أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - شيعة العراق .. النزوح من دولة الكيان إلى كيان الدولة*.















المزيد.....

شيعة العراق .. النزوح من دولة الكيان إلى كيان الدولة*.


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6624 - 2020 / 7 / 21 - 18:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد إنهيار الدولة العثمانية ودخول العراق في عصر الإحتلال البريطاني ومن بعده الملكي وبعد أن أسست الدولة المدنية لمرتكزاتها وتمظهراتها الجديدة كان لا بد للقوى الإجتماعية أن تترتب من جديد, وصار ممكنا رؤية كيفية تراجع كيان المرجعية الشيعية الموازي الذي ظل قائما طيلة عمر حالة التوافق والتعايش بين زعماء الطائفة الدينيين والقبليين من جهة وبين رجالات الحكم ممثلين بسلطة الخلفاء والسلاطين على الجهة الأخرى.
لكن هذا التراجع لم يضع خاتمة لذلك الكيان بل ظل إلى حد بعيد وخاصة في المدن الجنوبية ومدن الفرات الأوسط يستند إلى تحالف وثيق مع سلطة الإقطاع والقبيلة الذي شهد بعد ذلك خاتمة له على يد قوى الإنقلاب العسكري في الرابع عشر من تموز. وجابهت القوى القديمة وبضمنهم رجال الدين عالما جديدا مختلفا عن ذلك العالم الذي كانت قد توارثته لقرون عبر توافقات مع الدول القديمة وخاصة العباسية والعثمانية.
لقد أفاق الكيان الموازي الشيعي وإذا بـ "شعبه" وقد بدأ يغادره لكي يكون جزءاً من دولة جديدة لا تسمح طبيعتها بوجود كيان موازي لها إلا بحدود ضيقة وذلك نتيجة لمتغيرات في العمق الإجتماعي والسياسي لم يكن لها وجود إبان حالة الدولة العثمانية. لقد أصبح الشيعة موظفين وعساكر وطلبة مدارس وكليات ولم يعودوا مجرد فلاحين فقراء ومعدمين نائمين في أحضان رجل الدين وزعيم القبيلة.
ولقد بدت مرجعية النجف وهي تقف أمام مفترق طرق خطيرة. كانت عقيدة الغيبة والإيمان بعودة الإمام الغائب المكلف شرعا بإقامة دولة العدل قد أعفت رجال الدين من ضغط الحاجة للدخول في المعترك السياسي ومنحتهم حجة تأجيل الدخول إلى ذلك المعترك إلى حين عودة الإمام الميمونة.
ولم يعد صعبا إدراك أن هذه العقيدة لم تأت في الحقيقة نتيجة لتأملات الحالة الدينية وحدها, وإنما كانت أيضا تخريجة سياسية لإستمرار العقيدة الإمامية التي تتيح للمرجعيات الدينية وشيوخ الدين الإستمرار في الحفاظ على مكانتهم وتأثيراتهم داخل الوسط الشيعي بإفتراض انهم الممثلون الشرعيون للإمام الغائب والمكلفون بأداء وظيفته الدينية لحين ظهوره, مع أن بقاء تاثيرهم كان يعتمد بشكل أساسي على بقاء الشيعة العامة كشعب لكيانهم الموازي.
وليس هناك مجال لدحض الإعتقاد بأن تأسيس حزب الدعوة (1959) كان بمثابة محاولة ولو متأخرة للتعامل مع معطيات الواقع الجديد للدولة العراقية المستقلة عن الدولة العثمانية ومحاولة لسد الثغرة الخطيرة التي نشأت بسبب نزوح العامة من الشيعة إلى مساحة الدولة الحديثة وبقاء المرجعية عاجزة عن إيجاد مخرج من حالة الكيان الموازي الذي أكلت منه كثيرا معطيات ما بعد إنهيار دولة الخلافة العثمانية.
ولهذا صار ممكنا القول أن تأسيس حزب الدعوة كان قد جاء في الحقيقة من أجل إعادة الشيعة المتسربين للأحزاب العلمانية مرة أخرى إلى حضن الدين والمذهب.
لكن المرجعية الدينية من جانبها وإن هي لم تنكر على أتباعها الشيعة من غير رجال الدين حق تأسيس الأحزاب أو الإنتماء لها إلا أنها وجدت نتيجةً لموروثها الثقافي والسياسي أنها ما زالت ملتزمة بالقاعدة الذهبية, التي تمنحها ليس فقط حق الوقوف خارج مساحة الفعل السياسي, بل ووجوبه أيضا , ألا وهي العقيدة المهدوية التي تبشر الشيعة وتلزمهم في نفس الوقت بتأجيل العمل من أجل بناء دولة العدل والدين بقيادة بيت النبوة حتى ظهور الإمام المهدي الغائب الذي سيملأ حال ظهوره الأرض عدلا وسعادة ويقضي على القوم الظالمين.
كانت المرحلة الجديدة, أي مرحلة الدولة المدنية, مخيفة دون أدنى شك, ففي مواجهة الفراغ الكبير الذي خلقه غياب الدولة العثمانية صار على الكيان الموازي ان يجد نفسه في عالم تغيرت معطياته بشكل كبير, وحدث أن وجدت المرجعيات الدينية التقليدية نفسها في مواجهة خطرين في وقت واحد.
الخطر الأول هو الخارجي المحيطي الذي بدأ يأكل من ميراثها التقليدي الذي جمعته طيلة قرون تعايشها مع الدولة العثمانية ويتمثل هذا الخطر بمجموعة المتغيرات التي جاءت بها الدولة المدنية. أما الخطر الثاني فقد كان يأتي من داخل بعض قوى المرجعية ذاتها التي رأت أن فكرة الحياد السياسي لم تعد فكرة ملائمة لأن المتغيرات الإقتصادية والثقافية بدأت تفعل فعلها بإتجاه خروج شعب المرجعية الشيعي عن كيانه المرجعي السابق للإلتحاق بمؤسسات الدولة المدنية.
وبينما كان ممكنا للمؤسسة الدينية أن تحافظ بمستويات معينة على فاعليتها من خلال شكل التحالفات التي أقامتها في مرحلة الدولة الملكية, أي من خلال تحالفها مع النظام الإقطاعي القبلي, فإن تلك الفاعلية بدأت بالتراجع أكثر بعد نجاح حركة الضباط الإحرار وصعود نجم عبدالكريم قاسم وهيمنة الحزب الشيوعي على الشارع السياسي وبخاصة الشيعي, وهنا صار الخطر واضحا ومضاعفا وأكثر حدة.
ولسنا الآن بحاجة إلى أكثر من أن نقول إن المتغيرات السريعة التي حدثت بعد الإنهيار الملكي, وبخاصة على الصعيد السياسي والإجتماعي وبرفقة تحولات إقتصادية منظورة وأخرى واعدة قد أدت إلى مزيد من الإنحسار على صعيد هيمنة رجال الدين وتأثيرات المرجعية على "شعبها" الشيعي. من ناحية كانت أغلب البيوت الشيعية قد إستبدلت صورة المراجع بصور العسكر الثائرين يتقدمهم بكل تأكيد الزعيم عبدالكريم قاسم. كان السونامي الثوري السياسي والإجتماعي أكثر عصفا وهيجانا من أن تصده الجدر المتآكلة لكيان الطائفة القديم الذي لم تتمكن المرجعية من إعادة ترميمه بعد إنهيار دولة الخلافة العثمانية ودخول العراق في العالم الجديد.
وحينما صعد نجم الزعامة الثورية الجديدة وتمكنت شعبية عبدالكريم قاسم من إزاحة صور زعماء الطائفة من على جدران منازل فقراء الشيعة الذين كانوا قد تحرروا توا من سلطة شيوخهم الإقطاعيين فإن الشارع الشيعي الذي تمتد شرايينه في كل دول الجنوب العراقي ومدن الفرات الأوسط ذات الغالبية الشيعية الواضحة والمتواصلة مع الكثير من الضواحي البغدادية قد حزم حقائبه وكأنه صار على أبواب أن يغادر نهائيا جغرافية الكيان المذهبي إلى جغرافية الدولة الوطنية.
والحقيقة ان الشارع العراقي بعد إنهيار الحكم الملكي صارت تتنازعة قوتان أساسيتان هما أولا زعامة عبدالكريم قاسم التي أفلحت بصد سونامي الزعامة الناصرية, وهي زعامة صارت مهيئة وقتها لإزاحة أغلب وجوه مرحلة ما قبل تأميم قناة السويس (1956) وخاصة بعد تأسيس الجمهورية العربية المتحدة من مصر وسوريا (1958), والتي صار العراق على مقربة إلى أن يكون ضلعها الثالث. أما القوة الثانية فقط ظهرت جلية وواضحة من خلال قوة الإكتساح الشيوعي الذي إستولى على أغلبية ذلك الشارع وترك البقية لكي تتنازع عليها بقية القوى السياسية العراقية وفي المقدمة منها القوميون والبعثيون.
وفي خضم ذلك السونامي السياسي والإجتماعي بدت دولة الكيان وهي تتراجع بشدة أمام كيان الدولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية (7)



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيعة العراق وشيعة إيران .. ضغط الموروث التاريخي*
- شيعة العراق ومتغيرات ما بعد إنهيار الدولة العثمانية*
- دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية (4)
- الصدر بين دكتاتوريتين*
- دور السيد محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية ...
- دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية (1)
- قضاء وفضاء .. والنقطة الساقطة
- أوراق بعثية
- البحث عن الذات البعثية
- يا لها من فتوى
- حزب الدعوة بين العمالة الفقهية والعمالة التقليدية
- عفلق وعبدالخالق السامرائي*
- الحب في زمن الكورونا .. وفيك إنطوى العالم الأكبر (5)
- الأخلاق والسياسة
- إشكالية الدين والقومية
- كاريزما صدام وشجاعته
- الحب في زمن الكورونا ... (4)
- التشرينوفوبيا .. كزار, كل عوامل النجاح كانت معه إلا واحدة*
- في العراق إذا إجتمعت السياسة والدين يكون الشيطان ثالثهما
- الحب في زمن الكورونا ... (3)


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - شيعة العراق .. النزوح من دولة الكيان إلى كيان الدولة*.