أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - الطلاب.. رافد يدعم التغيير ولا يقوده















المزيد.....


الطلاب.. رافد يدعم التغيير ولا يقوده


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1590 - 2006 / 6 / 23 - 11:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الذين يصنعون نصف ثورة يحفرون قبورهم بأيديهم".. سان جوست

"أنا ما أقعدش مع رزة"
الرئيس أنور السادات ردا على نصيحة مستشاريه بمقابلة زعيم الحركة الطلابية

"كان لابد أن نحدث تغييرا من أعلى حتى لا يحدث تغيير من أسفل"
أحد كبار رجال الأعمال تبريرا لنصيحة أمريكا لسوهارتو بالتنحي

مصطفى كامل أنشأ أول حركة طلابية منظمة في مصر 1905 ورعاها محمد فريد


قبل أيام، اعتقلت الشرطة في شيلي نحو 262 شخصاً فيما أصيب مائة آخرون إثر اشتباكات مع الطلبة في العاصمة سانتياجو، وذلك في أعمال شغب علي هامش احتجاجات الطلبة بشأن إصلاح التعليم. وكانت منظمة الطلبة »أسيس« قد دعت نحو مليون من طلبة المدارس والجامعات إلي المشاركة في »الإضراب الاجتماعي« العام من أجل المطالبة بإصلاح النظام التعليمي، والمطالبة بمجانية وسائل النقل للطلبة وإلغاء رسوم دخول امتحانات الجامعات. ورفضت الرئيسة ميشيل باشيليت المنتخبة قبل شهرين فقط، المطالب الخاصة باستخدام الطلبة الحافلات مجاناً. وعرضت تقديم تخفيضات. لكنها وعدت بالسماح للطلبة بالمشاركة في التخطيط لإصلاح المدارس. وقبل شهرين نجحت الاحتجاجات الطلابية الفرنسية ـ بعدما التحمت باحتجاجات عمالية وللمثقفين والسياسيين المعارضين ـ في إجبار حكومة دوفيلبان على سحب مشروع قانون "عقد العمل الأول" الذي أثار لغطا كبيرا.
ولا شك أننا نتفق جميعا على صحة عبارة صارت مبتذلة من كثرة استخدامها "التغيير سنة الحياة".. كما نؤمن ـ كمسلمين ـ بالقطع بالآية الكريمة "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وحتى غير المسلمين لا يختلفون في الأغلب على معنى الآية الكريمة..لكن الاختلاف يبدأ عندما تطرح أساليب تغيير المجتمعات، وتتفاوت هذه الأساليب من الاعتماد على عوامل خارجية (حرب أو كوارث طبيعية وفقا لمالتس) أو مساندة قوى دولية (كما يرى بعض مثقفينا). أو المراهنة على قوى التغيير الداخلية. ويراهن أصحاب دعاوى التغيير ـ سواء من الخارج أو الداخل ـ على نشاط (أو نضال) طبقات أو شرائح اجتماعية ذات مصلحة في تغيير أوضاع قائمة. ومن أبرز روافد الحركة السياسية التي يسعى الجميع لاستقطابها في المجتمعات المعاصرة الحركات الطلابية التي بدأ ظهورها قبل قرنين من الزمان ، مع ظهور التعليم النظامي الحديث الذي يعني تواجد حشود من الشباب طالبي العلم في أماكن تجمع معينة ولفترات زمنية تضمن لهم التعارف والالتقاء وتبادل الأفكار. ولاشك أن الفترة العمرية للطلاب تضمن إمكانية استقطاب العديد منهم لصالح حركات التغيير، نظرا لتميز هذه الفترة العمرية بالرومانسية والحماسة التي تصل أحيانا للاندفاع، والرغبة في التضحية من أجل مثل عليا؛ مما يجعلهم أكثر تأثرا بما يعايشونه من قضايا وطنية واجتماعية ودولية فضلا عما يتعرفون عليه من أفكار واتجاهات سياسية وثقافية. خاصة وأن هؤلاء الشباب لا يكونون في الأغلب مقيدين بالتزامات وقيود اجتماعية تفرض عليهم التردد والمحافظة؛ فضلا عن انتماء هؤلاء الشباب لشرائح اجتماعية مختلفة تتباين من حيث المصلحة في التغيير وفي شكل هذا التغيير.
وتشير تجارب متعددة إلى مساهمة الحركات الطلابية في إلهاب الروح الوطنية أو إثارة الحماس للاحتجاج على أوضاع لم تعد مقبولة في مختلف دول العالم؛ وفي عالمنا العربي الذي عرف الحركات الطلابية ومساهمتها في الحركة الوطنية منذ إنشاء "نادي المدارس العليا" في مصر عام 1905 وحتى الآن. ونظرا لاعتبارات الوقت والمساحة سنحاول إلقاء الضوء على عدد من الحركات الطلابية التي كان لها بصمتها الواضحة على تطورات الأحداث في مجتمعاتها مؤخرا؛ مثل ِأفغانستان، وإيران، وإندونيسيا، وفرنسا، ثم الحركة الطلابية المصرية التي تعدى تاريخها المائة عام كأقدم حركة طلابية في العالم العربي.

طالبان والدعم الخارجي

غير أن المؤكد أن هذه الحركات الطلابية لم تكن لتستطيع وحدها تحقيق نجاح يذكر على طريق التغيير إلا في حالات التقائها مع قوى اجتماعية أخرى ذات مصالح حقيقية في التغيير؛ قوى أكثر تنظيما وأكثر قدرة على ممارسة الضغط ؛ مثل النقابات العمالية، أوالتنظيمات الفلاحية، أو المؤسسة العسكرية. وربما لم تصل حركة طلابية إلى النجاح في قيادة قوى أحدثت تغييرا بالفعل إلا في حالة "حركة طالبان" الأفغانية؛ وكلمة "طالبان" تعني بالأفغانية ـ كما أصبح معروفا لدى الكثيرين ـ "الطلبة" ؛ حيث كانت في الأساس "الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية" الذين كانوا يدرسون في باكستان؛ وقد نشأت نشأة عفوية عام 1994 وفق ما ذكر الملا محمد عمر قائدها وأمير المؤمنين ـ حسبما أطلق عليه أتباعه ـ بسبب عوامل داخلية هي الحرب الأهلية، والمذابح بين السنة والشيعة؛ والفساد الأخلاقي. غير أن هناك عوامل خارجية أشار إليها مراقبون تتعلق بتشجيع باكستان لإيجاد بديل قوي للزعيم حكمتيار المعارض لحكومة برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود، كما تمتعت الحركة بتمويل السعوديين. فضلا عن تشجيع الولايات المتحدة لهذه الحركة ومساندتها بهدف الحد من النفوذ الإيراني؛ وضرب الأصولية الأفغانية التقليدية بأصولية أشد تزيد توجس المجتمع الدولي من الخطر الإسلامي المزعوم. واستطاعت الحركة دخول كابول عام 1996 حتى سيطرت على 90 في المائة من مساحة أفغانستان بحلول 1997، إلى أن تدخلت الولايات المتحدة للإطاحة بحكومتها عام 2001 بدعوى الحرب على الإرهاب بعد سبتمبر 2001 .

سوهارتو والتخلي الأمريكي

ولاشك أن ذاكرة التاريخ ستحفظ للطلبة في إندونيسيا دورهم الفاعل والمؤثر في إنهاء حكم سوهارتو الذي استمر 33 عاما من الاستبداد والقمع؛ أسفر عن قتل ما يزيد على 750 ألف ناشط سياسي معارض، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية التي كان سوهارتو أقرب حلفائها في المنطقة منذ أواخر حقبة الحرب الباردة. ففي عام 1996 خرجت حشود طلاب إندونيسيا إلى الشوارع مطالبين بالإصلاحات السياسية والديمقراطية. وتفاقمت الأوضاع مع احتدام الأزمة الاقتصادية التي هزت استقرار أسواق جنوب شرق آسيا؛ فساءت الأحوال في البلاد على نحو دفع أنصار سوهارتو إلى الانفضاض من حوله، بل أن أجهزته القمعية في الشرطة والجيش رفضت الامتثال لأوامره بقمع المتظاهرين بعدما تبين لهم أن سوهارتو فقد القدرة على السيطرة على الأمور وباتت نهايته قريبة. وخشى العسكريون من عواقب تورطهم في قمع المعارضين لنظام باتت نهايته وشيكة؛ خاصة بعدما نصحته مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك بالتخلي عن السلطة والاستقالة "كأي جنتلمان". وهو ما عبر عنه أحد حيتان الاقتصاد الإندونيسي وثيقي الصلة بالدوائر الأمريكية "كان لابد أن نحدث تغييرا من أعلى حتى لايحدث تغيير من أسفل". ولم يجد سوهارتو أمامه مفرا من تقديم استقالته في عام 1998. ورغم تحقق بعض المكاسب للحركة الوطنية الإندونيسية؛ مثل محاكمة بعض رموز النظام الفاسد، والانتخابات البرلمانية النزيهة، واتساع نطاق الحريات الصحفية والنقابية. إلا أن "التغيير من أعلى" سرعان ما أظهر هشاشة هذه المكاسب؛ حيث ظلت مقادير الأمور بيد الجيش الذي واصل احتلاله لنسبة ثابتة من مقاعد البرلمان وسيطرته على استثمارات اقتصادية ضخمة بلغت في بعض التقديرات عشرة مليارات دولار. وزادت الرئيسة ميجاواتي سوكارنو من صلاحيات الجيش الاستثنائية لقمع حركات التحرر في الأقاليم التي احتلتها إندونيسيا، كما زادت من عمق العلاقة مع الولايات المتحدة واندفعت في تأييد حربها المزعومة على "الإرهاب"، بل وتبرعت بإبداء استعدادها لإقامة علاقات قوية مع إسرائيل.

طلبة إيران قبل الثورة وبعدها

وقبل عام تقريبا، وبينما تواجه إيران ضغوطا أمريكية للتخلي عن طموحاتها النووية؛ عاد الطلاب الإيرانيون لتأكيد دورهم الوطني الذي أثبتوه منذ منذ أوائل ثلاثينيات القرن الماضي ـ عندما افتتحت أول جامعة في العاصمة طهران ـ ففي تحرك بالغ المغزى؛ شكل أكثر من ألفي طالب إيراني حلقة بشرية حول مفاعل بوشهر النووي في خطوة رمزية لحماية المنشآت النووية الإيرانية أمام الضغوط والتهديدات الغربية. وردد المتظاهرون الذين ارتدوا الأكفان هتافات ضد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأخرى تدعم حق إيران في امتلاك التقنية النووية السلمية. وكان للطلاب في إيران دورهم البارز منذ شكلوا أول احتجاجات منظمة لهم احتجاجا على زيارة الرئيس الأمريكي نيكسون لطهران في أوائل الخمسينيات؛ ولقي ثلاثة من الطلاب مصرعهم خلال أعمال القمع الوحشي التي قامت بها قوات أمن الشاه ضدهم. كما ساند الطلاب قرار مصدق بتأميم النفط الإيراني في الخمسينيات. ويرى محللون أن معظم رموز الحركة السياسية الإيرانية بمختلف تياراتها الفكرية بدأت نشاطها السياسي من صفوف الحركة الطلابية. وليس بعيدا عن الأذهان دور الحركة الطلابية الإيرانية في مساندة التيارات السياسية سواء اليسارية أو الدينية التي كانت تتوق للخلاص من حكم الشاه محمد رضا بهلوي الأمر الذي انتهى بنجاح الثورة الإسلامية بزعامة الخوميني في عام 1979. كما لن تنسى ذاكرة العالم حادث محاصرة الطلاب الإيرانيين للسفارة الأمريكية عام 1979 الذي استمر 333 يوما بتشجيع من قادة النظام الجديد. وبعد نجاح الثورة استمرت فعاليات الطلبة المطالبة بالإصلاح، مما حدا بالنظام الإيراني الجديد إلى أغلاق الجامعات الإيرانية، وبعد إعادة فتحها عمل النظام الإيراني على استقطاب الطلاب واحتواء حركاتهم الإصلاحية. وعادت الحركة الطلابية الإيرانية إلى سخونتها مرة أخرى في منتصف 1999 بعد قرار إغلاق عدد من الصحف الإصلاحية؛ وتعرضت حركة الطلبة لقمع شديد، واعتقل منهم المئات وقتل طالب. ومن يومها والحركة الطلابية تمثل رافدا مهما للحركة الإصلاحية وحركة المجتمع المدني في طهران.

طلاب فرنسا وشبح 68

وبالأمس القريب، اندلعت مظاهرات الطلاب في الجامعات الفرنسية في أوائل مارس احتجاجا على قانون "عقد العمل الأول" الذي يجيز لأصحاب الأعمال اعتبار السنتين الأوليين من عقد العمل الأول للشاب الذي يقل عمره عن 26 سنة فترة اختبار يجوز فصله خلالها دون أي مسئولية تترتب على صاحب العمل. وترواحت أعداد الطلاب المحتجين حسب تقديرات بثتها وكالات الإعلام بين 200 ألف و300 ألف طالب. وبالطبع لم "تقصر" أجهزة الأمن الفرنسية في قمع حركة الطلاب واستخدمت في ذلك الهروات وقنابل الغاز والقنابل المسيلة للدموع سواء في فض احتجاجات الشوارع أو إجلاء الطلاب المعتصمين في جامعاتهم كما حدث مع طلاب السوربون. وأصر المسئولون في فرنسا على عدم الاستجابة لمطالب المحتجين، ولم يتنازلوا عن هذا الإصرار إلا بعدما وصلت أعداد المحتجين في الأسبوع الأول من أبريل الفائت إلى ما يتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين بعدما انضمت النقابات العمالية إلى الطلاب في احتجاجاتهم. وأثار موقف حكومة دوفيلبان سخط العديد من القوى السياسية الفرنسية حتى أن جاك لونك أحد زعماء الحزب الاشتراكي قال واصفا موقف دوفيلبان "إنه نيرون الذي أشعل روما ووقف يتفرج على احتراقها". وتحت ضغط الاحتجاجات المتوالية رغم القمع؛ تغير الحال فإذا بالحكومة تدعو للحوار ونقابات العمال تصر على شرط إلغاء قانون العمل الجديد قبل بدء أي حوار. وكان موقف الطلاب الفرنسيون مثيرا للتأمل خاصة بعدما أظهرت دراسات حديثة مدى ما يبديه الشباب الفرنسي من لامبالاة تجاه الحراك السياسي، فقد أوضحت إحدى الدراسات مؤخرا أن نحو 55 في المائة من شباب فرنسا في المرحلة العمرية بين 18و24 يجهلون اسم ممثلهم في البرلمان، بل إن 85% من أبناء هذه المرحلة العمرية لم يتعاملوا بالمرة مع ممثليهم البرلمانيين، بينما كان تعامل النسبة الباقية مع نوابهم في حالات عرضية، ولأسباب محددة مثل الحصول على فرصة عمل مثلا (ألا يبدو ذلك مشابها لما نجده بين شبابنا في العالم العربي؟). وجاء قرار الحكومة بسحب القانون بعدما خشيت من أن تتحول الاحتجاجات إلى ما يشبه ما حدث خلال انتفاضة مايو 1968 التي أطاحت بحكومة شارل ديجول . وبدأت تلك الانتفاضة حين تحول التمرد الطلابي إلى إضراب عام شامل، شارك فيه 10 ملايين مواطن فرنسي. وقد بدأت الانتفاضة التي تزعمها الطلبة الماويون مع بداية العام الدراسي 1967/1968 وتصاعدت مواجهاتهم مع الشرطة التي اعتقلت أحد أعضاء "الشبيبة الشيوعية الثورية"أثناء احتجاج ضد السياسة الاستعمارية الأمريكية؛ فاحتل الطلاب مقر معهد "نانتير" في أواخر مارس من عام 1968 وأنشأوا حركة 22 مارس؛ التي واصلت فعالياتها الثورية إلى أن اقتحمت قوات الأمن حرم جامعة السوربون للمرة الأولى في تاريخها لفض مؤتمر طلابي مطالب بالإصلاحات الديمقراطية ووقف عمليات القمع.وأثار اقتحام جامعة السوربون حالة من الغضب الشديد بين أوساط الطلاب والمعلمين الذين خرجوا إلى شوارع باريس في حشود ضخمة ضمت طلاب المدارس الثانوية أيضا في السادس من مايو واستمرت المظاهرات وأعمال القمع حتى العاشر من نفس الشهر عندما أعلنت النقابات العمالية تضامنها مع الطلاب وقررت تنظيم إضراب عام وخرجت في حشود ضخمة مساندة لهم في 13 من نفس الشهر؛وتوالت بعدها الإضرابات والمظاهرات العمالية والفلاحية إلى جانب مظاهرات الطلاب إلى أن اضطر شارل ديجول إلى مغادرة باريس في يوم 29 مايو بعد أعلن عن حل مجلس النواب، ودعا لإجراء انتخابات جديدة.

مصر.. مائة عام من نضال الطلبة

ولا شك أن انتفاضة باريس 1968 كانت ملهمة للعديد من الحركات الطلابية في العالم، ومنها الحركة الطلابية المصرية التي خرج أبناؤها في فبراير ونوفمبر 1968 للمرة الأولى منذ 1954 إلى الشوارع احتجاجا على الأحكام المخففة التي صدرت على ضباط الطيران بعد هزيمة يونيو 1967 ومطالبين بمحاكمة المسئولين الحقيقيين عن النكسة. ورغم أن الحركة الطلابية المصرية قديمة العهد؛ حيث تعود إلى عام 1905 عندما أسس الزعيم الوطني مصطفى كامل "نادي المدارس العليا" فكانت أول تجربة لوضع الطلاب ضمن إطار تنظيمي فعال، وذلك بهدف تنمية الروح الوطنية لدى الطلبة وترقية وعيهم السياسي لتعبئتهم للجهاد ضد الاحتلال البريطاني؛ وتابع الزعيم محمد فريد تطوير مساهمة الطلاب في الحركة الوطنية من خلال تنظيم الإضرابات والمظاهرات والالتحام بالعمال لتعبئة الطبقة العاملة ضمن صفوف الحزب الوطني ونشاطاته العملية والسرية خلال ثورة 1919. ولم تتوقف مساهمة الطلاب المصريين في صفوف الحركة الوطنية المصرية للمطالبة بالدستور في العشرينيات من القرن الماضي ويؤكد المؤرخون أن طلاب مصر كانوا أصحاب مبادرات سياسية هامة شكلت نقاط تحول مهمة في العمل الوطني في مراحل حاسمة من تطوره من ذلك انتفاضة الطلاب عام 1935 التي فرضت على الأحزاب السياسية تكوين" الجبهة الوطنية " وفي عام1946 تكوين" اللجنة الوطنية للطلبة والعمال " التي طرحت نفسها كقيادة سياسية بديلة للأحزاب التقليدية . وتواصل نضال الطلاب الذين قدموا العديد من الشهداء وتعرض العديد منهم للاعتقال والتعذيب. وتجاذبت الطلاب التيارات السياسية المصرية طوال النصف الأول من القرن العشرين بين الحزب الوطني الأول (حزب مصطفى كامل ومحمد فريد) والأحرار الدستوريين؛ ثم في مرحلة لاحقة بين الوفديين والشيوعيين والإخوان المسلمين وحركة مصر الفتاة؛ حتى قيام ثورة يوليو التي ساهم الطلاب في تمهيد المسرح لنجاحها والإطاحة بالملك. وبعد قيام ثورة يوليو أصبح النشاط السياسي محظورا داخل الجامعة ولم يستأنف إلا في الستينات غير إنه اقتصر على أعضاء التنظيم الحكومي؛أما العناصر السياسية الأخرى فاتجهت إلى العمل السري . و بعد هزيمة يونيو 1967 وفي 20 فبراير 1968 أعلنت الأحكام المخففة التي صدرت في حق ضباط الطيران وضباط المدرعات الذين قصروا في الدفاع عن الوطن مما أثار حالة من السخط دفعت عمال المصانع الحربية بحلوان للخروج في مظاهرة تصدت لها قوات الأمن في 21 فبراير. وفي نفس اليوم اجتمع طلبة جامعة القاهرة وقرروا التضامن مع عمال حلوان وإرسال مطالبهم للرئيس جمال عبد الناصر بشأن الاحتجاج على الأحكام ضد المتسببين في النكسة والمطالبة بالحريات العامة. فاعتقلت قوات الأمن بعض أعضاء اللجنة التي شكلها الطلاب فاندلعت المظاهرات صوب وسط المدينة مطالبة بالإفراج عن الطلبة المعتقلين رافعة شعارات التنديد بالهزيمة ومطالبة بمحاكمة المسئولين عنها وبإطلاق الحريات العامة . وعند منتصف الليل قرر مجلس الوزراء برئاسة جمال عبد الناصر إلغاء الأحكام التي صدرت وإحالة القضية إلى محكمة عسكرية عليا أخرى و تمت الاستجابة لمطالب الطلبة الخاصة بإعطاء مزيد من الاستقلال والفاعلية وحرية الحركة لاتحاداتهم والسماح للاتحادات بالعمل السياسي وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1532 لسنة 1968 بشأن تنظيم الاتحادات الطلابية منفذا لهذه المطالب وبدأت الجامعة تموج بالحركة وعاد الطلاب يعبرون عن آرائهم بحرية داخل الجامعة و ارتفعت يد منظمة الشباب عن الجامعة. وبعد تولي السادات الحكم، ومع انتهاء 1971 الذي أعلن أنه عام "الحسم" بالنسبة للصراع مع الكيان الصهيوني؛ اجتاحت مظاهرات الطلبة جميع أنحاء الجمهورية مطالبة بالثأر وواجهها الأمن بالتعذيب و الاعتقال . ويرى بعض المحللين أن السادات كان يعتزم "الحسم" بعيدا عن الحرب؛ غير أن غضبة الشعب المصري التي ظهرت في تضامنه مع الطلاب المطالبين بحرب تحرير دفعته إلى قبول قرار الحرب الذي كان مقررا منذ ما بعد النكسة. ويقول الدكتور أحمد عبد الله أبرز قيادات حركة 72 أن القضية الوطنية والرغبة في تحرير الأرض كانت الخط الجامع للحركة في ذلك الوقت؛ ومن ثم لم يكن للانتماءات الأيديولوجية تأثير كبير على حركة الطلاب . ولكن بعد انتهاء الحرب وظهور ما يعرف بسياسة الانفتاح التي أظهرت انحياز السادات للتوصيات الغربية التي هددت بعض المكتسبات الاجتماعية للفقراء، بدأت تظهر إلى السطح القضية الاجتماعية والمطالب الاقتصادية فضلا عن المطالب الديمقراطية المنادية بالتخلص من الحزب الواحد وفتح الطريق أمام تعددية حزبية وصحافة حرة. وجاءت انتفاضات الطلبة بعد ذلك التي كانت ذروتها فيما عرف بانتفاضة الخبز في يناير 1977 مؤشرا على تنامي الأفكار الاشتراكية بين صفوف الحركة الطلابية المصرية فتحالف السادات مع الجماعات الإسلامية لضربها وأصدر لائحة 79 التي ألغت اتحاد طلاب الجمهورية الذي كان يمثل رأيا عاما ويعبر عن الحركة الطلابية المصرية . وبعد اغتيال السادات شهدت الحركة الطلابية نوعا من الركود إلى أن قامت الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي تجاوب معها طلاب المصر، فتعرض العديد منهم للقمع والاعتقال.وتواصلت حركات الطلبة في مختلف جامعات تضامنا مع الشعبين الفلسطيني والعراقي.و في 29 سبتمبر 2000 خرجت جموع الطلبة من جميع جامعات الجمهورية و مدارسها الثانوية و الإعدادية و حتى الابتدائية للاحتجاج على اقتحام شارون للمسجد الأقصى في اليوم السابق و في جامعة الإسكندرية اشتعلت مظاهرات سلمية ضخمة فواجهتها شرطة مبارك بالرصاص الحي مما أدى إلى استشهاد الطالب محمد السقا . كما خرجت جموع الطلاب ومعها حشود كبيرة من مختلف فئات الشعب المصري احتجاجا على بدء العدوان الأمريكي على العراق في 20 مارس 2003. وكان ما تعرض له ناشطو هذه الاحتجاجات من قمع وتعذيب دافعا على إنشاء عدة حركات سياسية مطالبة بالتغيير في مصر، كان أولها حركة 20 مارس (الحملة الشعبية من أجل التغيير) ثم جاءت بعدها الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" التي حظيت بشهرة دولية فائقة وكانت ملهمة للعديد من حركات التغيير المماثلة في عدد من بلدان العالم العربي.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حنانيك يا موت..غاب نهار آخر..
- الصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة 2-2
- (لصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة (1-2
- ..ورحل أجمل أزهار البساتين
- كيف كان لطفي السيد ملحدا
- هند الحناوي.. ومجتمع يفيق من إغفاءة
- اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 2-2
- اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 1 2
- الشهيد المسيحي الذي قتلناه
- الملف النووي ..اختبار جديد للقطبية الأحادية
- نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (2-2) العراق مجرد بداية
- .نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (1-2) العراق مجرد بداية
- (عن -الديمقراطية الأمريكية- و دور الدولة.. وأمور أخرى (2-2
- عن -الديمقراطية الأمريكية- و دور الدولة.. وأمور أخرى1-2
- مطلوب عملاء سوريين والأموال جاهزة...2_ 2 .. المجتمع المدني ك ...
- الضغوط على سوريا خطوة على طريق الشرق الأوسط الكبير.. مطلوب ع ...
- يهدد المنافسين ويؤدب الخارجين عن الطاعة ..البترول سلاح روسي ...
- التحديات الاقتصادية والضغوط الخارجية تضع شعاراتها على المحك. ...
- مسمار جديد في نعش نظام القطب الأوحد.. أمريكا اللاتينية تعيد ...
- إرهاصات نظام عالمي جديد.. خطر من الشرق يهدد الهيمنة الأمريكي ...


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - الطلاب.. رافد يدعم التغيير ولا يقوده