أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جلبير الأشقر - «كلّن يعني كلّن»!














المزيد.....

«كلّن يعني كلّن»!


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6644 - 2020 / 8 / 12 - 09:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



إن الجريمة التي تمّ اقترافها ضد بيروت هي حقاً «جريمة ضد الإنسانية»، بل وبامتياز. ومثلما يشترك جميع أفراد الطغمة الحاكمة في لبنان في مسؤولية انهيار اقتصاده والإفقار الصاعق الذي أصاب غالبية شعبه الساحقة، ذلك أن الانهيار والإفقار نتجا عن عقود من الفساد والنهب واللامبالاة بما يجعل جميع الذين تحاصّوا مناصب السلطة في البلاد منذ دخول تسوية الطائف حيّز التنفيذ، أي منذ ثلاثين عاماً، جميع هؤلاء، «كلّن يعني كلّن»، مسؤولين عن ذينك الانهيار والإفقار، فإن جميع الذين تحاصّوا مناصب السلطة خلال السنوات الست المنصرمة، وهي المدّة التي بقيت خلالها شحنة نترات الأمونيوم الفظيعة مستودعة في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، ولاسيما الذين تحاصّوا المناصب والأدوار الإدارية والأمنية الرسمية وغير الرسمية داخل المرفأ وفي الإشراف عليه، ناهيكم من الذين نصّبوا أنفسهم حماة الديار اللبنانية مانحين أنفسهم حقّ مدّ شبكة دويلتهم في أحشاء الدولة اللبنانية ومرافقها العامة بحجّة الذود عن الوطن، جميعهم إذاً، «كلّن يعني كلّن»، مسؤولون عن الجريمة، وذلك إلى أية جهة انتموا، سواء أكانوا من فريق «8 آذار» أم من فريق «14 آذار» (لعنة على الطرفين!) وسواء أكان ولاؤهم لأمريكا أم للسعودية أم لإيران أم للنظام السوري، أم لمن يدفع أكثر.
هذا وقد جرى التخلّي عن حسّان دياب كما تجري التضحية بكبش الفداء، وهو أقل المسؤولين مسؤولية. لا نقول ذلك دفاعاً عن الرجل، وهو لا يستحق الدفاع عنه بالتأكيد، بل إنصافاً للحقيقة وهي تستوجب الإنصاف. فلم يكن دياب رئيساً للوزراء سوى منذ أقل من سبعة أشهر، ولم يكن رئيساً ذا صلاحيات فعلية، بل كان مأموراً لدى الذين عيّنوه في منصبه، لا أكثر. وقد حاول دياب إنقاذ منصبه وإلقاء اللوم على غيره بمداخلته الأولى بعد وقوع الجريمة، ثم بدعوته إلى حلّ المجلس النيابي وإجراء انتخابات مبكّرة. ويبدو أن هذه الوقاحة (في نظر أحد أركان التحالف الذي عيّنه رئيساً للوزراء) هي التي جعلت من جاؤوا به يطلبون منه تقديم استقالته. وقد أذعن للأمر ممتعضاً وهو يزعم أنه اكتشف لتوّه «أن منظومة الفساد أكبر من الدولة، وأن الدولة مكبّلة بهذه المنظومة ولا تستطيع مواجهتها أو التخلّص منها»، وكأنه لم يكن يدرك هذه الحقيقة البديهية عندما قبِل بأن يقوم بالدور الذي أناطه به أحد جناحي المنظومة المذكورة.

وبعد، فأين الحلّ وكافة أبوابه تبدو وكأنها موصودة؟ ليس هو بالتأكيد في دعوة فرنسا إلى إعادة فرض وصايتها الاستعمارية على لبنان لمدّة عشر سنوات، كما اقترح بعض اللبنانيين وقد جمعوا عشرات آلاف الإمضاءات على عريضة لهذا الغرض (هل يجهلون، يا تُرى، أن فرنسا هي «الأم الحنون» للنظام عينه الذي يريد الشعب إسقاطه؟). ولا يشفع لهم سوى شعور اليأس والعجز القاتل الذي غمرهم إزاء كل ما يتعرّض له البلد، أما عدا ذلك فكيف بأحد يحتفل بالرئيس الفرنسي وكأنه بطل، بل ويمدح جرأته في النزول إلى الساحة والاحتكاك بالجمهور فيما لا يجرؤ على ذلك أي من رجال الحكم اللبنانيين، ويغفل المحتفِل والمادِح أن ماكرون جاء وهو ينوي إخراج مناسبة لالتقاط بعض الصور بغية توظيفها في تحسين صورته في فرنسا، حيث لا يجرؤ على مواجهة الجمهور بدون أن يكون محاطاً بسياج أمني مشدّد مثل الذي أحاط بميشال عون عند زيارته للمرفأ؟ في الحقيقة، ماكرون معروف بأنه يطمح إلى لعب دور الوسيط بين أمريكا وإيران، فليست دعوته إلى تشكيل «حكومة وحدة وطنية» في لبنان سوى ترجمة لمسعاه ذاك، وهو يطالب بحكومة إيرانية/سعودية جديدة على غرار حكومة الحريري السابقة لانتفاضة «17 تشرين» يكون هو الوصي عليها في دور الحَكم.
لا، لن يكون ثمة خروج من المأساة اللبنانية باستبدال وصاية خارجية بأخرى، أو بإعادة التوفيق بين وصايتين أو أكثر. فقد توالت شتى الوصايات على هذا البلد المسكين خلال القرن الذي مضى على تأسيسه ضمن حدوده الحالية: فرنسية وبريطانية وأمريكية ومصرية وسورية وإسرائيلية وسعودية وإيرانية، منفردة أو متزاوجة. ولا بدّ من أن ينطبق شعار «كلّن يعني كلّن» على الوصايات الخارجية هي أيضاً: فلا سبيل لخروج لبنان من دائرة المآسي التي تتعاقب على أراضيه منذ ولادته قبل قرن، سوى بالتخلّص من الطغمة الحاكمة بكل مكوّناتها وبكل الأوصياء عليها، وتحقيق سيادة كاملة بمعنيي السيادة وهما السيادة الوطنية ضد كافة الوصايات الخارجية والسيادة الشعبية ضد كافة الأوصياء الداخليين، من أجل حكم يكون حقاً «حكم الشعب، من الشعب، وللشعب» (كما جاء في خطبة أبراهام لينكولن الشهيرة في خضمّ الحرب ضد العبودية في الولايات المتحدة). أما «الحياد الإيجابي» الذي ينبغي على لبنان التزامه، فليس ذلك الذي يحلم به موهومو «سويسرا الشرق»، بل ذلك الذي دعت إليه دول «عدم الانحياز» في زمن عبد الناصر وسوكارنو ونهرو، أي الاستقلال عن المحاور الدولية والالتزام بالدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولاسيما شعبي فلسطين وسوريا الشقيقين اللذين التجأ بعضهما إلى لبنان، واحة الحريات ومأوى المضطهَدين كما يجب أن يبقى.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستبداد وتلفيق التهم: عمر الراضي نموذجاً
- إجماع سعودي إيراني على حساب المسلمين!
- مأساة لبنان والوطنية الحقّة
- تحية للعالمات المشاركات في مشروع «الأمل»
- الجدوى من العدوى: عن دلالة الخيال الكارثي
- الموقف الوطني المصري السليم من ليبيا
- شهادة بولتون عن ترامب وبوتين وسوريا
- سفينة لبنان تغرق ولا من يعوّمها
- العنصرية والطائفية والرُكبات على الرَقبات
- الصهيونية بنت العنصرية الاستعلائية البيضاء
- فلسطين: من تقسيم إلى آخر
- رثاء الأمة العربية وشرط نهضتها
- الإدمان على النفط ومعالجته الملحّة
- رامي مخلوف المسكين…
- لبنان: عادت حليمة إلى عادتها القديمة
- هبوط أسعار النفط ومصيرنا
- أكباش الفداء أو عندما تسود اللاعقلانية
- بين قانون الغاب والشمولية
- الأديان بين الفائدة والضرر
- البشرية والوباء والاشتراكية


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جلبير الأشقر - «كلّن يعني كلّن»!