عن النمل و العصافير و عن البشر!

سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 6646 - 2020 / 8 / 14 - 03:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

سليم نزال

و اذ يقترب الصيف بالانتهاء فى هذه البلاد, و قد انتهى او كاد مرحلة الليالى البيضاء حيث يستمر الضوء معظم الليل , و بدات رياح تهب ممهدة لاقتراب الخريف . لكن لم يزل هناك بعض من صيف و اشعة شمس دافئة لحسن الحظ .و عادة فى مثل هذه الاوقات فى كل سنة اراقب تحرك النمل لان حركته على طرقات الغابة المؤدية الى بيتى تخف تدريجيا ,و ما ان ينتهى الخريف و يبدا الشتاء النرويجى حتى يختفى النمل من على الطرقات و تلوذ الى بيوتها الدافئة تحت الارض .

اليوم شاهدت نمل تسير بسرعة على الطريق كانها تستعجل العمل للعودة باكرا الى البيت .توقفت اراقبها و انا اعرف ان موسم هجرتها من الطرقات قد اقتربت .و منظرها عادة يثير مشاعر طيبة عن الحياة .اذ لا يمكن للمرء ان يرى النمل بكثافة الا فى الصيف حين يصفو الجو, و تدب الحياة فى كل شىء.
و مثل ذلك العصافير التى تغرد من الصباح الباكر تبدا هى الاخرى بالاستعداد للهجرة جنوبا نحو بلاد الدفء.و الطريف ان هجرات البشر تبدو متناقضة الى حد ما مع هجرة العصافير .البشر يهاجرون للبلاد الباردة المستقرة و يغادرون بلادهم الدافئة و الغير مستقرة .و قد كان هناك فى السابق قراءات انثروبولوجية تربط بين الاستقرار و المناخ .لان سكان البلاد الدافئة او الحارة حسب هذا الراى سريعوا الغضب الامر الذى يفسر عدم استقرار تلك البلاد و كثرة الصراعات.

.طبعا من الصعب القبول كليا بهذه النظرية لان اليابان و استراليا من البلاد الحارة او الدافئة و هى تنعم بالسلم و الاستقرار . اما البلاد الباردة حسب هذا الراى سكانها اكثر هدوءا و بالتالى تزداد لديهم نزعة التفكير العقلانى .قد يكون هذا التفسير فيه بعض المنطق و ان كان من الممكن نقد هذه النظرية ايضا .لكن ربما يلعب المناخ البارد دورا ما فى اجبار الناس على التعاون و ايجاد حلول وسط لان قسوة المناخ العدو المشترك للجميع .
ايا كان الامر فقد راقبت اليوم النمل و هو يسير فى الغابة ولم يزل يتحرك ذهابا و ايابا باحثا عن طعام ليخزنه لفصل الشتاء .و حين تتوقف حركة النمل على الطرقات اعرف ان الشتاء النرويجى البارد و الطويل و المعتم بات على الابواب .

#سليم_نزال (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل