النصّ التالي، وقد نقلناه من الإنترنت، يتحدّث عاصي الرحباني، بأسلوبه اللبنانيّ الساحر، عن معلّمه بولس الأشقر. هذه الكلمة سمعناها أكثر من مرّة، بصوت عاصي الساحر. فمن يرغب في سماع الأصل يكفي أن يبحث في الإنترنت عن : "عاصي الرحباني عن بولس الأشقر!]
وصلتْ ألحانه لقلوب الناس، من هوْن كان عزيم. والوصول للقلب مش هيّن. يمكن توصل لآخر الدني، وما تقدر تقطع هالمسافة الزغيرة لقلب جارك!
ألحان بونا بولس بتنبع من التراث، ألحان بونا بولس بتنبع من مناخ بلاده: أخدت من الثقافة، ومن التراث، ومن الطقوس، وشحنْها بإحساسه الخاصّ حتّى صارت تعبّر عن مشاعر ناس بلادنا، وشوقهن لتمجيد الحقّ والجمال والمحبّة. وتطلّعتْ العيون أكتر صوب السما. النغمة أخت الكلمة، هيدي حقيقة الغنيّة!
بتسمع مرّات ألحان ضايعة فيها معالم الكلمة: يلّي امتدادات صوتيّة مش بمحلّها، يلّي عدم شعور الملحّن بتتابع المعنى وروحيّة اللفظ. وقال بونا بولس: لازم الكلمة اللي هيّ شعر حلو توصل لغايتا، وما زالها هي واللحن شريكين، ليش ما بطلّو عالتاس متل الصحاب اللي بيحبّو بعضن، متساويين؟! وهيدي من ميزاته: كان يعطي الكلام وجود أغنى، دخلْ لجوّات التعبير، استوعب وعاش وتفاعل مع المعنى. ومن هيْك الحانه بتكون مرّات حنونة بتجرّح، ومرّات بيخلّي الحزن يصرّخ، ومرّات بتضجّ نفسه بالقوّة وبالعظمة وبالفرح، وبيعلّي الصوت تيصير متل الهدير، وبيرقّ مرّات ، بيرقّ تيوصل عحدود الطمأنينة..
ولما مرق بونا بولس بضيعتنا أنطلياس ندهلنا من طفولتنا التايهة، وعلّمنا الموسيقى. ويومها كنّا نجهل شو الموسيقى. ندهلنا وخبّرنا عن الفنّ، عن الدخول لوديان النفس، للمطارح الغميقة بالضمير الكبير. علّمنا النوتة، والنظريات الموسيقية، والأحان الشرقية. علّمنا السهر على الكلمة. علّمنا إنّه قدام بواب الفنّ بنظل تلاميز. بس أهمّ شي تعلّمناه من بونا بولس هو فرح الإنسان بولادة الجمال. مرات، بالمسويات، نشوفه ظاهر من الكنيسة بمشلحه الأسود، وطلته البيضا الرضية، وعلى وجهه سعادة ما بتنوصف، وبإيده ورقة وقلم. ونعرف وقتها إنه لحّن قطعة جديدة!
قلنا له مرة: يا بونا بولس، علّمتنا كلّ هالسنين، وما أخدت منا شي، كيف بدنا نكافيك؟ ضحك وشعّ بالفرح، وقال: بتكافوني إذا بتكمّلو الرسالة. ألّفو غناني للنّاس، ولا تنسو المدارس، دايما علّمو الغنا بالمدارس، وبس إصحَ تاخدو منهن شي: متل ما قبضت منكن بتقبضو منهن، مجّانا أخذتم ومجانا أعْطو!
#سليمان_جبران (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟