أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - ياسر العدل - أبناؤنا فى الثانوى



أبناؤنا فى الثانوى


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1596 - 2006 / 6 / 29 - 08:49
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


منذ ثمان سنوات فى مصر، دخل ابنى (كريم) السادسة عشرة من عمره طالبا فى الصف الأول الثانوى بمدرسة ثانوية بمدينة الجيزة، وفى يوم دراسى مشهود أعترض (كريم) على مدرس الكيمياء وهو يضرب طلاب الفصل بالعصى فقام مدرس الكيمياء بضرب (كريم) بنفس العصى، وحين شكا لى ابنى (كريم) قهر نفسه وتورم يده أكلنى هوان أبنائنا على قلوب المدرسين وقررت أن أجأر بالشكوى للجميع، من نفسى ومن المجتمع ومن الحكومة، ولأن الحكومة تدربنا على الصمت نصحنى الكثيرون بالصمت، ولما كان الصمت لا يطيب خاطر مظلوم قررت أن أكتب شكوى إلى صحيفة يومية على هيئة رسالة مفتوحة إلى وزير التربية والتعليم، كتبت فيها، إنهم موظفوك يا سيدى الوزير، يضربون أبنائك طلاب المدرسة، فمدرس اللغة الإنجليزية يعاقب طالبا فى الفصل بالضرب الجماعى لطلاب الفصل، ومدرس الكيمياء يضرب الطلبة بالعصى، والناظر يكرت الطلاب على أقفائهم (جمع قفا أعزكم الله)، ومدرس الرياضيات يسب الأهل ويلطم الوجوه، فهل من غيور يرفع سوء المعاملة؟0
فى اليوم الأول من الأسبوع الدراسى نشرت الصحيفة شكواى وأصبح ابنى (كريم) مطلوبا لدى إدارة المدرسة، يسترضيه الناظر ويترصده المدرسون والسعاة، وصلحت أحوال المدرسة، وفى اليوم التالى أصبح (كريم) مشهورا بين طلبة المدرسة يشكون له إدارة المدينة وإدارة المرور، وحين وعدهم (كريم) بأنه سيطلب منى نشر المزيد من وقائع الفساد، قرر بعض الطلاب فى اليوم الثالث أن يجأروا بالشكوى من تعسف آبائهم وقسوة أمهاتهم وتخلف الإدارة فى التربية وضعف الوزارة فى التعليم، وأخذوا يفكرون فى أسباب تأخر بلادنا وهوان أمرنا على الحكام، فى نهاية الأسبوع قفز طلاب فوق سور المدرسة يعبرون إلى الشارع ويهتفون بسقوط دكتاتورية الناظر وتواطؤ المدرسين وجاسوسية الفراشين، وبدأت إدارة المدرسة فى إعداد خطة مناسبة لكبح جماح التمرد0
فى الأسبوع التالى، تم عزل ابنى (كريم) عن أنشطة المدرسة، يظهر له المدرسون أنيابهم ويبعدون عنه زملاءه، وتم تعديل جدول الحصص وواجبات المدرسين، وتم فصل عدد من الطلاب لغيابهم عن المدرسة، وتم إرسال عشرات الخطابات لأولياء أمور تنذرهم بتغيب أبنائهم عن المدرسة، وشاهد الطلاب رجال شرطة يزورون المدرسة بملابسهم الرسمية، وبعد أسبوعين عاد الناظر والمدرسون والسعاة يضربون الطلاب ويكرتونهم على أقفائهم ويسبون الأهل والحكومة وبيئة العمل، هكذا بدأ ابنى (كريم) يمارس كراهية العلم والتعليم والمعلمين0
فى هذا العام فى مصر، وفى مدينة شربين محافظة الدقهلية، على بعد مائة وخمسين كيلومتر من مقر وزارة التربية والتعليم فى القاهرة، دخلت (آلاء فرج مجاهد) السادسة عشرة من عمرها وهى طالبة فى الصف الأول الثانوى بمدرسة شربين الحديثة للبنات، طلب منها ممتحن اللغة العربية أن تكتب موضوعا إنشائيا عن تعمير الصحارى فى مصر، كتبت الطالبة (آلاء) رأيها الخاص مستوعبة بعض ما يدور بين المصريين من أراء ترى أن التلوث السياسى والاقتصادى والاجتماعى والأخلاقى والمتاجرة بالدين هى أسباب مباشرة لتخلف الحياة المصرية، هكذا أصبح رأى (آلاء) جاهزا للتقييم العلمى من رجال التعليم فى محافظة الدقهلية، ولأن بعضهم يعانى من جمود فكرى وتخلف ثقافى وانتهاز سياسى، قرر هذا البعض أن إجابة الطالبة (آلاء) تحرر فكري وشطط ثقافى وتجاوز سياسي يخرج عن ثوابت النظام ويستوجب رسوب الطالبة فى مادة اللغة العربية مع حرمانها من نتائج العام الدراسى بالكامل، هكذا بدأت (آلاء) تمارس كراهية العلم والتعليم والمعلمين0
إن ما فعله (كريم) فى أن يبدى رأيا شفهيا و(آلاء) فى أن تبدى رأيا مكتوبا لا يتجاوز حقهما فى الانضمام إلى فصيل أحرار يفكرون، وما فعله بعض رجال التعليم لا يتجاوز دورهم فى البقاء عبيدا لا يفكرون، فحين يصب مدرس كل آلامه على رؤوس الطلاب فهو جبان اجتماعى، وحين يسأل ممتحن عن أسباب موت زرع ويجيب طالب علم بأن الزرع يموت من داعر سياسى وعميل أمريكى وجاسوس إسرائيلى ورجل على غير دين الممتحن، فى هذا الإطار من السؤال والإجابة لا يملك الممتحن غير تقييم الإجابة باعتبارها صواب أم خطأ، وليس للممتحن تقييم الاتجاه السياسى أو الأخلاقى للطالب.
شباب مثل (كريم) ابنى و(آلاء) بنت فرج، نماذج حية لغالبية طلاب العلم فى بلادنا، نقهر فكرهم اليوم ونقتل وجودهم غدا، ولا ينقذنا من الفساد غير أقوياء من الصالحين0



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناس فى سهل الطينة
- عَّّينُوه ....إشربوه
- مواسم اللحوم والامتحانات
- البحث عن حل
- ربنا00 لا تدخلنا فى تجربة
- ربنا... لا تدخلنا فى تجربة
- يا سيادة الوزير00 أين تقف؟
- دعوة للرحلات 00 والكسب ايضا
- دعوة للرحلات00 والكسب ايضا
- أبو الأولاد
- مشروع للثقافة المصرية
- خدش الحياء العام
- أزمة ثقة - قصة قصيرة
- حالات من الكسوف
- قوافل الثقافة
- شلاتين 00 أرض البكارة
- الأثنين المرصود
- أستاذ الجامعة ... والفراغ الثقافى
- إجازة .. فى حب الوطن
- حلم00 بالمحبة


المزيد.....






- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - ياسر العدل - أبناؤنا فى الثانوى