أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - كاظم حبيب - إجابات الدكتور كاظم حبيب عن أسئلة صحيفة -رابورت كردستان















المزيد.....



إجابات الدكتور كاظم حبيب عن أسئلة صحيفة -رابورت كردستان


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1592 - 2006 / 6 / 25 - 09:24
المحور: مقابلات و حوارات
    


س 1 : ما هي قراء الدكتور كاظم حبيب للتغير الذي طال رئاسة الحكومة العراقية, وهل أن هناك مؤشرات إيجابية وراء ذلك؟

ج 1 : لم يكن المخاض الذي ولدت منه الحكومة العراقية قصيراً وسهلاً, بل كان معقداً للغاية وصعباً في آن. ولكنه جاء, رغم كل ما أحاط بذلك المخاض وتسبب به, إيجابياً إلى حدود مقبولة ومعقولة بالنسبة إلى غالبية القوى السياسية العراقية وفي الظروف المعقدة التي يمر بها العراق حالياً. لقد كانت تجربة غنية تلك التي عاشها الشعب في ظل حكومة الدكتور الجعفري, تجربة غنية في كونها كانت فيها ملامح بروز شخصية سياسية دينية فيه الكثير من ملامح الفردية والاستبداد, الذي يدعى زوراً في التاريخ العربي بـ "المستبد العادل", الذي لم يكن منسجماً مع تطلعات القوى السياسية العراقية التي تريد الحرية والديمقراطية والعمل الجماعي, بغض النظر عن "من يكون هذا الشخص ومن أي حزب جاء أو من يمثل". ومن هنا أتمنى أن يستفيد نائبه في حزب الدعوة من هذه التجربة ويبتعد عن الفردية والتحكم بالأمور ويخضع نشاطه للبرنامج الذي أقر من جانب القوى السياسية ويلتزم بالعمل الجماعي للحكومة الجديدة ويبتعد عن الطائفية السياسية في الممارسة العملية التي تميز بها سلفه لصالح وحدة العراق وخلاصه من الإرهاب الدموي ومن المسببات لهذا الإرهاب, خاصة وأن الطائفية السياسية شائعة الآن في العراق والحكومة قد شكلت على هذا الأساس أيضاً, رغم ما فيها من استحقاق انتخابي.
والجانب الإيجابي الثاني هو أن هذه الحكومة مثلت قوى سياسية قاطعت العمل السياسي في السابق واعتمدت أسلوب المعارضة الحادة والطائفية المتشددة المضادة لطائفية الآخر. لكنها شاركت هذه المرة على جميع المستويات والمجالات وحسناً فعلت, وبالتالي يمكن أن تكون خطوة إلى الأمام على طريق المصالحة الوطنية مع القوى غير الملطخة أيديها بدماء العراقيات والعراقيين.
وعلى أهمية الأشخاص والبرامج والنيات الحسنة, في العبرة تكمن في المسيرة التي سوف تنتهجها الحكومة الجديدة لتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها أمام الشعب ومجلس النواب والعالم. كما أتمنى أن تكون حكومة عراقية حقاً وتعبر عن مكونات المجتمع المختلفة صدقاً. وفي هذه الحالة ستبتعد عن تلك المطبات السياسية التي سقطت فيها الحكومة السابقة أو التي سبقتها. ولكن إنجاز مهماتها يتطلب بدوره تأمين التأييد الشعبي الواسع لها أيضاً, وهو ما يفترض أن ينشأ في هذه المرحلة الجديدة, خاصة من القوى الفاعلة والمشاركة في الحكم.

س 2 : تصاعد موجة العنف الطائفي في العراق بشكل مضطرد وتفاعل ذلك بشكل استثنائي مع الوضع العراقي العام, ولّدَ انطباعا سيئاً لدى الشارع العراق , هل هناك من مخرج لهذا الوضع السيئ؟

ج 2 : نعم, هذا ممكن. ولكن علينا أن نقول ابتداءً بأن موجة العنف الطائفي قد تصاعدت في الفترة الأخيرة بشكل واسع وشرس في آن واحد. وهذه الإشكالية لا يسأل عنها طرف واحد بل أكثر من طرف. ولكن بشكل عام فأن المسؤول المباشر عنها تلك السياسات الطائفية التي شجعتها قوى الاحتلال في بداية دخولها العراق, أي الإدارة الأمريكية في الفترة الأولى أولاً, والأحزاب السياسية الإسلامية المذهبية, شيعية كانت أم سنية ثانياً, وعمقتها بشكل شديد القوى الإرهابية التي بدأت وما تزال تصب الزيت على نيران الطائفية المقيتة, وحاولت دفع الأمور إلى حرب طائفية, واقصد بها تلك القوى الشريرة من أتباع بن لادن والظواهري والزرقاوي وأنصار الإسلام السنة الكرد, وفيهم عرب أيضاً, وأتباع الإرهابي القابع في المعتقل صدام حسين, إضافة إلى دور عصابات الجريمة المنظمة التي تريد إشاعة الفوضى فتساهم في كل ذلك. وتتحمله القوى الديمقراطية العراقية بسبب ضعفها وعجزها عن مواجهة الطائفية السياسية بسياسة عقلانية تكسب الناس إلى جانبها, وهي إشكالية أخرى.
إن الخروج من هذه لمحنة أمر مكن بطبيعة الحال, ولكن عندما نعترف بحقوق المواطنة العراقية قبل الحقوق الطائفية, إذ من خلال حقوق المواطنة المتساوية تتحقق لكل القوى القومية والدينية والمذهبية والاتجاهات الفكرية والسياسية حقوقها المشروعة دون أن تنشأ إساءات لهذا الطرف أو ذاك أو لهذه الطائفة أو تلك أو هذا الدين أو ذاك, كما لن تغمط حقوق هذه القومية أو تلك, إذ أن ضمن حقوق المواطنة يفترض أن تقر وتمارس حقوق القوميات العادلة والمشروعة بما في ذلك حق تقرير المصير وإقامة الفيدرالية وفق الأسس المعترف بها دولياً.
وأستطيع أن أؤكد بأن السياسة التي سوف تمارسها الحكومة الجديدة في مختلف المجالات, وخاصة الابتعاد عن ممارسة الطائفية السياسية ومعالجة المشكلات ميدانياً والسعي لاستعادة ثقة المواطنات والمواطنين بالحكومة بعد أن غيبتها الحكومتان السابقتان, ومحاربة الإرهاب الدموي ومكافحة الفساد المالي المتفشي في البلاد, وكلاهما وجهان لعملة واحدة يعيش أحدهما على الثاني ويعتاش عليه, ومعالجة قضية كركوك وعدم تركها تستفحل لتثير الصراعات القومية والدينية والمذهبية, وكذلك موقفها من التدخل الإيراني والتركي والعربي في الشؤون العراقية, كما يحصل اليوم على نطاق واسع, كفيل بمعالجة المشكلة الطائفية السياسية في العرق الذي نريده حراً ديمقراطياً فيدرالياً وتعددياً جديدا وبعيداً عن كل النعرات السيئة.

س 3 : حالياً نشهد تصعيداً تركياً – إيرانياً موجهاً ضد الكورد, وهي قضية تجاوزت حدود التنسيق العسكري لتصل إلى التنسيق المشترك حتى بصدد القنوات التي تبث باللغة الكوردية, ما سبب هذا الأمر وفق رؤيتكم الخاصة للأمر؟

ج 3 : إن أي استقرار في العراق, وأي تعزيز للحكم الديمقراطي التعددي في العراق, وأي ترسيخ للفيدرالية الكردستانية, يثير, شئنا ذلك أم أبينا, إشكاليات عديدة لدى الدول المجاورة, سواء أكانت الحكومة الإيرانية أم التركية أم الحكومة السورية أو بعض الدول العربية الأخرى, فنجاحات العراق يثير من جانب قلقها في كون الشعب الكُردي في كردستان العراق قد بدأ لتوه في تحقيق واحداً من أهم القضايا التي ناضل من أجلها, وهي حقه في تقرير مصيره وقراره في أن يشكل مع القسم العربي من العراق الدولة الاتحادية الديمقراطية العراقية. فهذا الأمر يعتبر بالنسبة للشوفينيين في الدول الأخرى تحدياً للقومية الكبرى وخطوة على طريق الانفصال! وهم لا يريدون أن يفهموا أن الحرية والديمقراطية والتمتع بالحقوق القومية تفسح في المجال قدرة فعلية لمزيد من التآخي والتضامن والوحدة. كما أن سيادة الديمقراطية في البلاد وممارسة عملية لعدم ربط الدين بالدولة, يثير من الجانب الثاني غيض الدولة الإيرانية القائمة على سيادة المذهب الشيعي والقومية الفارسية في البلاد وغمط حقوق بقية القوميات والأديان والمذاهب, كما يثير العديد من الدول العربية التي ترى في ذلك خروجاً عن المألوف والمطلوب من جانبها.
إننا أمام واقع قائم لا يمكن تغييره بسهولة, ولكن ما يمكن أن يساعدنا في تجاوز التدخل في شؤون العراق الداخلية ومنع التحشيد الواسع للقوات المسلحة على الحدود العراقية أو إيقاف التجاوز على السيادة العراقية من خلال التوغل في عمق الأراضي العراقية, هو أن نوفر بعض المستلزمات, ومنها ما يلي:
• تأمين وحدة وتضامن قوى الشعب العراقي بكل مكوناته أولاً, ووحدة القوى الديمقراطية الكردستانية بكل مكوناتها القومية والسياسية وتضامن فئات المجتمع.
• تنفيذ برامج وطنية تسهم في معالجة مشكلات الناس في العراق عموماً وفي كردستان بشكل خاص, من أجل قطع طريق التدخل والاستفادة من التذمر الموجود لدى الناس بسبب البطالة أو البطالة المقنعة والتضخم الكبير بأسعار السلع والخدمات وشيوع ممارسة المحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة والفساد المالي المنتشر في العراق وفي كردستان العراق.
• تعزيز القدرات الدفاعية للعراق وحماية الحدود الطويلة مع الدول المجاورة سواء أكان مع إيران أم مع تركيا أم مع سوريا والأردن ودول الخليج والسعودية.
• الحصول على تأييد المجتمع الدولي للقضية العراقية العادلة ولقضية الشعب الكردي ومواجهة التدخل الخارجي في الشؤون العراقية بالرفض والإدانة والاحتجاج والعمل على وضع حدٍ له.
• ويفترض أن تبذل الحكومة العراقية من جهة, والحكومة الكردستانية من جهة أخرى, الجهود الكبيرة للعمل الثنائي مع الدول الأخرى لإقناعها بالكف عن التدخل في شؤونها الداخلية.
ولكن أؤكد بأن الجبهة الداخلية هي التي تحتل مركز الصدارة في معالجاتنا المنشودة خلال الفترة القادمة.

س 4 : أثيرت عاصفة من حملات الاحتجاج ضد التصريحات الأخيرة للسيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستان, ولاسيما من قبل تيارات محددة من الشارع العراقي, كيف تفسرون الأمر؟

ج 4 : هناك بعض المسائل التي تثير حفيظة بعض القوى السياسية العراقية والعربية, وأحياناً بعض القوى الإسلامية السياسية الكردية, سواء المتطرفة منها أو المعتدلة, أيضاً, ومن بينها قضية إسرائيل. والضجة الأخيرة المفتعلة, كما تبدو لي, ترتبط بهذه القضية, أي تلك التي تدور حول التصريحات المهمة التي أدلى بها السيد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني حول الموقف من عدد من القضايا, ومنها حول الموقف من العلاقات بين كردستان العراق وإسرائيل.
لم يطرح السيد مسعود بارزاني موقفاً خاطئاً, بل كان موقفه سليماً وصادقاً من وجهة نظري لعدة أسباب, من بينها أشير إلى ما يلي:
• أن إسرائيل دولة كاملة العضوية في هيئة الأمم المتحدة وإحدى دول الشرق الأوسط المتقدمة اقتصادياً وعلمياً.
• وأن العديد من الدول العربية تقيم علاقات دبلوماسية أو اقتصادية أو ثقافية مع إسرائيل منذ عقود, ومنها مصر والأردن وقطر والمغرب وغيرها, إضافة إلى الكثير من الدول الإسلامية, دع عنك الدول الكثيرة الأخرى.
• وأن من حق العراق أن يعترف بإسرائيل وأن يقيم علاقات دبلوماسية معها. وهذا الأمر يرتبط مباشرة بمجلس النواب العراقي, ومتى وكيف سيتخذ مثل هذا القرار.
• وأن السيد مسعود بارزاني قال بصواب بأن إقليم كردستان لم يقم حتى الآن علاقات دبلوماسية مع إسرائيل, ولكن في حالة إقامة مثل هذه العلاقات من جانب الحكومة العراقية, فمن حق إقليم كردستان أن يقيم مثل هذه العلاقات أيضاً, وهي مسألة منطقية وطبيعية, ولم يخرج السيد رئيس الإقليم عن المألوف أو عن القواعد العامة في هذا الصدد.
الإشكالية التي تثار على كردستان ليست فقط من جانب القوى الإسلامية السياسية المتطرفة أو المعتدلة بصدد هذه القضية, بل تثار من قوى قومية عربية شوفينية أيضاً, تدعي يومياً في صحافتها بأن كردستان مليئة بالإسرائيليين (يمكن للقارئة والقارئ أن يرجع إلى بعض الصحف الخليجية, على سبيل المثال لا الحصر أو بعض المواقع الإلكترونية ليعثر على الكثير من هذه الادعاءات الباطلة) أو أن الإسرائيليين اشتروا وتملكوا الكثير من الدور والعقارات وأن هناك شركات إسرائيلية تعمل في كردستان..الخ. وكلها زور وبهتان في محاولة من تلك القوى الإعلامية توتير الأجواء لأنها لا تستطيع أن ترى الشعب الكردي يتمتع بفيدرالية إقليم كردستان وأن له رئيساً ونائباً للرئيس ومجلساً للنواب ونائبه ورئيساً للوزراء ونائباً له على رأس حكومة وحدة وطنية و...الخ. ولا يمكن للإنسان أن يقول لهؤلاء سوى "موتوا بغيظكم" أيها الشوفينيون العرب وأيها السلفيون الرجعيون, كما أن حبل الكذب قصير. ومن الغريب أن هؤلاء المتباكين على هذه المسألة ويتحدثون بلسان طويل مليء بالكذب, يرون بأم عيونهم تطور العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وتبادل الزيارات والوفود بين بعض الدول العربية وإسرائيل ولكنهم صامتون كأبي الهول, ومصابون بالعمى اليمنى.
من يتابع سياسة الحكومة الإسرائيلية إزاء القضية الفلسطينية يقتنع بما لا يقبل الشك بأن هذه السياسة تتميز بالرغبة في التوسع ومواصلة الاحتلال والعدوان إزاء الشعب الفلسطيني, وهي ما تزال تمارس العقاب الجماعي ضد المجتمع, وما تزال تحتل الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967. وعلينا نحن في العراق أن نستمر بدعم النضال الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس. ولكني في الوقت نفسه أتفق مع منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس (أبو مازن) بدعوة الحكومة الفلسطينية الجديدة المكونة من حماس بضرورة الاعتراف بإسرائيل واختيار العمل السياسي والموافقة على الاتفاقيات التي عقدتها من أجل حل القضية بوجود دولتين مستقلتين على الأرضي الفلسطينية السابقة والكف عن المطالبة بإنهاء وجود إسرائيل, إذ أن وجود مثل هذا الشعار الذي تحمله حماس والجهاد وبعض القوى القومية لن يحل المشكلة الفلسطينية, بل يزيدها تعقيداً ويخسر تأييد الرأي العام العالمي كما يخسر الشعب الفلسطيني المزيد من الأراضي الفلسطينية وتتقلص مساحة خارطته بعد أن أصبحت الآن وما يطالب به أقل من 22 % من مجموع 49 % تقريباً مما كانت له أثناء قرار التقسيم الأول لفلسطين. إن من يحمل صخرة كبير, لا يفكر برميها قطعاً. وعلينا أن نعي أهمية وحقيقة هذه الحكمة القديمة.
إن الضجة الراهنة مفتعلة ولا تصمد أمام الواقع المحلي والإقليمي والدولي ومع الحقائق. وسرعان ما تتبخر هذه الحملة وتتحول إلى زبد يذهب جفاء, رغم أن مروجيها يريدون أن تبقى في ذاكرة الناس لتكون أداة بيدهم ضد الشعب الكردي, كما هو حال كل الشوفينيين العرب ومدعي تحرير فلسطين من الإسلاميين السياسيين الذين لا يعالجون المسألة, بل يمارسون سياسة غير عقلانية وغير عملية ومعرقلة لجهود السلام, وهي التي تساعد إسرائيل في التهرب من الحل المشترك للقضية الفلسطينية والسعي المنفرد لفرض حلولها الخاصة وغير المنصفة على الشعب الفلسطيني.

س 5 : قمتم بزيارات عديدة لكوردستان وتسنى لكم الإطلاع على الكثير من جوانب تجربة برلمان وحكومة إقليم كوردستان, كيف يرى الدكتور كاظم حبيب كوردستان بعد كل هذه السنين؟

ج 5 : نعم قمت بزيارات عديدة لكردستان العراق قبل وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في العراق, وتعرفت على الوضع إلى حدود مناسبة, وكتبت ونشرت العديد من المقالات بعد كل زيارة تقريباًُ. من واجبي كصديق للشعب الكردي, كما أدعي, أن أكون صريحاً وشفافاً في ما أقوله أو أكتبه, سواء أكانت تلك اللقاءات مع المسؤولين أم مع الناس في كردستان. وليس من حقي أن أحمل رأيان أحدهما للناس والآخر للمسؤولين, أو أحدهما لي وللآخر للإعلام والدعاية. وأرجو, ما دمتم طرحتم السؤال أن تتحملوا إجابتي الصريحة والواضحة والمسؤولة في آن واحد.
قطعت كردستان شوطاً طيباً خلال الفترة المنصرمة التي عمرها 15 سنة منذ أن تخلصت من الحكم الدكتاتوري العنصري البغيض وأقامت الفيدرالية في مختلف المجالات. ومن يخل كردستان العراق يشعر بوجود حركة عمرانية واسعة وطيبة, سواء أكان ذلك على المستوى الفردي أو القطاع الخاص المحلي أم على المستوى الحكومي, وسواء أكان ذلك بالنسبة للإدارة الكردستانية في أربيل أم في السليمانية والتي بدأت عملية توحيدها حالياً وما تزال مسيرة الوحدة غير قصيرة الأمد. وانتعشت الأسواق التجارية والسيولة النقدية وتسارعت دورة الدينار العراقي, كما أن هناك رغبات واسعة في التنمية والتطوير. ويشعر الإنسان بأن الثروة موجودة في الإقليم. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه كاقتصادي وسياسي في أن واحد هو: كيف تنفق هذه الثروة؟ وكيف تتراكم؟ وكيف تنمو؟ وكيف تغني المجتمع والأفراد والكادحين والمنتجين للثروة الوطنية في الإقليم؟
أقول بصراحة بأن ليس لكردستان الراهنة برنامج تنموي حقيقي, ولم يدرس البرلمان الكردستاني هذه القضية بالجدية الضرورية الكافية. والآن, وقد بدأت عملية التوحيد, يتحمل البرلمان مسؤولية القيام بهذه المهمة ومن خلال الحكومة أيضاً. وتبدأ العملية بتحديد واضح للإمكانيات والقدرات الفعلية المالية والثروات الأولية والبشرية ومستوى التطور الراهن أولاً, ثم تحديد المشكلات التي تواجه الاقتصاد والمجتمع في كردستان العراق ثانياً, ثم تحديد الأهداف الاستراتيجية عملياً واقعياً وليس أكاديميا وعلى الورق فقط, كما يفعل بعضنا أحيناً ويضيع على المسؤولين رأس الشليلة, ثالثاً, وأن نحدد الأدوات والآليات التي يراد من خلالها تحقيق المهمات الاستراتيجية لكردستان العراق, مع الانتباه للعلاقة بين إقليم كردستان وبقية المحافظات العراقية أو مع المركز رابعاً. هذه الخطوات لم تتبع في كردستان في الإدارتين سابقاً ولا في كردستان الموحدة حالياً, ولكنها يمكن أن تكون في طريق وضعها, وهو ما أتمناه لكردستان العراق.
لم ينهض البرلمان الكردستاني بمهماته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, والسبب يكمن إلى حدود بعيدة في عدم الوحدة السابقة, وهي ما تزال تؤثر في المرحلة الراهنة والتي لا يجوز التقليل من شأنها. ولكن كيف يفترض أن يتم العمل الآن؟ ينبغي أن يجاب عن هذا السؤال من جانب مجلس الوزراء ومجلس النواب.
أن هناك في كردستان, كما تعرفون, فساداً مالياً واسعاً, إضافة إلى ممارسة المحسوبية والمنسوبية بصورة مفضوحة جداً وحزبية ضيقة متفشية, كما أن هناك حاجة ماسة إلى معالجة هذه السلبيات, وهي ليست مشكلة كردستانية فقط, بل عراقية بالتمام والكمال, وهي نتاج النظم السابقة أيضاً. وهي مشكلة الجهات الأجنبية الفاعلة في العراق والشركات الأجنبية أيضاً. ومهمة المجلس النيابي والحكومة الجديدة أن تضع آلية خاصة وجريئة لمكافحة الفساد ابتداءً في صفوف المسؤولين الحزبيين والحكوميين. إن من الواجب أن يبدأ التحري عن الفساد لدى أقرب الناس إلى الأحزاب الحاكمة والحكم, عندها تثق المواطنة ويثق المواطن في كردستان العراق بجدية الحكومة في مواجهة مشكلة الفساد السائد أو مشكلات الحزبية الضيقة أو لمحسوبية والمنسوبية أو القبلية.
يكفي أن نطرح سؤال واحد على بعض كبار المسؤولين الحزبيين والحكوميين, وهو: من أين لك هذا؟ وعليه أن يكشف عن حساباته أمام المراقب العام للمالية أو الهيئة المسؤولة عن الرقابة المالية التي يفترض أن تكون نزيهة حقاً. من المؤكد أن هذا التوجه سيثير ضجة كبيرة ضد المجلس النيابي وضد الحكومة من قبل بعض الفاسدين من الأثرياء والأقرباء, ولكن المجلس والحكومة سيكسبان الشعب كله خلفهم, وسيتمكنان من تجنيد الشعب كله لصالح القضية المركزية, قضية إعادة بناء وتنمية ومستقبل كردستان المشرق والمنشود. مسألة القول بهذا الحل سهل والعمل به صعب للغاية, ولكنه مطلوب وملح جداً. هذا ما أدركته في زيارتي الأخيرة لكردستان. وهذا ما أتمنى أن ينهض به رئيس إقليم كردستان ورئيس البرلمان والبرلمان ورئيس الحكومة والحكومة وبقية المسؤولين والشعب بأسره.
ثم هناك البطالة المقنعة التي نشأت بسبب التوظيف غير المعقول لأناس لا يعملون بهدف كسب الأصوات في المنافسة على المقاعد النيابية بين الحزبين الرئيسيين. يفترض وضع حدٍ لهذه الحالة, وإلا سينشأ دون إرادة المجتمع جيشاً جراراً من العاطلين عن العمل والمتعيشين على الدولة والكسالى الذين لا هم لهم سوى الحصول على الراتب ولتذهب كردستان إلى الجحيم! وهي إشكالية بدأت منذ الآن تؤرق بعض المسؤولين, ولكن الأرق وحده غير كاف, بل يفترض وضع حدٍ لهذه الحالة الشاذة من خلال سياسة جديدة يتبعها الحزبان أولاً, ومن خلال وضع نظام للضمان الاجتماعي ثانياً, ومن خلال سياسة اقتصادية أكثر حرصاً على ثروة ومستقبل الشعب الكردستاني بكل مكوناته.
هناك الكثير الذي يمكن الإشارة إليه بهذا الصدد, ولكني أترك الأمر لقراءات وبحوث أخرى في هذا الصدد. وأخير ملاحظة أخرى أشير إليها, هي أن من غير الصائب أن نطلب من رئيس حكومة كردستان أن يضع برنامجاً متكاملاً لتطوير كردستان مع بدء عملية الوحدة ثم نأخذ منه المسؤولية ونضعها على عاتق نائبه ليترأس الحكومة لسنتين لاحقتين, في حين أن الأول لم يكن قد بدأ بتنفيذ البرنامج أصلاً. فالأصح والأفضل لكردستان, كما أرى, إن كان لا بد من المناصفة في كل شيء, فليكن لكل دورة مجلس نيابي رئيس وزراء تنتهي ولايته بنهاية المجلس, ثم يبدأ رئيس جديد من الحزب الآخر, إلى أن تسود الديمقراطية ويتم الانتخاب وفق أسس أخرى. هذا ما أرجو أن يدرس من قبل الحزبين المسؤولين في إقليم كردستان لكي يكونا أكثر واقعيين وعقلانيين في قراراتهما ومناصفاتهما في آن واحد!
وبمناسبة الحديث عن البرلمان والحكومة في إقليم كردستان اقترح على الجهتين أن تضع قانوناً يضمن فيه مصالح القوميات الأخرى المتعايشة والمتآخية مع الشعب الكردي في كردستان العراق, أي أن يضمن القانون الحقوق الإدارية والثقافية للقومية الكلدانية الآشورية السريانية وللقومية التركمانية, بحيث تتعزز من خلالها وحدة شعب كردستان بكل مكوناته, ويكون نموذجاً متقدماً للعلاقة بين القوميات.

س 6 : ما هي نظرتكم للإعلام الكوردستاني, وكيف ترونه وهل بالإمكان أن يصبح نموذجاً يحتذى به عراقياً؟

ج 6 : دعني أقول ما يلي: الإعلام الكردستاني يمتلك الحرية في الكتابة والنشر وبدأت تظهر أصوات تنتقد السياسات والممارسات هنا وهناك. كما بدأت دور النشر تنشر المزيد من الكتب والكراسات والأدبيات المختلفة. وبدأ السوق يتحرك باتجاه الكتب نسبياً والمعارض التي تقام في كردستان للكتاب دليل على ذلك, رغم أن عدد القارئات والقراء ما زال محدوداً.
الإعلام الكردستاني ورغم مرور 108 سنة على صدور أول جريدة كردية باسم "كردستان" في القاهرة في العام 1998, فأن الإعلام الكردستاني ما يزال في بداية الطريق لظروف موضوعية كانت قاسية مر بها الإعلام الكردستاني, ولأسباب ذاتية أيضاً.
أشعر أن الإعلام الكردستاني بحاجة إلى نظرة نقدية ديمقراطية لما يجري على الساحة الكردستانية لغياب عملية التنمية, بسبب الفساد المتفشي, بسبب تضخم جهاز الدولة, بسبب البطالة المقنعة, وكذلك لقلة الصحف والمجلات المستقلة, ولقلة جرأة المسؤولين عن الإعلام الحزبي قول الحقيقة بجرأة للمسؤولين, ثم بسبب الرقابة الذاتية الشديدة التي يمارسها الإعلاميون أنفسهم. إن الإعلام في كردستان حر ولكنه ما يزال بحاجة إلى المزيد من الوعي الديمقراطي, وهي عملية مرتبطة بتطور المجتمع المدني والنظام السياسي والعلاقات السياسية. طبعاً يمكن أن يكون الإعلام الكردستاني نموذجاً للإعلام العراقي, ولكنه ما يزال بحاجة إلى الكثير لمثل هذه النموذجية. المجتمع الكردستاني يتمتع بالحرية, ولكنه لا يتمتع بنفس القدر من الديمقراطية, وبهذه القدر أو هذه الصورة يكون إعلامه أيضاً. في وسط وجنوب, وفي بغداد توجد حرية وحرية إعلامية بل وفوضى الحرية وحرية الفوضى سائدة ولكن لا توجد ديمقراطية, ومن يكتب بجرأة وصراحة يمكن أن يقتل إما من الإرهابيين أو من المليشيات المسلحة أو من أتباع الجريمة المنظمة أو من أتباع الفاسدين والمفسدين في الأرض. وهي إشكالية كبيرة. ومن هنا جاءت الخسارة الفادحة في الصحفيين وموت أكثر من 110 صحفية وصحفي عراقي. في كردستان الأمر ليس كذلك, ولكن بحكم العادة وبحكم ضعف الثقة بالنفس والخشية من فقدان الوظيفة والامتيازات يخشى الكثير من الإعلاميين قول الحقيقة إلى المسؤولين بل يتسلمون التعليمات وينفذونها حتى لو كانت فيها بعض الأخطاء أو ضرورة التصحيح.

س 7 : ما هي نظرة الدكتور كاظم حبيب للتشكيلة الوزارية الأخيرة للحكومة الكوردية الموحدة؟

ج 7 : لقد حضرت جلسة تنصيب الحكومة الجديدة في البرلماني الكردستاني. وكانت جلسة ممتعة. وشكراً للسيد رئيس وزراء إقليم كردستان على توجيه الدعوة لي لحضور الجلسة البرلمانية.
الأمر الإيجابي الأول يبرز في تشكيل حكومة وحدة وطنية في إقليم كردستان يحتاجها الوضع الراهن والظروف المحيطة بكردستان وبالعراق. والأمر الإيجابي الثاني يبرز في أن الحكومة تضم فيها جميع القوى والأحزاب السياسية وكل مكونات شعب كردستان بقومياته المختلفة. ويتأمل الإنسان الكردي الكثير من هذه الحكومة, وهو أمر مهم أيضاً, رغم كل ملاحظاته النقدية على الوضع الراهن. ماذا يعني ذلك؟ يعني باختصار ثلاث نقاط أساسية, وهي:
1. أن الحزبين الرئيسيين في كردستان قد تعلما من تجربتهما المنصرمة أن الصراع والنزاع المسلح لا يؤذي الأعداء, بل يؤذيهما ويؤذي الشعب الكردي أولاً وقبل كل شيء.
2. أن الطريقة الوحيدة لمعالجة المشكلات بين الحزبين ومع بقية القوى السياسية يفترض أن تتم عبر الحوار وبآليات ديمقراطية لصالح المجتمع الكردستاني وحقوقه الأساسية.
3. وأن المسيرة السلمية لتطور كردستان تكسب لها الأصدقاء في الخارج والتأييد الدولي وتفسح في المجال لمجيء رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلاد, بخلاف الوضع الذي يسوده عدم التفاهم والنزاع المسلح ...الخ.
إنها الخبرة والدروس الغنية التي خرج بها الأخوة والأخوات, رغم ضعف دورهن حتى الآن, بسبب الرجال, من سنوات الصراع والنزاع المسلح خلال العقود الأربعة المنصرمة.
وبصدد حكومة الوحدة فإنها كما أرى فضفاضة جداً, وهي أكبر من حكومة جمهورية الصين الشعبية وأكبر من الحكومة العراقية. وهذه الملاحظة ذكرها السيد رئيس الوزراء, نيجرفان بارزاني, في خطابه وبرنامجه أمام مجلس النواب. وهكذا وزارة من حيث العدد لا تسهل الأمور وسير العمل, بل تزيدها صعوبة, بسبب صعوبة عقد اجتماعات مثمرة وفعالة لها. أذن, لا بد من إيجاد نظام عمل وآليات أخرى لعملها خلال السنوات الأربع القادمة, منها مثلاً اختيار مكتب وزاري تنفيذي مكون من تسعة أو 11 وزيراً يجتمع دورياً, ثم تجتمع وزارات نوعية بصورة مشتركة ...الخ.
الحكومة شكلت في ظرف خاص وجمعت فيها جميع القوى السياسية الكردستانية وان يكون لها وزيران في بعض الأمور ليمثلا الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني, ومن هنا فأسباب التضخم مفهومة ولكن لا بد من معالجتها لاحقاً.
التشكيلة الوزارية الجديدة سوف تواجه مصاعب جمة, ولكن أتمنى لها النجاح. فهي ستواجه إشكالية التوحيد حيث دام الانفصال عقداً من السنين, وأما الصراع بين الحزبين فعمره عدة عقود, إضافة إلى ما تراكم من جديد في هذا الصدد, خاصة وأن كل وزير أو موظف كبير أو مسؤول يسعى للاحتفاظ بما كونه خلال الفترة المنصرمة من نفوذ وجاه وغيرهما كثير. كما أن عملية التوحيد, ولكي لا تكون شكلية, ستستغرق وقتاً من أجل خلق الأرضية الصالحة للوحدة, أي المناخ السياسي بين قواعد ومؤيدي الحزبين الحاكمين الرئيسيين, وهي مهمة ليست سهلة, ولكنها ممكنة خلال السنوات العشر القادمة.
هناك تصميم وإصرار على النجاح وهناك دعوة للتدخل في الإصلاح في حالة تعثر العمل, ولكن السؤال ليس بالنيات والرغبات, بل في كيفية إدارة العمل والبرمجة والمتابعة. الحكومة بحاجة إلى نظام عمل جديد ونظام رقابة ومتابعة على المضمون وليس الشكل فقط, على الأموال وسبل صرفها وعلى العقود وكيف تمنح ولمن تمنح وكيف تنفذ. هناك الكثير المنشود والمطلوب وأملي أن تنجح الحكومة في تنفيذ أقصى ما يمكن. وهو ممكن فقط في حالة التعاون والتضامن وكسب الشعب إلى جانب سياسة الحكومة من خلال الاستجابة لمصالح الشعب. وهذا يعني:
كيف نفعّل المؤسسات الديمقراطية, التشريعية والتنفيذية والقضائية والإعلام أولاً, وكيف نبتعد عن العمل الفردي لهذا المسؤول أو ذاك أو نعتمد على الرغبات والأهواء والأمزجة. أتمنى أن يستند السيد رئيس الوزراء على مجلس النواب وعلى بقية المؤسسات الدستورية ليجعلها تعمل لصالح تنفيذ برنامج الحكومة فهو عند ذاك تسجل النجاحات للشعب والإقليم والحكومة والعراق وله شخصياً في آن واحد.

س 8 : كيف ترون مستقل كوردستان في ضوء تداخل المعادلات السياسية وتداعي محصلات جديدة عنها, وما هي تفسيراتكم لمستقبل الكورد في الأقاليم الكوردية بتركيا وإيران وسوريا؟

ج 8 : لدي القناعة بعدة مسائل جوهرية أتمنى أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن نفكر بها باستمرار, وهي لا تنطلق من نظرة تشاؤمية, بل من نظرة مسؤولة, كما أرى, إزاء إقليم كردستان العراق:
1. إن إقليم كردستان العراق سيبقى محفوفاً بمخاطر جدية من جيرانه الذين يشعرون بخطر ناشئ بالنسبة لهم من وجود الفيدرالية في إقليم كردستان العراق على الأقاليم الكردستانية الأخرى في دولهم.
2. إن إقليم كردستان العراق يبقى قوياً ومتماسكاً ونشطاً بتطوير الحياة الديمقراطية الدستورية المؤسسية فيه وتعزيز وحدة شعبه وتضامن فصائله والاستجابة لمصالح شعبه بكل مكوناته القومية والدينية والمذهبية والفكرية والسياسية ومكافحة الآفات والعلل الراهنة فيه.
3. وأن إقليم كردستان العراق يبقى قوياً وفعالاً بسيادة الديمقراطية والحياة الدستورية والتعددية والتناول الديمقراطي للسلطة في عموم العراق, إضافة إلى أهمية وضرورة وحدة القوى الديمقراطية على صعيد العراق كله.
4. وأن اليقظة والحذر ضروريان لأن هناك أعداءً داخل العراق أيضاً يتمنون فشل تجربة العراق الاتحادي (الفيدرالي) أو الفيدرالية الكردستانية ويسعون إلى تجميع القوى ضدها والتحالف مع قوى مجاورة لهذا الغرض.
ولا شك في أن استمرار تأييد الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي للحياة الدستورية الديمقراطية في العراق ودعم الجهود التنموية المبذولة لتطوير العراق وكردستان العراق ومحاربة الإرهاب الراهن هو أمر ضروري وضمانة دولية مهمة لكردستان العراق والعراق في آن. عل ى أن نبقى نتذكر بأن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح المتبادلة وليس على صداقات.
أما بصدد الأقاليم الكردستانية الأخرى, فأرى بأن تجربة النضال التي خاضها الشعب الكردي في كردستان العراق وتحالفه المتين مع القوى السياسية العراقية على صعيد العراق كله كان وما يزال ضمانة أساسية للوصول إلى رؤية مشتركة للقضية الكردية أولاً, ولقضية الديمقراطية في تلك الدول ثانياً. كما أن اختيار أساليب النضال المناسبة للمرحلة التي يمر بها العالم تشكل أهمية استثنائية في إقناع العالم بصحة وعدالة النضال الذي يخوضه الشعب الكردي في أقاليمه الأخرى لضمان حقه في تقرير المصير وإقامة ما يراه مناسباً, سواء أكان الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو أي شكل يختاره في نضاله.
من هنا أجد لزاماً عليً أن أنبه بأن من واجب القوى الكردستانية في الأقاليم الكردستانية الأخرى أن تراعي نضال الشعب الكردي في كردستان العراق ومهماته الراهنة وأن لا تثقل عليه من جانب, ولا شك في أن التضامن مع نضال الشعب الكردي في الأقاليم الأخرى ضروري من الجانب الآخر أيضاً. ويبقى السؤال كيف يتم ذلك؟ هذا ما يفترض تأمينه ميدانياً أو عملياً وليس نظرياً. إن علينا أن نقرأ الواقع الدولي والإقليمي ونتحرك في ضوء قدرات الشعب الكردي في مختلف أقاليمه وأن لا ندفع بالأمور إلى حد فقدان البوصلة الضرورية في النضال.
من حق الأمة الكردية أن تتحد وأن تقيم وطنها المستقل. ولكن من واجب القوى السياسية للأمة الكردية أن تدرس الواقع وتفكر بالممكن حالياً لكي لا تصاب الحركة بنكسة حادة أو إحباط. فالعالم الراهن, وفي كل الأوقات, لا يعرف الصداقات بين الدول, بل يعرف المصالح وعلينا الانتباه لهذه الحقيقة لكي لا نعتقد بأن تأييد الدول للقضية الكردية قضية ثابتة بشكل مطلق ووفق ما يريده الشعب الكردي, بل يمكن أن تتبدل السياسات والمواقف. لي الثقة بأن كردستان العراق قادرة على انتهاج سياسة حكيمة في إطار الدولة العراقية تساهم في تعزيز إمكانياتها وتطور مجتمعها المدني الديمقراطي الحر والإنساني. كما في مقدورها اختيار الأساليب والأدوات المناسبة لدعم نضالات الشعب الكردي بشكل عام.
ملاحظة: وجه لي الصحفي الكردي السيد نزار الجاف في نهاية مايس أسئلة لنشر الإجابة عنها في صحيفة رابور كردستان (تقرير كردستان) باللغة الكردية. والمفروض أنها نشرت باللغة الكردية في الصحيفة المذكورة, وربما نشرت الإجابة بالعربية أيضاً. ارتأيت أن أنشرها الآن باللغة العربية لقارئات وقراء العربية.
من22/6/2006 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة جواب مفتوحة على رسالة الأستاذ محمد العبدلي المفتوحة
- إيران في تصريحات الرئيس العراقي!
- موضوعات للمناقشة - مسيرة العراق القادمة في ضوء مستجدات الوضع ...
- هل لا يزال الدكتاتور صدام حسين يعيش عالمه النرجسي المريض؟
- هل من مستجدات في الوضع السياسي الراهن في العراق ؟
- عجز فاضح وبداية غير مشجعة!عجز فاضح وبداية غير مشجعة!
- من أجل نهوض جديد وتعاون فعال للقوى الديمقراطية في العراق!
- ماذا تريد المظاهرات الصدرية في مدينة الثورة؟
- من يساهم في استمرار انفراط عقد الأمن في العراق؟
- تصريحات بوش وبلير ومرارة الواقع العراقي الراهن!
- ماذا يكمن وراء الضجة ضد إقليم كردستان العراق؟
- هل ما تزال البصرة حزينة ... وهل ما تزال مستباحة؟
- مع مَن مِن العرب يفترض خوض الحوار حول المسألة الكردية؟
- المزيد من العناية بأطفال كردستان, بناة الحياة الجديدة!
- هل العراق سفينة تشتعل فيها النيران ينبغي نهب ما فيها قبل فوا ...
- الفرق بين الصدرين كالبعد بين السماء والأرض!
- جولة استطلاعية في ضيافة قناة عشتار الفضائية في عنكاوة
- الأخ الفاضل السيد نيجرفان بارزاني, رئيس وزراء إقليم كردستان ...
- الإرهاب الطائفي السياسي في العراق إلى أين!
- أربيل ولقاء أسبوع المدى الثقافي العراق!


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - كاظم حبيب - إجابات الدكتور كاظم حبيب عن أسئلة صحيفة -رابورت كردستان