أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - الأحياء أوّلًا!!حكايات - 2














المزيد.....

الأحياء أوّلًا!!حكايات - 2


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 6650 - 2020 / 8 / 18 - 13:40
المحور: الادب والفن
    


حكايات - 2

سليمان جبران: .. الأحياء أوّلًا!!حكايات - 2

سليمان جبران: .. الأحياء أوّلًا!!

هذه الحكاية سمعتُها في الصغر. أنكر أنّي لم أصدّق يومها كلّ تفاصيلها. مع ذلك ركبَتْ على عقلي، لأنّ الصغير يصدّق ما يقوله الكبار دونما أسئلة. حكاية تثير في سامعها الغرابة والتساؤل: هل صحيح فعلا ان تبلغ الأمور في سبيل "الشرْط" هذا الحدّ؟ مع ذلك، أرويها هنا كما سمعتُها، لا زيادة ولا نقصان!
في الأيّام البعيدة تلك، لم يكن أمام الشباب، والناس جميعا، ما يتلهّون به مثل اليوم. الحياة اختلفتْ تماما، فاختلفتْ معها العاب الناس وتساليهم أيضا. روى الحكايةَ لي في الصغر، عن أيّام زمان، منْ كان أكبر منّي. صدّقتها بحذافيرها طبعا، وإن كنتُ اليوم أسمح لنفسي بالشكّ في بعض تفاصيلها.
في ليلة من ليالي الشتاء الطويلة، اجتمع بعض الشباب في سهرة في بيت أحدهم. كانتْ وسيلة تسليتهمْ مختلفة هذه المرّة. لم يلعبوا الشدّة، ولا غيرها. فجأة ارتفع صوت أحدهم قائلا: منْ يجرؤ على زيارة المقبرة الشرقيّة، فيفتح إحدى "الفستقيّات" هناك، ثمّ يقلي بيضة ويتناولها فيها؟ إذا قام أحد الحاضرين بهذه المغامرة فله ليرة كاملة "حلال زلال"! والليرة في تلك الأيّام طبعا لم تكنْ مثل اليوم. كانت الليرة "تحكي"!
فجأة خيّم الصمت عليهم جميعا. لم يجرؤ أحد الحاضرين على التطوّع لتنفيذ المهمّة. كثيرون منهم كانوا يتجنّبون المرور من الطريق المحاذية للمقبرة في النهار، فكيف يتطوّعون بدخولها ليلا، وبقلي بيضة في إحدى فستقيّاها؟! حتّى إذا كان أحدهم شجاعا، لا يخشى شيئا، فالعَرْض جريء، ومئة ليرة لا تسوى هذه المغامرة!
لكنّ الشابّ منصورالأسعد أخذ يفكّر في العَرض جادّا.. المسألة في نظره ليستْ ليرة يربحها مَن يتطوّع لتنفيذ المهمّة. المسألة مسألة تحدٍّ، وكلّ مَنْ يقوم بتلك المهمّة يفرض على جميع الحاضرين هيبته واحترامه، على مرّ الأيّام والسنين. ثمّ إنّ المقبرة في الليل والنهار سواء. إذا كان كثيرون يخافونها فلأنّهم جبناء. . لا ينهض الأموات من القبور، لا نهارا ولا ليلا، فلماذا تبعث المقابر الرعب في قلوب الجبناء، في الليل خاصّة؟!
هكذا أبدى منصور استعداده للقيام بالشرْط. لم تكن غايته طبعا ربح ليرة. إذا ربح الشرط فحكايته ستكون على كلّ لسان في القرية. الجميع سيعترفون بشجاعته ورباطة جأشه. مَنْ يجرؤ على قلي بيضة في المقبرة الشرقيّة وتناولها هناك أيضا؟! هل في القرية كلّها مَنْ يقوم بتنفيذ هذا الشرط؟ كثيرون مِن أصدقائه كانوا يتجنّبون المرور في الطريق المحاذية للمقبرة، حتّى في التهار. أمّا منصور فكان على يقين بأنّ المقبرة في الليل والنهار سواء، والموتى فيها غدوْا عظاما. الخوف، في رأيه، في داخلنا ومِن داخلنا، والخيالات نراها أمامنا إذا عشّشتْ في رؤوسنا فقط!
تناول منصور الحديث ، معلنا استعداده للقيام بالمهمّة وتنفيذ الشرْط! الحاضرون جميعهم استغربوا تهوّره هذا، في سبيل شرط لا يسوى هذه المغامرة. لم يفكّروا بمنطق منصور طبعا. الجميع ظنّوا أنّ منصور تطوّع لتنفيذ الشرط، ليربح الليرة. لكنّ حسابات منصور كانتْ مختلفة طبعا.
حضّر منصور كلّ اللوازم، من بيضة ومقلاة وزيت وقدّاحة، وخرج في طريقه إلى المقبرة الشرقيّة تنفيذا للشرط. وصل المقبرة، ففتح الفستقية كما نصّ الشرط، وجلس على أحد التوابيت، ليشعل النار ببعض العيدان، ويقلي البيضة ويتناولها تنفيذا للشرط . .
فجأ ة سمع صوتا ينبعث من تابوت مجاور. التفتَ إلى مصدر الصوت، فرأى تابوتا كبيرا يتحرّك. لم يساوره أيّ شكّ: فهمَ رأسا أنّه كمين دفنه الأصدقاء في المقبرة لتخويفه، فما كان منه إلّا أن أجاب مسرعا: صبرا، الأحياء أوّلا ! !
انهى عمليّة قلي البيضة، وتناول بعضها، ثمّ قام إلى التابوت المجاور، وفتحه بسرعة ليجد أحد أصدقاء السهرة سبقه إلى المقبرة، واضطجع داخل التابوت! نال الصديق ذاك نصيبه من كفوف منصور الثقيلة، ثمّ رجع منصور إلى أصدقاء السهرة وقد ربح الشرط!
سأله أجد الأصدقاء بعد ذلك في السهرة: كيف أقدمتَ على تنفيذ الشرط، ولم ترتعد فرائصك حين تحرّك التابوت المجاور قربك؟. أجابه ببساطة لم يعرف الحاضرون تفسيرا لها: هلْ يمكن للعظام في التابوت أنْ تتحرّك ؟!



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات - 1 خَسِرَتْ دِرْهَمًا.. فَرَبِحَتْ دينارًا!!
- الحضارة لا تتجزّأ!!
- الشدياق أوّل من كتب السيرة الذاتيّة في الأدب العربي
- في جوع دَيْقوع دَهْقوع
- سليمان جبران: في اللغة الحديثة مرّة أخرى
- الجديد – نعم، المبالغة والهوس – لا !
- عاهدير البوسطة
- كان العظيمُ المجدَ والأخطاءَ!
- اعذروني . . مرّة أخيرة !
- بكِكيرة صار . . الحاجّ بكّار!
- شعر النسيب في أبيات: بنفسيَ هذي الأرصُ ما أطيبّ الربا وما أح ...
- كتاب -الساق على الساق-
- العظيم يعرف العظماء ويعترف بهم!
- إلى كلّ من لم يقرأ الشدياق، ويجهل مكانته، هذا الفصل من كتابه ...
- تنبّهوا واستفيقوا أيّها العربُ ..!
- عودة إلى اللغة الحديثة!
- يتغيّر الموقف بتغيّر..الموقع!
- كتاب الفارياق، مبناه وأسلوبه وسخريته، تتمة المقال السابق تل ...
- كتاب الفارياق، مبناه وأسلوبه وسخريته، تل أبيب 1991-
- الشدياق، جبّار القرن التاسع عشر!


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - الأحياء أوّلًا!!حكايات - 2