أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - مِجَسَّات تلك الغرفة/ قصة قصيرة














المزيد.....

مِجَسَّات تلك الغرفة/ قصة قصيرة


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6622 - 2020 / 7 / 18 - 17:05
المحور: الادب والفن
    


أرخى الليل سدوله، اخذت اسنان الوحشة تمزّق ذاكرته المنخورة، تكالبت عليه الاحزان من كل حدب وصوب، كقطع الغيوم السوداء في ليلة مظلمة، احس بأن جدران غرفته المتداعية تريد أن تطبق عليه انيابها المكشرة.
ظل يتململ على فراشه، هم بالنوم، ابتعد سلطان النوم عن عينيه، اخذت الافكار تعبث في مخيلته، كأنها معاول للشياطين تريد أن تحفر نفقا في قاع قلبه المتهالك. انتفض مذعورا، انتبه لما حوله، اجال النظر في الجدران الاربع لغرفته، طفق يلامسها بنظراته الثاقبة، لم يرَ شيئا يثير الانتباه، هاجت عليه حساسية الذكريات بالحاح، اخذت تنهشه من الداخل، شطح به الخيال المصحوب باللوعة والغياب، مزقت الظنون شرايين صبره، شعر بالتقيؤ والغثيان. نهض ليفتح الشباك على مصراعيه، راح يستنشق الهواء الخارجي ملئ رئتيه، انعش الهواء كل مسامة من مسامات جسده الناحل، راح يجيل النظر في الخارج.
كان الشارع موحش، مكتأب، كأنه فاقدا عزيز، السكون مطبق، لا توجد في الشارع ثمة حركة لبشر، الا بقايا من حركات الهواء التي راحت تعبث بأوراق الشجر المحاطة بالشارع، هنا وهناك.
شعر بالظمأ، وتيبس في جوفه، توجه الى الاناء الذي وضعه على الطاولة منذ سويعات، وجده باردا، ومغريا، فسكبه في جوفه بجرعة واحدة، فقضى على آخره.
عاد الى فراشه ليستأنف النوم، ويريح جسده المتعب، المنهك، رمى بنفسه على فراشه الوثير، رفض النوم أن يستجيب دعوته، اتجه بأنظاره صوب الساعة الجدارية، ذي الدقات الرتيبة، ليعرف الوقت، وجدها تشير الى العاشرة والنصف. فكر بينه وبين نفسه "أن الوقت لا زال مبكرا، والليل بعدُ في اوج بدايته".
نهض من السرير، والغى فكرة النوم عن باله، قام بجسد وئيد وارجل تتهاوى، اتجه الى مكتبته العامرة بصنوف الكتب، المجاورة لغرفة نومه، ضغط على زر المصباح، ظهر نور المصباح يملئ فضاء الغرفة ويسد كل مسامات الظلام التي اخذت بخناق ذلك الفضاء. دنى فتدلى من المكتبة، اجال النظر الى رفوفها بارتياح، وراح يدقق بالكتب الملونة.
كانت الكتب موضوعة على الرفوف بشكل هندسي، كأنها لوحة تشكيلية رسمتها انامل فنان ماهر يجيد صنعته، مدّ يده الى اول كتاب وقع عليه نظره، فكان رواية "مائة عام من العزلة" للروائي الكولومبي ماركيز. تذكر أن هذه الرواية قد قرأها قبل اكثر من عشرين عاما، ابتسم، بيد أنه لا يتذكر احداثها وكيف كانت النهاية، قرر أن يعيد قراءتها تارة أخرى.
فتح الصفحة الاولى من الرواية، وذاب في بحر القراءة، ذلك البحر العذب، نسي نفسه، حيث اخذت منه نشوة القراءة كل مأخذ، راحت تداعب لبه، وتنقل مخيلته الى احداث شيقة، فلم يشعر الا وخيوط الشمس قد تسللت من خلف النافذة، لتملئ بنورها الوهاج، كل مجسة من مِجَسَّات تلك الغرفة.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشوفك مبتسم: نص غنائي
- ارصفة حالكة
- هذيان في زمن كورونا
- الكواكبي.. والاستبداد الديني1/ 2
- الكواكبي.. والاستبداد الديني2/ 2
- مفهوم التصوّف لدى ألكسيس كاريل1 /2
- مفهوم التصوّف لدى ألكسيس كاريل2/2
- التاريخ اجرم بحق جدي
- القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية3/ 3
- القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية2/ 3
- القصيمي.. من الوهابية الى الالحادية1/ 3
- من تاريخ الشذوذ (1)
- من هو الفيلسوف الاطول عمرًا والاغزر نتاجًا؟2/ 2
- من هو الفيلسوف الاطول عمرًا والاغزر نتاجًا؟1/ 2
- الحروب الدينية:(ف:3 )الاسلام: (1)
- بحث في الدين(5)
- بحث في الدين(4)
- بحث في الدين (3)
- هل كان علي الوردي تيميًا؟1/ 2
- هل كان علي الوردي تيميًا؟2/ 2


المزيد.....




- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - مِجَسَّات تلك الغرفة/ قصة قصيرة