أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد إبراهيم أحمد - -يوسف الحسيني- الذي رحل شاعرًا..














المزيد.....

-يوسف الحسيني- الذي رحل شاعرًا..


السيد إبراهيم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6613 - 2020 / 7 / 8 - 19:48
المحور: الادب والفن
    


رحمة الله تتنزل على الصديق والشاعر الكبير يوسف الحسيني، جمعتنا أماكن كثيرة ولم نجتمع في صورة واحدة معا، وكنا سنلتقي على منصة واحدة في ندوة من ندوات نادي أدب السويس يتولى هو تقديم الأمسية الشعرية وتخلف لمرضه، غير أن المكالمات الهاتفية لم تكن تنقطع بيننا على غير انتظام، وآخرها عندما هاتفني قبل سفره لإجراء العملية الأخيرة بيوم واحد وأوصاني بأن أرثيه عند وفاته، غير أنني هدأت من تلك الظنون التي يحسها من سيلحق بركب السابقين من الأموات، وأخبرته أنني لن أوصي أحد بذلك عند مماتي.

تواعدنا على أن أخاطبه في الغد عند العودة من القاهرة سالما، واتصلت به ولم يرد، وعاودت الاتصال، وكتبت له على صفحته متمنيا له السلامة علَّه يتصل بي. وذهب الحسيني الإنسان ليبقى بيننا شاعرا سويسيا له صوته المتفرد، وقاموسه الشعري الإنساني الصادق المنفعل، وكان هناك وعد بيننا أن أكتب له تقدمة ديوانه عند الصدور حين يتمه، وكان يعرض عليَّ كل ما يكتبه في مشروع شعري تاريخي تتجلى فيه طاقته الشعرية، وثقافته التاريخية، ورؤيته الذاتية عن كل شخصية يتناولها، وكان كلما تأخر عني اتصلت به مستفسرا عن ديوانه هذا فكان يتعلل أحيانا بالتعب الذي يأتيه على غير انتظار، وانقطاع طائر الشعر أن يهبط بساحة إلهامه متمنعا عليه، فأشجعه بأن يعطي بعض الوقت لطائره حتى يسترضيه.

كان ـ رحمة الله عليه ـ على قدر اعتزازه بصداقتي ـ كما يحب أن يذكر ذلك في مكالماتنا الأخيرة ـ يعتز بصداقة الدكتور عادل معاطي أيضا ويعرض عليه شعره، وكان يسود شعره الالتزام وتتحكم فيه رقابته الذاتية لكلماته وتعبيراته وأهدافه الشعرية؛ فلم يشغل نفسه بالتجديد في التعبيرات الشعرية التصويرية بيد أنه كان مجددًا في موضوعات قصائده التي تدور في فلك الاجتماعيات، والإنسانيات، والهم العربي، والبعد الأخلاقي، غير أن غياب نصوصه المكتوبة بيننا هو الذي جعل يد النقد مغلولة عن أن تصل إلى منتوجه الإبداعي وليس له منه إلا النقد الشفاهي بعد إلقائه الشفاهي أيضا، وهو ما يوجب على العائلة أن تجمع قصائده المكتوبة لديه وتصدرها في عمل مجموع يضم معه كلمات عنه من كل الذين عاصروا إبداعه من السويس وخارجها.

لعل من تابعوه من محبي شعره في ندوات السويس والقاهرة وغيرهما سيجدون قصيدته عن الطلاق وما فيها من تعددية صوتية وحوارية داخلية ينتقل فيها الشاعر برشاقة دون تعسف للفكرة على حساب النص أو انحياز للنص الشعري على حساب القص، وكلماته عن الهوية وتبدل حال الفلاح بين زمنين، زمنُ مضى على فلاح صاحب قضية وهوية، وفلاح في زمن العولمة باع الأرض والهوية والقضية، ونصه الرائع عن الحاوي وربطه بالتطورات الاجتماعية دون أن يوغل في اتخاذ موقف يتسم بالعدائية من الدولة أو النظام أو يتكلم بوصفه سياسي أو برداء حزبي.

إن أهم ما يميز الشاعر يوسف الحسيني ثقافته المخبوءة تحت إهاب شطرات قصيدته التي يكتبها بانفعال، وكان كثيرا ما يمزق القصائد في رأسه قبل أن يلقيها مخافة عدم الإجادة فيها، ولهذا كان يسارع كلما انتهى من قصيدة أن يهاتفني وكنت أبدي إعجابا كبيرا بذلك الشأو الذي بلغه في اقتناص المعنى أو الفكرة الإنسانية الراقية كرقي خلقه في التعامل مع من حوله؛ فقد كان صوته في الإلقاء هو صوته في الحديث، لا يحب أن يتصدر المشهد الثقافي إلا بما أبدع، يلقي قصيدته ثم ينسل إلى مقعده وقد أحس بأنه ألقى حجرا ثقيلا من فوق كاهله، فظنه أن قصيدته رسالة ربما تصل إلى هدفها فتصلح معوجا، أو تقيم أود كسير القلب من فعل الأيام.

يوسف الحسيني.. الذي غادرنا شاعرا، وأًحتفي به شاعرا في يوم رحيله، ستظل شاعرا فينا.. فالشعراء لا يموتون يا صديقي.. لأننا مازلنا نتمثل بأشعار من سبقونا في العصر الجاهلي، ومن شعراء الإسلام والغرب والمعاصرين.

سامحني أيها الصديق العزيز: لن أرثيك كما طلبت مني؛ فلم أحس بغيابك أو رحيلك .. وسأتوهم أنك مازلت تعاني مرضا كما أعاني، وأن الشواغل قد أخذتك مني مثلما شغلتني عنك بعض العِلل، وكنت تعاتبني فأعتذر.. وها أنا اليوم وغدا سأقبل اعتذارك عن التأخير حتى نتقابل ونستكمل ما كنا نتحدث بشأنه.



#السيد_إبراهيم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر”
- رحلة مي زيادة إلى السويس
- كورونا التي تحاصرنا تهذيبا لا تعذيباً
- السويس .. أماكن وذكريات
- حوار مع التربوي الأديب عادل أبو عويشة
- سياحة في كتاب ” بَوْحُ الرُّوحِ” للكاتبة عزة أبو العز
- أبلكيشن: مونودراما الخير والشر تكنولوجيًا..
- الثورة والشباب في كتابات الدكتورة رانيا الوردي..
- مصطلحات الزحاف والعلة في -الميزان-..
- -وراء الشمس-..أمنية!
- قراءة استطلاعية في أعمال الأديب ياسر محمود..
- الريس كابوريا:بطل سلاحه -السمسمية-..
- قراءة في ديوانين للشاعر عادل نافع..
- بين الوردي وكامل .. حوارٌ شبه متكامل..
- الشاعر أحمد رشاد أغا: المسيرة والإبداع..
- بَرَاَءَةُ العَامِّيَّةِ مِنْ هَدْمِ الْفُصْحَىَ..
- دكتورة عزيزة الصيفي .. بنت العربية والأزهر
- ذكريات سويسية .. ما أحلاها!
- كابتن غزالي.. شاعر المقاومة وذاكرة الوطن..
- قصة السويس كما رواها سادات غريب..


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد إبراهيم أحمد - -يوسف الحسيني- الذي رحل شاعرًا..