أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - تحقيق المخطوطات دونما مصطلحات !














المزيد.....

تحقيق المخطوطات دونما مصطلحات !


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 26 - 00:07
المحور: الادب والفن
    



البرفسور فاروق مواسي، صديقنا أبو السيد يعني، لا يكلّ ولا يملّ. أقع أحيانا على مقالة له مصادفة، وأنا أاتنقّل على غير هدى في الإنترنت، بلا قصد ودونما مرشد، فأقرؤها معجبا سائلا: من أين لصديقنا هذا الوقت وهذا الجلد. صرت أخاف عليه من الكتب تقع عليه فتؤذيه، كما حدث لسابقيه !
على هذا النحو، وصلت دونما قصد مسبق إلى مقالة له، عنوانها: "مع ليل امرئ القيس في معلّقته". مقالة قصيرة نسبيّا، يمكن أن يفيد منها كلّ معلّم أو تلميذ يتناولان وصف الليل في الشعر الكلاسيكي.
الصديق فاروق يحيل في مقالته تلك إلى كثير من المراجع ذات الصلة بوصف الليل، في شعرنا الكلاسيكي طبعا، ولا ضرورة أو حاجة إلى ذكرها في مقالنا هذا. لكنْ لي ملاحظتان، أثارتهما فيّ المقالة المذكورة، وجدتني أسارع إلى تسجيلهما هنا، بعد انتهائي من القراءة:
الملاحظة الأولى أنّ الشعراء الكلاسيكيّين يعمدون عادة إلى تشبيهات، أو موتيفات، معروفة في شعر سابقيهم، ويكون فضلهم في القالب، أو الصياغة التي يصبّون فيها الموتيف لا أكثر. ألم يعترضوا على الشاعر أبي تمّام إذ جاء بما "لم تقلْه العرب" ؟ وصف الليل وطوله أيضا يتكرّر في شعر كثيرين غير امرئ القيس، وإن كان هذا من أقدمهم. ومن يدري، لعلّ شعراء أقدم منه سبقوه إلى هذا الموتيف لكن لم تصلنا أشعارهم.
الملاحظة الثانية تتّصل بأبيات امرئ القيس ذاتها في وصف الليل. كتُب كثيرة تورد الأبيات، كما ذكرها بروفسور مواسي، على هذا النحو:
1) وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله / عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
2) فقلتُ له لمّا تمطّى بصلبه / وأردف أعجازا وناء بكلكلِ
3) ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي / بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثلِ
4) فيا لكّ من ليلٍ كأنّ نجومه/ بكلّ مُغار الفتلِ شُدّتْ بيذبلِ
5) كأنّ الثريّا عُلّقتْ من مصامها / بأمراس كتّانٍ إلى صمّ جندلِ
إلّا أنّ بعض المصادر تجعل هذه الأبيات، من معلّقة امرئ القيس، أربعة لا خمسة. وذلك بإدماج البيتين الرابع والخامس في بيت واحد: فيا لك من ليل كأنّ نجومه / بأمراس كتّان إلى صمّ جندلِ. هذا ما نجده كثيرا في اختلاف الروايات عند تحقيق المخطوطات القديمة.
وكنت دائما إذ نقرأ هذه الأبيات من المعلّقة، أسأل التلاميذ: أيّ الروايتين في رأيكم هي الأصليّة ولماذا ؟ وأسجّل هنا أنّ طالبة وحيدة في الصفّ التاسع، خلال السنوات الطويلة، شفتْ غليلي، فأجابتْ إجابة كافية شافية.
ذكرت التلميذة النجيبة تلك أنّ رواية الأبيات الأربعة بالذات هي الرواية الموثوقة أو الأصليّة، وشرحتْ رأيها بالتفصيل، دونما معرفة بقواعد تحقيق المخطوطات طبعا:
ذكرت الطالبة الذكيّة تلك أنّ التشبيه نفسه في وصف ثبات النجم في موضعه لا يتحرّك، كناية عن طول الليل، كأنّما هو مربوط إلى جبل يذبل أو إلى صخرة ثقيلة، يرد في البيتين المتتاليين. وهذا لا يمكن وقوعه في قصيدة شاعر مجيد. لا نتوقّع ذلك من شاعر كبير كامرئ القيس !
أضافت أيضا أنّ البيت الأصلي- فيا لك من ليل كأنّ نجومه / بأمراس كتّان إلى صمّ جندللِ- فيه طبعا إشكال نحوي. كأنّما هناك كلمة محذوفة هي متعلّق الباء في كلمة "بأمراس". وهذا ما دعا النسّاخ إلى إضافة هذا البيت على المعلقة. لا يمكن طبعا أن يكون الشاعر كتب الروايتين. أصعب الروايتين عادة تكون هي الرواية الأصليّة !
بهرتني التلميذة المذكورة يومها. وفّرتْ عليّ ما دأبت على شرحه للتلاميذ كلّما عرضنا لهذه الأبيات.عجبت أن تتوصّل تلميذة في الصفّ التاسع إلى قواعد تحقيق المخطوطات، وإن كانتْ طبعا لم تشرح ذلك بكلماتنا نحن هنا.
على هذا النحو، تعلّم تلاميذ الصفّ يومها، بمساعدة هذه التلميذة النجيبة، وشرحي المستفيض بعدئذ، إحدى قواعد تحقيق المخطوطات. طبعا دونما مصطلحات!
فهل يتّسع مقال صديقنا، بروفسور مواسي، لإضافة هذه الملاحظة في هوامشه؟



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صيغة الحداثة في -أباريق مهشّمة-
- القديم والجديد في الصورة الشعرية عند الجواهري
- ظلّ الغيمة؟! قراءة في السيرة الذاتية لحنّا أبو حنّا*
- بناء الذاكرة في كتاب الأيّام
- كيف تحوّلت جزيرة مالطة إلى جزيرة الملوط؛
- توظيفات السجع في-الساق على الساق-
- الصعب والأصعب في رحلة فدوى طوقان
- الغزل احتجاجا؛ قراءة في غزل الجواهري المكشوف
- كاتب عصري !
- المفتّشة اليهوديّة !
- سالم لأنّه ظلّ.. سالما !
- ضحايا -أبو عمر-!
- كيف أتدبّر بعدها ؟!
- نوافذ الستر
- القناعة كنز لا يفنى ؟!
- رومانسيّة مشايخ؟!
- ريتا الواقع والقناع
- لم أتغيّر.. وقفت على الرصيف !
- رفضتنا حيفا.. فاستقبلتنا تل أبيب في الأحضان !
- المنايا خبط عشواء !


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - تحقيق المخطوطات دونما مصطلحات !