أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - فلسطين: من تقسيم إلى آخر














المزيد.....

فلسطين: من تقسيم إلى آخر


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6575 - 2020 / 5 / 27 - 11:10
المحور: القضية الفلسطينية
    


قامت الدولة الصهيونية إثر حرب عام 1948 على 78 بالمئة من الأراضي الفلسطينية الواقعة غربي نهر الأردن، أي أن الاستعمار الاستيطاني الصهيوني ضمّ قسراً 22 بالمئة من المساحة الواقعة بين البحر والنهر علاوة على حصة 56 بالمئة التي منحها إياه قرار التقسيم بالغ الإجحاف الذي تبنته أغلبية الجمعية العامة للأمم المتحدة في خريف 1947. وكما نعلم، فإن الأمم المتحدة (أي الاتفاق بين واشنطن وموسكو، لاسيما أن سواد «العالم الثالث» لم يكن ممثلاً بعد في المنظمة الدولية) انتهت إلى الإقرار بشرعية ذلك الضمّ واعتبار حدود دولة إسرائيل السابقة لحرب 1967 حدوداً «شرعية». وقد تكرّس ذلك الاعتراف في أعقاب الحرب المذكورة بقرار مجلس الأمن 242 الشهير، بما شكّل طعناً فادحاً بمبدأ عدم جواز ضمّ الأراضي بقوة السلاح، وهو مبدأ يتحجّج به الذين يرفضون ضمّ الدولة الصهيونية لمزيد من الأراضي الفلسطينية، متناسين أن «الخط الأخضر» ذاته، وهي التسمية التي تُعرف بها الحدود السابقة لحرب 1967 التي هي بالأصل خط الهدنة التي أفضت إليها حرب التقسيم، ذلك «الخط الأخضر» إنما هو ذاته قائم على الطعن بالمبدأ المذكور.
عرف التاريخ إذاً مرحلتين من ضمّ الأراضي الفلسطينية: إحداهما «قانونية» أقرّها قرار الأمم المتحدة الظالم وأعلن الاستيطان الصهيوني قيام دولته عليها في 15 أيار/ مايو 1948، والثانية نجمت عن حرب تلك السنة واستيلاء القوات الصهيونية على 22 بالمئة إضافية من الأراضي الواقعة بين البحر والنهر (أي نصف المساحة التي تكرّم بها قرار التقسيم الأممي على «الدولة العربية» في فلسطين). وقد بقيت الحدود الجديدة «خط هدنة» إلى أن صارت «حدود إسرائيل المعترف بها دولياً» عقب حرب 1967 واستيلاء الاستعمار الصهيوني على النصف المتبقي، مستكملاً بذلك سيطرته على كامل الأرض الواقعة غربي النهر.
هذا وقد أقرّت الدولة الصهيونية مرحلة ثالثة من الضمّ الرسمي للأرض الفلسطينية عندما أعلنت، بعد مضي أسبوعين ونيّف على وقف النار في حرب 1967، عن وضع القدس الشرقية وضواحيها تحت سيادتها القانونية. لكنّ دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، رفضت هذه المرّة الإقرار بذلك الضمّ الجديد… إلى أن وصل دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأمريكية وأشار بنقله سفارة بلاده إلى القدس إلى قبوله بضمّها. وها إننا نقف على عتبة مرحلة رابعة من الضمّ تقوم على تقسيم جديد أوعز به عرّاب الدولة الصهيونية الأمريكي. فقد تضمّنت «صفقة القرن» التي صدرت عن إدارة ترامب ضوءاً أخضر ومعايير من أجل تقسيم جديد لما تبقّى من الأرض الفلسطينية غربي النهر غير خاضع رسمياً للسيادة القانونية الإسرائيلية، أي المساحات التي قسّمتها اتفاقية أوسلو وتوابعها إلى ثلاث مناطق، ألف وباء وجيم.


فإن خريطة قرار الضمّ الجديد الذي تُزمع الحكومة الصهيونية الائتلافية الأخيرة على اتخاذه، الخريطة التي قام بنيامين نتنياهو بتقديمها في مؤتمر صحافي بوصفها ركناً أساسياً من برنامج الحكومة الإسرائيلية تحت رئاسته المتجدّدة، تلتزم بمعايير التقسيم الجديد الذي خوّلت إدارة ترامب الدولة الصهيونية بإقراره رسمياً. فسوف يقضم هذا التقسيم الجديد ما يزيد قليلاً عن خُمس أراضي أوسلو (20.5)، وفق دراسة لخبير إسرائيلي بشؤون الحدود صدرت يوم الأحد الماضي في صحيفة «هآرتس» باللغة الإنكليزية. وتشير الدراسة إلى أن 23 بالمئة من الأراضي التي ينوي نتنياهو ضمّها بتأييد من ترامب وصهره الصهيوني جاريد كوشنر، أي ما مساحته 70 ألف فدّان، إنما هي أملاك خاصة لفلسطينيين سوف تصادرها الدولة الصهيونية مثلما صادرت 7 آلاف فدّان بعد ضمّها للقدس الشرقية.
كما تشمل المساحة المزمَع ضمّها 12 قرية عربية يقطنها 13،500 من الفلسطينيين الذين قد تعرض عليهم إسرائيل جنسيتها كما عرضتها على أهالي القدس. هذا وسوف تصبح مدينة أريحا ومحيطها محاطة بالكامل بأراض واقعة ضمن النطاق الرسمي للدولة الصهيونية، الأمر الذي سوف يخلق مشاكل عويصة شأنه شأن خلق حوالي 200 كيلومتر من الحدود الإسرائيلية الجديدة من خلال مضاعفة الحدود بين الاحتلال والأردن بحدود موازية بين الاحتلال وما تكرّم به على الفلسطينيين كي ينشئوا دولتهم عليه، أي ما يناهز 15 بالمئة من الأرض الفلسطينية بين البحر والنهر.
أمام كل ذلك وقد غدا واضحاً أن الأمل بتخلّي الدولة الصهيونية عن سيطرتها على الأراضي الفلسطينية التي احتلّتها سنة 1967 بات خارجاً عن دائرة الخيال العقلاني، وذلك من جرّاء التدهور المتواصل لموازين القوى منذ أن قضت اتفاقية أوسلو على ما تبقّى من مفعول الانتفاضة الأولى في عام 1988، لا يكفي أن تعلن السلطة الفلسطينية وقف تعاونها الأمني مع الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، وهو بالأصل تعاون مخز كرّس طبيعة سلطة أوسلو بوصفها سلطة منوطا بها أن تتحكّم بالفلسطينيين بالوكالة عن الدولة الصهيونية. بل ليس من موقف جدير بالحالة التي وصلنا إليها سوى إعلان السلطة عن حلّ نفسها والتوقّف بالتالي عن لعب دور وكيلة الاحتلال، كي ينكشف هذا الأخير من جديد على حقيقته التي لم تنقطع قط.
فهل يقوم الجهاز البيروقراطي ـ الأمني الذي رعته إسرائيل في الضفة الغربية بالانتحار متخلّياً عن امتيازاته وفساده، وهو الموقف الشريف الأوحد لمن عاش في ذلّ ما انفكّ يتعاظم؟ هل يقومون بذلك فاسحين المجال أمام انتفاضة شعبية جديدة لا تقع في فخ استخدام الأسلحة النارية، بل تكتفي بالحجارة على غرار الانتفاضة المجيدة الأولى، بحيث تحرج آلة القمع الصهيونية وتعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي؟ هذا هو السؤال، وإن كنّا بلا وهم فيما سوف تكون الإجابة عنه.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رثاء الأمة العربية وشرط نهضتها
- الإدمان على النفط ومعالجته الملحّة
- رامي مخلوف المسكين…
- لبنان: عادت حليمة إلى عادتها القديمة
- هبوط أسعار النفط ومصيرنا
- أكباش الفداء أو عندما تسود اللاعقلانية
- بين قانون الغاب والشمولية
- الأديان بين الفائدة والضرر
- البشرية والوباء والاشتراكية
- وباءٌ مضاد للثورة؟
- المملكة السعودية وحرب النفط
- مهمة مستحيلة: الأمم المتحدة والملف الليبي
- تصدّياً للحملة العالمية على المسلمين
- تحية لشبيبة السودان الثورية
- أردوغان ومخاطر لعب الشطرنج مع بوتين
- هل فشلت اتفاقيات أوسلو أم نجحت؟
- أرادها نتنياهو “فرصة القرن” فهل ينتزعها الفلسطينيون؟
- دعهم إذاً يأكلون الكعك…
- تكامل الأدوار بين تركيا وروسيا
- لا أمريكا ولا إيران…


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - فلسطين: من تقسيم إلى آخر