أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صوت الانتفاضة - مدينة الثورة والاشكال الأولية للدين-القسم الثاني














المزيد.....

مدينة الثورة والاشكال الأولية للدين-القسم الثاني


صوت الانتفاضة

الحوار المتمدن-العدد: 6647 - 2020 / 8 / 15 - 21:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


((ان التكرار الطقسي يعد من أكثر الاستراتيجيات الاجتماعية الفاعلة في تأسيس علاقات السلطة وتثبيتها)) جوديث بتلر.
الطقوس في مدينة الثورة فعل يكاد لا ينفصل عن الواقع اليومي، فهذه المدينة تعد الممثل الرئيس لسلطة الإسلام السياسي، ولا تستطيع اية مدينة أخرى ان تنافسها بهذا الشأن، فكل المؤهلات والخصائص موجودة فيها، كثافة سكانية عالية، اغلب سكانها ينحدرون من مدينة العمارة في جنوب العراق، مجتمع عشائري بامتياز، مفاهيم الطائفة والدين والعشيرة قائمة بشكل عال، وهي الغالبة، واقع السكان الاقتصادي والمعاشي يكاد يكون متساويا، طبقيا، فجمهورها ما بين عامل وطبقة وسطى، مستوى التعليم والثقافة رديء بشكل عام؛ هذه الخصائص جعلت قوى الإسلام السياسي تتصارع عليها بشكل مميت، فالسيطرة عليها تعادل بشكل من الاشكال السيطرة على بغداد كلها.
الميليشيات المسيطرة في مدينة الثورة تقدم كل التسهيلات، وتوفر جميع مستلزمات الأفعال الطقسية، ففي الأيام التي تسبق "أشهر الطقوس" خصوصا شهر "محرم"، تستنفر كل الطاقات وتذلل كل المعوقات امام احياء هذه المناسبة، تتعطل كل جوانب الحياة في المجتمع، وبالأخص الجانب التعليمي المتمثل بالمدارس، الحزن يخيم على الناس، الجميع يرتدي الملابس السوداء، والاعلام والرايات تعلق على كل البيوت، مشاهد اللطم وضرب "الزنجيل" و"القامات" و "تطبير" الرؤوس تراها في كل مكان، إقامة المشاهد التمثيلية لما جرى في العصر المقدس، فضلا عن مكبرات الصوت التي تٌشغل "النعي واللطميات" ليل نهار، الجميع يشترك في ممارسة هذه الطقوس، "نساء أطفال شباب كهول"؛ التجار وقيادات الميليشيات وأعضاء مجلس النواب عن هذه المدينة -20 نائبا في كل دورة لهذه المدينة، تخص تيار اسلامي مسيطر فقط- والسلطة ذاتها تدعم بشكل غير محدود ممارسة هذه الطقوس، فتجد مثلا إقامة مجالس العزاء بشكل مفرط، وبدعم مادي مفتوح، ستون يوما من إقامة الطقوس، بشكل هيستيري ومتكرر، ستون يوما من غياب شبه تام للوعي، ستون يوما من عبادة الالم، ستون يوما من تثبيت وترسيخ وإعادة انتاج سلطة الإسلام السياسي، وفي المقابل فأن هذه السلطة وميليشياتها مستمرة في دعم هذه الطقوس ومنذ سبعة عشر عاما.
يقول مرسيا الياد في احدى مؤلفاته ((ان الحياة التي يعيشها الانسان الغارق في المقدسات، هي ليست فعلية، وبالتالي ليست حقيقية، ولا تجعله انسان حقيقي، ان حقيقته تكمن في لحظة ممارسته للفعل الطقسي)) وفي مدينة الثورة الغارقة في القدسي، تجد الاستعداد النفسي حاضرا عند الجماهير، فهم في شوق لممارسة الطقوس، تجد تلك المرأة المسنة وقد افترشت الأرض، وبدأت بتوزيع الشاي وعمل "السياح"، وتجد أولئك الشباب منهمكين بنصب الخيم "المواكب" على قارعة الطريق، وهم يوزعون الماء والكيك وأنواع العصائر، او تلك الفتيات وهن يدورن على البيوت مع "ملايتهن"، او تنظر الى الأطفال وقد ارتدوا الثياب السوداء، وبيدهم "الزناجيل"، او ترى مشاهد "التطبير" الدموية والعنيفة، او ترى النساء وهن يحملن اطفالهن "الرضع" ويسيرن مشيا على الاقدام لمئات الكيلومترات، كل تلك الممارسات الطقسية المتعبة والمنهكة والعنيفة، التي تجري في مدينة الثورة، بسبب ان القوى المسيطرة فيها لا يمكن لها الاستمرار في السلطة بدون ان تكون جماهير هذه المدينة غارقة في المقدس، تستمر بتقييدهم "بالسلاسل المغطاة بالزهور الوهمية"، حتى لا ينتبهوا الى حياتهم وواقعهم البائس والمزري بكل شيء، وقد نجحوا في ذلك، فلا احتجاج او اعتراض على السلطة في مدينة الثورة، ولا حديث عن الخدمات او عن البطالة، او عن الواقع الصحي او التعليمي او الاكتظاظ السكاني، لكنهم يحتجون اذا ما تم نقد "السيد" مثلا.
لقد حولت الميليشيات المسيطرة في مدينة الثورة كل شيء الى طقوس، فبدون الطقوس لا سلطة، والعلاقة واضحة بين الطقس والسلطة.
يتبع لطفاً.....



#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة الثورة- الاشكال الاولية للدين
- الطابع الفاشي لنظام الإسلام السياسي في العراق-القسم الثاني
- الطابع الفاشي لنظام الإسلام السياسي في العراق-القسم الاول
- -المرجعية- - صمام امان- لمن؟
- مرشح التواثي -الشهيد الحي- ولابسي الاكفان- الانجازات
- لحظة اختطاف- لحظة اغتيال- لقاء تلفزيوني
- الإسلاميون ضد الفن والحياة
- الاغتصاب وبراءة المغتصب مستمر في ظل حكم الإسلام السياسي
- وتستمر اللعبة- أوهام إصلاحات الكاظمي وصدق الصور الشخصية له
- مثقفو سلطة الإسلام السياسي الفاشي- علي وجيه أنموذجا
- السيادة بين السيرام والصواريخ السبب والنتيجة
- الهذيان حول -نهاية اللادولة-
- لا لحكم الميليشيات والعصابات وداعا هشام الهاشمي
- -التغليس- و -جرة الاذن- فلسفة حكم سلطة الإسلام السياسي
- قضايا ساخرة -هيبة الدولة-
- انتهت المسرحية واٌسدل الستار
- كلمة حول خطاب قيس الخزعلي
- ما هي حركة جهاز مكافحة الإرهاب الأخيرة؟
- تحالفات مدنسة -الشيوعيون والاسلاميون-
- الكاظمي كأسلافه -اختطاف الطالب محمد النمر


المزيد.....




- حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنساني ...
- -ما قمنا به في إيران كان رائعًا-.. ترامب: إذا نجحت سوريا في ...
- الاتحاد الدولي للسلة: إعلان هزيمة منتخب الأردن تحت 19 سنة أم ...
- ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا
- طهران تبدي -شكوكا جدية- بشأن احترام إسرائيل لوقف إطلاق النار ...
- الحكومة الفرنسية أمام اختبار سحب الثقة
- الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرو ...
- خبير عسكري: فقدان جيش الاحتلال قوات اختصاصية خسارة لا تعوض
- 40 عاما من الحكم.. الرئيس الأوغندي يترشح مجدّدا للرئاسة
- 47 شهيدا بغزة وعمليات نزوح كبيرة شمال القطاع


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صوت الانتفاضة - مدينة الثورة والاشكال الأولية للدين-القسم الثاني