أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - إكرام يوسف - السلطان عريان














المزيد.....

السلطان عريان


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1595 - 2006 / 6 / 28 - 11:32
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


آلاء .. لا نامت أعين الجبناء

آلاء ..طفلة حادة الذكاء؛ لم تتعد ربيعها الرابع عشر بعد.. تقف الآن وحدها ـ عزلاء ـ في مواجهة قوى طاغية، ونفوس متوحشة.. رجال لاتصل هاماتهم إلى مادون كعبها الصغير.. هالهم أن نزعت الطفلة ورقة التوت من فوق عورة أنظمتنا التي تتغنى بـ "أزهى عصور الديمقراطية"؛ فقرروا أن يسومونها وأهلها الويل.. كل ما فعلته آلاء أنها عبرت ـ بصدق ونقاء ـ عما تشعر به وما يعيه عقلها الذي لم تنجح وسائل إعلامهم في تلويثه .. جرمها الذي ارتكبته أن عقلها كان عصيا على التدجين.. وأنها استخدمت هذا العقل على النحو الذي خلقه الله له: للتفكر والتدبر..ولم تردد ما يلقنوه لها.. فكان لزاما أن يطبق عليها حد الحرابة لخروجها عن الجماعة. فقد طيرت وكالات الأنباء أن آلاء فرج مجاهد الطالبة بمدرسة شربين الثانوية للبنات أجابت على سؤال التعبير في امتحان اللغة العربية؛ إجابة لم تكن تخطر على بال أساتذتها على قدر صدقها وبساطتها.. فالسؤال كان يقول "اكتب موضوعا عن أهمية استصلاح الصحراء بالنسبة للاقتصاد المصري." فاتهمت الطالبة في موضوعها الإنشائي الولايات المتحدة بأنها "السبب في المشكلات الاقتصادية التي تمر بها مصر والعديد من الدول العربية وذلك لأنها تدعم الأنظمة الفاسدة ولا يهمها مصلحة الشعوب، بل كل ما يشغلها هو الحفاظ علي مصالحها والبحث عمن يضمن لها النفوذ والكلمة العليا في مختلف العواصم العربية وعلي رأسها مصر".. هكذا وبكل بساطة فعلت آلاء ما فعله الطفل في القصة التي كنا نقرأها ونحن صغار "السلطان عريان"..وتحكي القصة باختصار أن سلطانا طاغية أمر أن يصنع له ثوبا ليس كمثله ثوب في الدنيا.. ولما احتار خياطوه اتفقوا فيما بينهم على استغلال غروره في خداعه، وفي موعد ارتدائه للثوب خلعوا عنه رداءه، وتظاهروا بأنهم يلبسونه ثوبا جديدا.. وعندما قال لهم أنه لا يرى هذا الثوب أقنعوه أنه ثوب من خامات نادرة .. خيوطه رقيقة للحد الذي يجعله لا يشعر بملمسه على جسده، فنادى على وزيره وسأله وهو عار عن رأيه في الثوب، فأثنى الوزير على رقة الثوب وندرة جماله وروعة صنعته، وهو ما فعله بقية رجال الملك المنافقون؛ ولما خرج الملك بثوبه المتخيل ليريه للناس انحنوا جميعا أمامه من الخوف والنفاق، إلا طفلا صغيرا صاح ببراءة "ولكن السلطان عريان".. وهو عين ما قالته آلاء في ورقة الامتحان.. توقعت أن باستطاعتها أن تعبر بصدق عما تفهمه وما تدركه بعقلها الراجح وحسها النقي ـ أوليس هذا هو المطلوب في موضوع للتعبير؟ـ لكن الطفلة، لم تدرك مدى هول أن تكون نقيا وصادقا في وسط ملوث منافق.. فما أن قرأ المدرس الذي تولى تصحيح ورقتها الموضوع حتى تملكه الهلع ـ أو الرعب .. أو الطمع ـ وهرع إلى رئيس لجنة التصحيح، الذي رفع الأمر بدوره ـ كما لو كان مخبرا وليس مربيا فاضلا! ـ إلى مديرية التربية والتعليم؛ وبدوره قام السيد وكيل الوزراة ـ وهو ليس مخبرا في المباحث أيضا كما يفترض! ـ بالاتصال بجهة ما. وتم استدعاء الطفلة من منزلها: وتناوشتها أسئلة واتهامات عدد من كبار الشخصيات بالمحافظة في حضور وكيل الوزراة ورئيس كنترول التصحيح.. لم يرحموا هلع الطفلة التي أجهشت بالبكاء عندما منعوا والدها من الانفراد بها. وتقول الطالبة: " جلست في حجرة صغيرة بمفردي، ثم جاء ثلاثة محققين، تناوبوا الأسئلة علي. وكانت كلها من نوعية "هل تنتمين إلي تنظيم سري ما؟ ومن الذي دفعك للهجوم علي أمريكا؟ وما هو رأيك في النظام المصري؟ وأنا لا أفهم نصف الكلام الذي يقال لي، والنصف الآخر لا علاقة لي به".وبعد التحقيق، أصدرت مديرية التربية والتعليم القرارات بإعلان رسوب الطالبة وعدم السماح لها بدخول امتحانات الدور الثاني. وكذلك عدم السماح لها بالدراسة خلال العام القادم. وهكذا يا سادة أظهر رجال التربية والتعليم في مصرنا المحروسة بطولة خارقة في تصديهم لطفلة حاولت الخروج عن الصف واستخدام عقلها في التفكير!.. لقد ألقم الصناديد تمردها حجرا.. وأثبت كل منهم لكل من يعلوه في الدرجة الوظيفية أنه مازال على العهد باقيا.. ولن يهدأ له بال قبل أن يجهز على البقية الباقية من عقول أبنائنا..ويفترس كل مقدرة لهم على التعبير.. ولكن هل يستطيع أي منهم أن ينام ليله هانئا؟ هل يستطيع أن يرفع عينيه بعد الآن أمام عيني أي طفل تشبه عيني آلاء؟ حتى لو كانت عيني طفله الذي من صلبه؟.. هل يستطيع أي منهم أن يقف أمام المرآة ليقول لنفسه: أنا رجل؟
حفظك الله يا ابنتي .. بارك الله فيك وفي أبويك اللذين ربيانك على احترام عقلك..طفلة لها من رجاحة العقل والقدرة على التفكير والفهم والتعبير ما يجعلني أفخر بأنني أنتسب لأمة هذا حال بناتها.. وما يجعلني أحزن بأن هذه الأمة يسير أحوالها أناس كهؤلاء.. لاتهني ولا تحزني يا ابنتي.. قريبا جدا ستزول هذه الغمة.. وسيذهب ذلك المدرس ورؤساؤه ووزيره ومن هم أعلى منه إلى مزبلة التاريخ.. وسيبقى اسم آلاء علامة على أنه لا يصح إلا الصحيح.. وأن جميع فنون الدعاية ووسائل الإعلام لن تستطيع أن تخفي عن عيني طفل سليم العقل والطوية أن السلطان.... عار!!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن 2-2
- تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن (1-2)
- الطلاب.. رافد يدعم التغيير ولا يقوده
- حنانيك يا موت..غاب نهار آخر..
- الصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة 2-2
- (لصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة (1-2
- ..ورحل أجمل أزهار البساتين
- كيف كان لطفي السيد ملحدا
- هند الحناوي.. ومجتمع يفيق من إغفاءة
- اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 2-2
- اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 1 2
- الشهيد المسيحي الذي قتلناه
- الملف النووي ..اختبار جديد للقطبية الأحادية
- نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (2-2) العراق مجرد بداية
- .نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (1-2) العراق مجرد بداية
- (عن -الديمقراطية الأمريكية- و دور الدولة.. وأمور أخرى (2-2
- عن -الديمقراطية الأمريكية- و دور الدولة.. وأمور أخرى1-2
- مطلوب عملاء سوريين والأموال جاهزة...2_ 2 .. المجتمع المدني ك ...
- الضغوط على سوريا خطوة على طريق الشرق الأوسط الكبير.. مطلوب ع ...
- يهدد المنافسين ويؤدب الخارجين عن الطاعة ..البترول سلاح روسي ...


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - إكرام يوسف - السلطان عريان