أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن (1-2)















المزيد.....

تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن (1-2)


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1592 - 2006 / 6 / 25 - 14:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سيناريو مستهدف تكراره في العراق والسودان ومناطق أخرى

شهدت " ديلي " عاصمة تيمور الشرقية خلال الأسبوعين الماضيين حالة من الاضطراب والفوضى وطلب رئيس الجمهورية الاستعانة بقوات أجنبية بلغ قوامها أكثر من ألفي جندي من أستراليا وماليزيا ونيوزيلندا فضلا عن قوات إضافية من البرتغال، التي كانت تسيطر على تيمور الشرقية حتى عام 1975. وكانت مهمة هذه القوات كبح جماح العنف الدائر في البلاد. الذي خلف عشرات القتلى وشرد آلافا آخرين كما أجبر مائة ألف على اللجوء إلى معسكرات إيواء مؤقتة.وتقول وكالات الأنباء أن ثمة مخاوف على سلامة هؤلاء الذين شردتهم المعارك؛ حيث يخشى أن تمتد المواجهات بين العصابات ذات الأصول العرقيةالمختلفة من شرق وغرب البلاد إلى مخيمات النازحين. وكانت الأزمة قد اندلعت في شهر مارس 2006 عندما قام نحو 600 من جنود الجيش، والذين يبلغ عددهم إجمالا 1400، بالإضراب للمطالبة بظروف عمل أفضل، الأمر الذي أدى إلى صدور قرار بطردهم من الخدمة. وبعدها توجه الجنود المطرودون إلى التلال المحيطة بالعاصمة، وهددوا بإشعال حرب أهلية ويقول المراقبون إن الخلافات العرقية والسياسية ساهمت في تصعيد الأزمة. وقد اقر وزير خارجية تيمور الشرقية جوز راموس هارتا بفشل حكومته في إدارة الأزمة، الأمر الذي أدى تحول قوات الجيش والشرطة إلى عناصر متحاربة. وساهم الصراع على السلطة بين رئيس الجمهورية حوسمار زانانا ورئيس الوزراء مرعي الكثيري (الذي اتهم رئيس الجمهورية بمحاولة القيام بانقلاب في البلاد) في تفاقم الأزمة أدت إلى انهيار النظام والقانون في البلاد مما استدعى التدخل الأجنبي في البلاد. وأجبر جوسماو ـ وهو بطل الاستقلال ويحظى بشعبية أكبر من رئيس وزرائه، الكثيري على إقالة اثنين من وزراء حكومته وإسناد حقيبة الدفاع إلى جوسيه راموس هورتا؛ وهو حليف لجوسماو ووزير للخارجية. ووسط تعالي الدعوات لاستقالة الكثيري؛ حرص وزير الخارجية الأسترالي ألكسندر دونر، خلال زيارته القصيرة لقوات بلاده في ديلي قبل أيام على التحذير من أي محاولة لإقصاء رئيس الوزراء سوف تزيد الأوضاع سوءا وأشار إلى حقيقة أن الكثيري ـ وهو من أصل يمني حضرمي نال قبل أسبوعين فقط تفويضا بقيادة حزب "فريتلين" ـ ينتمي إلى الحزب الذي يملك 55 مقعدا من أصل 88 مقعدا في برلمان البلاد.
المصالح.. المصالح
والحقيقة أن الأزمة الحالية في تيمور الشرقية ذات جذور تاريخية بعيدة ولها أبعاد اقتصادية واستراتيجية تتعلق بمطامع القوى الاستعمارية في المنطقة. فنصف الجزيرة التي كانت لفترة طويلة مستعمرة برتغالية منذ اكتشفها البرتغاليون عام 1520 وحتى سقوط النظام الفاشي في البرتغال وانسحابها من سمتعمراتها؛ فحصلت تيمور الشرقية على استقلالها في 1975 . وكانت الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت تعتبر حركة تحرر تيمور الشرقية(فريتيلين) ذات صبغة يسارية "شيوعية"ـ خشيت معها أن تتحول إلى "كوبا" جديدة في جنوب شرق آسيا وأن تصبح قاعدة للبحرية وسلاح الجو السوفيتي في المحيط الهادئ إبان حقبة الحرب الباردة ـ وهي الجزيرة الاستراتيجية الغنية بالثروات الطبيعية ذات المضايق والخلجان العميقة التي تتيح مرور الغواصات النووية الأمريكية بسهولة. ويمكن أن تشكل مفصل ربط وإمداد وتموين لوجستي بين القواعد المنتشرة في جنوب شرق آسي. فقد حرصت واشنطن على عرقلة تدخل الأمم المتحدة في البلد المستقلة حديثا وسرعان ما ساعدت نظام سوهارتو الحليف على احتلالها. وارتكب النظام الإندونيسي خلال 25 عاما من الاحتلال مجازر وحشية لقمع الحركات المطالبة بالاستقلال؛ راح ضحيتها حوالي مائتي ألف مواطن تيموري شرقي (حوالي ربع السكان)، إلى أن انهار نظام سوهارتو في التسعينيات، ممهدا الطريق أمام تحقيق حلم حرية شعب تيمور الشرقية، وقامت منظمة الأمم المتحدة بتنظيم استفتاء شعبي في 1999، أختارت فيه الغالبية الكبرى من السكان الاستقلال عن إندونيسيا ؛ فأجريت الانتخابات عام 2001 وأعلن ميلاد دولة تيمور الشرقية المستقلة في 20 مايو 2002.
ولما كانت الدول الغربية التي تحركها مصالحها في الهيمنة والاحتكار الاقتصادي ، تخشى أن يفرز الكفاح الشعبي الجماهيري قيادة وطنية بعد الاستقلال تهدد هذه المصالح وفي القلب منها الموارد النفطية؛ فقد حرص "المجتمع الدولي" على اختيار بعض قيادات حركة الاستقلال، واستخدام سلاح "ذهب المعز معهم" لتحويلهم إلى رجال أعمال ترتبط مصالحهم بالمصالح الاستعمارية أكثر من ارتباطها بمصالح شعبها الذي أوصلتها تضحياته إلى القيادة. فوقع الاختيار على زانانا جوسما الذي حظي بتفضيل الغربيين منذ الاستقلال بعدما أثبتت الدراسات الميدانية التي قامت بها الأمم المتحدة ماله من "كاريزما" تضمن له القبول من قبل الجميع في الوقت الذي تتناحر فيها فصائل التيموريين. فضلا عن اعتدال أفكاره ـ من وجهة نظر الغربيين ـ مقارنة بقادة الجبهة الثورية التي انشق عنها. وعملت الولايات المتحدة على إطلاق سراحه بعدما كان مسجونا في إندونيسيا، وأمدته بالدعم اللازم للوصول إلى الحكم. فدعي للقاء مسئولي البنك وصندوق النقد الدولي والتقى بالمسؤولين في وزارة الخارجية، وعلى رأسهم مادلين أولبرايت التي كانت وزيرة خارجية الولايات المتحدة آنذاك قبيل إطلاق سراحه من سجنه في جاكرتا. وقد أظهر جوسماو كفاءة في تنفيذ ما رسم له؛ فقد سعى المجلس القومي للمقاومة التيمورية بقيادته إلى التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية "لتحسين مستوى التعليم والصحة والخدمات" وتقديم كافة التسهيلات ـ بالطبع ـ لهذه الاستثمارات وهي في معظمها فرص استثمارية للشركات الأمريكية والأسترالية والبرتغالية . وأعلن جوسماو أن دولته لن تكون مستقلة اقتصاديا ومعيشيا لسنوات قادمة، قائلا: "إننا نعي أننا سنعتمد خلال السنوات الخمس القادمة على الأقل كليا على العون الأجنبي وربما بعد ذلك قبل أن نبدأ بكسب شيء من إيرادات ثرواتنا". كما عارض جوسماو المطالبة بفتح ملفات القمع والمجازر التي قام بها الجيش الإندونيسي في حق أبناء شعبه مطالبا بالصفح والعفو عما فات.
أما رئيس وزرائه الكثيري الذي كان أبرز شخصيات الجبهة الثورية ، وكان رئيسا سابقا للجالية المسلمة والعربية الأصل في ديلي العاصمة التيمورية ، ولكنه خلال الحكم الإندونيسي اتجه ليعيش في المنفى ويدرس القانون الدولي في جامعة إدواردو مونديل بموزمبيق التي أثر التيار الاشتراكي فيها في أفكار ثوار تيمور الشرقية. وهو أحد القادة التيموريين الباقين على قيد الحياة من مؤسسي الجبهة الثورية التي كان اسمها في الأصل الرابطة التيمورية للديمقراطيين الاشتراكيين، واشتهر بأنه مفاوض صعب ومتمرس، شارك في مفاوضات استكشاف النفط في بحر تيمور مع الجانب الأسترالي، غير أن دوره لم يذكر في الدفاع عن الأقلية المسلمة في تيمور التي منعت من حق الاشتراك في الانتخابات وتعيش في رعب وخوف دائم، مما جعله في تصور التيموريين ثوريا تيموريا أكثر منه مسلما يمني الأصل. ولم تركز وسائل الإعلام الأجنبية على كونه مسلما إلا ما ذكر من أنه رئيس وزراء مسلم لدولة كاثوليكية. وفي ظل "الرعاية" الدولية للقيادة الجديدة جاءت خطة بناء الدولة التيمورية منفصلة تماما عن أفكار الجبهة الثورية القائمة على الاشتراكية والتنمية المستقلة والإصلاح الزراعي والطبقي. واستبدلت هذه الأفكار قادة بالاعتماد على الاستثمارات والمساعدات الأجنبية وسيادة نمط الثقافة الغربي، المرتبط أساسا بأستراليا والبرتغال. ورغم معارضة الكثيرين، صدر قرار اعتبار اللغة البرتغالية لغة رسمية بهدف ربط الأجيال التيمورية القادمة بلغة أوروربية بدلا من اللغة الإندونيسية التي كان آبائهم يتحدثونها. ويأتي ذلك في إطار مساعي البرتغال لتكريس وجودها الثقافي والاقتصادي بعدما ورث النفوذ الأسترالي والأمريكي السياسي مكانتها التي امتلكتها أثناء احتلالها تيمور الشرقية. يقول مراقبون أن الخلاف بدا جليا في الآراء بين جوسماو وقادة الجبهة الثورية الآخرين وعلى رأسهم الدكتور معيري الكثيري. وكان جوسماو قد طرد عددا من الثوار الذين معه خارج الجبهة الثورية؛ لأنها ظلت لمدة طويلة منذ تأسيسها تسير وفق التعاليم والطموحات الماركسية؛ الأمر الذي أقلق الكنيسة الكاثوليكية والغرب.
كل يغني على "إسرائيله"
وإذا كانت ظروف الحرب الباردة هي الدافع الرئيسي وراء سعي الدول الغربية إلى مساندة الاحتلال الإندونيسي لتيمور الشرقية خشية وقوعها بقيادتها اليسارية تحت سيطرة الكتلة الاشتراكية؛ فمع انتهاء الحرب الباردة ؛ رأت الإدارة الأمريكية بقيادة كلينتون أن من الأفضل لها أن تتعاون مع دولة كاثوليكية مثل تيمور الشرقية بدلاً من دولة إسلامية متماسكة مثل إندونيسيا. واستراتيجياً يمكن أن تكون تيمور الشرقية منطقة فاصلة بين إندونيسيا وأستراليا (وهو ما يصفه بعض الكتاب بأن القوى الاستعمارية تعمل على أن تغرس في كل منطقة "إسرائيلها الخاصة" التي تمنع وحدتها وتكاملها وتكون ذراعا للمصالح الاستعمارية في المنطقة) وسرعان ما لوحت الإدارة الأمريكية "كالعادة" بورقة حقوق الإنسان، وحق التيموريين الشرقيين في تقرير المصير ـ كما لو كانت لم تلاحظ انتهاك هذه الحقوق من حكومة عميلة لها عبر عقدين ونصف العقد قتل خلالهما وفق بعض التقديرات 750 ألف إندونيسي بدعوى انتمائهم للشيوعية وكانت السفارة الأمريكية هي التي تقدم فوائم بأسماء الكوادر الشيوعية أو الوطنية التي يجب تصفيتها ـ وربطت دعمها المادي لها بموافقة جاكرتا على استفتاء يقرر فيه أهل تيمور الشرقية مستقبلهم.

وللحديث بقية



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطلاب.. رافد يدعم التغيير ولا يقوده
- حنانيك يا موت..غاب نهار آخر..
- الصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة 2-2
- (لصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة (1-2
- ..ورحل أجمل أزهار البساتين
- كيف كان لطفي السيد ملحدا
- هند الحناوي.. ومجتمع يفيق من إغفاءة
- اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 2-2
- اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 1 2
- الشهيد المسيحي الذي قتلناه
- الملف النووي ..اختبار جديد للقطبية الأحادية
- نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (2-2) العراق مجرد بداية
- .نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (1-2) العراق مجرد بداية
- (عن -الديمقراطية الأمريكية- و دور الدولة.. وأمور أخرى (2-2
- عن -الديمقراطية الأمريكية- و دور الدولة.. وأمور أخرى1-2
- مطلوب عملاء سوريين والأموال جاهزة...2_ 2 .. المجتمع المدني ك ...
- الضغوط على سوريا خطوة على طريق الشرق الأوسط الكبير.. مطلوب ع ...
- يهدد المنافسين ويؤدب الخارجين عن الطاعة ..البترول سلاح روسي ...
- التحديات الاقتصادية والضغوط الخارجية تضع شعاراتها على المحك. ...
- مسمار جديد في نعش نظام القطب الأوحد.. أمريكا اللاتينية تعيد ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن (1-2)